كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
الصراع العربي حول العلمانية بين الدولة والدين
تبرز في النقاشات حول الدولة العربية مفردتا «العلمانية والدين» وبقدر ما تمثلان إحدى الثنائيات التي طبعت المشهد الفكري والفكري السياسي عقودًا طويلة، ظل دور الدين في الدولة قضية جوهرية لم تحسم، ولعل من أسباب الارتباك والضبابية في السجالات الدينية والسياسية أنها سريعًا ما تنزلق لسوء فهم يتحول إلى حملة تشويه غير مسبوقة، لكن القضية لا تلبث أن تتعاظم ويزداد الاهتمام بها والدفع بها إلى واجهة السجال عند كل منعطف أو مأزق تاريخي يعيشه العرب.
لم تعد العلمانية طرفًا في ثنائية فكرية مكانها الكتب والأبحاث وقاعات الندوات، إنما صار يقدمها عدد كبير من المفكرين بوصفها علاجًا لأزمات الدولة العربية، وحاجة مجتمعية باتت ملحّة أكثر من أي وقت مضى، إذا ما رام العرب العيش في كنف دولة مدنية بعيدًا من الاحتراب الطائفي والعنف المذهبي والعنصرية الاجتماعية، على خلفية التنوع الإثني والديني الهائل في المنطقة العربية.
واللافت أن من المفكرين والباحثين من يرى وجود أساسات للعلمانية في الإسلام والتراث القديم، ويؤكد أن هناك «علمانيات» وليست «علمانية» واحدة، وأنه يمكن الأخذ بإحداها وتكييفها مع احتياجات العربي المسلم، وذلك على النقيض من رؤية مقابلة، لها جمهورها الواسع، ترى في العلمانية خطرًا وتغريبًا، وترى أن قسر المجتمع المتدين على أنظمة مدنية هو تضييع لهوية الأمة.
في اللحظة الراهنة التي يميزها الدم نرى انحسارًا لكل الأيديولوجيات في العالم العربي، في مقابل صعود الإسلام السياسي، وما يتبعه من تصاعد لدور الخطب والفتاوى في الحياة السياسية، وما يرافقه من أدوار عسكرية وثورية وانتخابية لأحزاب وميليشيات يعتمد معظمها على الخطاب الديني، فهل يستمر تديين السياسة والمجتمع في الحياة العربية؟ ما أضرار لعبة الدين والسياسة على مجتمعات مليئة بالطوائف والأقليات الدينية؟ هل أخفقت فعلًا كل العقائد السياسية أم أنها لم تختبر حقًّا؟ أين ذهبت العقائد السياسية المختلفة يمينًا ويسارًا قومية وليبرالية، وكيف اختفت تمامًا من الساحة لصالح الإسلاميين؟
هل الدين هو الحل لمجتمعات ثقافتها دينية؟ وكيف ينظر المفكرون إلى هذا الواقع الذي وصلت له الحياة السياسية والفكرية العربية بعد عقود من التجديف في المعسكرات الشرقية والغربية، والرهان على المدارس الفلسفية المستوردة؟
استفهامات كثيرة تطرحها «الفيصل» على نخبة من المفكرين والباحثين العرب، في ملف يتفاعل مع أكثر القضايا إلحاحًا في الراهن العربي.
المنشورات ذات الصلة
صناعة النخب في الوطن العربي
صورة النخب وجدل الأدوار محمد شوقي الزين - باحث جزائري مثل المنطوق الأوربي (elite)، تنطوي مفردة «النخبة» في اللسان...
الإبل في الثقافات: شراكة في الحضارة قفْ بالمطايا، وشمِّرْ من أزمَّتها باللهِ بالوجدِ بالتبريحِ يا حادي
آفاق السنام الواحد عهود منصور حجازي - ناقدة سينمائية منذ فجر التاريخ، كان إدراك الإنسان لتقاسمه الأرض مع كائنات أخرى،...
تجليات الفن في العمارة… رحلة بصرية عبر الزمن
العمارة والفنون البصرية علاقة تكافلية مدهشة علاء حليفي - كاتب ومعماري مغربي منذ فجر الحضارة حتى يومنا الحالي، لطالما...
0 تعليق