المقالات الأخيرة

صناعة النخب

صناعة النخب

لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير والاستنارة، فئة موجودة في كل المجتمعات والثقافات، ومتجذرة في تاريخ الشعوب والحضارات منذ القدم، وهي مطلب قائم ودائم ومتجدد، وصناعة ضرورية لكل مجتمع ولكل...

جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو

جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو

كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...

اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل

اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل

في 26 أكتوبر 1931م، كتب الفيزيائي والرياضي إدموند ت. ويتاكر، الأستاذ في جامعة إدنبرة، لابنه انطباعاته عن كتاب برتراند راسل الأخير «النظرة العلمية». نقتبس منها ما يلي: «يبدو الآن أنه بدأ يخشى من «المنظمة العلمية للإنسانية» (نوع من الدولة البلشفية بقيادة جي جي [طومسون]...

رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم

رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم

يلاحظ المهتم بالأدب الروسي أن معظم الكتّاب الروس الكبار خاضوا في ميدان الكتابة للأطفال، بدءًا من شيخ كتّاب روسيا ليف تولستوي، الذي أغنى مكتبة الأطفال وقدم كتبًا لمختلف الأعمار، هي عبارة عن حكايات شعبية وقصص علمت الحب، واللطف، والشجاعة والعدالة. نذكر منها «الدببة...

الأدب والفلسفة

الأدب والفلسفة

هناك طريقتان للتعامل مع مشكل علاقة الفلسفة بالأدب: الطريقة الأولى، طبيعية تمامًا، وتتمثل في البحث عن الدروس الأخلاقية التي يقدمها الأدب من خلال الشعر والرواية مثلًا، وذلك ما قام به أندريه ستانغوينيك في كتابه «La Morale des Lettres» (أخلاق الحروف)، وأيضًا مارثا...

وسائل التواصل الاجتماعي تلغي نخبوية الأدب وتصنع نجومية الشباب

بواسطة | مارس 16, 2016 | إعلام

نداء-ابوعليتهافت‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ،‭ ‬خصوصًا‭ ‬فئة‭ ‬الشباب،‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬المعلومة‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت،‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مواراة،‭ ‬بل‭ ‬تخطَّى‭ ‬ذلك‭ ‬لِينالَ‭ ‬من‭ ‬وهج‭ ‬الصحف‭ ‬والكتب‭ ‬الورقية،‭ ‬ويخفّف‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬دورها‭ ‬تدريجيًّا‭ ‬لمصلحة‭ ‬النشر‭ ‬الإلكترونيّ‭.‬ باتت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ؛‭ ‬مثل‭:‬ «تويتر»،‭ ‬و«فيسبوك»،‭ ‬والمدوّنات‭ ‬الشخصية،‭ ‬منفذًا‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬بصورة‭ ‬مختصرة،‭ ‬تأسر‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الإسهاب‭ ‬في‭ ‬الوصف،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينزح‭ ‬إليه‭ ‬قُرَّاء‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬من‭ ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬الاختصار،‭ ‬والأسلوب‭ ‬السلس‭ ‬اللافت‭ ‬للانتباه؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الكاتب‭ ‬التقليديّ،‭ ‬ويبعده‭ ‬بمساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬عن‭ ‬القارئ‭ ‬الحديث؛‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬الانغمار‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الجديد،‭ ‬وتأليف‭ ‬الكتب‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬ذلك؛‭ ‬مثل‭ ‬كِتاب‭ ‬الكاتب‭ ‬والصحافي‭ ‬السعوديّ‭ ‬عبدالله‭ ‬المغلوث‭ ‬«تغريد‭ ‬في‭ ‬السعادة‭ ‬والتفاؤل‭ ‬والأمل»‭ ‬الذي‭ ‬وصف‭ ‬فيه‭ ‬استخدامه‭ ‬التغريدات‭ ‬بوصفها‭ ‬بذورًا‭ ‬لمقالات‭ ‬مطولة،‭ ‬حين‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬إحباط‭ ‬وعجز‭ ‬عن‭ ‬الكتابة‭ ‬بأنواعها‭.‬

فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬التقليدية‭ ‬تواجه‭ ‬حاليًا‭ ‬سرقة‭ ‬لمكانتها‭ ‬بوساطة‭ ‬ثورة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ،‭ ‬التي‭ ‬تتَّجه‭ ‬صوب‭ ‬الاختصار‭ ‬التدريجيّ،‭ ‬والابتعاد‭ ‬من‭ ‬الورقيّ،‭ ‬فإن‭ ‬ثورة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬أعطتْ‭ ‬فرصة‭ ‬أكبر‭ ‬لظهور‭ ‬الكُتَّاب‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الجماهيرية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬امتلاكهم (‬الكاريزما)‬، ‬والأدوات‭ ‬المناسبة‭ ‬لخوض‭ ‬التجربة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬بالثقافة‭ ‬العنكبوتية،‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬تسويق‭ ‬أعمالهم،‭ ‬والتواصل‭ ‬المباشر‭ ‬والسريع‭ ‬مع‭ ‬القُراء‭. ‬

عالَم‭ ‬المدوَّنات‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬التجارب‭ ‬الشخصية

التدوين‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربيّ‭ ‬عام ‭‬2004م،‭ ‬واشتعل‭ ‬لهيبه‭ ‬ليصبح‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الشعبيّ،‭ ‬الذي‭ ‬يكتسب‭ ‬بوساطته‭ ‬أشخاص‭ ‬عاديّون،‭ ‬وجدوا‭ ‬مساحة‭ ‬للتنفيس‭ ‬والبوح‭ ‬بالقلق‭ ‬الحياتي،‭ ‬نجوميةً‭ ‬فاقت‭ ‬تصوُّرهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العهد،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬المدونات‭ ‬التي‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬الإقبال‭ ‬عليها‭ ‬قدرًا‭ ‬استحالت‭ ‬بوساطته‭ ‬إلى‭ ‬كُتُب‭ ‬جرى‭ ‬نشرُها،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬عام ‭‬2008م‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثلاث‭ ‬مدونات‭ ‬لشابات‭ ‬مصريات؛‭ ‬أولهن‭ ‬غادة‭ ‬عبدالعال‭ ‬في‭ ‬مدونتها‭ ‬التي‭ ‬استحالت‭ ‬إلى‭ ‬رواية‭ ‬«عايزة‭ ‬أتجوز»‭ ‬التي‭ ‬باحت‭ ‬فيها‭ ‬بأسلوب‭ ‬ساخر‭ ‬ذكي‭ ‬بهموم‭ ‬الشابة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتزوج‭ ‬بعد،‭ ‬ومحاولتها‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬مجتمع‭ ‬محافظ‭ ‬يقدّس‭ ‬الارتباط‭ ‬ويبحث‭ ‬عنه؛‭ ‬وقد‭ ‬دفع‭ ‬الإقبال‭ ‬الجماهيريّ‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬تحولها‭ ‬لمسلسل‭ ‬تلفزيونيّ‭ ‬مشهور،‭ ‬ونشرتْ‭ ‬غادة‭ ‬محمد‭ ‬محمود‭ ‬كتابها‭ ‬بعنوان‭ ‬«أما‭ ‬هذه‭ ‬فرقصتي‭ ‬أنا»‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬مقتصرًا‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬مدونة‭ ‬إلكترونية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مدوَّنة‭ ‬رحاب‭ ‬بسام‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬كتاب‭ ‬«أرز‭ ‬باللبن‭ ‬لشخصين»،‭ ‬وتفاوتت‭ ‬المدونات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬وصف‭ ‬لأحداث‭ ‬شخصية‭ ‬ومواقف‭ ‬حياتية‭ ‬يومية،‭ ‬وقصص‭ ‬قصيرة‭ ‬بأسلوب‭ ‬يجذب‭ ‬الانتباه؛‭ ‬إذ‭ ‬وجد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكترونيّ‭ ‬متنفسًا‭ ‬وهوسًا‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬الحريصين‭ ‬على‭ ‬موضوعات‭ ‬خاصة؛‭ ‬ليظهر‭ ‬ذلك‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬شخصنة‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬لأشخاص‭ ‬اعتياديين‭ ‬مغمورين‭.‬

