الحديث عن تحقيق التراث والعناية بالمخطوطات؛ ليس حديثًا عن عملٍ هامشيٍّ ينشط في وقتٍ أو يخفت في آخر، بل هو حديث الشجون عن واحد من أهم المسارات العلمية التي تربط بين ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها أيضًا. وأقول حديث الشجون؛ لأن الاهتمام العلمي بالتراث العربي المخطوط وجد في الغرب اهتمامًا علميًّا أعلى وأدق من الاهتمام به في الشرق. وعلى الرغم من وجود مؤسسات أخذت على عاتقها مهام العناية بالتراث المخطوط، والاجتهاد في تصنيفه، وفهرسته، وتحقيقه، ونشره؛ مثل معهد المخطوطات العربية الذي تأسس عام 1946م تحت مظلة جامعة الدول العربية، وغيره من المؤسسات التي أنشئت في مراحل لاحقة في عدد من الدول العربية والإسلامية لهذا الغرض؛ فإن المنجز الذي أسفرت عنه جهود تلك المؤسسات لا يكفي للوقوف على آثار هذا التراث المعرفي الكبير، ولم يستطع -حتى الآن- أن ينقل للعالم أبعاد الصورة الحقيقية عمَّا كان عليه الأوائل من علماء العرب والمسلمين، ويُبرز ما قدّموه للبشرية من إسهامات في العلوم الطبيعية والاجتماعية والنظرية، وليس فقط في العلوم الشرعية كما تشيع الصورة الذهنية النمطية، حيث كانت إنجازاتهم سبيلًا إلى تطوير المعارف والعلوم الإنسانية في كثيرٍ من المجالات.
ولعل الكشف عن طبيعة تلك الطبقات المهملة من التاريخ الإنساني يرجع إلى العناية بالقليل من التراث العربي والإسلامي المخطوط؛ سواء على أيدي بعض علماء الشرق، أم علماء الغرب المستشرقين، وهو ما يتطلب المزيد من الجهود والمبادرات المنصفة للتراث المخطوط.
ولنا في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تجربة ثرية ومشرّفة في مجال العناية بالمخطوطات؛ فقد أولى المركز منذ تأسيسه عام 1403هـ/ 1983م اهتمامًا كبيرًا بالمخطوطات العربية والإسلامية من حيث الجمع، والحفظ، والصيانة، والفهرسة، والتحقيق، والنشر، وقد تجمّع لديه عدد كبير من المخطوطات يتخطَّى ثمانية وعشرين ألف مخطوط في مختلف العلوم والتخصّصات، وقد خصص المركز سلسلة «تحقيق التراث» للتعريف بالمخطوطات الفريدة والنادرة عبر تكليف المحقّقين المتمرّسين والباحثين الجادّين بإعادة إحيائها، وتحقيقها وَفْق الأسس العلمية الراسخة في مسارات التحقيق والتأليف والترجمة، ثم إصدارها في طبعات علمية أنيقة؛ لتصبح من المراجع التراثية والتاريخية المهمة التي يحرص على اقتنائها نخبة المتخصّصين والمهتمّين، ويتطلّع إلى الإسهام فيها خيرةُ الباحثين والمحقّقين.
ونظرًا لأهمية هذه القضية التي تعد واحدة من أهم القضايا الجوهرية التي يتوجب طرحها للنقاش على نطاق واسع في راهن الثقافة العربية، فقد خصصنا ملف هذا العدد من مجلة «الفيصل» لمناقشة القضية من أبعادها الثقافية، وتسليط الضوء على بعض التجارب المضيئة في مجال تحقيق التراث، والتعرّف إلى رؤى المثقفين والمختصين لواقع الجهود المتصلة بهذا المجال، وإلى أي مدى يجب تكثيف وتفعيل هذه الجهود.
السلام عليكم
أرجو الإفادة ببعض الاعداد المتعلقة بتحقيق التراث والبحث العلمي ( من مجلة الفيصل).
العنوان: الاستاذ مختار ازغال قدوار
الجمهورية الجزاىرية / وهران- مسرغين مدينة احمد زبانة- H35- الطابق الاول.
تقبلوا فائق الاحترام
وعليكم السلام.. يمكن التواصل مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عبر البريد الإلكتروني لخدمات الباحثين: (is@kfcris.com).