كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
مدير عام قطاع الأدب في هيئة الأدب والترجمة والنشر
خالد الصامطي: نسعى لكسر الحواجز بين الأدب والفرد وبين الأديب وجمهوره
أوضح مدير عام قطاع الأدب في هيئة الأدب والترجمة والنشر خالد الصامطي، فيما يخص آلية عمل الشركاء الأدبيين، أن الهيئة تسلّم الدفة للشركاء الأدبيين عبر إدارة الفعالية وضبط موجتها والتسويق لها، وتكتفي بالدعم والمتابعة المستمرة، مشيرًا إلى أن الفعالية تكتسي بالطابع الذي يختاره الشريك الأدبي لها ويرغبه. وقال الصامطي في حوار مع «الفيصل»، بخصوص مبادرة عام الشعر العربي: إن للشعر العربي على جغرافيا المملكة محطات ومواقع يمكن تفعيلها وإعادة إحيائها وربطها بالشعراء الذين مروا بها والقصائد والقصص التي قيلت فيها وعنها. ولفت إلى أن معتزلات الكتابة، التي تنظمها الهيئة، تسعى لمنح الكتّاب تلك التجربة بالتفرّغ الكامل للإبداع والإنتاج في أحضان الطبيعة والتاريخ.
إلى نص الحوار:
● عادة ما يتصور المبدع أن المبادرات المرتبطة بالمشروعات الرسمية ستحُدّ من قدراته على التخلص من القيود الاجتماعية والفكرية. كيف يمكن للشريك الأدبي أن يتلافى هذا الفهم ليقدم نفسه كفضاء حاضن وحافز للأدباء والمبدعين وخلق شراكات إبداعية؟
■ تقوم المبادرة في أساسها على تلافي هذا الفهم. ففعاليات الشركاء الأدبيين تقام في المقاهي التي تُعَدّ من أبرز مقرات الراحة، وهي المحطة الرئيسة التي يتخلص فيها الناس من أعباء الرسمية وقيودها والتزاماتها، كما أن الهيئة تسلّم الدفة للشركاء الأدبيين عبر إدارة الفعالية وضبط موجتها والتسويق لها، وتكتفي بالدعم والمتابعة المستمرة، وعلى هذا فإن الفعالية تكتسي بالطابع الذي يختاره الشريك الأدبي لها ويرغبه. وهذا الطابع غالبًا ما يكون حيويًّا وقريبًا من المتلقّي، وتهيمن عليه العفوية ويسوده الحوار. كما نخص بالذكر أن فعاليات الشريك الأدبي تستقطب الأدباء ليكونوا جزءًا من ذلك الجو المتآلف المتحرر من القيود والرسمية، ومن هنا تتحقق رؤية المبادرة في كسر الحواجز بين الأدب والفرد، وبين الأديب وجمهوره، في بيئة مريحة تجعل الأدب مرغوبًا ومحبوبًا.
● يسهم الشريك الأدبي في تحسين البنية الإبداعية والمناخ الثقافي للأقاليم والمدن البعيدة من تركيز الإعلام، ويتيح لها الانخراط بشكل فاعل في الحراك الأدبي الوطني. في المقابل ما تطلعات وتوقعات الشريك الأدبي من هؤلاء الشركاء في تعزيز الثقافة كنمط وسلوك إنساني وممارسة يومية لمجتمعاتهم المحلية؟
■ يتوقّع الشريك الأدبي من شركائه المقاهي أن يكون منتجهم الفكري والمعنوي عاملًا أساسيًّا في جعل الثقافة نمطًا لحياة الفرد، فحين يكون المقهى -وجهةُ الفرد التي يقصدها للتخفف من أعباء الحياة ومهامها- مصدرًا للثقافة بشكل شائق ومحبوب، ستمتد سبلٌ لا تُحصى ليكون الأفراد جوهرًا للمشهد الأدبي ومحركًا حقيقيًّا وفعالًا لعجلة الثقافة. إننا نسعى ليكون التفاعل الأدبي عنصرًا نشطًا وحقيقيًّا في كيميائية المشهد، وبإمكان الشركاء الأدبيين صنع تغيير حقيقي وقوي في هذا المجال، وهذا ما أثبتته دراسات قياس الأثر التي أجريت على مجموعة من زوار المقاهي والضيوف من الأدباء والناشطين، الذين أعربوا عن أثر هذه الفعاليات في حَفْز اهتمامهم بالأدب وحثهم على زيادة إنتاجهم وتجويده.