ذلك‭ ‬الميل‭ ‬نحو‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬التجارب‭ ‬الشخصية‭ ‬يغلب‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬لفئة‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬لاقوا‭ ‬إقبالًا‭ ‬جماهيريًّا‭ ‬صاخبًا؛‭ ‬مثل‭:‬ كتاب‭ ‬«حكايا‭ ‬سعودي‭ ‬في‭ ‬أوروبا»‭ ‬للكاتب‭ ‬عبدالله‭ ‬الجمعة،‭ ‬الذي‭ ‬يُعدّ‭ ‬رصدًا‭ ‬لرحلاته‭ ‬في‭ ‬عدّة‭ ‬دول‭ ‬أوربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إحدى‭ ‬عشرة‭ ‬قصة،‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬إرباك‭ ‬بسبب‭ ‬تزاحم‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬حفلة‭ ‬توقيعه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬دورات‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬بالرياض‭.‬ ويظهر‭ ‬التأثر‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬تقنيات‭ ‬خاصة؛‭ ‬مثل‭ ‬رواية «‬‭#‬إنستا‭_‬حياة»‭ ‬للكاتب‭ ‬المصريّ‭ ‬محمد‭ ‬صادق،‭ ‬الذي‭ ‬تطرَّق‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬اكتشاف‭ ‬أسباب‭ ‬عشرة‭ ‬للحياة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استفتاء‭ ‬في‭ ‬فيس‭ ‬بوك،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تشتّت‭ ‬الحبكة،‭ ‬والابتعاد‭ ‬من‭ ‬النسق‭ ‬التقليديّ‭ ‬للرواية‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتحفظ‭ ‬عليه‭ ‬النقّاد،‭ ‬فإن‭ ‬العمل‭ ‬الروائيّ‭ ‬شهد‭ ‬إقبالًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬على‭ ‬نسق‭ ‬الرواية‭ ‬السابقة‭ ‬لمحمد‭ ‬صادق‭ ‬«هيبتا»‭ ‬التي‭ ‬ستتحول‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬سينمائيّ‭ ‬بإقبال‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬المشهورين؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬نهج‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية،‭ ‬واختلاف‭ ‬نوعيتها،‭ ‬واختفاء‭ ‬تلك‭ ‬الانتقائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لمصلحة‭ ‬الإقبال‭ ‬والتعمق‭ ‬المبالغ‭ ‬فيهما‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ‭ ‬والتقنيات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تسويق‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال،‭ ‬لكنها‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية،‭ ‬أو‭ ‬تغير‭ ‬نمطها؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يوسع‭ ‬من‭ ‬الشريحة‭ ‬المستهدفة‭ ‬لتشمل‭ ‬فئة‭ ‬القراء‭ ‬العاديين،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مَن‭ ‬لم‭ ‬يحبذ‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬ممن‭ ‬تجذبه‭ ‬الموضوعات‭ ‬الشيقة‭ ‬والأسلوب‭ ‬المبسط،‭ ‬بعيدًا‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬النخبوية‭ ‬وطبقة‭ ‬المثقفين‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬

hand

التنميق‭ ‬اللغويّ‭ ‬واستخدام‭ ‬العامية‭ ‬

يلاحظ‭ ‬وجود‭ ‬موجة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬إغفال‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬لاستخدام‭ ‬اللغة‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية،‭ ‬والابتعاد‭ ‬من‭ ‬التقيد‭ ‬باللغة‭ ‬الفصحى‭ ‬والعبارات‭ ‬المتكلفة‭ ‬لغويًّا،‭ ‬والميل‭ ‬إلى‭ ‬اللهجات‭ ‬المحكية‭ ‬والعامية‭ ‬وإضافة‭ ‬كلمات‭ ‬إنجليزية؛‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬أدبية‭ ‬كثيرة‭ ‬لاقت‭ ‬رواجًا‭ ‬لأحمد‭ ‬مراد،‭ ‬ومحمد‭ ‬صادق،‭ ‬ورواية‭ ‬«بنات‭ ‬الرياض»‭ ‬للسعودية‭ ‬رجاء‭ ‬الصانع؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬مخالفًا‭ ‬التيار‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحبّذ‭ ‬تبسيط‭ ‬اللغة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬تسطيحها،‭ ‬أو‭ ‬تجسيد‭ ‬اللهجات‭ ‬الشبابية‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬خليطًا‭ ‬من‭ ‬عبارات‭ ‬جديدة،‭ ‬تمزج‭ ‬لغات‭ ‬ولهجات‭ ‬مختلفة‭.‬ هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬وإن‭ ‬أبعدت‭ ‬منها‭ ‬النُّقاد‭ ‬والقُراء‭ ‬التقليديين‭ ‬فإنها‭ ‬استقطبت‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬القُراء‭ ‬وبخاصة‭ ‬الشباب،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬تقارب‭ ‬فكريّ‭ ‬وإدراكيّ‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كيفية‭ ‬استخدام‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة؛‭ ‬مما‭ ‬يزيل‭ ‬تلك‭ ‬الفجوة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بين‭ ‬الكاتب‭ ‬والقارئ‭.‬ غابت‭ ‬الرهبة‭ ‬والافتتان‭ ‬بالكاتب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعتلي‭ ‬البرج‭ ‬العاجي،‭ ‬لينزل‭ ‬إلى‭ ‬الساحة،‭ ‬ويختلط‭ ‬بمن‭ ‬يشبهه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وقلَّت‭ ‬الأعمال‭ ‬الشبابية‭ ‬التي‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬الركون‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬المكثَّفة‭ ‬عاطفيًّا،‭ ‬كما‭ ‬يلاحظ‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الروائي‭ ‬السعوديّ‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬علوان،‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬في‭ ‬كتابته‭ ‬الشاعرية‭ ‬لغةً‭ ‬ومضمونًا‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬روايتيه‭:‬ «سقف‭ ‬الكفاية»،‭ ‬و«صوفيا»‭.‬

