المقالات الأخيرة

صورة الإبل في مرآة الثقافة العربية

صورة الإبل في مرآة الثقافة العربية

لم تحظَ الإبل في أي ثقافة إنسانية بمثل ما حظيت به من اهتمام في الثقافة العربية والإسلامية، فقد عدَّها الإنسان في الجزيرة العربية شريكًا فعليًّا بالغ الأثر والتأثير في حياته اليومية، فهي ليست فقط وسيلة تنقُّل فرضتها طبيعة الحياة الصحراوية القاسية، إنما هي أحد أبرز...

رسالة في الجوهري من وجودنا المباشر.. ضوء لإنارة مدينتنا العربية

رسالة في الجوهري من وجودنا المباشر.. ضوء لإنارة مدينتنا العربية

بعد نحو اثني عشر كتابًا بالعربية، وكتبٍ ودراسات أخرى بالفرنسية، تنتسب في مجملها إلى فضاءات البحث الأكاديمي، يحط المفكر فهمي جدعان رحاله على ضفة البحث الحر، مختارًا عنوان «رسالة» لكتابه الأخير (ونرجو ألا يكون أخيرًا) «معنى الأشياء» الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات...

الهوامش الفلسفية في التراث الشرعي

الهوامش الفلسفية في التراث الشرعي

إن الناظر في التراث الإسلامي يلحظ تسرب بعض المسائل والقضايا الفلسفية إلى العلوم الشرعية وتحديدًا أصول الفقه، وعلوم الحديث. وورود مباحث ومسائل في الأدبيات الشرعية، مما ليس داخلًا في حدود الفن الذي وردت فيه بمعناه الضيق، ليس غريبًا(1)، إلا أن ثمة خصوصيةً في طبيعة...

سيف الرحبي.. هذا الرأسمال الثقافي العربي الكبير

سيف الرحبي.. هذا الرأسمال الثقافي العربي الكبير

أُومِنُ بأن لا شيء يدوم، كل زمن له جيله، بما في ذلك الأزمان الثقافية والمؤسساتية، ومع ذلك، ولأنني أعتبر «نزوى» بيتي الثقافي فقد شعرت بنوع من الحزن الغريب، يتعالى على المنطق، وأنا أقرأ خبر مغادرة الصديق سيف الرحبي هذا النزل الأدبي والفكري العريق، شعور يشبه من يرى بيتًا...

صمتُ الجثة الغريبة بين الغرباء

صمتُ الجثة الغريبة بين الغرباء

(جملٌ يُطلُّ بعنقه الطويل، إلى مئذنةٍ على حافة الصحراء، بسَمْتٍ مهيبٍ كأنما يُصغي إلى النداء الربانيِّ الذي يمنحه العزاءَ والطمأنينةَ بعد رحلته الشاقة في بحر الرمال الغاضب). هذه إحدى اللوحات التي تركها لي كهديةٍ الفنان العراقي الراحل (حَمّادي) الذي صارَ يوقعُ لاحقًا...

معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم فعالياته

كتب جديدة وندوات وحوارات وورش جذبت جمهورًا واسعًا

بواسطة | أكتوبر 7, 2024 | معارض

قد لا تتوافر أرقام دقيقة حول الأعداد الكبيرة التي ترددت على معرض الرياض الدولي للكتاب، ولا ما أنفقته هذه الأعداد من مبالغ مقابل اقتناء كتبهم المفضلة، إلا أن المتابع لفعاليات المعرض، والمهتم بتقصي أخباره، سيلحظ أن المعرض، شأنه في كل سنة، تحول إلى مناسبة ثقافية مفتوحة، حفلت بفعاليات متنوعة لم تقتصر على الكتاب وثقافته، إنما تخطت ذلك إلى فنون ومجالات مختلفة، جذبت إليها شرائح مختلفة من المتلقين. وبات الحضور الكثيف للمعرض، سمة بارزة لهذه التظاهرة الثقافية الكبرى. تجاوزت الأنشطة التي نظمها المعرض 200 فعالية تناسب جميع الأعمار، وشملت عددًا من الندوات والجلسات الحوارية، والمحاضرات والأمسيات الشعرية، والعروض الفنية والمسرحية، وورش العمل التي تناقش موضوعات مختلفة في شتى المجالات، بمشاركة نخبة من الأدباء والمفكرين والمثقفين من السعودية والمنطقة والعالم.

