لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير والاستنارة، فئة موجودة في كل المجتمعات والثقافات، ومتجذرة في تاريخ الشعوب والحضارات منذ القدم، وهي مطلب قائم ودائم ومتجدد، وصناعة ضرورية لكل مجتمع ولكل...
المقالات الأخيرة
ضياء العزاوي: في بداية السبعينيات ضاقت بغداد بنا لنجد في بيروت والكويت مختبرًا للمواجهة مع الآخرين – خضير الزيدي
ضياء العزاوي، فنان تشكيلي ينتمي إلى الجيل الستيني في العراق، حقق منذ ذلك التاريخ حتى هذه اللحظة قدرًا كبيرًا من الأهمية الفنية، من خلال تقنياته في الرسم والنحت، وإنجاز المدونات التي تخص الشعر بصياغات جمالية تعبيرية، وأيضًا من خلال طروحاته المعرفية. اختار مؤخرًا أهم متاحف قطر الفنية لينظم معرضه الاستعادي الذي تضمن أكثر من خمس مئة وأربعين عملًا متنوعًا، في احتفال كبير جمع الفنانين من أقطاب شتى. عن أهمية معرضه الأخير ودخوله معترك الجماعات الفنية في حقبة الستينيات، وثراء تجربته وتنوعها عبر طرائق متعددة، كان لـ«الفيصل» حوار مع ضياء عزاوي، الذي يوضح للقارئ علاقته بالفن وأسباب تمسكه به، بعد أن تجاوز السبعين عامًا ليكون نموذجًا حيًّا للفنان الملتزم بخطاب الجمال والفكر والثراء الإنساني.
● بعد كل هذه السنوات من العطاء الإنساني الملتزم بقضية الفن ورسالته الجمالية، ما الذي سيضيفه المعرض الاستعادي لك، في ظل متغيرات فهم اللوحة وتقنيات العمل وطريقة التفكير حيال الفن المعاصر؟
■ لا يضيف لي شيئًا على الصعيد العملي، غير إتاحة الفرصة لي أو للباحثين والمعنيين بتجربة الفن العراقي وعلاقتها بالمتغيرات عبر تجاربي المختلفة. إن مشاهدة الأعمال عن قرب ببعدها التاريخي المختلف إلى جانب العديد من الأعمال التي تعرض لأول مرة رغم إنتاجها منذ سنوات طويلة قد توفر فرصة لفحص السياقات الأساسية لعملية الإنتاج عبر وسائط متنوعة ومختلفة. بانوراما خمسين عامًا من الأعمال لا بد أن تعكس طرق الاشتغال الداخلي للعمل ومدى تبدل تناوباته روحيًّا رغم تنوع المادة التي في الغالب تتحكم بالصيغة النهائية لعملية الإنتاج. من هنا يوفر المعرض الاستعادي نوعًا من المراجعة الداخلية لمدى التداخل الكلي بين تلك الاختيارات التي واجهتها لإجراء تبدلات أسلوبية وعلاقة ذلك بالحاجة الحقيقية لتلك التبدلات.
● أتساءل عن أهمية فكرتك الفنية التي وقفت متوسطًا فيها بين الاهتمام بالتراث والدعوة للمعاصرة، لتنتج خطابًا فنيًّا يلتزم الأمرين، ويحافظ على وحداته الفنية ومرجعيته الفكرية؟
■ لا بد أنك تعرف أنني من جيل أخذته الهوية بكل قدسيتها عبر إنجازات جيل الرواد وبالذات جماعة بغداد، إنجازات لم تختبر فعليًّا على الصعيد العربي إلا بداية السبعينيات، وقد تأخرت كثيرًا على الصعيد العالمي. ومع التحولات التي أوجدتها ظروف الانفتاح السياسي والاجتماعي بداية السبعينيات، ضاقت بغداد بنا لنجد في صالات بيروت ثم الكويت مختبرًا للمواجهة الفعلية مع الآخرين، وبعدها توافرت لي الفرصة للذهاب بعيدًا بإقامة معرض شخصي منتصف السبعينيات في الدار البيضاء، كان ذلك تحديًا مغايرًا لما للمناخ الثقافي والفني المغربي من أساسيات في امتحان العلاقة بالغرب وكيفية مواجهتها. هذه المناخات هي التي عززت قناعتي بضرورة ومدى أهمية المرجعية الثقافية أو الفنية، وعلاقتها بالتاريخ الجمعي للفنان، مع الانتباه لرفض القناعة الطارئة التي قد تدغدغ روح الفنان عند مواجهة الجديد وإمكانية إلغاء مسارات أسلوبية لها بعدها الفعلي في عملية التغيير.
