قررت لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل للغة العربية والأدب حجب الجائزة هذا العام 2025م، وموضوعها: «الدراسات التي تناولت الهوية في الأدب العربي»؛ نظرًا لعدم وفاء الأعمال العلمية المرشحة بمتطلبات الجائزة. أما جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، فسيُعلَن عن الفائز في نهاية...
المقالات الأخيرة
مختارات من الشعر الكوري
بارك يان – هوي
ضوء معزول
أفتح النافذة حيث
النجوم عالقة
بجوف ليلة
من دون نوم
بساحة البيت
أمامي
نافذة وحيدة وفريدة
لا تزال مضيئة
في عزلة
هناك أيضًا قلب
أحدهم
لم يجد بعد النوم؟
مثل النجوم
وحيدًا
صافية، السماء
صافية، السماءُ
وصاف الخريف
لأنه لا سبب
لوجودهما
الحيوات بلا سبب
هي حيوات خالصة
مفتقرة إلى المعنى
فالزهرة تهب عطرها
كيم يونغ جو
خارج العالم
ولد هذا الرسام من دون ذراعين ولم يرسم سوى الريح.
رسم على ورقة بريشة في فمه
رياحًا لا يعرفها أحدٌ.
لا يمكن تبين شكل رسمه.
لكن ريشته تغدو جارية أبعدَ كي تعود
لاهثة بلطف مثل طفل.
لما عجز عن الرسم
تسلق جدارًا حيث أقام لأشهر متحيرًا.
ولكي يعثر على لون لم يكتشفه أحد
لمح بعين ثاقبة إلى بركان مظلم.
سعى لرسم
يديه الاثنتين، تلك اللتين تركهما بالرحم.
عن الشعر
قِطٌّ
ممدود
بحبلِ الصّمتِ.
كو وان
هذه الهمسة
إنها تمطرُ
أجلسُ أمام مكتبي
ومكتبي يحكي بهدوء
قبلُ كنتُ زهرةً، ورقةً، ساقًا
جذرًا ممتدًّا تحت الأرض
مستلقيًا حتى الواحة هناك بالصحراء
قطعةُ الحديد على مكتبي تقول
كنتُ حلقةَ الذئب الذي يعوي وحيدًا تحت القمر
توقف المطر
أخرجُ
يقولُ لي العشبُ الغارقُ في البلل:
من قبل كنتُ فرحَك، وغضبَك، وحزنَك، ورغبَتَك
كنتُ حياتَك، وأغنيَتك
كنتُ الباطنَ بأحلامك
الآن أقولُ
للمكتب
ولقطعة الحديد
وللأرض:
من قبلُ كنتُ أنتَ أنتَ أنتَ
والآن أنا أنتَ أنا أنتَ.
هذا الشاعر
لوقت طويل كان شاعرًا
حتى الأطفال
والنساء
لقبوه بالشاعر
أكثر من أي أحد آخر حقيقةً
كان شاعرًا
حتى الخنازير وهي تقبع
قالت: إنه كان شاعرًا
ذهب بعيدًا ومات بطريق العودة
ولم يتبقَّ بخيمته أي قصيدة
هل كان شاعرًا لم يكتب قصائد
إذن شاعر ما
كتب قصائد بدلًا منه
وعندما كتبها
حلقت القصيدةُ فجأة في الريح
وبعدها قصائد عديدة في كل زمان وبكل مكان
حلقت هي أيضًا الواحدة بعد الأخرى.
عن النافذة
بِمَ سأطمعُ أكثر
هناك مقامٌ بعيد
هناك مقامٌ قريب
ثَمِلٌ
لم أكن فردًا أبدًا
ستون مليارًا من الخلايا!
أحيا في جماعة
مترنحًا متعرجًا
ستون مليارًا من الخلايا ثملة!
صورتي
الأغاني التي غنيتها
والأغاني التي لم أغنها
بصخب
تندفع نحوي بمصابيح مضاءة
كيف أدري أنها ستكون أنا
كيف أدري أن هذا الندم المذهل سيكون أنا
تلاقٍ
بعد خروجي الرابع من السجن
مع حجزي دائمًا في إقامة جبرية
مثل طفل في العاشرة
رسمتُ طائرًا على ورق من ألف وون Wons
وأنفقتها مع ورقات أخرى
مَرَّتْ سِتُّ سنواتٍ
يوم 16 فيفري 1998
ورقة الألف وون بطائرها
عادت إليّ
ما أنفقته بأونسونغ كيونجيدو Ansong Kyonggido
عاد إليّ وأنا في خيمة أمام فندق كال Kal بجزيرة شيجو Cheju
ما وراء البحر
أنا: ما أجمل الريح وهي تحملك
الورقة: مبتهجة برؤيتك
شونغ هون – جونغ
جرح
أن تنتظرَ طويلًا
لا يُفضي إلى اللقاء
حتى اللقاءُ يصبحُ لقاءَ الآخرين
هو لقاؤك في الأخير
بعد أن يعصفَ بك المرضُ المحموم
الزمنُ والنومُ وذاتُك أنت
تتهيؤون للطريق من جديد
تفتحون العيون الصافية للجرح المديد
رغم أن الريحَ تسكبُ الزيتَ
في قلب نارٍ هشّةٍ
أيّ شعلةٍ نابضةٍ
سَتُنصِتُ إلى صخبِ الريح العميقة؟
حتى الطريقُ التي تسلكها بعناء
هي العتمةُ التي تُقوض عتمةً
والحزنُ الذي يُقوض حزنًا
مبهرٌ ثوبُ الزمن حيث نرى اللحم.
