كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
كلمةٌ أخيرة أنقذَها الله قبل الغَرَق
مُبارزَةُ بين فتاتَين
مُنِحَتْ كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما سَيْفًا،
لِتُطارِدَ أشباحًا بَيضاءَ تَكمُنُ لِبَعضِهِما
خَلْفَ بدْلةِ رُوادِ الفَضاء،
التي يُخفِيان بِداخلِها جَسَدَيْن أنثَويين نَقيين.
كُلُّ واحدةٍ مِنهُما
مَشْدودةٌ إلى حَبْلٍ خَفِيّ
يَجرُّها إلى الخلْفِ عند الهُجوم،
حتَّى لا تَندفِع أشباحُها الخبيثةُ
وَراءَ سَيفٍ يُريدُ أنْ يَنتصِرَ ويَقتُلَ
دون أنْ يهرِقَ قطرةَ دَم واحِدَة.
ثمة مُبارَزة تَحدُثُ على الأرض
وأُخرى في الأثير،
وعلى الرأس خَوْدةٌ تُخفي الوَجهَ كاملًا،
فلا يَتطايَرُ الشَّرَرُ في المعركة،
ولا تَصِلُ أنَّاتُ المذبوحَين في مَعارك الأسلاف
ولا وَقع خطواتِ الهاربين،
المُتلفِّعين بِزَوْبَعَةٍ مِنَ الخوف والغُبار.
مَعركةٌ نظيفَةٌ ما يَحدُثُ الآن،
بين مَلاكَين أسمَعُ قَرقَعةَ سَيْفيهِما الطويلَيْن
مِثل تَرتيلةٍ طائِشة في الظلام.
السِّنجابُ
مِن شُرفَةٍ يَحكي عَنها وَلَدِي
في بَيْتِه بالطابق الثالِث
يَقفِزُ السِّنجابُ مِن غُصن إلى غُصنٍ،
بَعْدَ أنْ نَضِجَتِ الفاكهة
وتَدفَّقَ الغِناءُ في حُنْجرَةِ الطائر
مِثل مياهٍ عَذْبَةٍ في شِقٍّ صَخريٍّ قَريب.
يَقِفُ السِّنجابُ لحظَة بِفمِه المُمتلئ،
يقول نادر.
ويُلقي عليّ نظَرة كثيفَة، وكأنَّه يَستغرِبُ
مُكُوثيَ الطَّويلَ
في لَحظَة لا تَحتَمِلُ
إلَّا ما تَحْتَمِل الثمرة الناضِجة
وهي تهبِطُ بِثقِلِها على الماء.
لا أعرِف بماذا أردُّ
وإنَّما أكتفي بأنْ أرَى السِّنجابَ
وهو يَلتهمُ ثمرتَه المسائية
بِقوائمَ مُتلذِّذة
شَبيهة بأصابعي وهي تُمسِكُ بالقَلم
لِتَكتُبَ هَذِه القصيدة.
السِّنجابُ يَنتقِلُ مِن شجرةٍ إلى أخرى
وأنا أخالُه عِندما يَبتَعِدُ
مِثل تِلك الخِرقَة الحَيَّة مِن النُّور والدَّم
التي تُسْحَبُ عَنوَةً مِن جَوفي
تاركَةً يَدي مِثل عَيني
خامِدَةً ويابِسَة.
السَّفينة
لَم نتمكنْ مِن إنقاذ السفينةْ.
الصَّدْعُ العميقُ بقاعِها تَكشَّفَ عَن هاوية مُظلِمة،
لَمْ نَعرِفْ كَيفَ نَفُكُّ هيروغليفيتَها الغريبة.
لستُ واحدًا أو واحدةً مِن الناجين، وإن كانتْ عواطفي تَحمِلُ
جُرحًا غائرًا،
وفي يَدي كلمةٌ أخيرةٌ أنقذَها الله قَبْل الغَرق.
فمَنْ يَأخُذُها مِنكُم أيُّها الشُّعراء،
الذين يَصِفون الموجَ المتَقَلِّبَ
والأصدافَ اللَّامِعةَ على الشاطئ؟
مَن يَفْتَحُ فَمَه لِيَسْتقبِلَ وَهَجَها الغامِض
وحركتَها الغريبةَ في العَتمة؟
المنشورات ذات الصلة
برايتون
... يصل القطار إلى «برايتون»، يعلن ذلك قائد القطار، يشاهد اللوحات الجانبية على رصيف المحطة تحمل اسم «برايتون»، خدر...
في طريق السفر تخاطبك النجوم
مغامرة صغيرًا كنتُ، صغيرًا جدًّا رميتُ صنارتي إلى البحر اجتمعت الأسماك معًا، رأيتُ البحر! * * * صنعتُ طائرة ورقية بسلك...
بين صحوي وسُكْرها
رغمًا ترددتُ.. لم أسكَرْ ولم أَصْحُ! في كأسكِ البرءُ أم في كأسكِ الجرحُ؟ قصّت جناحي بأفْق الحبّ أسئلةٌ ...
0 تعليق