كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
«سوق عكاظ» .. يستعيد مجده ويفتح نافذة على المستقبل
لم يدر بخَلَد الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز وأعضاء اللجنة التي شكلها برئاسة المؤرخ محمد بن بليهد لتحديد موقع سوق عكاظ التاريخي قبل نحو 82 عامًا؛ أن تكون جهودهم في ذلك الوقت بذرة يصنع منها ملحمة سوق عكاظ الحديث، وتساعد على إحياء إرث عربي تاريخي يعود تاريخه إلى أكثر من 1500 عام؛ ليتجاوز المحيطات، ويصل إلى العالمية، ويصبح مركز إشعاع حضاري، ومنتدى إثرائيًّا معرفيًّا، وملتقى للحياة.
«لم يَهُنْ على الملك فيصل -يرحمه الله- ضيـاعُ عُكاظ ونِسْيانه، فبحث عنه حتى وجده وحدّد مكانه، ثم أَصْدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- أمر اسْتدعاء ملكيّ تاريخيّ استثنائي فحضر عُكاظ»، تذكّر هذه الكلمات، التي ألقاها الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ في حفل افتتاح الدورة العاشرة لسوق عكاظ يوم الثلاثاء 6/11/1437هـ، بأهل الفضل في إعادة إحياء أهم وأشهر أسواق العرب التاريخية.
انطلقت فعاليات الدورة العاشرة لسوق عكاظ التي استمرت من 6-16 ذي القعدة 1437هـ(9_19 أغسطس 2016م) بحفل افتتاح شارك فيه فنان العرب محمد عبده؛ اشتمل على تكريم الفائزين بجوائز سوق عكاظ البالغة قيمتها مليون و800 ألف ريال؛ إذ فاز الشاعر الأردني محمد العزام بشاعر عكاظ وبُردته، والشاعر السعودي خليف الشمري بلقب شاعر شباب عكاظ وبُردته، فيما نال جائزة الرواية التي استُحدثت في الدورة الحالية الروائي السعودي مقبول موسى العلوي، وفاز بجائزة لوحة وقصيدة عبدالرحمن خضر الغامدي «المركز الأول»، ومحمد علي الشهري «المركز الثاني»، وسعيد الهلال الزهراني «المركز الثالث»، وتسلم جائزة المركز الأول في جائزة الخط العربي عبدالباقي أبو بكر من ماليزيا، وجاء محفوظ ذنون يوسف عراقي الجنسية في المركز الثاني، ويحيى محمد فلاته من نيجيريا في المركز الثالث، ونال جائزة التصوير الضوئي عبدالرحمن إبراهيم الماجد من البحرين، وظافر مشبب الشهري من السعودية، وقاسم محمد الفارسي سعودي الجنسية. كما حصل على جائزة رائد أعمال عكاظ المستحدثة لأول مرة في الدورة العاشرة لؤي محمد نسيب من السعودية، وحصد جائزة مبتكر عكاظ محمد بإسلامة.
وشهدت الدورة العاشرة إطلاق برامج ومشاريع نوعية تخدم الثقافة العربية، تمثلت في توقيع اتفاقية إنشاء واحة للتقنية بالقرب من موقع سوق عكاظ التاريخي، ووضع حجر الأساس لجادة عكاظ المستقبل، وتدشين أكاديمية الشعر العربي الفصيح التي تُعَدّ أول مشروع عربي من نوعه، وجرى تدشين باكورة أعمال الأكاديمية بطباعة وتوزيع أربعة دواوين شعرية لشعراء فائزين في الدورات السابقة بجوائز عكاظ الشعرية.
وتضمنت الدورة التي حضرها وزراء ومثقفون وأدباء وشعراء من داخل المملكة وخارجها؛ إثراءً معرفيًّا في شتى المجالات. بدأت الفعاليات بملتقى الريادة المعرفية الذي حظي بحضور وتفاعل كبيرين، تحدث فيه عبر ثلاث جلسات وزير الحج والعمرة ورئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومدير جامعة الطائف في ورقة قدمها نيابة عن وزير التعليم، ومسؤولون في صندوق التنمية الصناعية وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة وعدد من رياديي الأعمال. وأوصى الملتقى بضرورة وجود القيمة المضافة في الأعمال الريادية المعرفية بالمملكة، كما استعرض أبرز خطط تحقيق رؤية المملكة (2030).
حوار الشباب
وخاطب الأمير خالد الفيصل شباب سوق عكاظ في لقاء حواري مفتوح شارك فيه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي أقيم بجامعة الطائف ضمن فعاليات الدورة العاشرة، وأكد في كلمته أن تمسك المملكة العربية السعودية وشعبها بالكتاب والسنة منذ تأسيسها هو السبب وراء الحملة الشرسة التي تواجه الإنسان السعودي، وقال: «اليوم يتحقق حلم الآباء والأجداد ذلك الحلم العميق جدًّا أن يكون الإنسان السعودي قدوة للعالم بأسره.. فماذا أنتم فاعلون؟ أنا أجيب على ذلك: ارفع رأسك أنت سعودي». كما شهد اللقاء إعلان وزير الثقافة والإعلام عن تأسيس صندوقين للدعم: الأول لدعم الفن والفنانين، والثاني خاص بمدينة إنتاج إعلامية، كاشفًا عن صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على إنشاء المجمع الملكي للفنون الذي يتضمن مسرحًا وطنيًّا ومعرضًا فنيًّا ومتحفًا إسلاميًّا.