● الاطلاع على التجارب الثقافية المتنوعة التي أقامها الشركاء الأدبيون يثبت أن مشروعاتها أثمرت تقديم أدباء واعدين، إضافة إلى المعروفين. فما المقومات التي أسست لهذا النجاح الثقافي الوطني؟
■ لقد حرصت المبادرة على تنويع وسائل وأساليب وصولها إلى الأدباء، حيث كانت أبواب التسجيل في المنصة الإلكترونية مفتوحة طيلة مدة المبادرة لجميع الأدباء الراغبيـن في الحلول ضيوفًا على الفعاليات، كما عمل الشركاء الأدبيون بلا كلل مع فريق المبادرة لاستقطاب مئات الأدباء الراغبين في المشاركة والتواصل معهم، ودعمهم لوجستيًّا في حال قدومهم من خارج منطقة الشريك، وقد انعكس ذلك على مساهمات وفعاليات مختلفة ومتعددة، لعل من أبرزها مشروع الشريك الأدبي الفائز بجائزة أفضل مساهمة مبتكرة، والذي استقطب أكثر من مئة كاتب وفنان وموهوب من منطقته للمشاركة بأعمالهم في مُخرَج فني واحد.
دور الشريك الأدبي
● هل للمعونة التي تقدمها الوزارة شروط والتزامات يخضع لها الشريك الأدبي مثل عدد الأنشطة التي يقيمها؛ لأن الملحوظ أن هناك شركاء في مدن أخرى لا يقيمون إلا قليلًا من الأنشطة، وآخرون يقيمون أنشطة مستمرة على نحو دوري ومنتظم.
■ للشركاء الأدبيين ثلاث فئات بالنظر لمساحة المقهى وقدرته الاستيعابية والتشغيلية، وبها يتغير عدد الفعاليات المطلوبة من الشريك، كما يتفاوت بها الدعم المقدم له. عطفًا على ذلك، تقدّم المبادرة دعمًا شهريًّا للشركاء الأدبيين شريطة التزامهم بالمتوقّع منهم من حيث أعداد الفعاليات والمساهمات.
● هل أنشطة الشركاء مرتبطة بحدود مدنهم؟
■ لا توجد شروط تتعلق بالموقع الجغرافي للفعالية، فهناك فعاليات ومساهمات أقيمت على مستوى دولي في النسخة الثانية، ويرجع اختيار ذلك وتقريره إلى رغبة الشريك ورؤيته.
● ما الإضافات المقبلة لتطوير دور الشريك الأدبي؟
■ تعمل المبادرة على تحسين تجربة الشركاء الأدبيين وتطويرها مع كل نسخة، كما تسعى لتضخيم أثرهم وتوسعة نطاقه. ففي النسخة الثالثة سيرتفع عدد الشركاء الأدبيين إلى الضعف، مع مراعاة التنوع الجغرافي ليغطي أكبر عدد ممكن من المدن حول المملكة. وإضافة إلى التمدد جغرافيًّا، تخطط الهيئة لتنظيم برامجَ إرشادية وتوجيهية مكثفة وشاملة للشركاء الأدبيين بحيث يسهل عليهم التخطيط لفعالياتهم وتطويرها والتسويق لها، إضافة إلى توسعة قاعدة المستفيدين منها بما يشمل مختلف الأعمار وسائر فئات المجتمع. تهتم المبادرة، كذلك، بتضمين التنمية والخدمة المجتمعية في أنشطة الشركاء الأدبيين، بحيث يحصل الشريك الأدبي على حصته من الأماكن العامة والمراكز الصحية والمرافق المشتركة، بالتعاون مع مختلف الجمعيات ومؤسسات القطاع العام والخاص والثالث.
● هل يدعم الشريك الأدبي مؤلفات الأديب السعودي بعرضها وتسويقها داخل مقهاه مثلًا بحيث يكون هناك ركن مخصص للأديب كنموذج مصغر لمعرض شبه دائم لمؤلفات الأدباء السعوديين في مقر كل شريك أدبي؟
■ تحث المبادرة الشركاء الأدبيين بشكل مستمر على إنشاء مكتبات مصغرة في مقراتهم، كما تزودهم بباقة من الكتب لتحقيق ذلك الغرض، وتحفزهم على تغذية مكتباتهم وتحديثها بشكل متواصل.
ثمار العزلة الأدبية
● تعد معتزلات الكتابة فرصة ثمينة حافزة للمبدع السعودي. فما الجدوى منها من وجهة نظركم؟ وما الأثر الذي تتركه مشاركة كُتّاب عرب فيها؟
■ بالعودة لتجارب المعتزلين من الكتّاب، سواء ضمن مشروع معتزلات الكتابة الحالي أو حول العالم، نجد أن في العزلة ثمارًا لا يقطفها إلا متذوّقوها، وأثرًا ساميًا على الإبداع الأدبي، وقدرةً على الاتصال بمكامنه، يصعب أن يجدهما الفرد في حياته اليومية بمعكّراتها ومشتّتاتها. إن معتزلات الكتابة تسعى لمنح الكتّاب تلك التجربة بالتفرغ الكامل للإبداع والإنتاج في أحضان الطبيعة والتاريخ. ولتعزيز تلك التجربة يحرص المعتزل على تضمين جلسات حوارية بين ضيوفه لتبادل الخبرات والرؤى والتجارب، بما يجعل الحافز الأدبي أعمق وأكبر أثرًا. تُختارُ مواقع المعتزلات بدقة وحرص بحيث تمثل رموزًا مهمة في تاريخ المملكة وحضارتها، بحيث تحتضن تراث منطقتها المادي وغير المادي. وفيما يتعلق باستضافة كتّاب من مختلف الجنسيات، فإن معتزلات الكتابة وإقامات الكتّاب تُعنى بربط الأديب السعودي وفكره وعمله مع غيره من الأدباء حول العالم، وعلى هذا يحرص الفريق: إما على استضافة أدباء إقليميين وعالميين، أو استضافة الكاتب السعودي في دول أخرى لتحقيق تلك الرؤية. كما أن أحد أهداف المبادرة هو إبراز القيمة الثقافية والجغرافية والتراثية التي تتميز بها المملكة للكتاب والمثقفين من أنحاء العالم كافة، فهؤلاء الكُتّاب هم من سينقل الصورة الثقافية الحقيقية للمملكة من خلال كتاباتهم عند عودتهم لبلدانهم.
