كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
الحرب والسلام فلسفيًّا
فلسفيًّا، ارتبط مفهوم السلام بمفهوم الحرب، فالحرب تقدم النقيض الأبرز الذي يمنح السلم كل دلالاته، بل أهميته وضرورته. وعلى الرغم من أن الحروب، القديمة قدم التجمعات البشرية، قد تغيرت طرقها وقوانينها وإستراتيجياتها ووضوح أهدافها وأدواتها من الحجارة والعصا مرورًا بالسيوف والمدافع وصولًا إلى الحروب السيبرانية والثقافية والإرهاب، فإنها لم تتوقف فعليًّا بين البشر. والمفارقة اللافتة هي أن الحروب تزداد دمارًا ووحشيةً وقدرة على الإبادة والقتل باطرادٍ مع التقدم العلمي والتقني، وبشكلٍ متوازٍ مع كل ذلك التقدم الحاصل على مستوى الحقوق والقوانين والمنظمات والمواثيق والمعاهدات الدولية ومؤسسات السلام العالمي وجهود بعض المؤسسات الدينية الصادقة في الدعوة للسلم والتعايش.
وبسبب استمرار الحروب وازدياد انتشارها وقدراتها التدميرية للإنسان والكوكب بما تجره من فظاعات وانتهاكات قانونية وأخلاقية، فإن الدعوة إلى ضبطها ومحاولة منع وقوعها وترسيخ أسس مُلزمة أخلاقيًّا وقانونيًّا للسلام المحلي والإقليمي والعالمي تزداد إلحاحًا وحضورًا في الفلسفة والقانون والدين.
من الفكر الشرقي القديم مرورًا بفلاسفة الإغريق ثم الفكر الرواقي وفلسفة العصور الوسطى وصولًا إلى الفلاسفة الحديثين والمعاصرين مثل: برتراند راسل، وهابرماس، ودريدا، وبودريار مرورًا بكانط، وفيشته، وكارل شميت، إلخ، ظلت ثنائية السلم والحرب موضوعًا فلسفيًّا أصيلًا. وقد شُرعِنَت الحرب في بعض التنظيرات الفلسفية (العقلانية على كل)؛ إذ بُرِّرت بوصفها شرًّا لا بد منه لإقامة الخير والعدل، بل لتحقيق السلم بالعنف في حال عُدمت الوسائل السلمية. تحدث القديس أوغسطين مثلًا عن «الحرب العادلة» ونظّر غيره من الفلاسفة لضرورة قيام حروبٍ لتُنهي حروبًا أخرى وتحقق السلام. وبمعنى آخر، كثيرًا ما وجدت الفلسفة أنه ولتحقيق السلم لا بد من اندلاع الحرب، فأوكلت للعنف إنهاء العنف. هكذا ارتبطت، فلسفيًّا، الحرب بالسلم، والعكس بالعكس.
هل الحروب قدر الإنسان إذن؟ لا، ويجب ألّا تكون الحال كذلك، فالتاريخ هو من صنع الإرادات البشرية ويمكن أن يكون على نحو مختلف. ولكي يكون على نحو مختلف لا بد من تضافر الجهود، ومواصلة العمل على بناء السلام الأهلي والدولي الذي قد لا يكون أبديًّا (وهو لن يكون كذلك) ولكنه قد يكون طويلًا جدًّا. ولكي يدوم ويستمر أطول مدة ممكنة لا بد من تصوره أبديًّا إذن. هكذا على أية حال تلخصت رؤية كانط للسلام وهذا ما سنحاول إبرازه في الصفحات التالية.
