كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
كُتّاب سعوديون يطالبون «كِتاب الرياض» بالانفتاح وتطوير فعالياته
عبّر مثقفون وكُتاب شباب عن مطالب يتمنون أن تتحقق في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي تنطلق دورته الجديدة في مطلع هذا الشهر (مارس)، ومن هذه المطالب أن تشهد الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض تطويرًا يشمل إدخال الموسيقا لترافق قراءة الشعراء لنصوصهم، كما طالبوا بأسعار مخفضة للكتب، إضافة إلى زيادة عدد دور النشر المشاركة.
الكاتب والباحث عادل الهذلول يقول: إن أول ما يتبادر لأذهان المثقفين والمختصين بشؤون الكتاب والنشر عند ذكر معرض الرياض الدولي للكتاب «تناقص دور النشر فيه، وفقدان أكثر من دار سنويًّا ليس بإرادتها بل بإرادة وزارة إعلامنا للأسف، وهذا يضعنا في وجه تساؤل أبنائنا عن سبب هذا التضييق الذي يقابله زيادة الإقبال من سكان الرياض العاشقين للكتاب»، مضيفًا أن المعرض يأتي سنويًّا «ليثبت إمكانية تعايش كل الأطياف الفكرية من كافة الملل والنحل في تظاهرة ثقافية جميلة غابت عنها الفعاليات الفكرية والثقافية الجادة، وهو ما يجعلنا نتحرك ثقافيًّا بلا هدى. ونقطة أخيرة أهمس بها في أذن المسؤول: إذا كان القارئ يشتري بشكلٍ مباشر من الناشر فالواجب بيع الكتاب بنصف سعر المكتبات خارج المعرض بدلًا من استغلال القارئ، ولن يتحقق ذلك إلا برقابة ميدانية مشددة على الأسعار».
في حين ذكرت الكاتبة والصحافية أسماء العبودي أنها حين تذهب للمعرض لا تريد أن تحمل قائمة بيدها، وتتنقل بين الممرات لتسأل عنها أو لتجادل في سعرها، «كثيرًا ما أتمنى لو أستطيع محاورة من يكتب لنا، ومحاورة من ينشر، ومحاورة من يشتري.. أحب الشعر كثيرًا.. وأحب أن أسمعه ممن كتبه»، متسائلة: «ما الذي يمنع أن نجعل شاعرًا يقف قرب دار النشر مع هاوٍ عازف ليقرأ بعضًا مما كتب أمام الحضور ليستمعوا للشعر إلقاءً. أتمنى لو عرض في جانب آخر من المكان فلمًا مستوحى من قصة أو رواية.. أن تخصص منصات لكتاب الأدب والفكر ليلتقي بهم الشباب والأطفال؛ ليستمعوا إليهم عن بداياتهم وسيرهم الذاتية وجهًا لوجه». وأكدت أن معرض الرياض في حاله الراهنة «لا يفي بمتطلباتنا.. أطمح كثيرًا لأنسنة المعرض وتحويله إلى مكان هادئ من دون أن يتعرض الناس لأي منغصات، أتمنى أن أجد المعرض حياة لا جمود متكرر.. لا رقابة على كتاب.. لنثق برقابتنا الذاتية.. نريد أن نرحب بالأقلام الصغيرة والشابة وندوات تفاعلية نستمع فيها للناس أكثر مما نتحدث إليهم.. هل أنا حالمة؟».
أما الباحث والكاتب طارق المبارك فيقول: «أكثر ما يبهجني في معرض الرياض هو درجة ارتفاع السقف في قبول تنوع وجرأة موضوعات وعناوين الكتب بالمعرض منذ ما يقارب عشر سنوات، لا شك أن هذا الارتفاع في السقف نسبي، لكنه بالنسبة لي معقول جدًّا مقارنة بما هو موجود بالمكتبات التجارية لا العامة». ويضيف قائلًا: إن ما ينقص المعرض «أن يتحول لتظاهرة سنوية تشد سكان العاصمة للاهتمام بالكتاب والقراءة، فالمعرض يقام من دون أنشطة موازية كافية يشارك فيها التعليم وبقية قطاعات المجتمع للتركيز خلال مدة المعرض على القراءة كفعل حاسم لازدهار المجتمع وتطور الناشئة. وأعتقد أنه بالإمكان الإشارة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب وأنشطته كمثال على السعي لاستثمار فترة معرض الكتاب للترويج للقراءة. وبعيدًا من هذا وذاك يحق لنا الاحتفاء بهذا المعرض كأحد أهم المواعيد السنوية في هذه المدينة».
