كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
«سوق عكاظ» مهرجان يتطلع إلى العالمية
بدا مهرجان سوق عكاظ في أوج نجاحه قبل أن يؤول تنظيمه إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ إذ شهد تطويرًا ملحوظًا منذ انطلاقته قبل أكثر من عقد، الانطلاقة التي صاحبها سجال حول الموقع التاريخي للسوق من ناحية، وسجال آخر مع المحافظين الذين رأوا في إعادة إحياء السوق «عادة جاهلية»، من ناحية أخرى، إلا أن أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنة الإشرافية العليا الأمير خالد الفيصل حسم حينها كل ذلك بترسيخ المهرجان فعالية سنوية، وأتاح له دعمًا كبيرًا حتى تحول إلى مناسبة ثقافية على مستوى المملكة.
على أن بلوغ سوق عكاظ أوجه من النجاح، لم يخلُ في الأعوام الأخيرة، بحسب المثقفين، من تكرار ونمطية وبخاصة في البرنامج الثقافي، حتى كاد المهرجان أن يستهلك نفسه، وهو الأمر الذي دفع بأدباء ومهتمين إلى مناشدة القائمين على المهرجان بضرورة تجديد البرنامج والعناية في اختيار الضيوف والمشاركين في فقراته، إضافة إلى أن الإقبال، تحديدًا على جوائزه الكبرى مثل جائزة شاعر عكاظ كان ضئيلًا لا يتناسب مع أهمية الجائزة من الناحية المعنوية والمادية (300 ألف ريال وبردة موشاة بالذهب)، فكان أن فاز بالجائزة شعراء تتفاوت مستويات أهميتهم من دورة إلى أخرى، وفي بعض الدورات فاز بها شعراء ليسوا على مستوى كبير من الموهبة والنضج الشعري، وعزا مثقفون محدودية الترشح لنيل الجائزة إلى ضعف الدعاية للمهرجان وجوائزه، داعين إلى تشكيل لجان تنشط للوصول بالمهرجان وجوائزه إلى مستويات مرموقة.
إلا أن انتقال المهرجان إلى كنف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بعد صدور الأمر السامي بذلك، جاء في وقته لمعالجة هذه المآخذ التي انتقدها المثقفون؛ إذ قامت الهيئة باقتراح خطوات مهمة للرقي بالمهرجان وجوائزه إلى مستويات مرموقة. وكشفت هذه الخطوات حاجة المهرجان الكبيرة إلى التوسع في برامجه ومشاريعه، فالمهرجان منذ انتقاله إلى الهيئة يشهد عددًا من خطوات التطوير المهمة، وهو تطوير لا تكاد وتيرته تتوقف لتشمل مختلف أوجه المهرجان، وهو ما سيجعله وجهة مهمة تستدرج ليس فقط المثقفين والأدباء والمهتمين بالتراث، إنما أيضًا تسعى إلى استقطاب حضور دولي، استنادًا إلى ما لهذا المهرجان من عراقة تاريخية وعمق حضاري مهيب.
تجتهد الهيئة في أن تأخذ المهرجان إلى مراحل متقدمة، مستفيدة من الدعم الذي يوليه له خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أُعلنتْ موافقته الكريمة على رعاية المهرجان في دورته المقبلة؛ نظرًا لأهميته التاريخية ومكانته السياحية والثقافية والاقتصادية، وأيضًا تفيد الهيئة من الاهتمام غير المحدود من شرائح مختلفة من المجتمع في المملكة، وكذلك من عدد كبير من المؤسسات الرسمية والأهلية التي تشارك في رعاية المهرجان. ويبدو للمتابع لخطوات التطوير التي يشهدها سوق عكاظ هذا العام، الانطلاق من رؤية مدروسة يميزها الطابع المؤسسي، رؤية تنظر إلى المستقبل وما يعد به من تغير في الفضاء العام، الذي يعرض فيه المهرجان جزء حيوي من فعالياته، بقدر ما تعمل على تعميق اللحظة الحاضرة للسوق، في استلهام واعٍ وتوظيف مسؤول لماضيه.