أأنت نجم؟
لأجل الشاعر
نجمٌ أكثر من النجم في السماء
رمل أكثر من الرمل على الشاطئ
الذي يتلألأ يتلألأ
وما هو وحيد وحيد
ولكن سأترقب
حتى أستطيع أن أغني «أنا أتألق»
أمشي بقدمي في جلودك النجمية التي تلمع
حتى يصير جسدك رملًا
وليلةً شاسعةً بأعلى الصحراء
والريحَ التي تهب على جلد الرمل
سأتمرن على طريقة في حب كذبته الخاصة
حتى تختفي.
حلم الشيء (1)
حلم الشجرة
محتضنة ضوء الشمس الذي ينساب بين الأوراق
تحلمُ الشجرة بجبروتها
لامسة الخدود بالمطر النازل عليها،
تحلم جهارًا بدمها
وبالقوة الغاضبة للريح التي تهب بين الأغصان،
تسمع صخب حياتها التي تنتفض.
حلم الشيء 4
حلم الحب
يأتي الحب دائمًا متأخرًا. يأتي الحب دائمًا بعد الحياة.
هل عشت من قبلُ؟ حبك ليس سوى الحب الذي يأسف على الحب. إذا كان فرح الآخرين يعقب فرحك الخاص، وإذا كان حزن الآخرين يعقب حزنك الخاص، فالحب يأتي دائمًا عقب الحياة.
وماذا بعد؟
إذن فالحياة تأتي دائمًا بعد الحب.
نشيد الذات
شعرت فجأة بالخجل وأنا أسير بالشارع (يمكننا بداهةً الاشتباهُ في الخجل الضال). على كلّ، لم أتمكن من رفع رأسي بسبب هذا الخجل. عليّ أن أخجل بقدر دموعي. أن أخجل بقدر حبي. أن أخجل بقدر تحطمي.
من يشتبه في هذا، هو من عليه أن يكون أكثر خجلًا مني.
أيها البائس!
لو كتبتَ أشعارًا
فما عليك إلا أن تطمرها بالأرض
أو تخفيها بالسماء
ولكنك تتسرع في نشرها
آه، أيتها الأنا البائسة!
حتى في تستري، فطرفُ ثوبي مكشوفٌ.
من أين تغترف القوة
جالسًا على الكرسي
أرسم كرسيًّا
القلبُ بحاجة دائمًا
لقُوّةٍ ودُودَةٍ
ليس هناك من طريق في الأخير
أَلِجُ رسمي وأجلس على الكرسي
الكرسيُّ الحقيقي الآن
بدا دافئًا
والريح الندية يمكنها أن تهب في كل الزوايا حيث أجلس.
الذي يطفو في الهواء1
الحجر
حجرٌ محلق توقف فجأة في الهواء.
إنه يطفو فيه.
تقول الشائعة: إنه السياسة.
زمن تحجر هذا الصخب ملتبسٌ.
وحده القدر الأعمى واثق.
فقط نأكل كل يوم مثل سم
بعض الدعاية الصلبة.
الذي يطفو في الهواء 2
أنا
لو صار جسدي ثقيلًا أكثرَ
فهو بسبب الخوف.
أهربُ من ظلي.
أنزعه بيدي المرتجفة.
بظل آخر.
فاقدًا ظلي، هناك جوهر يطفو في الهواء، يقول:
أنا لستُ أنا
أنا لستُ أنا.
هامش :
بارك يان-هوي، وُلِدَ سنةَ 1931م، عُرِفَ ببارك يي – مون؛ شاعر وفيلسوف، درس الآداب الفرنسية بجامعة سيول، والآداب بالسوربون، ثم الفلسفة بالولايات المتحدة بكاليفورنيا الجنوبية. درّس بالجامعات الأميركية وبكوريا الجنوبية. نشر مجموعات شعرية عدة، منها: نهر شارلز مغطى بالثلج سنة 1979م، حلم فراشة سنة 1981م، ظل الفراغ سنة 1978م. اهتم بارك بالفلسفة وعلم الجمال والنظرية الأدبية، ومن أعماله في هذا الشأن: الفلسفة في الأدب 1975م، الشعر الرومانسي الفرنسي 1976م، الشعر والعلم 1975م، اختيار وحيد 1978م، الطاوية 1980م، لغة الأشياء 1989م، هامش الفلسفة 1997م، فلسفة الوكر 2010م.