● ما الذي يمثله هذا الاهتمام بالمناخ الشرقي والعودة للموروث والميثولوجيا داخل لوحاتك مع أنك منذ زمن بعيد تعيش المكان وروحه الغربية؟
■ أنا ابن ذلك المناخ الذي منحني امتلاك تاريخ أسطوري هائل، هو أيضًا تاريخ الإنسانية جمعاء، لأسطورة غلغامش مثلًا عشرات المساهمات من مبدعين عالميين في مجال الموسيقا والأوبرا والرسم، جرى معاينتها ليس لأنها أسطورة من التاريخ العراقي القديم، بل لأنها ببساطة قلق الإنسان وخوفه من الموت، هذا هو المحرك الفعال لهذه الانتباهات العالمية، علينا بالطبع الانتباه إلى أن الشرق بشكل عام قد جرى معاينته في بعض الأحيان رومانسيًّا كما حدث مع المستشرقين عبر وسائل التعبير المختلفة، وفي أحيان أخرى كانت هناك قدرة خلاقة في إعادة تصور الشرق وإغماء مصادره. أما اهتمامي كما أشرت فهو لأنني حرصت منذ زمن بالانتساب الإنساني، وتطوير ذلك عبر مصادره الغنية ثقافيًّا أو فنيًّا لا الجغرافي ومحدوديته لهذا الشرق.
● حسنًا إلى أي حد يمكن القول: إن فن ضياء العزاوي يولد جراء ذاته وبنظام هندسي ثابت ليبدو خطه الفني وتقنياته الأسلوبية أكثر حضورًا؟
■ ليس هناك نظام فعلي ولو خفي يمكن أن يحرك الإبداع، بل هناك تلك الأسئلة التي تتولد بفعل المعاينة والاطلاع، بفعل التراكم المعرفي الذي لا بد أن يخلق تبدلات لحاجة الإنسان وقناعاته، قدرة السيطرة على هذا الفعل ومدى انضباطيته هي التي تخلق مسارًا للأسلوب، وتدفع به نحو حدود قد تقود للإخفاق حينًا أو النجاحات حينًا آخر.
اتهمت بغواية اللون
● كنت في مرحلة من حياتك الفنية تجعل من لوحاتك كأنها أقرب لطرائق التزيين في الرسم؛ هل فرضت تجريداتك نوعًا من هذا الفهم، أم هي مساحة من الاهتمام بغنائية الرسم وقيمته البصرية؟
■ تبدلت بمقدار تعرفي على علاقتي بالآخر، أعشق ما تسميه طرائق التزيين، وأفرح إن تمكنت من أن أخلق مناخات تولّد سعادة لمبصر هذا التزيين، واجهت هذه الأسئلة منذ زمن وما زلت، إلا أنني أجد في ذلك الفعل الحقيقي للامتحان عندما أواجه ما هو خلاف ذلك، اتهمت مرات بغواية اللون أيضًا لكنني عندما واجهت دمار العراق تحولت الألوان إلى فعل مغاير، إلى سبر غور الأسود وتبدلاته الروحية، إلى ما يمكن أن يوفر صمتًا مقدسًا يتلاءم ومناخ الكارثة، وقد واجهت الموقف نفسه قبل ذلك عندما أقمت معرضي الأخير في بغداد قبل مغادرتها، الآن عندما يتطلع المشاهِد لبعض هذه الأعمال التي جُمعت من مصادر مختلفة ووضعت ضمن حيز خاص سيدرك المرء كم لتلك المواجهة من قيمة تاريخية، ليس على الصعيد الفني فقط، بل أيضًا على فعل الإدانة لتلك الأيام الصعبة. من هنا تعكس قيمة الفنان وتبدلاته.