دعم الشعر محليًّا وعربيًّا
● بالنظر إلى مبادرة «عام الشعر العربي»، ومن منظور هيئة الأدب والترجمة والنشر، كيف يمكن للشعر تعزيز المكانة الثقافية والحضارية للمملكة خاصةً، والجزيرة العربية بوصفها محضن الشعر العربي ومنبته عامةً؟
■ إن للشعر العربي على جغرافيا المملكة محطات ومواقع يمكن تفعيلها وإعادة إحيائها وربطها بالشعراء الذين مروا بها والقصائد والقصص التي قيلت فيها وعنها. فوزارة الثقافة تعمل على تكثيف الجانب البحثي حول المناطق المذكورة في المعلقات وأبرز القصائد العربية، ثم إبراز تلك المواقع والشعراء والقصائد المرتبطة بها، من خلال حزم من الفعاليات التي تقام في مناطق عدة من المملكة، وفي ذلك تأصيل للريادة الأدبية في حدود المملكة العربية السعودية. كما أن مبادرة عام الشعر العربي تضع على عاتقها دعم الحالة الشعرية العربية، واستضافة كبار الشعراء في فعاليات شعرية مستقلة أو من خلال الفعاليات السنوية مثل معارض الكتب والمؤتمرات والملتقيات التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة، إضافة إلى إطلاق قوافل شعرية داخل مدن المملكة، وقوافل شعرية تتحرك في مسارات دولية، عربيًّا وعالميًّا، وذلك تأكيدًا للريادة الثقافية والحضارية للمملكة.
● ما خطط ومستهدفات هيئة الأدب والنشر والترجمة لمخرجات ومحصلة مبادرة عام الشعر العربي؟ هل نتوقع استدامة المبادرات والفعاليات الموجهة للشعر والشعراء؟
■ على مدى عقود مضت احتل الشعر العربي مكانة ثقافية بوصفه من أهم المكونات الحضارية للثقافة العربية، حتى وقتنا المعاصر يتصدر الشعر العربي المحافل الأدبية، ومن أجل ترسيخ هذا المكون الحضاري تسعى المملكة العربية السعودية إلى جعله حاضرًا في الحياة اليومية للثقافة السعودية والعربية. وهذا ما تفسره رؤية عام الشعر التي تنص على ترسيخه شعرًا عربيًّا أصيلًا، ذا ماضٍ عريق، وحاضر حي، ومستقبل مزدهر، ورسالة تسعى إلى إحياء تاريخ الشعر العربي العريق، وتعزيز حضوره في الحضارة الإنسانية، وإرساء قواعد ثرائه المستقبلي، وإحلاله لمكانته المستحقة بين آداب العالم وفنونه.
● هل يمكن القول: إن المبادرة تقف على مسافة واحدة من جميع المدارس الشعرية، الفصيح، والنماذج الحداثية مثل النثر والتفعيلة؟ أم هناك سياق وإطار محدد للمبادرة؟
■ تعمل المبادرة في عامها الكامل على تسليط الضوء بشكل متوازن على جميع أنواع ومدارس الشعر، ومن هذا ما جاء في بعض الفعاليات والمبادرات من إحياء للمدارس القديمة والحديثة، وإقامة الأمسيات الأدبية لعمالقة الشعر، والعمل على تكوين تغذية بصرية وعقلية في الأجنحة المشاركة في الفعاليات الثقافية والمجتمعية التي ترسخ بدورها اختلاف مدارس الشعر واهتمام مالك المبادرة بها، وما زال للإبداع والتنوع بقية.
المنشورات ذات الصلة
رحلة الكتابة والخط والبحث عن الجوهر
تتناول النسخة الثانية من معرض «رحلة الكتابة والخط» الذي يقام في مدينة الرياض وينتقل لاحقًا إلى المدينة المنورة، البُعد...
تركي الفيصل يستقبل المبعوث الخاص الصيني للقضية السورية
استقبل الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في مكتبه بالمركز في سبتمبر...
السرحان: مبادرة السلام العربية هي الحل في الصراع مع إسرائيل
أكد الدكتور سعود السرحان الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية أن الصراع العربي- الإسرائيلي يعد من...
0 تعليق