كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
عبدالله آل عياف: تجارب السعوديين السينمائية تَعِدُ بالكثير وتعكس تنوع المجتمع
يتطرق المخرج السعودي عبدالله آل عياف رئيس هيئة الأفلام إلى آليات ووسائل تطوير صناعة السينما في السعودية داخليًّا، وصقلها بالمشاركات الخارجية والتعاون مع المهرجانات العالمية؛ وذلك بعرض الأفلام السعودية وتعريف الجمهور العربي والعالمي بالسينما السعودية، وبخاصة في ظل النقلة الكبيرة في بيئة صناعة الأفلام في المملكة.
كما يتحدث آل عياف لـ«الفيصل» عن مشاركة السينما السعودية ضيف شرف في مهرجان مالمو للسينما العربية، وعن الاستعدادات السعودية الجارية للمشاركة في أيام قرطاج السينمائية ضيف شرف أيضًا، وعن مستوى الأفلام المشاركة في هذه المهرجانات والتظاهرات العالمية التي تعكس تنوع المجتمع السعودي. ويؤكد آل عياف الطموح السعودي الكبير لتحقيق المزيد من المنجزات السينمائية، مشيرًا إلى الأثر الإيجابي الناتج عن احتكاك السينمائيين السعوديين بنظرائهم العالميين. ويتوقف عند الاحتفاء العربي والعالمي بالسينما السعودية الذي يعكس ثقل المملكة السياسي والاقتصادي والثقافي.
حراك داخلي وحضور خارجي
● تشهد السينما السعودية حراكًا متواصلًا، لكن ما يهمنا هنا هو الحراك الخارجي، فأصبح في كل مهرجان عالمي حضور نوعي للسينما السعودية، هل يمكن أن تحدثنا عن هذا الحضور وكيف يجري التنسيق له؟
■ الفن السينمائي هو خلاصة العمل الجمعي صناعةً وتلقًا، والوصول إلى العالم يبدأ -من دون شك- من خطوة ترتيب البيت السينمائي المحلي داخليًّا. وحرصًا على التلاقح الثقافي وتبادل الخبرات، نعتبر المشاركات الخارجية ضرورة لها الثقل نفسه؛ لتمكين فرص التعاون الدولي لمجتمع الأفلام السعودي، كجزء يعكس الحراك الداخلي في القطاع، ويمده بالقيمة المعرفية والفنية والتقنية التي تعود على الصناعة الشابة للسينما السعودية، وذلك عبر عرض الأفلام السعودية لجمهور منوع، وبحث فرص الظهور للمواهب الوطنية، وجذب مشروعات الإنتاج للمملكة؛ كل ذلك يعكس صورة مشرقة للحياة والحراك الثقافي والتوجهات التنموية المنبثقة من رؤية المملكة 2030. وفي المدة الماضية كان للسينما السعودية حضورٌ تمثيلي في مهرجانات دولية عدة لإبراز المواهب السعودية، واستقطاب الكفاءات العالمية في مجال صناعة الأفلام تدريبًا وإنتاجًا، وبخاصة بعد النقلة الكبيرة في بيئة صناعة الأفلام في المملكة عبر منظومة حكومية داعمة وحافزة للصناعة، مثل: مهرجان كان السينمائي الدولي (٢٠٢١- ٢٠٢٢م)، ومهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (٢٠٢١- ٢٠٢٢م).