وبات معرض الرياض الدولي للكتاب الحدث الثقافي الأبرز في المملكة، ومن بين أبرز الأحداث الثقافية في العالم، ومنصة ثقافية تجمع صناع الأدب والنشر والترجمة من المؤسسات ودور النشر المحلية والدولية مع القراء والمهتمين بشؤون الثقافة ومجالات المعرفة. واستضاف المعرض كوكبة من الشخصيات الأدبية والفنية ورواد الثقافة من المنطقة والعالم، كما خَصَّصَ فعالياتٍ ثقافيةً وترفيهية متنوعة للأطفال في منطقة الطفل، وركنًا خاصًّا لعرض أعمال المؤلفين السعوديين، ومنصات لتوقيع الكتب التي تتيح للجمهور التقاء مؤلفيهم المفضلين لتوقيع أحدث إصداراتهم.

من ناحية، سعت النسخة الجديدة من المعرض إلى تقديم تجربة جديدة من خلال استثمار التقنية في عالم النشر الرقمي، ودعم الابتكارات في صناعة الكتاب، مع التركيز على إصدارات الكتب الإلكترونية، ومنصات القراءة التفاعلية، حيث يمثل ذلك جزءًا من رؤية المملكة 2030؛ لتعزيز التحول الرقمي في مختلف المجالات، بما فيها المجال الثقافي.

ويجسد معرض الرياض الدولي للكتاب 2024م، طموحات المملكة نحو تطوير الفكر والثقافة، حيث يعكس الاهتمام بإبراز أهمية الكتاب في بناء أجيال واعية ومتعلمة، وبناء مجتمع معرفي رائد.

الرياض تقرأ

وكان المعرض، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، قد انطلق تحت شعار «الرياض تقرأ» في حرم جامعة الملك سعود (26 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2024م)، بمشاركة أكثر من 2000 دار نشر، من أكثر من 30 دولة، موزعة على أكثر من 800 جناح، إضافة إلى مشاركة هيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية ودولية، فشكل المعرض منصة رئيسة للناشرين وللتبادل الفكري والثقافي، وملتقى للأدباء والمفكرين وصنّاع الثقافة والمعرفة وعشاق الكتاب من دخل المملكة وخارجها.

وحلت دولة قطر ضيف شرف للمعرض هذا العام، فقدمت لزواره تجربة ثقافية مميزة تعكس منجزاتها الأدبية والفكرية، وموروثها الثقافي الأصيل وتاريخها وفنونها المتنوعة، وذلك من خلال جناح يستعرض مخطوطات وإصدارات وزارة الثقافة القطرية، بمشاركة رموز الثقافة القطرية والمواهب والمبدعين القطريين، ضمن برنامج ثقافي منوع وثري.

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان: «نعمل وفق إستراتيجية متكاملة تترجم رؤية وتوجيهات وحرص القيادة الرشيدة على تعزيز الريادة الثقافية للمملكة عربيًّا وعالميًّا، وتحويل الثقافة لأحد أهم ممكنات النهوض بالوعي المعرفي والثقافي للمجتمع، ودعم اقتصاد الصناعات الإبداعية والفكرية، وتمكين صناعة النشر وتزايد حركة التأليف والترجمة السعودية، بما يسهم في الارتقاء بجودة الحياة، ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي الوطني لتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من رؤية المملكة 2030».

وأوضح أن نسخة هذا العام تشهد تطورات متعددة، أتت في إطار جهود الهيئة المستمرة لتطوير هذا الحدث وفتح آفاق ومجالات جديدة تعزز شمولية ما يقدمه قطاع الثقافة والنشر محليًّا.

وأشار الدكتور علوان، إلى أن اختيار دولة قطر ضيف شرف للمعرض، يعكس الدور الثقافي والفكري الرائد لقطر في مشهد الثقافة الخليجي والعربي، وعمق الروابط الثقافية والتاريخية الوطيدة التي تربطها بالمملكة.