وشارك 72 مفكرًا ومثقفًا وشاعرًا من مختلف الدول العربية في إثراء البرنامج الثقافي للدورة العاشرة بأوراق عمل وبحوث أدبية وعلمية في 7 ندوات ثقافية و3 أمسيات شعرية. وتضمنت موضوعات الندوات استعراضًا لدراسات نقدية للشاعر الجاهلي عروة بن الورد، وعن الأديب السعودي عبدالله بن خميس، كما بُحثت جهود الترجمة في فرنسا، والمخطوطات المهاجرة، مع تناول عدد من التجارب الكتابية والفنية، بجانب البحث عن موضع الهوية الثقافية في العالم الرقمي، وحماية الخصوصية في وسائل التواصل الاجتماعي.
ولأن استدعاء سوق عكاظ من الماضي ليس استظهارًا له فحسب، بل جاء ليبني ما ينفع الحاضر ويفيد المستقبل، كما أكد ذلك الأمير خالد الفيصل؛ فقد أقيم معرض عكاظ المستقبل الذي شارك فيه أكثر من 50 جهة حكومية وخاصة تُعنى بمجالات الابتكار وريادة الأعمال، والذي يعد أضخم معرض من نوعه في المملكة، حيث يُعَدّ أول منصة وطنية تعنى بالابتكار وريادة الأعمال المعرفية. وضم المعرض 5 منصات إبداعية تقدم مفاهيم عصرية حديثة. حيث فتح مجال النقاش بين الزوار والشباب وصناع القرار حول تقنيات المستقبل عبر منصة الاستقبال، فيما أعطى فرصة للجامعات والمراكز والمؤسسات المهتمة بالابتكار وريادة الأعمال، وكذلك المبتكرين والمبدعين لعرض ابتكاراتهم ومنتجاتهم المعرفية، والنقاش البناء بين المهتمين والمختصين والمستثمرين في مجال الابتكار والريادة من خلال منصة الحاضر.
أما منصة الانطلاق التي هدفت إلى وضع الشباب على الطريق الصحيح لبدء مشاريعهم الريادية؛ واشتملت على 3 ورش عمل تدريبية، وهي: فعالية (ستارت أب ويكيند) التي قدمها برنامج بادر لحاضنات الأعمال بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وبرامج تدريبية، وورش عمل متخصصة في ريادة الأعمال قدمها مركز الملك سلمان للشباب. وورشة عمل تدريبية قدمها مركز تسامي لريادة الأعمال الاجتماعية.
وأتاحت المعارض فرصة لزوار سوق عكاظ للتبرع بالخلايا الجذعية وأخذ عينات مبدئية للمتبرعين، والمشاركة في ورش عمل ودورات تدريبية لتعلم الخط العربي، والاطلاع على مقتنيات أثرية نادرة، والاطلاع على ابتكارات وبراءات الاختراع لمبدعي الوطن، إضافة إلى جناح لكتب الأطفال ومرسم لهم. ومع كل هذه الفعاليات الثقافية والإبداعية المتنوعة، كان لجادة سوق عكاظ النصيب الأكبر من اهتمام ومتابعة زوار السوق الذين سجلوا أرقامًا قياسية لأول مرة منذ إحياء السوق قبل عشر سنوات متجاوزين 300 ألف زائر، بعد أن كانوا 60 ألفًا فقط في الدورة الأولى. واشتملت فعاليات الجادة: أجنحة للحرفيين وللحرفيات الذين تنافسوا للفوز بجوائز الأعمال الحرفية البالغة قيمتها 500 ألف ريال، و4 عروض مسرحية بعنوان «عبس وذبيان.. حكايات الشعر والحرب» تبدأ من الساعة الرابعة عصرًا إلى بعد صلاة العشاء يوميًّا، إضافة إلى عروض الخيل والجمال ومسيرات القوافل التي تحاكي ماضي السوق.
المنشورات ذات الصلة
رحلة الكتابة والخط والبحث عن الجوهر
تتناول النسخة الثانية من معرض «رحلة الكتابة والخط» الذي يقام في مدينة الرياض وينتقل لاحقًا إلى المدينة المنورة، البُعد...
مدير عام قطاع الأدب في هيئة الأدب والترجمة والنشر خالد الصامطي: نسعى لكسر الحواجز بين الأدب والفرد وبين الأديب وجمهوره
أوضح مدير عام قطاع الأدب في هيئة الأدب والترجمة والنشر خالد الصامطي، فيما يخص آلية عمل الشركاء الأدبيين، أن الهيئة...
تركي الفيصل يستقبل المبعوث الخاص الصيني للقضية السورية
استقبل الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في مكتبه بالمركز في سبتمبر...
سوق عكاظ من أشهر المناسبات المعروفة لدى العرب من قديم الزمن، كان ملتقى للشعراء والأدباء
وفي العصر الحديث اصبح ملتقى للمثقفين والكتاب والأدباء والشعراء وبعض من الشخصيات المعروفة من الوسط الفني
وفي تقديري المقال ممتاز وعرف بأنشطة الفعالية وبرامجها.