كانط ومعيارية مشروع «السلام الدائم»
كان كانط عجوزًا قد تجاوز السبعين حين ألّف كُتيب «نحو السلام الدائم» Zum ewigen Frieden. Ein philosophischer Entwurf الذي ظهر عام 1795م، أي بعد مرحلة نقدياته الثلاث الشهيرة «نقد العقل المحض» (1781م، ط1، و 1787م ط2)، و«نقد العقل العملي» (1788م)، ثم نقد «ملَكة الحكم» (1790م). في تلك المدة عكف كانط أكثر على الفكر السياسي والقانوني الذي ظهرت نتائجه بشكل رئيس في كتيب «نحو السلام الدائم»، ثم «ميتافيريقا الأخلاق» (1797م) (التي ظلت وفقًا لطرحه جزءًا من مذهب القانون)، وأخيرًا نصه «صِراع الملَكات» (1798م). يقلل بعضٌ من أهمية تلك المرحلة العملية في فلسفة كانط، ويراها مرحلة الشيخوخة الآفلة قليلة الأهمية فلسفيًّا بعد أن استنفد كانط نفسه في النقديات، المشروع الأبرز لفلسفته، بحسب هؤلاء. لكن قراءة متأنية لهذه النصوص العملية الثلاثة تؤكد ليس فقط أهمية الطرح الكانطي النظري للفلسفة العملية وإنما أيضًا تأسيسه لمعيارية عقلية مضبوطة لمشروعات سياسة كبرى -مثل مشروعه لسلام دائم بين الدول- وهي مشروعات ظل ينظر إليها في السابق في إطار اليوتوبيا الساذجة وأحلام الفلاسفة الرومانسيين.
لكن قبل مناقشة أهم أفكار كانط حول السلام لنتذكر أولًا أن فكرة السلام الأبدي قد راودت كانط قبل سنتين من ظهور كتيبه الشهير «نحو السلام الدائم». ففي عام 1793 نشر كانط مقالًا اقترح فيه فكرة «دولة عالمية للشعوب تفرض قوانينها على كل الدول الخاصة». لكن هذا التصوُّر لدولة فائقة أو سوبر دولة ذات كيان سياسي تخضع له جميع الدول سيتراجع عنه كانط بعد سنتين ليقترح بدلًا منه ميثاقًا إنسانيًّا أو عقدًا اجتماعيًّا عالميًّا يقوم على التضامن بين الشعوب، وهو ما سيفصِّله في مشروعه حول السلام الدائم بين الأمم.
ما الذي جعل كانط يتراجع عن فكرة دولة عالمية فائقة تخضع لها كل الدول والأمم القومية وتذوب فيها؟ لهذا التراجع الكانطي السريع سببان في رأيي: الأول تاريخي موضوعي يتعلق بحالة القانون الدولي والمواثيق والعهود الدولية في عصر كانط التي تفترض وجود الدولة القومية وسيادتها كبديهية من بداهات السياسة. والسبب الثاني بنيوي يتعلق ببنية تفكير كانط، وبتحديد أكبر بصورية الأخلاق عنده التي تفترض الحرية الفردية والمسؤولية الشخصية حتى ولو كانت كونية كما تجلّى ذلك في تنظيره لفكرة الواجب الأخلاقي. وبمعنى آخر، تقوم الكونية الأخلاقية الكانطية أساسًا على ذوات فردية حرة تتصرف بمسؤولية بحيث تجعل من تصرفاتها قانونًا كونيًّا، وتلك الحرية والمسؤولية ستظل حاضرة على ما يبدو في ذهن كانط حين كتب عن دولة المواطنة العالمية، وهو ما سيجعله يتراجع عن فكرة دولة عالمية تبتلع بقية الدول وتخفي هوياتها القومية الخاصة. بحسب هذا التصور، فإن فهمهه للذوات الحرّة المسؤولة سينتقل لتصوره لفكرة الدول القومية التي ستتمثّل حريتها كلاسيكيًّا في سيادتها، وسيصبح العقد الاجتماعي للأفراد الأحرار (المستوحى من روسو أصلًا) ائتلافًا وميثاقًا بين الشعوب لا يقضي على حرية السيادة الخاصة بكل دولة.