جوائز وتكريمات

كرمت هيئة الأدب والنشر والترجمة، الفائزين بجوائز المعرض، ففاز بجائزة التميز في النشر، «مجموعة تكوين المتحدة للنشر والتوزيع»، وفاز بجائزة التميز في النشر لفئة الأطفال، «جامعة حمد بن خليفة للنشر»، وفازت «دار جبل عمان ناشرون» بجائزة التميز في النشر لفئة المنصات الرقمية، وتُوِّجَتْ دار عصير الكتب للنشر والتوزيع بجائزة التميز في النشر لفئة الترجمة. أما جائزة التميز في النشر التي تأتي دعمًا وتشجيعًا للإبداع المحليّ، وتُمنح للمحتوى السعودي المتميز الذي يعكس ثقافتنا وتراثنا الغني، ففازت بها دار «تأثير للنشر والتوزيع».

المسلم والفانتازيا

من فعاليات المعرض التي شهدت حضورًا كثيفًا، ندوة للكاتب والروائي أسامة المسلم، الذي يُعَدّ من أكثر الكتاب الذين لهم أكثر الكتب مبيعًا في العالم العربي، إنْ لم يكن أكثرهم على الإطلاق، في هذه الندوة أكد المسلم أهميةَ دور معرض الرياض الدولي للكتاب، في إثراء الحراك الثقافي في المملكة والمنطقة، ودعم حركة النشر، وحَفْز الأدباء للمزيد من الإبداع على نطاق أكبر، مشيرًا إلى أن هناك تطورًا ملحوظًا لأدب الفانتازيا في السعودية، وتسير الإصدارات في هذا الاتجاه على الخط الصحيح نحو الانتشار في العالم العربي. وقال المسلم، في ندوة بعنوان «الرواية والفانتازيا»: إن الإبداع في أدب الفانتازيا، يتطلب ضرورة إلمام الكاتب بالإرث العربي الزاخر بالقصص والحضارات؛ إذ  يبرز دور الروائي من خلال تقديمها بطريقة مستساغة، لافتًا إلى أنه لا يوجد خيال أو واقعية مطلقة، بل يجب المزج بينهما.

وحول مدخله إلى أدب الفانتازيا، أوضح المسلم، أنها كانت بداية خجولة، حين كان أدب الفانتازيا في نظر بعض النقاد لا يعدو كونه أشبه بمكمل غذائي لا أكثر، مبينًا أن استمراريته في مجال أدب الفانتازيا جاءت على خلاف توقعاته في بداية مشواره؛ إذ كان يعتقد أن رواية «خوف» ستكون البداية والنهاية معًا.

دعم الكُتّاب الشباب

من الأدوار المهمة التي يلعبها معرض الرياض، دعم المؤلفين الشباب في إطلاق باكورة أعمالهم الأدبية؛ لذا ينتظر كثير منهم هذه المناسبة لتقديم مؤلفاتهم لجمهور القراء من الزوار، متطلعين إلى أن يسهم المعرض في التعريف بهم وبأعمالهم، في هذا الشأن يرى الكاتب الدكتور تركي بن ماطر الغنّامي، بوصفه أحد المؤلفين الذين استفادوا من هذه التجربة من خلال نسخة سابقة من المعرض، أن معارض الكتاب ذات دور مهم في هذا الشأن، بل إن الساحة الثقافية والأدبية طالما كانت تدين لمعارض الكتاب بذلك الفضل، بإسهامها في إثراء الحراك الثقافي بصفة مستمرة بأجيال جديدة من الكتّاب والمؤلفين. وعدّت الكاتبة أمل حمدان معرض الكتاب النافذة الأولى لها لتقديم باكورة أعمالها الأدبية، فالمعرض أتاح لها فرصة لقاء جمهور القراء، والحديث معهم عن كتابها الأول «بصمة أمل» الذي جمعت فيه ملخصًا لتجربتها الممتدة لأربع سنوات، بين العمل كإعلامية ومثقفة مرتبطة بالعمل الأدبي والثقافي.