qdsكُتاب‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد

والترشح‭ ‬للجوائز‭ ‬

الإقبال‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬يدعمها‭ ‬التسويق‭ ‬الإلكترونيّ،‭ ‬أو‭ ‬الحضور‭ ‬والانغمار‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعيّ‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬أو‭ ‬الفئة‭ ‬الأكثر‭ ‬شعبية،‭ ‬إنما‭ ‬وصل‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬الشبابية‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬ترشح‭ ‬فيه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬الشباب‭ ‬لجائزة‭ ‬البوكر‭ ‬للرواية،‭ ‬ويظهر‭ ‬فوز‭ ‬الروائي‭ ‬الكويتيّ‭ ‬الشاب‭ ‬سعود‭ ‬السنعوسي‭ ‬بجائزة‭ ‬البوكر‭ ‬عن‭ ‬روايته‭ ‬«ساق‭ ‬البامبو»‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الهرم،‭ ‬بفكرته‭ ‬المتجددة‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬حبك‭ ‬رواية‭ ‬تشويقية‭ ‬متعمقة،‭ ‬وترشحت‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى‭ ‬لروائيين‭ ‬شباب؛‭ ‬مثل‭ ‬الروائية‭ ‬السورية‭ ‬لينا‭ ‬هويان‭ ‬الحسن‭ ‬عن‭ ‬روايتها‭ ‬«ألماس‭ ‬ونساء»،‭ ‬والروائي‭ ‬السعوديّ‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬علوان‭ ‬عن‭ ‬روايته‭ ‬«القندس»،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬يحمل‭ ‬قبسًا‭ ‬من‭ ‬التميّز‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬الإشادة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الفكرة‭ ‬أو‭ ‬النسق‭ ‬الأدبيّ‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬المرشحين‭ ‬يبتعد‭ ‬من‭ ‬الأسلوب‭ ‬التقليديّ‭ ‬لطرح‭ ‬الرواية،‭ ‬واللغة‭ ‬المستخدمة،‭ ‬ويستحيل‭ ‬أن‭ ‬يتوقع‭ ‬ترشحه‭ ‬لجائزة‭ ‬عالمية،‭ ‬فرواية‭ ‬«الفيل‭ ‬الأزرق»‭ ‬للروائي‭ ‬أحمد‭ ‬مراد‭ ‬ترشحت‭ ‬في‭ ‬القائمة‭ ‬القصيرة‭ ‬من‭ ‬جائزة‭ ‬البوكر‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الإقبال‭ ‬الجماهيري‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬استقطبه‭ ‬ميل‭ ‬العمل‭ ‬الروائيّ‭ ‬إلى‭ ‬أسلوب‭ ‬تشويق‭ ‬ومتانة‭ ‬النص‭ ‬والفكرة‭ ‬الغرائبية،‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬معايير‭ ‬دفعت‭ ‬بالرواية‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬فلم‭ ‬سينمائيّ‭ ‬يستحق‭ ‬الإشادة،‭ ‬فإن‭ ‬الرواية‭ ‬لم‭ ‬تتضمن‭ ‬المعايير‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬اختيارها‭ ‬لتلك‭ ‬الجائزة،‭ ‬فحتى‭ ‬اللغة‭ ‬المستخدمة‭ ‬تفاوتت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامية‭ ‬شديدة‭ ‬تخالطها‭ ‬عبارات‭ ‬إنجليزية،‭ ‬بعيدة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الأسلوب‭ ‬البديع‭ ‬للحوار‭ ‬والسرد‭ ‬المتوقع‭ ‬من‭ ‬رواية‭ ‬مرشحة‭ ‬لجائزة‭ ‬عالمية‭.‬

لا‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬النضج‭ ‬الثقافيّ

يظهر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تمرُّد‭ ‬على‭ ‬التصوُّر‭ ‬التقليديّ‭ ‬الذي‭ ‬ينحو‭ ‬إلى‭ ‬اقتصار‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬النضج‭ ‬الثقافيّ‭ ‬أو‭ ‬السن‭ ‬المتقدّمة،‭ ‬أو‭ ‬النظرة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬التحفظ‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬وعدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬المستور‭ ‬أو‭ ‬انتقاد‭ ‬الواقع‭ ‬المعيش،‭ ‬وظهرت‭ ‬منذ‭ ‬عام ‭‬2005م‭ ‬أعمال‭ ‬روائية‭ ‬تسعى‭ ‬للتمرّد‭ ‬على‭ ‬التقاليد‭ ‬بجرأة‭ ‬كهدف‭ ‬أوحد،‭ ‬وتتناول‭ ‬قضايا‭ ‬تتطرق‭ ‬إلى‭ ‬التابوهات‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منها‭ ‬للتمرد‭ ‬على‭ ‬التقاليد‭ ‬المفروضة‭.‬ أعمال‭ ‬أدبية‭ ‬كثيرة‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المدة؛‭ ‬مثل‭:‬ رواية‭ ‬إبراهيم‭ ‬بادي‭ ‬«حب‭ ‬في‭ ‬السعودية»‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬العاطفية‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬محافظ،‭ ‬ورواية‭ ‬«القران‭ ‬المقدس»‭ ‬لطيف‭ ‬الحلَّاج‭ ‬وهي‭ ‬كاتبة‭ ‬سعودية‭ ‬تحفَّظتْ‭ ‬عن‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬اسمها‭ ‬كما‭ ‬تحفظت‭ ‬دور‭ ‬نشر‭ ‬عدة‭ ‬عن‭ ‬طباعة‭ ‬روايتها؛‭ ‬بسبب‭ ‬جرأتها،‭ ‬وظهرت‭ ‬رواية‭ ‬«الآخرون»‭ ‬للسعودية‭ ‬صبا‭ ‬الحرز‭ ‬في‭ ‬المدة‭ ‬نفسها؛‭ ‬لتتطرق‭ ‬إلى‭ ‬الميول‭ ‬الجسدية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحافظة،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬المحاولات‭ ‬للتمرد‭ ‬على‭ ‬التقاليد‭ ‬خفَّ‭ ‬وهجها،‭ ‬وبات‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬موضوعات‭ ‬أخرى‭ ‬أكثر‭ ‬توازنًا‭.‬