● حضرت السينما السعودية ضيف شرف في مهرجان مالمو، وقريبًا ستكون أيضًا السينما السعودية ضيف شرف على أيام قرطاج السينمائية، حدثنا عن ردود الأفعال على مشاركة مالمو، وعن استعداداتكم لأيام قرطاج السينمائية؟
■ مشاركة السينما السعودية في مهرجان مالمو للسينما العربية كانت فاعلةً وسعدنا بأصدائها، حيث حفل برنامج «ضيف الشرف للمهرجان» بعروض لأفلام سعودية منوعة (خمسة أفلام روائية سعودية طويلة، وسبعة أفلام قصيرة)، وأقيمت ندوات متخصصة حول صناعة الأفلام في المملكة، وحظيت هذه العروض بحضور جماهيري متنوع من المقيمين العرب في السويد والجمهور السويدي والأوربي بشكل عام من زوار المدينة، والجميل أن برنامج ضيف الشرف ختم فعالياته بإقامة ليلة فنية متكاملة، وحضرها ضيوف المهرجان من صناع السينما في العالم العربي ودول الشمال الأوربي. وأود أن أشير إلى أن هيئة الأفلام رحبت بهذه المشاركة منذ البداية حيث يعد مهرجان مالمو أحد أكبر المهرجانات المخصصة للسينما العربية خارج العالم العربي، وحضورنا فيه هو مواصلة لحضور السينما السعودية على المنصات العالمية؛ سعيًا لبناء شراكات تسهم في رحلة بناء القطاع السينمائي في المملكة العربية السعودية.
أما بالنسبة لمشاركتنا في أيام قرطاج السينمائية فالاستعدادات جارية لبناء مشاركة تليق باسم المملكة والسينما الناهضة فيها؛ وبما يتناسب أيضًا مع هذا المهرجان العريق، ونتطلع لمشاركة مثرية من صناع الأفلام السعوديين ولجمهور وحضور المهرجان.
● كيف ترى مستوى الأفلام المشاركة في مثل هذه التظاهرات، من زاوية المخرج والمسؤول أيضًا؟
■ مستوى الأفلام المشاركة هو مستوى واعد وحافز لصناعة حضور مميز وممثل للفِلم السعودي، ونطمح إلى وصول الإنتاجات السينمائية السعودية إلى مستويات أعلى. أستطيع القول: إنها تجارب تَعِدُ بالكثير، وتعكس تنوع المجتمع السعودي؛ وهذا في حد ذاته يحقق قيمة إضافية معرفية للعالم عنّا؛ حيث ستنمو هذه القيمة مع تسارع الإنتاجات في المستقبل، كما أنّ تلقّي الجمهور الخارجي لها مرحب ونهم للمشاهدة والنقد.
أؤكد أن الطموح كبير وأنا على ثقة كبيرة بالسينمائيين السعوديين لتحقيق المزيد من المنجزات السينمائية التي ستضع اسم المملكة في مكانة بارزة داخل خارطة السينما على المستويين العربي والدولي. ومن زاويتي كمخرج، فإني لطالما سعدت بمشاركة رأيي الفني الخاص لمن يطلبه من الزملاء، وهو بكل تأكيد رأي قد يحتمل خطأ الانطباع، أو صواب النقد.
اللحاق بالركب العالمي
● كيف ترى انعكاس هذه المشاركات على السينمائيين أنفسهم، عندما يكونون في مواجهة سينمائيين آخرين، لهم خبرة أكثر، وأعمال متميزة، وشُوهِدَت على نطاق واسع؟
■ أعتقد جازمًا أنه انعكاس إيجابي وحافز على بذل المزيد؛ ناهيك عن عامل تبادل الخبرات والأفكار والرؤى مع نظرائهم السينمائيين الذين يلتقونهم في هذه المشاركات. إن المشاركات في المحافل الدولية تسهم في توسيع فكر السينمائي، وتخلق داخله تحديًا وإصرارًا للوصول إلى مستويات عليا؛ هذا الإحساس عند السينمائيين السعوديين أُومِنُ به عن قناعة؛ لأني أعرف أبناء وبنات بلادي، وأعرف مدى إصرارهم على تحقيق أكبر المنجزات.
● هل تحرصون على إشراك سينمائيين من مختلف التخصصات في هذه المشاركات للإفادة، أم إن المشاركات نفسها لا تسمح؟
■ نعم بكل تأكيد؛ هذا توجه أصيل وثابت لدى هيئة الأفلام، وأُشرِكَ في المشاركات السابقة متخصصون من مختلف المجالات في القطاع من مخرجين ومنتجين وإعلاميين ونقاد وممثلين وكتّاب وغيرهم، وسيستمر هذا التوجه في المشاركات المقبلة، فالسينما صناعة تتكاتف فيها جهود متنوعة لكي ترتقي وتتطور.