ورش عمل

شهد المعرض عقد عدد من ورش العمل والجلسات النقاشية في فضاء مفتوح بين أجنحة دور النشر، وهو ما جذب الزوار وأتاح لهم فرصة التفاعل المباشر مع الكُتاب والمفكرين. وتسهيلًا على رواد المعرض لم يُشترَط التسجيل المبكر لحضور الورش والجلسات إلزاميًّا، فأمكنهم الاستفادة من خبرات الضيوف عبر الدخول مباشرة إلى الورش، التي تميزت بالمحافظة على خصوصية طابع الورش على الرغم من إقامتها في فضاء مفتوح. وتوافقت موضوعات ورش العمل في المعرض مع مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للثقافة، التي تسعى لتعزيز التنوع والثراء الثقافي.

هموم الترجمة

في ندوة حول الترجمة، بعنوان «الترجمة وصناعة الهوية الوطنية» نظمتها جمعية الترجمة بمناسبة اليوم العالمي للترجمة، أكّدت متخصصتان في الترجمة ضرورة استثمار التقنية للوصول إلى الشعوب الأخرى والتركيز على المحتوى السمعيّ البصريّ، ودَعَتَا إلى عدم الاكتفاء بالترجمة للغة الوحيدة، والانتقائية في اختيار الأعمال الصالحة للترجمة، والتعامل الممنهج مع وسائل الذكاء الاصطناعي، مع المحافظة والاعتزاز بالهوية الوطنية.

شاركت في الترجمة رئيس قسم الترجمة بجامعة الأميرة نورة الدكتورة فادية الشهري، وأستاذة الترجمة السمعية البصرية الدكتورة عبير الفيفي، وأدارتها أستاذة الأدب الإنجليزي الدكتورة مشاعل الحماد. وأبرزت الندوة دور المؤسسات المهتمة بالترجمة سواء الحكومية أو الخاصة في التعريف بالثقافة وتمثيل الهوية وتصديرها للآخر. وأكدت الدكتورة فادية الشهري ضرورة انتقاء النصوص المراد ترجمتها ودراستها. من جانبها قالت الدكتورة عبير الفيفي: «إن الترجمة تجعل الشعوب تسمع منا لا عنا، وهذا يتحدى الصور النمطية والأفكار السائدة عن المجتمعات».

وأضافت أن على المترجم ألا يكتفي بلغتين، بل عليه فهم اللغة التي ترجم منها ولها وكيفية التعامل مع المشكلات الناتجة عن الترجمة، وتعزيز الهوية الوطنية عبر الثقافات.

وكان المعرض قد احتفى باليوم العالمي للترجمة، فخصص خمس فعاليات ضمن برنامجه الثقافي، تناولت عددًا من الموضوعات المتعلقة بالترجمة. ومن ضمنها ورشة عمل بعنوان: «جودة الترجمة السمع بصرية في الأعمال السينمائية»، قدمتها عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتورة عبير القحطاني. وركزت الورشة على أهمية الترجمة السمعية البصرية في ضمان تجربة مشاهدة متكاملة وشاملة للجمهور مع مراعاة الفوارق العمرية في الترجمة من صغار السن إلى الأشخاص البالغين، كما جرى استعراض عناصر الترجمة، مثل دقة النصوص والتزامن المثالي مع الحوار، ووضوح الخطوط وسهولة القراءة، وأهمية الترجمة الثقافية في نقل المعاني بين الثقافات المختلفة.

وخلال ورشة العمل الثانية التي حملت عنوان «الترجمة الفورية: كيفية التعامل مع المصطلحات المتخصصة»، استعرض عضو الاتحاد الدولي للمترجمين المعتمدين مازن الحربي، مهارات المترجمين الفوريين وكيفية تغلبهم على التحديات التي تواجههم، وأهم تحديات الترجمة الفورية. وناقش الأكاديمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالرحمن الشبيب في ورشة أخرى «أثر التقنية الحديثة في الترجمة»، فأكد أن المترجمين يواجهون اليوم منافسة شرسة من برامج الترجمة الآلية، وتلك المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، في ظل انفتاح العالم ثقافيًّا وانتعاش الحاجة للوصول إلى المعرفة وتبادل المحتوى العالمي، فيما أكدت المترجمة والمستشارة في الإنتاج والتواصل المعرفي نهى الحجي أن المجالات كافة تشهد اليوم تطورات متسارعة ناجمة عن الانفجار المعرفي والتقني الذي أسهم في دخول مجال الترجمة إلى عالم «الترجمة الذكية» القائمة على مزيج من قدرات البشر وقدرات الآلة، وذكاء الإنسان والذكاء الاصطناعي. وكانت هناك ورشة بعنوان: «الترجمة في المجال السياحي»، قدمتها المترجمة السعودية عزة الغامدي.