الأزمة‭ ‬الوجودية‭ ‬والعلاقة‭ ‬مع‭ ‬الآخر

sn1من‭ ‬الصعب‭ ‬حصر‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حقبة،‭ ‬لكن‭ ‬يلاحظ‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الابتعاد‭ ‬من‭ ‬النمط‭ ‬الذي‭ ‬سار‭ ‬عليه‭ ‬الكُتاب؛‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬التسعينيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬امتدادًا‭ ‬لذلك‭ ‬التأثر‭ ‬بالقومية‭ ‬والبعثية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك؛‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تعدّ‭ ‬حاليًا‭ ‬من‭ ‬كلاسيكيات‭ ‬عهد‭ ‬مضى؛‭ ‬مثل‭:‬ رواية‭ ‬«شقة‭ ‬الحرية»‭ ‬للمبدع‭ ‬الراحل‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي،‭ ‬وثلاثية‭ ‬تركي‭ ‬الحمد،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انشغال‭ ‬كُتاب‭ ‬وروائيين‭ ‬بالهمّ‭ ‬السياسيّ،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الثورات‭ ‬العربية،‭ ‬فإنه‭ ‬يلحظ‭ ‬تركيز‭ ‬الروائيين‭ ‬الشباب‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الموضوعات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬تعالج‭ ‬الأزمة‭ ‬النفسية،‭ ‬مما‭ ‬يلقى‭ ‬إقبالًا‭ ‬جماهيريًّا،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تظهر‭ ‬الاهتمامات‭ ‬الفعلية‭ ‬بهم‭. ‬صار‭ ‬الهمُّ‭ ‬الأدبيّ‭ ‬ذاتيًّا،‭ ‬يتعمق‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الأزمة‭ ‬الوجودية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الآخر؛‭ ‬ففي‭ ‬رواية‭ ‬«ساق‭ ‬البامبو»،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬التمثيل،‭ ‬للروائيّ‭ ‬سعود‭ ‬السنعوسي،‭ ‬تظهر‭ ‬أزمة‭ ‬الهُوِيَّة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معاناة‭ ‬خوزيه‭ ‬الابن‭ ‬الكويتي‭ ‬لأم‭ ‬فلبينية،‭ ‬ويشاركه‭ ‬الروائيّ‭ ‬الشاب‭ ‬الإريتري‭ ‬حجي‭ ‬جابر‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬«سمراويت»‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬الهوية،‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬تتنقل‭ ‬أحداث‭ ‬روايته‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬جدة‭ ‬وأسمرا‭. ‬