ويوضح الكاتب والطبيب معتصم الهقاص أنه من خلال زيارات متتابعة لمعارض الكتب العربيّة الدولية، بدءًا من معرض جدّة للكتاب في شهر نوفمبر من العام المنصرم، مرورًا بمعرض بيروت الدولي للكتاب في الشهر نفسه، وانتهاء عند معرض مصر في بداية هذا العام، لاحظ نقطة مشتركة «ظهرت لي في غاية الأهميّة، وهي التجاوب الواضح للمتغير الثقافي العالمي، وتبدّى لنا ذلك في ظهور كتب نوعيّة للسطح بعدما غاصت تحته زمنًا طويلًا، وبالانفتاح المتوازن على شتّى المدارس المختلفة والمذاهب الفكريّة الجديدة، وامتدادًا لهذا، مؤملًا أن تكون الدورة من معرض الرياض جديدة في محتواها، وأن تعْبُر أنشطة المعرض الثقافيّة المختلفة وأمسياته المتنوعة من دون ضجيج أو عجيج، وبهدوء ينمّ عن مجاراة متزنة للمتغير المحلي والثقافي، وألّا يتخلّف عن مستواه المعهود المتصاعد دائمًا، نحو غد أكمل وأفضل».
عادل حوشان: تجربة النشر السعودي لم تنضج بعد
الكلام عن معرض الرياض الدولي للكتاب يستدعي هموم الناشر السعودي والتحديات التي تواجه صاحب دار طوى الناشر والكاتب عادل الحوشان يقول في هذا الصدد: إن أكبر ما يواجه النشر السعودي «أنّه صناعة متأخرة، لم تنضج بعد، لا المؤسسات الرسمية قادرة على فهمه، ولا المؤلف، ولا حتى الناشر، وأرجح ذلك لقلة التجربة بالرغم من المبادرات التي حدثت في العشر سنوات الأخيرة»، مطالبًا بإقامة ورش عمل مكثفة «تجمع الكتاب والناشرين والجهات الرسمية؛ لإيجاد الحلول وللنهوض بالنشر السعودي». وعن أهم العقبات التي تواجهه كناشر يقول الحوشان: «جزء مهم لم يلتفت إليه أحد يضاف إلى وجع المثقفين وهواجسهم بالنجاح والنجومية، منافذ البيع وشروطها الخاصة، ومهما يفعل الناشر إلا أنه يأتي في آخر القائمة، المؤلف لا يصدّق ذلك، والمؤسسة الرسمية تفعل نفس الشيء ولا أحد يسأل الرجل الجالس على كرسيّ يمثّل منفذ البيع».
المنشورات ذات الصلة
سردية الصحراء… حفاظ على الهوية أم بحث عن الغرائبي والمدهش؟
ظلت الصحراء العربية مرتكزًا رئيسًا في الثقافة العربية لسنوات بعيدة، ربما لأن المنطقة العربية تقع في واحدة من أكبر...
الكتابة الذاتية بين عالمين وسيلة للخلاص أم انتقام من الماضي وإدانة للذات؟
تعد رواية «الخبز الحافي» من أشهر الروايات العربية المعتمدة على السيرة الذاتية للكاتب المغربي محمد شكري التي يحكي فيها...
في مناسبة عام الشعر العربي.. شعر بلا نجوم يبحث عن قراء ومنصات بلا تصفيق أو لايكات
في مناسبة عام الشعر العربي، مبادرة وزارة الثقافة السعودية، تستطلع «الفيصل» آراء عدد من الشعراء العرب، حول راهن الشعر...
0 تعليق