كان كانط يتخوف أن ينتهي مشروع قيام دولة عالمية مؤلفة من مجموع دول العالم إلى دولة توتاليتارية هائلة على مستوى الكوكب أو، كما كان يتوجس، إلى «استبدادٍ أكثر رعبًا» من استبداد الدول القومية منفردة. كل هذا سيدفع كانط إذن للعزوف عن فكرة «دولة المواطنة العالمية» ليقترح بديلًا آخر يتمثل في مشروع ائتلاف عالمي لشعوب العالم وإلى التمييز بالتالي بين عقد أخلاقي (لكنه غير ملزم قانونيًّا) للمواطنة العالمية، والقانون الدولي الذي يضع تشريعات ملزمة تضبط العلاقات بين الدول. على الرغم من اختلاف هذين السببين اللذين أقدمهما هنا، فإنهما يلتقيان في النهاية في إشكالية واحدة: «سيادة الدولة-القومية» بشقيها السيادة الخارجية والسيادة الداخلية، وهي الإشكالية نفسها التي ستواجه من بعده كلًّا من كارل شميت وحنا أرندت وهابرماس ودريدا، حيث سينظِّر لها كل على طريقته.
أحلام عصر التنوير
وبالعودة إلى مشروع كانط حول السلام يمكن لنا القول: إنه إذا كانت المدينة الفاضلة أو الجمهورية المثالية هي هاجس لاحق الفلسفة منذ تأسيسها، فإن هاجس تأسيس سلام أبدي بين الأمم قد برز فكريًّا بقوة في عصر التنوير الأوربي. وفي هذه النقطة تتقاطع الفلسفة مع الأديان التي سعت لإقامة «مدينة الله» على الأرض بحيث يتعايش جميع المؤمنين في سلام ومحبة وأمن. وعليه، ليس كانط إذن أول من طرح مشروعًا للسلام الدائم فكريًّا؛ إذ يبدو جليًّا أنه قد استلهم فكرته، بل عنوان كتيبه ذاك من نص للقس التنويري سان بيير والمعنون ﺑ«مشروع من أجل السلام الدائم في أوربا» (1713م) الذي يأتي كانط على ذكره والذي يبدو أنه تعرف إلى نصه حول السلام من خلال نقد روسو لكتابه ذاك.
لكن إذا ظل مشروع القس سان بيير مقتصرًا على إقامة السلام الدائم بين دول أوربا المسيحية، فإن مشروع كانط يريد التوسع ليشمل مساحة الكرة الأرضية كلها باختلاف دولها وشعوبها وألسنتها ودياناتها، إلخ. يريد كانط -وهو الفيلسوف المعياري- مشروع سلام دائم وأبدي للجميع، لكن هل يمكن تحقيق هذا المشروع عمليًّا أي سياسيًّا بإيجاد المعادل المؤسساتي الواقعي لهذا الطرح؟ تقدم لنا القراءة المتأنية لنص كانط ذاك جوابًا بالإيجاب ويمنحنا التاريخ السياسي/القانوني الحديث أملًا واقعيًّا إذ يكفي أن نتابع تطور المناقشات والقرارات حول القانون الدولي والمؤسسة الدولية كمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها لنعرف أن مشروع كانط لم يكن محض حلم طوباوي من أحلام عصر التنوير.
يبدأ كانط كُتيبه حول السلام الدائم بالتمييز بين مهمة الفيلسوف ومهمة السياسي في التعامل مع المسائل السياسية. فالفيلسوف الذي يضع الأسس النظرية للعمل السياسي لا يُعجب السياسي الممارس لمهامه السلطوية الذي يرى في السياسة لعبة الممكنات الواقعية والبراغماتية التي قد تضحي بالأخلاق من أجل المصلحة. ولهذا يجد السياسي في الفيلسوف شخصًا جاهلًا بالممارسة السياسية حدًّا يثير السخرية. بل إن كانط يرى أن السياسي قد يجد في آراء الفيلسوف خطرًا يهدد الدولة نفسها فيقول: «لكننا نود أن نضع الشرط التالي: ما دام أصحاب السياسة العملية ينظرون إلى أصحاب السياسة النظرية بأنفة واستكبار، ويعدونهم حكماء لا خطر منهم على الدولة التي يجب أن تستمد مبادئها من التجربة، وما داموا ينظرون إليهم نظر لاعبين غير مدربين يستطاع التغلب عليهم بشيء من المهارة، فينبغي على السياسي الخبير أن يكون منطقيًّا مع نفسه حين تصدم آراؤه آراء الفيلسوف، فلا يستنكرها ولا يجد فيها على الدولة خطرًا».