وهو شاعر وفيلسوف في نظرته للعالم؛ حيث يرى الشعر وسيلة للفكر القريب من تجربة الإنسان. تجربته تقوم على الاقتراب من الجمالي أكثر؛ لأن الجمال فيه لمسة التوحيد بين خط الشعر وخط الفلسفة، وهذا الاقتران يبعث تجربة القول الشعري في صيغة مبدعة، تجعل الصورة أقرب لطبيعة الوجود من حيث هو تجلٍّ للروح الإنسانية.
* * *
كيم يونغ جو، شاعر من كوريا الجنوبية وُلِدَ سنة 1974م، درس الفلسفة بجامعة سيول. كان في بداياته منذ سنة 2003م كاتب سيناريو ومقالات. نشر مجموعات شعرية عدة، منها: أنا فصل غير موجود بالعالم في 2006م، حكايات غريبة في 2008م، ومجموعة من المقالات: جواز سفر في 2006م، وله مجموعة من المسرحيات. فاز بجائزة الشعر كيم سو يونغ، وبجائزة شعر اليوم، وبجائزة فنان اليوم. صُنِّفَ سنة 2009م كأفضل شاعر من جانب المجلة الأدبية: شعرية الغنائي.
شعره قائم على رحلة لا تتوقف أبدًا؛ بسبب عزلة الشعر. فعلى الشعر أن يحظى بمقام البداية، وعليه إذن أن يكتب بعاطفة حقيقية تقوم على ملامسة العالم وجسد التجربة. تجربته تقول الشاعر وهو يبدع الحالة بحواسّ تقتات من روح اليومي وتفاصيله. كل تفصيل خارج الشعر يتحول على صورة مبدعة داخل الشعر.
* * *
كو وان، وُلِدَ سنة 1933 بكوريا الجنوبية من عائلة فلاحية. كان راهبًا بوذيًّا منذ سن 19. عُرف بنضاله ضد الاستبداد، ودخل السجن أثناء الحرب الكورية، وخلال إقامته بالسجن ومعرفته بمن حوله وقراءاته الكثيرة، ألّف نشيد العشرة آلاف إنسان في 15 مجلدًا. واصل كتاباته ونضاله بإصداره لمجموعات كاملة منذ سنة 1983م، واشتغل أستاذًا بالجامعة، ودرس بهارفارد وبيركلي كأستاذ ضيف. ألّف أكثر من 130 كتابًا. من بين مجموعاته الشعرية، ما هو؟ في 1991م، ثمة تمثال في 1997م، همسات في 1998م.
على الرغم تلون شعره بالحدث اليومي فإن تجربته تخطت التفاصيل الواقعية؛ لتمتزج بحس صوفي مختلف. حس الوحدة مع عالم الطبيعة والأشياء القريبة، حتى لقبه معاصروه بجبل الشعر. شعر يرتحل ويرحل بالشاعر نفسه عبر محطات روحية مختلفة، من النضال السياسي إلى التوحد بالطبيعة ومديح الأشياء.
* * *
شونغ هون-جونغ، وُلِدَ سنة 1939م خريج قسم الفلسفة 1965م، اشتغل بالصحافة، وأصدر أول أعماله الشعرية: حلم الشيء في 1972م. ومجموعة شعرية حفل الألم في 1974م، ترجم أشعار ييتس 1974م، نال جائزة الكاتب للأدب الكوري في 1975م، بين 1978م و1982م درس بمعهد الفنون في سيول. أصدر: نَفَسٌ وحلم: مقالة شعرية في 1982م، نال جوائز عدة، منها جائزة يونام Yonam في 1990م، وجائزة إيسان Isan في 1992م، له كتاب: ندى: أنطولوجيا شعرية في 1996م.
شعره حرّ من عبادة الشكل والفكرة أيضًا. إنه شعر يقوم على التقاط اللحظة المحاطة بحواس الطبيعة: أو التي يغذيها الشاعر بالطبيعة. يبحث الشاعر عن العلائق بين الإنسان وما يقع خارجه، حتى يتجاوز شرطه الإنساني وبلوغ حالة من النقاء؛ لذلك نلمس حالة من الفرح الوجودي رغم الألم الذي يحاصر التجربة.
المنشورات ذات الصلة
مارتن هايدغر يصحو من نومه
عيناهُ تؤلمانه حدّ الدوار من فرط التركيز على سطوح الشاشات. يترك كلَّ شيءٍ مُصغيًا إلى الموسيقا المنبعثة من شاشةٍ...
سحر الأزرق
في كل يوم، نرفع أعيننا إلى السماء فنجدها مغلفةً بلون أزرق صافٍ، لون يبدو للوهلة الأولى أبسط ما في الكون. إنه اللون...
معرض وجوه
لن تتخيلوا كيف جننتُ وشاط بصري بمجرد أن وصلت الخادمة الجديدة إلى منزلنا، رحتُ أقلب يديها وأنظر في وجهها وقدميها، درتُ...
0 تعليق