على الرغم من قِدم الحضور العربي في الحركة النسائية العالمية ونظرياتها الفكرية والاجتماعية والسياسية الذي يؤرخ له بمشاركة المصرية هدى شعراوي في المؤتمر النسائي الدولي الأول بمدينة روما الذي عقد في عام 1923م، فإن المجتمعات العربية ظلت بعيدة من تغلغل الفكر النسوي فيها، وما زال بعضها يجاهد من أجل أن تحصل المرأة على أبسط حقوقها.
جاءت مجهودات النظرية النسوية على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأدبية والفنية لتناهض التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الجنس/ النوع، وتدفع بالمرأة لنيل كامل حقوقها في مختلف المجتمعات، وعدم التقليل من شأن قضاياها وأطروحاتها الفكرية. ونهضت جمعيات ومؤسسات لدعم الفكر النسوي وحقوق المرأة، ونشأت حركات محلية متوافقة مع أفكار النظرية النسوية، كما نشأت أفكار توفيقية بين ما طرحته هذه النظرية برؤاها الإنسانية العامة وما طرحته الأديان السماوية.
ورافق كلَّ ذلك تأملٌ نظريٌّ ومفاهيميّ في «النسوية»، كمصطلح يبدو ملتبسًا تارةً وغامضًا تارةً أخرى، فهو في رأي عدد من الباحثين منتَج غربي لم يتغلغل بعد في نسيج الاهتمامات العربية، ومن ثم يوجد تخوف منه وشكوك حياله. في حين يؤكد عدد آخر من الباحثات والباحثين أن النسوية فلسفة تغيير في الرؤية للعالَم وللذات، أي أن هناك ثقافيًّا ما هو أبعد من المساواة بوصفها لبّ الأطروحة النسوية.
في هذا الملف، الذي يشارك فيه عدد من الكُتاب والكاتبات، تسعى «الفيصل» إلى التعرف على ملامح الخطاب النسوي العربي، وما الأفق الذي يتغياه، وما التحديات التي تواجه رموزه والمشتغلين فيه؟ إضافة إلى محاولة معرفة الأسباب التي تحول دون تحقق مبادئ النظرية النسوية في كثير من المجتمعات العربية. كما نقرأ شهادات ومواد تتأمل تجلِّي النسوي في الرواية وفي السينما وفي الدرس النقدي والنص الفكري، وكذلك مواجهة الأسئلة التي تثار حول المصطلح نفسه، ومساءلة للوعي النسوي وتشظياته.
0 تعليق