وصايا لتجنب الحرب
بعد سنة من صدور الطبعة الأولى لكتيب «نحو السلام الدائم» أي عام 1796م سيضيف كانط إليه ملحقين، يعود في الثاني منه إلى تباين التعاطي النظري والعملي مع السياسة، حيث سيؤكد هذه المرة التباين في تناول كل من الفيلسوف والمُشرِّع للشأن السياسي. فهذا الأخير يختلف -بحسب كانط- عن الفيلسوف فيما يتعلق بالنظرة الأخلاقية «لأن اختصاصه لا يعدو تطبيق القوانين القائمة، لا البحث فيما إذا كانت محتاجة إلى إصلاح أو تعديل…».
وبما أن كانط يتناول السلام كفيلسوف لا كسياسي ولا كمشرِّع فإنه يقصر همه هنا في الشأن النظري للفيلسوف الذي يؤسس معرفيًّا للسياسة، ويؤسس السلام الأبدي الذي لم يكن قبله سوى يوتوبيا مستحيلة، يوتوبيا على قاعدة معيارية عقلية تجعل هذا المشروع ممكنًا عمليًّا. يُجمل كانط رؤيته المعيارية العقلية للسلام الأبدي في ست مواد أولية يُكثِّفها على النحو الآتي:
أولًا- «إن معاهدة من معاهدات السلام لا تعد معاهدة إذا انطوت نية عاقديها على أمرٍ من شأنه إثارة حرب من جديد».
ثانيًا- «إن أي دولة مستقلة، صغيرة كانت أو كبيرة، لا يجوز أن تملكها دولة أخرى بطريق الميراث أو التبادل أو الشراء أو الهبة».
ثالثًا- «يجب أن تلغى الجيوش الدائمة على مر الزمان».
رابعًا- «يجب ألا تعقد قروض وطنية من أجل المنازعات الخارجية للدولة».
خامسًا- «يحظر على كل دولة أن تتدخل بالقوة في نظام دولة أخرى أو في حكومتها».
سادسًا- «لا يسمح لأي دولة في حرب مع دولة أخرى أن ترتكب أعمالًا عدائية -كالقتل والتسميم ونقض شروط التسليم والتحريض على الخيانة- قد يكون من شأنها، عند عودة السلم، امتناع الثقة المتبادلة بين الدولتين».
يميز كانط في هذه المواد بين «قوانين ناهية»، وهي برأيه قوانين مرنة واسعة مرتهن تطبيقها بالظروف وقابلة للتأجيل وهو يحصرها في المواد الثانية والثالثة والرابعة، وقوانين أخرى مضبوطة أو «قوانين آمرة»، وهي عنده قوانين نافذة من فور صدورها من دون اعتبار الظروف، وملغية لما سبقها من قرارات وقوانين، ويحصرها في المواد الأولى والخامسة والسادسة. في مقابل هذه الأوامر والنواهي التي يضعها كانط وصايا لتجنب الحرب وتكرارها الدائم ولتثبيت شروط السلم الأبدي بين الشعوب، يصيغ مبادئ ثلاثة نهائية وضرورية لتحقيق السلام يجملها في التالي: «يجب أن يكون الدستور المدني لكل دولة دستورًا جمهوريًّا».
«يجب أن يقوم قانون الشعوب على التحالف بين دول حرة».
«حق النزيل الأجنبي، من حيث التشريع العالمي، مقصور على إكرام مثواه».