● ماذا عن كيفية ترسيخ هذا الأسلوب الخاص بفنك؛ هل هو نتاج لمرحة التأسيس الأول جراء دخولك جماعة الانطباعيين، ومن ثم جماعة بغداد للفن الحديث أم هو رؤية خاصة ولدت جراء خيال خصب يحب التجريب، ويتحرك في مديات متوسعة ليواكب اتجاهات الفنون الإنسانية المعاصرة؟
■ كنت في الواقع ضيفًا خارجيًّا على جماعة الانطباعيين، كانت فرصة للعرض وفّرها لي أستاذي حافظ الدروبي لا غير بعد أن وجدني من الموجودين الدائمين في مرسمه في كلية الأدب حيث كنت أدرس في فرع الآثار، أما جماعة بغداد فلم أكن عضوًا فيها إلا أنني كنت أقرب إلى أفكارها وممارستها، ولعل في التضاد المعرفي الذي كان نتيجة لدراستي الصباحية لفرع الآثار وتبعاته في معرفة الفنون العراقية القديمة بشكل تفصيلي، ودراستي في معهد الفنون في المساء بكل ما فيها من معرفة أوربية- هو الذي أوجد وازع الاختلاف والإصرار على تطوير ذلك، مستفيدًا بشكل ما من إنجازات الرائدين فائق حسن وجواد سليم، وفي الاختلاف الأسلوبي لمحمود صبري، هؤلاء الثلاثة كانوا خلف تعميم جملة مواقف في الأسلوب والأفكار ظهرت فيما بعد بشكل مختلف في كاظم حيدر وشاكر حسن مع تنويع إبداعي وسياقات معرفية تسربت لي ولبعض من جيلي من الفنانين، لتكون فيما بعد نزعات مختلفة لكنها كانت ابنة نجاحات محلية، اختبرت بمواجهة مع من جاؤوا بمعارف جديدة نتيجة دراستهم في الخارج، تمثلت في تجارب إسماعيل فتاح، ومحمد مهر الدين، ورافع الناصري. هذا الغنى الفني مجاورًا لإبداعات شعرية وكتابات جديدة مع انفتاح سياسي واجتماعي، كل ذلك ولَّد عندي ولبعض من جيلي تلك الرؤى التي ظلت معنا، ساعين على تطويرها فرادى وسرعان ما وزعتنا المستجدات من الظروف ليحمل كل واحد منا ما اختزنه من أفكار وتجارب لتعد بعد ذلك طاقة للتجريب أمام المستجدات التي تمثلت في القدرة على محاورة الآخر سواء كان ذلك عالميًّا أو عربيًّا.
● أراك أكثر وفاء تجاه أعمالك الأولى التي خضت فيها غمار التجريب في الحروفيات وتطويعها في أشكال متنوعة؛ هل في هذا الأسلوب ما يدعونا إلى أن نقول: إن لك مشروعًا يدعو في صياغاته الأسلوبية ونزعته للاهتمام بالتصوف وسر أهمية الحروف روحيًّا؟
■ في كل محاولاتي الأولى كان المحرِّك الفعلي هو تعزيز روح الهوية التي أخذتها من بعض من جيل الرواد، وقد أشرت سابقًا إلى أن تلك المحاولات لم تختبر على الصعيد العالمي إلا بشكل متأخر، وعندما توافرت لي الظروف لمعرفة التجارب الأخرى، بدأت بتفحص مواصفات هذه الروح، فأنا لم أكن الفنان الوحيد الذي وفد إلى لندن أو باريس، ولم أكن الوحيد أيضًا في محاولة بناء تفرده عن الآخرين، لعلني وبوازع روحي بُنِي على امتلاك منغلق للحضارة التي نشأت أو مرت بالعراق جعلتني كأنني حارس هذا الخزان الهائل بعيدًا من الآخرين. في الثمانينيات كنت زائرًا متحف التيت، وسرعان ما استوقفني عمل لفنان إنجليزي اسمه روبن ديني، كان تكوين اللوحة قد اعتمد على شكل حروفي كوفي مربع، من السهولة قراءته ولا يمكن للمرء إلا أن يعرف أن هذا الفنان قد بنى عمله على بحث له علاقة ما بالحرف العربي، في حينها تذكرت كيف لشاكر حسن وهو في غمرة هوسه بالحرف العربي قد وجد في تمثال جياكومتي تماهيًا مع حرف الألف في العربية. هذا التضاد الواقعي بين عمل لا تخطئه العين وبين تصور افتراضي قابل للدحض بسهولة، جعلني أمام مساءلة مفهوم الهوية من جهة والتفرد من جهة أخرى: هل يمكن اعتبار لوحة ديني عربية كما روج في النقد العربي انتساب العمل بشكله الخارجي كافٍ لهويته العربية، أم أفترض من جهة أخرى أنها محاولة للتفرد من قبله بالذهاب إلى الموروث الإنساني الذي هو ملك الجميع كما حاول بيكاسو وماتيس وغيرهما من المبدعين العالميين؟
● هل هذا الأمر في مساحة الحروف والاهتمام بها ينطبق على الاهتمام بالميثولوجيا وقيمة وفهم الشهادة وطقوس النذور مثلما حدث مع لوحاتك التي تجسد فيها الإرث كألف ليلة وليلة، وليلة عربية، وأيضًا لوحة الشهيد، وشموع النذر؟
■ كل ما أشرت إليه هو بحث عن الذات، بحث عن مرجعية فكرية لم توفره لي دراستي في معهد الفنون لخمس سنوات، لقد كنت محظوظًا مقارنة بفناني جيلي، بأنني درست الآثار وكنت قريبًا من اللقى الأثرية، وهذا ما دفعني لمسايرة تصورات جواد سليم على الرغم من عملي ضمن مجموعة الانطباعيين، لعل هذه العلاقة هي التي جعلتني اقتنائيًّا في نظرتي للتجارب الأوربية والأميركية، والتأكيد على إنجازات الفنانين الذين أقاموا حوارًا مع الثقافات الأخرى، هذا الحوار الذي خلق مجموعة رموز وتكوينات تتماهى مع ما نجده في موروثاتنا الشعبية. ما أود الإشارة إليه أنه لا توجد مساحات فارغة بين الميثولوجيا والموروث الشعبي كما أن هذين المرجعين ليسا بعيدين من الظروف اليومية وارتباطاتها السياسية.
● ما سرّ أهمية بقاء لوحة صبرا وشاتيلا في ذاكرة الآخرين والعودة إلى دلالاتها بعد كل هذه السنوات من الاشتغال الفني والمعرفي عليها؟ هل يصيبك إحساس أنها مختلفة وقريبة لروحك أكثر من باقي الأعمال؟
■ بالنسبة لي هي جزء من تاريخي لا غير، إلا أن ضمها لمجموعة متحف من أهم متاحف العالم أعطاها بعدًا إعلاميًّا هائلًا، ولكي تعرف قيمة العمل هذا، عندما وافق المتحف على إعارتها لمعرضي في الدوحة كان على مؤسسة المتاحف في الدوحة أن تقبل بأن يضع المتحف شروط الإعارة مع مجيئي ممثلًا عن المتحف في لندن، لكي يشرف على فتحها من الصناديق والإشراف على تعليقها، ثم التأكد من درجة الضوء المتفق عليها؛ لكي ينتهي بأخذ صورة للعمل معلقًا. هذا النوع من الاهتمام لا بد أن يعطيها مواصفات مهمة، كل هذا لا أجد فيه غير إخلاص روحي للموضوع، وصدق في التعبير عن المجزرة التي ارتُكبت بكل نذالة وهمجية فاشستية. فقد عرضت لأول مرة في معرضي الشخصي في الكويت، وفي حينها وافقت على إعارتها للمتحف الكويتي بعقد مدته خمس سنوات، بعد ذلك أعيد لي قبل أسبوع من دخول صدام إلى الكويت، وقد علمت في حينها أن المكان الذي كانت اللوحة قد عُرضت فيه كان من الأماكن الذي قُصف، وقد ظلت اللوحة في المخزن لسنوات، وفي عام ٢٠١٠م نشرت صورة جيدة للعمل في كتاب بالإنجليزية عن الفن العربي والإيراني، تزامَنَ ذلك مع افتتاح المتحف العربي الذي كان لي معرضًا شخصيًّا مما جلبت الانتباه لكل من متحف غوغنهايم وتيت مودرن. من كل ذلك أود القول: إن العمل ظل نحو ٣٥ عامًا لكي يتحول إلى عمل يعتز التيت بحيازته.