● يوجد احتفاء كبير بالسينما السعودية من السعوديين والعرب، مثل هذا الاحتفاء الإيجابي والصادق ألا ترى أنه قد يؤثر في تطوير التجربة، سواء الفردية أو الجماعية، ما تعليقك على هذه المسألة؟
■ نعم يوجد احتفاء مميز بالسينما السعودية، وهو في رأيي دافع للمواهب الصاعدة (على المستوى الفردي) في أن تلحق بالركب العالمي، وتتجه لتشكيل بصمتها الخاصة، ولثقل المملكة السياسي والاقتصادي والثقافي فإن الأنظار تتجه في مجال السينما لما يصنعه السينمائيون. كما أرى في الوقت نفسه أن هذا الاحتفاء يُعلِي من سقف البذل والتجويد (على المستوى الجماعي)، وأشير إلى عبارة مهمة وردت في سؤالك؛ وهي أن يكون الاحتفاء إيجابيًّا وصادقًا. الإيجابية تعني التعامل مع المنتج بإخلاص وعزم؛ حفزًا على الاجتهاد وتجنبًا للأخطاء.
● يرى متابعون أن بعض صناع السينما السعوديين، وخصوصًا من ليس لديهم حتى الآن تجربة واضحة، يطرحون أنفسهم كما لو أنهم قد صاروا نجومًا، وبخاصة عند السير على السجادة الحمراء والتقاط الصور، وأيضًا الحضور في المهرجانات. في رأي المتابعين أنه من الضروري تنبيه هؤلاء إلى أن المشوار لا يزال طويلًا على النجومية، بالنسبة لهم؟
■ الظهور على السجاد الأحمر والتقاط الصور لا يرمز إلى النجومية، بل هو جزء من التجربة الفنية وحضور منصات العرض، والعبرة بالتجربة الفنية والنجاح الجماهيري والنقدي، فمن حق الموهوب الاحتفاء بمنجزه، وللجمهور المحلي ميزانه للحكم، ونحن نتعامل مع جمهور فائق الذكاء والوعي الفني والذوقي. طريق النجاح طويل ووعر، والمبدع الواعي يدرك ذلك.
● ما التحدي الأكبر الذي يواجهكم كهيئة وكسينمائيين عند تلقي دعوة المشاركة كضيف شرف في مهرجان من مهرجانات السينما العالمية؟
■ نحن نسعد بمد جسور العلاقات السينمائية مع العالم تعارفًا وإنتاجًا، وبخاصة الدعم غير المحدود الذي يصلنا من قيادتنا الرشيدة، وسمو وزير الثقافة، ومعالي نائبه، ونحرص في كل مشاركة على بناء برامج مدروسة تمثل المملكة ومواهبها بأفضل صورة، يساندنا تمكن الزملاء والزميلات في الهيئة بعملهم الدؤوب تحضيرًا وحضورًا. ندرك أن سقف التوقعات عالٍ، وطموحنا أعلى، وبدعم الجميع سنتجاوز جميع التحديات.
المنشورات ذات الصلة
المخرج الجزائري سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائمًا هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين... وفي الجزائر المقاومة كانوا يُعدون بعشرات الآلاف
يملك المخرج الجزائري سعيد ولد خليفة تصوّرًا مختلفًا للسينما، تشكّل من خلال تقاطع حياته الشخصية المصقولة على نار الغربة...
«مندوب الليل» فِلْمه الروائي الأول علي الكلثمي: نعيش عصرًا ذهبيًّا تتوافر فيه سبل الدعم
أوضح المخرج السينمائي السعودي علي الكلثمي، أن المصادفة هي التي أوحت له بشخصية «فهد القضعاني»، مشيرًا إلى التخطيط...
«احكِ منامكَ حتى أراك» لخليل صويلح محمد ملص: مخرج لديه رغبة دفينة في ترجمة عمره الشخصي إلى أفلام
يستعير خليل صويلح قول سقراط (470- 399 ق. م) «تكلم حتى أراك» عنوانًا لكتابه الجديد «سينما محمد ملص- احكِ منامكَ حتى...
0 تعليق