إذن وفق كانط «السلم الأبدي» بين دول العالم ليس مجرد طرح طوباوي، وإنما تأطير نظري فلسفي لإمكانية سياسية ممكنة لو توافرت الظروف والإرادات لوضع تلك الأفكار موضع تطبيق؛ إذ «لا يجوز لنا أن نستنتج من أن شيئًا لم ينجح حتى اليوم، أنه لن ينجح أبدًا». ولكن لكي يتحقق السلام بين دول العالم المتصارعة لا بد من تشكيل مؤسسة سياسية «حيادية» تسهر على قوانين السلام العالمي وتضعها موضع التطبيق وتحاسب منتهكيها، وتلك المؤسسة التي يسميها كانط مرة «حلف الشعوب» ومرة أخرى «حلف السلام» أو مرة ثالثة «جامعة أمم» ستكون نواة ما سيعرف لاحقًا بمنظمة الأمم المتحدة التي تأسست مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945م والتي حلت مكان هيئة «عصبة الأمم» التي تأسست بدورها مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى، و«مؤتمر باريس للسلام» عام 1919م والتي كانت آراء كانط حول السلام حاضرة فيها كلها على نحو مباشر أو غير مباشر.
مَأْسَسة السلام وقَوْنَنَته
في كل مرة إذن كانت تقوم فيها حروب كبيرة «عالمية» يدرك الساسة ضرورة مأسسة السلام وقوننته في قوانين دولية، والعمل على فض النزاعات والحروب عبر الدول وهو ما سيتجلى في «مجلس الأمن» التابع للأمم المتحدة. لا شك أن هذه المؤسسات ليست مثالية، بل هي اليوم مجرد «وحوش من ورق» كما سماها هابرماس، وهي تخضع لسلطة وسيادة ومصالح الدول العظمى والقوى الكبرى التي تنتهك كغيرها من وقتٍ لآخر قرارات ومواثيق الأمم المتحدة، لكن هذا لا يمنع من أنها قامت وتقوم بدور تنظيمي للعلاقات الدولية، ولا بد اليوم من العمل على إصلاحها ابتداءً من التنظير الفلسفي الأخلاقي الذي يضع الشعوب وحقوق الإنسان فوق أي اعتبار للمصلحة والقوة.
من الصحيح إذن أن «السلام الأبدي» الكانطي ليس مجرد حلم طوباوي وإنما هو يندرج معياريًّا عنده ضمن مفهومه حول «الفكرة الموجِّهة» التي تظل ترانسندنتالية أي متعالية ومثالية، لكن مثاليتها شرط لتوجيه إرادات البشر نحو تحقيق أمثل للممكنات الواقعية في السياسة والأخلاق.
ومع أن كتيب كانط هذا يظل مرجعية نظرية لا غنى عنها للتأسيس الفلسفي لمفهومي الحرب والسلام، إلا أنه يظل محكومًا مع ذلك بواقع الحياة السياسية وتقلباتها وصراعاتها في أوربا في القرن الثامن عشر، ولكن بخاصة في فرنسا التي قامت فيها الثورة عام 1789م وتأثر بها كانط أعظم تأثير. من هنا يمكن أن نفهم اشتراطه أن يكون الدستور جمهوريًّا للدول لتحقيق السلام بين الشعوب كما يتجلى في المادة الأولى من المبادئ النهائية. كما أن رؤية كانط للسلم آنذاك تظل محكومة بحروب أوربا المستعرة يومها وحاجة الدول الأوربية المتصارعة آنذاك إلى التوصل إلى حلول سلمية تنهي المعاناة البشرية وتسمح لمبادئ التنوير بالتحقق.
المنشورات ذات الصلة
صناعة النخب
لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير...
جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو
كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في...
اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل
في 26 أكتوبر 1931م، كتب الفيزيائي والرياضي إدموند ت. ويتاكر، الأستاذ في جامعة إدنبرة، لابنه انطباعاته عن كتاب برتراند...
0 تعليق