فعاليات قطرية

من الندوات التي شهدها المعرض ندوة بعنوان: «مونديال قطر: التجربة الاستثنائية»، ضمن فعاليات ضيف الشرف تحدث فيها الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم في قطر 2022م ناصر الخاطر وأدارها الإعلامي السعودي عبدالرحمن الحميدي. واستعرض الخاطر أبرز ملامح التجربة التنظيمية والإدارية الناجحة لدولة قطر في استضافة المونديال، والاهتمام بتوفير الإمكانات والمتطلبات كافة التي تساعد الجمهور على الاستمتاع بتجربة استثنائية في مشاهدة مباراة كروية، وتوفير جميع الخدمات للمشجعين بكل فئاتهم، ودعم كامل لذوي الاحتياجات الخاصة في البنية التحتية والخدمات المقدمة، إضافة إلى الحرص على ارتباط جميع الملاعب والمنشآت الرياضية بالتراث والثقافة القطرية والعربية والإسلامية، والمجتمع والبيئة المحلية، مثل: ملعب الثمامة، وملعب الجنوب، وملعب البيت، وغيرها.

وفي ندوة أخرى لضيف الشرف، أكد الباحث القطري في الأنثروبولوجيا الثقافية حمد الملا، خلال ورشة عمل «الأغنية الفصيحة بين الماضي والحاضر»، أن التحولات الأساسية التي مرت بها مجتمعات الخليج والجزيرة العربية أثرت في الإنتاج والتوزيع واستهلاك الأغنية في المنطقة. واستشهد الملا بالتحولات التي مرت بها القصيدة العربية، بدءًا من الشعر العمودي إلى التفعيلة إلى قصيدة النثر، منوهًا بأن هذه التغيرات أثرت بشكل أساسي في الكلمات التي تستخدم في الأغنية الفصيحة أولًا، كما تطرق إلى تأثير أنماط التلحين، مبينًا أن القوالب اللحنية التي كانت رائجة في البحرين وقطر قد تغيرت، وظهرت قوالب جديدة، حيث مزج الملحنون بين أكثر من قالب، واستوحَوْا ألحانًا من مصادر مختلفة، لافتًا إلى أن الأغنية تتفاعل مثل أي فن آخر مع محيطها، واليوم دول الخليج في تفاعل إيجابي مع كل محيطها سواء القريب أو العالمي.

أهمية الفنون

وتحدث مشاركون في معرض «الرياض تقرأ» عن أهمية الفنون في جذب الجمهور إلى القراءة، وفي هذا السياق، أكدت مديرة النشر في دار نشر كويتية، إسراء القرني أن الفنون تسهم بشكل كبير في تعزيز شغف القراءة، «وعندما تُقدم الكتب من خلال العروض الفنية أو الفعاليات الثقافية، نجد أن الزوار يتحمسون لاستكشاف المزيد من العناوين». من جانبه، أشار العارض في دار الأفق حسين العتيبي، إلى أهمية الفنون في رفع مستوى الوعي الثقافي، وقال: «كانت تجربتي في بيع الكتب التي استُمدت منها أعمال فنية، سواء كانت أفلامًا أو مسرحيات أو أعمالًا أدبية، مذهلة، ولقد رأيت كيف يمكن لهذه الفنون أن تجعل الكتب تنبض بالحياة، مما يزيد من اهتمام الزوار».