أمَّا‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬العنصر‭ ‬الأنثويّ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الكتابة،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬مناسبة‭ ‬تصنيف‭ ‬الروايات‭ ‬عامةً‭ ‬إلى‭ ‬أنثوية‭ ‬وأخرى‭ ‬ذكورية،‭ ‬فإن‭  ‬طريقة‭ ‬التعامل‭ ‬المختلفة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية؛‭ ‬دفعت‭ ‬المرأة‭ ‬الكاتبة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬حالة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منها‭ ‬لمعالجة‭ ‬أزمة‭ ‬إثبات‭ ‬الذات،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحايين‭ ‬محاولة‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوريّ،‭ ‬إما‭ ‬عبر‭ ‬تجريم‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬تهميشه‭.‬ لم‭ ‬يتغير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬تقنيات‭ ‬الكتابة‭ ‬وزيادة‭ ‬سقف‭ ‬الحرية‭ ‬لدى‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬العربيّ،‭ ‬إذ‭ ‬تظهر‭ ‬أعمال‭ ‬مثل‭ ‬رواية‭ ‬لينا‭ ‬هويان‭ ‬الحسن‭ ‬األماس‭ ‬ونساءب‭ ‬عام ‭‬2014م‭ ‬لتنفض‭ ‬فكرة‭ ‬الموضوعات‭ ‬التقليدية،‭ ‬فتعالج‭ ‬قضية‭ ‬المهجر‭ ‬اللبنانيّ‭ ‬والسوريّ‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وقد‭ ‬ترشحت‭ ‬الرواية‭ ‬لجائزة‭ ‬البوكر،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬عبر‭ ‬شخصيات‭ ‬أنثوية‭ ‬متعددة‭ ‬تحاول‭ ‬التخلّص‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬رجال‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬المرأة‭ ‬المنصاعة،‭ ‬سعيًا‭ ‬لرفض‭ ‬القيود‭ ‬والتحفظ‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬النسائيّ؛‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬تختلف‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬أنثوية‭ ‬ظهرتْ‭ ‬من‭ ‬قبلُ؛‭ ‬مثل‭:‬ رواية‭ ‬«وجهة‭ ‬البوصلة»‭ ‬لنورة‭ ‬الغامدي‭ ‬عام ‭‬2002م،‭ ‬و«الفردوس‭ ‬اليباب»‭ ‬لليلى‭ ‬الجهني‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عام ‭‬1996م،‭ ‬روايتان‭ ‬ترفلان‭ ‬في‭ ‬إبداع‭ ‬وصفي،‭ ‬وكثافة‭ ‬لغوية،‭ ‬وتتعمق‭ ‬في‭ ‬تجريم‭ ‬الرجل‭.‬

أزمة‭ ‬غياب‭ ‬النقد‭ ‬الأدبيّ‭ ‬

لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الجزم‭ ‬بأن‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عمَّقت‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬غياب‭ ‬النقد،‭ ‬واضمحلال‭ ‬القراءات‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬روايات‭ ‬محدَّدة‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬يجري‭ ‬تغييب‭ ‬أعمال‭ ‬أخرى؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعُدْ‭ ‬يكترث‭ ‬له‭ ‬كلٌّ‭ ‬من‭ ‬القارئ‭ ‬والكاتب،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬إثبات‭ ‬الوجود‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬حشد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القُراء‭ ‬والمتابعين،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬شغف‭ ‬الكُتاب‭ ‬الشباب‭ ‬ينصبّ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التكيُّف‭ ‬مع‭ ‬التطوُّرات‭ ‬التقنية؛‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اختلاط‭ ‬الكتب‭ ‬القيّمة‭ ‬بأخرى‭ ‬أكثر‭ ‬شهرةً‭ ‬لكنها‭ ‬أضعف‭ ‬قيمة‭ ‬أدبية،‭ ‬كلُّ‭ ‬ذلك‭ ‬يصبُّ‭ ‬في‭ ‬بوتقة‭ ‬التشكك‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬والروائية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربيّ،‭ ‬فمع‭ ‬الثقافة‭ ‬المختصرة‭ ‬للوقت‭ ‬والكلمات،‭ ‬تظهر‭ ‬إشكالية‭ ‬قابلية‭ ‬انقراض‭ ‬الأعمال‭ ‬الثقافية‭ ‬القيّمة،‭ ‬والإقبال‭ ‬على‭ ‬الأبسط‭ ‬والأسرع‭.‬

المنشورات ذات الصلة

البحث عن ريبورتاج شخصي ريتشارد كابوشنسكي: عملي ليس مهنة، إنه مهمة وأكثر من مجرد صحافة

البحث عن ريبورتاج شخصي

ريتشارد كابوشنسكي: عملي ليس مهنة، إنه مهمة وأكثر من مجرد صحافة

ريتشارد كابوشنسكي صحفي بولندي، صُوِّتَ له كأعظم صحفي في القرن العشرين بعد حياة مهنية لا مثيل لها. حوَّل البرقيات...

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *