لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير والاستنارة، فئة موجودة في كل المجتمعات والثقافات، ومتجذرة في تاريخ الشعوب والحضارات منذ القدم، وهي مطلب قائم ودائم ومتجدد، وصناعة ضرورية لكل مجتمع ولكل...
المقالات الأخيرة
جـــدران الخليج فضاء لهيمنة الغرافيتي
نستطيع أن نرى مدى تأثير النمو والتحديث السريعين في دول الخليج من خلال النظر إلى الثقافة البصرية والخطاب الحضري اللذين يظهران في الكتابة على الجدران. ومع ذلك فإن العثور على الغرافيتي في الخليج يشكل تحديًا كبيرًا. فهناك القليل من المباني التي أصبحت لوحات للفنانين وكتاب الغرافيتي، وفي الغالب توجد في القرى القديمة في البحرين، أو بين الهياكل والبنايات المهجورة والمتناثرة بعد الغزو في الكويت، أو بمدينة القطيف في المنطقة الشرقية في السعودية. قلة المساحات العامة في الهواء الطلق يستغرق منا السير لمسافات طويلة بحثًا عن مجرد تعبير أو رسمة.
ليس لغزًا أن مثل هذه البلدان الغنية بالنفط تفتقر للمساحات العامة والاجتماعية. فهناك عدد قليل من المساحات الخضراء والأزقة المظللة، وبالتالي يوجد ترابط محدود بين شوارعها. هذه الدول تتيح مساحات معزولة مثل المولات والمراكز التجارية التي غالبًا تستلزم قيادة السيارة للوصول إليها. باستثناء مترو دبي الذي افتتح قبل سنوات معدودة، فسوء وسائل النقل العام في المدن الخليجية يسبب الاعتماد المفرط على المركبات. عدم وجود ثقافة غرافيتي غنية ومندمجة يعكس انعدام النظام البيئي الحضري للمساحات العامة والاجتماعية؛ لذلك تقلّ العلاقات والنشاطات في الهواء الطلق. أصبح الغرافيتي يقتصر على القرى والمناطق السكنية حيث يوجد إحساس بالانتماء للمجتمع. الرقابة والمراقبة يلعبان أدوارهما أيضًا. ولكن على الجدران البيضاء النظيفة في مدن الواحات الحديثة هناك أشخاص تركوا بصماتهم.
جدران السعودية والبحرين لا تمانع بعضًا من التعليق الاجتماعي والسياسي ولكن الجزء المرئي الأكبر للدين، والحب، والشعر، وكلمات القصائد، ورموز القبلية، والوطنية أو الحنين لوطن ما، وكرة القدم، والرموز الرقمية (مثل: أرقام pin البلاك بيري، وأسماء المستخدمين في التواصل الاجتماعي). كل هذه الموضوعات تبدو أنها هيمنت على ثقافة الغرافيتي في هذه المدن.
هذه الصور عينة من أرشيف مستمر لتوثيق الغرافيتي في البلدان العربية من ٢٠٠٧م حتى الآن.
الكويت
الغرافيتي في الكويت مشتت عبر المدينة ذات الجماليات والأغراض المتعددة، وتراوح بين فن البوب والفن الناشئ إلى السياسية مثل كتابات البدون التي تطالب بالمواطنة. لكن الغرافيتي في المساحات التي توجد فيها بقايا الحرب ما زال مهيمنًا على هذا النطاق.
التصلية «اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد» – سار، البحرين
القرى البحرينية غنية بالغرافيتي؛ من آيات قرآنية، لأدعية وأقوال دينية، تظهر الإحساس بالانتماء والذاكرة الجماعية للمجتمع.
«رحم الله جنود الوطن» – أبوظبي، الإمارات
الغرافيتي نادر في أبوظبي وفي الإمارات بشكل عام، بصرف النظر عن الكاتب الشهير في دبي «أركاديا بلانك». ومع ذلك هناك علامات وكتابات مخبأة بين الأزقة هنا وهناك مثل كتابات تتعلق بالهجولة أو الشهادة «لا إله إلا الله» المترجمة بالإنجليزية. هذه العبارة توجد على طريق رئيس متجه نحو جزيرة سعديات، ومن المفترض أنه يشير إلى الحرب المستمرة في اليمن.
«فيفتي سنت» – ضواحي الدوحة، قطر
في ضواحي الدوحة والمناطق التي تسكنها العمالة الوافدة توجد كتابات تؤكد الهوية العرقية لدى الكاتب. «البلوش» هم إحدى القوميات المهيمنة على جدران الدوحة رغم أن عمان والإمارات مأهولتان بالبلوشيين أكثر من قطر. «فيفتي سنت» (مغني الراب) محبوب هنا تماشيًا مع الكثير من أيقونات «الهيب هوب» في الغرب المشهورين في مدن الخليج مثل توباك وسنوب.
«عمان نبض واحد» – قنتب، عمان
بعض من الغرافيتي المستوحى من الغرب يوجد في أزقة مسقط وضواحيها، وهو ضمن قلة من الكتابات التي يمكن العثور عليها في عمان. «عمان نبض واحد» عبارة شائعة مكتوبة على الصخور والزوارق.
«انتهيت لما هويت» – الرياض، السعودية
الحب شائع على كل جدران العالم، لكن الحب في السعودية يقال بأنه «عذاب».
«الكويت حرة» «تحيا الكويت» – الكويت
في عاصمة الكويت، كثير من المباني والبيوت المهجورة من الغزو العراقي عام ١٩٩٠م؛ أصبحت لوحات لكتاب ورسامي الغرافيتي.
الشارقة، الإمارات
الغرافيتي في الإمارات منتشر أكثر في المجتمعات المحلية والمغتربة في المدن الصغيرة، ومن الموضوعات على هذه الجدران: الهيب هوب والدين والتمرد عن طريق استخدام الألفاظ المنافية للآداب العامة (والنقطة الأخيرة تحديدًا ليست قصرًا على مدن الإمارات، لكن تبدو ظاهرة عالمية بين أوساط المراهقين).
«حربي والوفاء دربي» حائل، السعودية
كتابة العبارات القبلية والمفاخرة باللهجات المحلية هي ممارسة شائعة بين الشباب، وتمتد إلى بلدان خليجية أخرى. بجانب الرموز الرقمية مثل أرقام «البلاك بيري» و«البروفايلات» على مواقع التواصل الاجتماعي أو التواصل الإلكتروني بشكل عام، هناك رموز تدل على القبائل. الحافز الأساس لكاتب الغرافيتي هو إثبات وجوده ليقول: «أنا هنا»، مضيفًا إلى ذلك «أنا من هنا أو هناك» و«تجدني في العالم الافتراضي».
المنشورات ذات الصلة
التشكيلية السعودية غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد... والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة
تصف الفنانة التشكيلية السعودية غادة الحسن، المتلقي الواعي بأنه شريك للفنان بتذوق العمل الفني وتحليله وإضافة أبعاد أخرى...
تجربة التشكيلي حلمي التوني خريطة رؤيوية لمسارات محددة نحو بلوغ الحياة الحقيقية... وقنص جوهرها الصافي
على امتداد رحلته الثرية في حقول الفن المتنوعة، تمكّن التشكيلي المصري البارز حلمي التوني، الذي ترجّل عن دنيانا في...
المخرج الجزائري سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائمًا هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين... وفي الجزائر المقاومة كانوا يُعدون بعشرات الآلاف
يملك المخرج الجزائري سعيد ولد خليفة تصوّرًا مختلفًا للسينما، تشكّل من خلال تقاطع حياته الشخصية المصقولة على نار الغربة...
0 تعليق