وعبّر العديد من الزوار عن تجاربهم الفريدة في المعرض، وقالت ريم الكيلاني، زائرة ومهتمة بالأدب: «بعد مشاهدتي لفِلْم سينمائي استفاد من رواية، شعرت برغبة قوية في قراءة الكتاب، حيث إن الفنون تجعل القصة أكثر تفاعلًا وواقعية. في حين أوضح الزائر خالد الأحمد، أن تجربته في اكتشاف الشعر العربي من خلال الأعمال السينمائية التاريخية مثل: «الزير سالم» و«الحجاج»، مشيرًا إلى أن هذه الأفلام كانت مليئة بالأبيات الشعرية التي دفعته للبحث عن القصائد الأصلية.

الصندوق الثقافي

عبر جناح الصندوق الثقافي في المعرض، تعرف الزوار إلى خدمات «التمويل الثقافي» الذي يُعَدّ الأول من نوعه في السعودية. ويهدف المشروع إلى دعم نمو المشروعات الثقافية للمنشآت عبر حلول تمويلية مرنة، وذات مزايا تنافسية تمكنها من بدء أعمالها وتوسع نموها باستدامة وربحية وأمان. ويسعى الصندوق الثقافي إلى تمكين المنشآت العاملة في القطاع الثقافي بما يدعم توسعها ونموها، إضافة إلى حَفْز مساهمة القطاع المصرفي في تنمية القطاع الثقافي اقتصاديًّا، والاستفادة من الفرص التي يقدمها، ودعم استدامة نمو القطاع الثقافي لينعكس أثره على المجتمع.

الفكر العربي وتحديات الوضع الراهن

في ندوة بعنوان: «الفكر العربي وتحديات الوضع الراهن» شارك فيها كلٌّ من المفكر المغربي الدكتور محمد أفاية، وأستاذ الدراسات الفلسفية الموريتاني الدكتور عبدالله السيد ولد أباه.

وناقشت الندوة، التي أدارها الدكتور عبدالله البريدي، أحوال المفكرين العرب، مؤكدةً أن المثقفين والمفكرين يتميزون بالإنتاجية، ويحللون ويفهمون مشاكل المجتمع، ويتناولونها بأسلوب واضح ومناسب. ولفتت الندوة إلى أن للمفكر العربي مهمات متزامنة، بعكس الغربي تكون متعاقبة، حيث يتأثر العربي من التفكير الديني المتجذر والثقافة المتأصلة.

وتطرقت الندوة إلى أن المفكرين العرب يعدّون ضحايا لعدم اعتراف العالم بجدارة ما تنتجه الثقافة العربية. وأكد المشاركون في الندوة أن للثقافة أدوارًا كبرى في ارتقاء الإنسان بمجتمعه، وأنه يجب أن يعرف صاحب القرار السياسي كيف يدمج الثقافة في المشاريع والخطط الكبرى لبلده، لافتين إلى أننا نشهد اليوم تركيزًا أساسيًّا على دور عملية إعداد العقل وتوجيهه وإعادة بنائه من أجل وضع مسارات تنموية ناجحة.

قطاع النشر السعودي

أكد المدير العام للإدارة العامة للنشر، بهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور عبداللطيف الواصل، أن قطاع النشر السعودي جاذب وحافز للاستثمار، خصوصًا مع ما يحظى به من دعم. وأوضح، خلال جلسة حوارية بعنوان: «الاستثمار في قطاع النشر» بمشاركة عبداللطيف المبارك من قطاع الإستراتيجية تطوير الأعمال بالصندوق الثقافي، أن هناك رغبات جادة للاستثمار في المملكة، «وهذا ما لمسناه خلال مشاركات هيئة الأدب والنشر والترجمة في الخارج، وسؤال الكثيرين عن إمكانية الاستثمار في السوق السعودي»، وقال: «نطمح إلى زيادة المنافسة الاستثمارية في قطاع النشر، والنتائج الواردة في تقرير الحالة الثقافية تفيد أن قطاع النشر والكتب حاز النسبة الكبرى من مشاركة القطاعات الثقافية في الاقتصاد الوطني التي شكلت ٣٦.٤٪».