شغف بالنص الشعري
● كانت لك تجربة رائدة ومهمة في توظيف النص الشعري وتجسيده في عمل فني، أعطى للقصيدة أهمية ثانية وبروح استثنائية، السؤال هنا: هل كانت أعمالك الطباعية ومنها: المعلقات السبع، والنشيد الجسدي، ونحن لا نرى إلا جثثًا، هي دعوة للانسجام بين البعد البصري وحساسية القصيدة، وأيضًا عودة للموروث الشفاهي، والحفاظ على الشعر وتجلياته ليلتقي الرؤيةَ البصرية؟
■ كان لدي اهتمام بالنص الشعري منذ معارضي الأولى، وقد نفذت تلك الأعمال كتخطيطات وهو شغف ظل معي، وتطور بفعل اطلاعي الذي توافر بعد مغادرتي العراق، فمثلًا عملت للمعلقات السبع نحو ١٤ عملًا، ثم اخترت منها سبعة لتصدر كمجموعة، وكذلك الحال مع النشيد الجسدي؛ إذ أنجزت أكثر من أربعين عملًا اخترت منها ستة عشر، من هنا أؤكد أنني بدأت بتنفيذ العمل كتخطيط أولًا، وبعدها عندما توافرت الفرصة عملت على تحويلها إلى مجموعات طباعية محدودة، على العكس من ذلك مجموعة «نحن لا نرى إلا جثثًا» وكذلك مجموعة «ألف ليلة وليلة» كلاهما جرى العمل عليه من منطلق طباعي له بعده المختلف مستفيدًا مما تقدمه الطباعة بأنواعها من إضافات رائعة. استمر هذا الشغف لكي يأخذ بعدًا إضافيًّا عندما بدأت العمل على إنجاز ما يعرف «بكتاب الفنان» حدث هذا عندما توافرت لي فرصة الاطلاع على المخطوطات العربية والإسلامية في مكتبة تشستربيتي في دبلن، والمكتبة البريطانية في لندن إضافة إلى المكتبات الوطنية في ميلان، وبرلين وباريس إلى جانب ذلك توافر لي أيضًا تعرف التجربة الفرنسية وإنجازاتها الهائلة عبر العمل المشترك بين الشعر والرسم، وما زلت أتذكر كمية الدهشة عندما اطلعت على النسخة الأصلية لكتاب الجاز لماتيس الذي ظلت تصاحبني توزيعاته اللونية وعلاقتها بالنص. كل هذه المعرفة جعلتني أمام مهمة أخذت أبعادًا مختلفة بفعل تنوع الرؤيا وطريقة إنجاز عمل ابتكاري ينحاز للبصر ومزاوجته للنص. لقد قدمت لي هذه التجربة تحديات كان لا بد من مواجهتها عندما فكرتُ في مدى إمكانية تحقيق عمل حديث يعتمد على إعادة اكتشافه وتقديمه كنص إبداعي، عملت على هذه الفكرة مع الشاعر المغربي محمد بنيس لإعادة كتابة «طوق الحمامة» لابن حزم، وكذلك مع الشاعر البحريني قاسم حداد لكتابة نص «مجنون ليلى»، في كلا العملين توافرت الفرصة للحوار والمشاركة الإبداعية لم توفّرها التجارب الأخرى.
المنشورات ذات الصلة
التشكيلية السعودية غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد... والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة
تصف الفنانة التشكيلية السعودية غادة الحسن، المتلقي الواعي بأنه شريك للفنان بتذوق العمل الفني وتحليله وإضافة أبعاد أخرى...
تجربة التشكيلي حلمي التوني خريطة رؤيوية لمسارات محددة نحو بلوغ الحياة الحقيقية... وقنص جوهرها الصافي
على امتداد رحلته الثرية في حقول الفن المتنوعة، تمكّن التشكيلي المصري البارز حلمي التوني، الذي ترجّل عن دنيانا في...
سعد يكن.. وراء الفراشة، بألوانها الضاجة بالحياة، تختبئ الفاجعة السورية
ولد الفنان التشكيلي سعد يكن في مدينة حلب 1950م في حي الفرافرة، من أسرة تركية الأصل. شارك في أكثر من مئة معرض جماعي في...
0 تعليق