من الخطوات المهمة التي استحدثتها الهيئة، جائزة سوق عكاظ التقديرية للأدب وهي تمنح لشخصية واحدة تعمل في أحد مجالات الأدب بفروعه المختلفة نقدًا وإبداعًا. هذه الجائزة ينظر إليها المثقفون بصفتها تعوض غياب جائزة الدولة التقديرية، ويتوقعون لها نجاحًا واستمرارية، وذلك لحاجة الأدباء إلى جائزة مرموقة مثل هذه. من الجديد أيضًا، مسابقة سوق عكاظ للفلم القصير، التي تستجيب للإقبال الملحوظ على صناعة الأفلام من عدد كبير من الشباب والشابات السعوديين، الذين يشارك بعضهم في مهرجانات سينمائية دولية، ومن المتوقع أن تعمل هذه المسابقة على حَفْز السينمائيين الشباب على تطوير أعمالهم لتخوض غمار المنافسة، وهو ما سيسهم مستقبلًا في صناعة سينمائية في مستوى ما تتطلع إليه السعودية. إضافة إلى 14 جائزة ومسابقة أخرى تبلغ قيمتها 2.500.000 ريال.
ومما أعلنت عنه الهيئة، أن المهرجان سيشهد في دورته المقبلة التي تنطلق في 27 يونيو المقبل وتستمر 17 يومًا، عددًا من المبادرات والمشاريع الجديدة، وكذلك تنظيم أكثر من 150 فعالية. وقد شهد المهرجان في دورته الأولى تحت إدارة الهيئة زيادة في عدد الزوار، تفوق أكثر من 100% عن الدورة العاشرة. وتسعى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من خلال المشاريع التي تتبناها، إلى تطوير وجهة سياحية ثقافية متكاملة، تشكل مصدرًا رئيسًا لجذب السياح من داخل المملكة وخارجها، ومن هذه المشاريع مدينة عكاظ التي تضم مراكز ثقافية ومتاحف ومناطق ترفيهية، ومركزًا للمؤتمرات، وهو ما سيجعل منها منطقة جذب ثقافي للأعمال والترفيه والضيافة على مدار العام، كما تهدف الهيئة إلى تحويل مدينة عكاظ إلى مركز للأعمال في مدينة الطائف الجديدة، وإضافة اختيارات ترفيهية جديدة في الطائف التي تتميز بتاريخ عريق كمصيف تاريخي للمملكة.
رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ الأمير سلطان بن سلمان، أكد في أحاديث صحافية أن مدينة عكاظ الجديدة، سيكون لها الدور الكبير في إعادة إحياء هذا المنتج التاريخي، الذي استمر 250 سنة، وشهد حضور الرسول صلى الله عليه وسلم. ويلفت إلى أنه انطلاقًا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين سيُعلَن عن تطوير كبير لبرنامج السوق، وبخاصة فيما يتعلق بدور سوق عكاظ في بناء اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، «فعندما كان شعب الجزيرة يقرأ ويسمع للمعلقات كان هناك فهم راقٍ للغة، وعندما نزل القرآن الكريم بهذه اللغة كان هناك فهم لمعانيه» وذكر الأمير سلطان أن السعودية اليوم محط لأنظار العالم، وأن فعاليات سوق عكاظ سيشاهدهها أكثر من 25 مليون نسمة، وأن الهيئة امتلكت حقوق البث كاملًا وهو مفتوح لجميع القنوات لإذاعته.
المنشورات ذات الصلة
معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم فعالياته كتب جديدة وندوات وحوارات وورش جذبت جمهورًا واسعًا
قد لا تتوافر أرقام دقيقة حول الأعداد الكبيرة التي ترددت على معرض الرياض الدولي للكتاب، ولا ما أنفقته هذه الأعداد من...
«زرقاء اليمامة» أوبرا تراجيدية… تنتصر للمرأة وتنفتح على المستقبل
لحظة بدت شديدة الطموح إلى مخاطبة العالم عبر أوبرا سعودية، تأخذ بأهم ما في الأوبرا العالمية من سمات جمالية ومواصفات...
“لقاء مارس 02: تواشجات” دعوة إلى إعادة تصور مستقبل أكثر شمولًا وإنصافًا
فيما يشبه الالتزام الأخلاقي والجمالي، تبنى لقاء مارس السنوي، الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، في دورته الجديدة التي...
0 تعليق