وعن دور معرض الكتاب في نمو القطاع، أشار الواصل إلى أن معرض الرياض يحتل مكانة قوية بين المعارض الدولية، على الرغم من أن تركيزه ينصبّ على المبيعات المباشرة، وهو ما يشكل للناشر فرصة لزيادة مداخيله، وأن إضافة منطقة الأعمال لهذا العام جاءت لتعزيز الجانب الاستثماري وتنمية الأعمال، عادًّا المعرض حجر أساس في نمو قطاع النشر.

واستضافت الجلسة بعد ذلك ثلاث دور نشر عربية حاصلة مؤخرًا على ترخيص استثماري في المملكة، وهي الدار العربية للعلوم ناشرون من لبنان، ودار عصير الكتب من مصر، ودار جبل عمان من الأردن. وأكد أصحاب الدور أن قوة قطاع النشر في المملكة ونجاح مشاركاتهم في معرض الرياض شجعتهم على استخراج الرخصة والدخول في السوق السعودي.

الذييب والكتابات العربية القديمة

بحضور الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، استعرض المؤرخ السعودي الدكتور سليمان الذييب، البعد الحضاري للمملكة والجزيرة العربية الضارب في التاريخ، عبر حكايا عن المكان والزمان والإنسان، وقصص حول النقوش والكتابات العربية القديمة ودلالاتها، والنقوش المكتوبة بالأحرف العربية، والتراث والآثار.

وسرد الدكتور الذييب في ندوة بعنوان: «الكتابات العربية القديمة» وأدارها الإعلامي عبدالله المحيلان، جزءًا من تاريخ شبه الجزيرة العربية، ودورها الحضاري والثقافي، وعناصرها المتباينة بين اللغة والهوية، وألقى الضوء على المظاهر الاجتماعية والدينية والاقتصادية، والنقوش والفنون الصخرية والجدارية والمعثورات، والكتابات والنقوش الشاهدة على الجذور والعمق التاريخي والإرث الحضاري والثقافي.

وأكد الذييب أن الجزيرة العربية لم يسكنها قديمًا أو حديثًا سوى العرب، لافتًا إلى أن الأجناس الذين قطنوها في حقب زمنية كانوا بصفة مؤقتة، مشيرًا إلى أن لفظ «عربي» أطلق على مجموعة من القبائل في حقبة الآشوريين في القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد.

وأوضح الذييب أن الهجرات من الجزيرة العربية بدأت من منطقة الوسط باتجاه الشمال إلى بلاد الرافدين والشام العظمى ومصر، واستقروا وبنوا ممالك هناك، لافتًا إلى أن أقدم اكتشاف لنقش عربي وجد في منطقة تابعة لفلسطين وتحديدًا مدينة لخيش، وهو نقش ثمودي يعود إلى 1300 قبل الميلاد، وفي البداية ظنوا أنه فينيقي ويعود إلى 1509 قبل الميلاد، وتبين بعد ذلك أنه يجمع الخط المسند والحروف الثمودية.

وذكر أن شبه الجزيرة العربية، وحاليًّا تشكل المملكة العربية السعودية جزءًا كبيرًا منها، هي من أكثر المناطق في العالم ثراءً بالكتابات القديمة المتنوعة؛ مثل: الآرامية، والنبطية في الحجر، واللحيانية، إلى جانب الكتابات الصفائية شمال المملكة، والدادانية في العلا، والحسائية، والسبئية، والكتابات المعينية نسبة لقبيلة معين، والكتابات التدمرية شمال الجزيرة العربية، إضافة إلى الخط اليوناني، والخط اللاتيني، والكتابات المسمارية في تيماء، والنقوش الثمودية في منطقة حائل. وقدم الذييب مقاربةً بين الكتابات العربية القديمة في شبه الجزيرة والحضارات التي نشأت في محيطها القريب؛ لأغراض التبادل التجاري والمعيشة.

ويعد الدكتور سليمان الذييب من أهم رواد التاريخ في مجال الاكتشافات الأثرية في المملكة، والكتابة عن الحضارات التي تعود إلى آلاف السنين في شبه الجزيرة العربية، والحياة الاجتماعية بأبعادها المختلفة، وهو كاتب ومؤرخ وباحث وأستاذ الكتابات العربية القديمة بجامعة الملك سعود، وعالم في مجال الآثار واللغات القديمة في الجزيرة العربية، قام بالعديد من الرحلات الاستكشافية الأثرية، وله عشرات المؤلفات والدراسات والأبحاث المنشورة باللغة العربية في مجال التراث والبحث التاريخي والحضاري، وصاحب بصمة في التنقيب في التاريخ السعودي القديم.

الكتاب العربي والحضور العالمي

في ندوة بعنوان: «الكتاب العربي والحضور العالمي»، كشف رئيس مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد، أن معظم الكتاب العرب لا يقبلون بتدخل المحررين في نصوصهم، وهو ما يعكس غياب الثقافة النقدية في الكتابة والنشر العربي، مشيرًا إلى أن المحرر في العالم الغربي يحظى بدور بارز في تطوير الأعمال الأدبية، حيث يكون جزءًا من العملية الإبداعية، فيما أوضح رئيس جمعية الكتاب والأدباء العمانية سابقًا الدكتور ناصر البدري، أن المحررين في دور النشر الغربية يُعَدُّون نجومًا في حد ذاتهم، فهم يساهمون في صياغة النصوص بشكل يحقق تفاعلًا أكبر مع القارئ. الندوة التي نظمها منتدى الجوائز العربية ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض شارك فيها إلى جانب رشاد والبدري الروائي الكويتي طالب الرفاعي، وأدارها الروائي السعودي يوسف المحيميد. واتفق المشاركون في الندوة على أن الكتاب العربي كثيرًا ما يُكتب من دون مراعاة القارئ الغربي، وهو ما يؤدي إلى عدم تفاعل الكتابة العربية مع الثقافات المختلفة، فيما أشار طالب الرفاعي إلى أن هناك كُتَّابًا عربًا يكتبون بلغة غير العربية، وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز حضور الأدب العربي في الأوساط العالمية.

وعن علاقة الجوائز العربية بالترجمة، تساءل المشاركون عن أسباب عدم اهتمام دور النشر الغربية بالجوائز العربية، وأكدوا ضرورة أن تكون الجوائز الأدبية معروفة عالميًّا لجذب الناشرين العرب والأجانب على حد سواء، مشيرين إلى أن الجوائز الأدبية العربية غالبًا ما تفتقر إلى الاعتراف الدولي، وهو ما يؤثر سلبًا في إمكانية ترجمة الأعمال الفائزة إلى لغات أخرى.

وتناولت الندوة الصعوبات والمعوقات التي تواجه الكتاب العرب في الوصول إلى القارئ العالمي، فأشار المشاركون إلى أن صورة العرب في الإعلام الغربي غالبًا ما تكون مشوهة، وهو ما يجعل القارئ الغربي يتردد في قراءة الأدب العربي، وتطرقوا إلى قضايا حقوق الملكية الفكرية والقرصنة، حيث يعاني الناشرون العرب صعوبةَ حماية حقوقهم، وهو ما يؤدي إلى تأثير سلبي في صناعة النشر.

من جانبه قال الأمين العام لمنتدى الجوائز العربية الدكتور عبدالعزيز السبيل: «إن منتدى الجوائز العربية كيان ثقافي أسس في عام 2018م، ونحرص دومًا مع هيئة الأدب والنشر والترجمة على أن يكون في كل عام هناك ندوة لمنتدى الجوائز العربية، وفي كل مرة موضوع مختلف يتناسب مع المرحلة التي نحن نعيشها، وموضوع هذا العام يناقش قضية الترجمة التي تعد مسألة مهمة جدًّا، تبحث غياب الكتاب العربي عن اللغات الأخرى هل هو بسبب الترجمة؟ هل هو بسبب أن دور النشر ليست على مستوى من حيث التوزيع؟ هل المادة المترجمة التي قد تصلح للترجمة لثقافة لا تصلح لثقافة أخرى؟ مشددًا على أن هذه القضية التي تهم الكتّاب مكانها الحقيقي للنقاش هو معرض الكتاب».

المنشورات ذات الصلة

لم يتم العثور على نتائج

لم يمكن العثور على الصفحة التي طلبتها. حاول صقل بحثك، أو استعمل شريط التصفح أعلاه للعثور على المقال.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *