كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
أثر المنهج الفيلولوجي الأوربي في النشر التراثي العربي
هذه مسألة كثيرًا ما أثيرت في المنتديات والمنابر الثقافية المتنوعة، ولا أظن أن الحديث عنها وفيها سينقطع، لما تمثّله من استحضار لعلاقة الذات بالآخر، ومحاولة تأريخ بداية تحقيق المخطوطات عند العرب. وستسعى السطور الآتية إلى محاولة النبش من جديد في المسألة بغية الوصول إلى عناصر لذلك التلاقي بين الشرق والغرب عبر أعلام التحقيق في القرنين التاسع عشر والعشرين.
في القرن التاسع عشر: انقسم الباحثون العرب إزاء هذه المسألة إلى قسمين:
– فمن قائل بوجود الأثر الفيلولوجي الأوربي في النشرات العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين نتيجة أخذ بعض العرب عن مستشرقين منهم دو ساسي [1838م] تتمثل في تتلمذِ عرب ومسلمين عليه من المصريين واللبنانيين والتونسيين، وأشهرهم كما هو معروف رفاعة رافع الطهطاوي»(١). فضلًا عن احتكاكهم بالثقافة الأوربية في موطنها. يضاف إلى الطهطاوي (1873م)، أحمد زكي باشا الذي شارك في مؤتمرات الاستشراق وزار أغلب أقطار أوربا.
– وقائل بانعدام ذلك الأثر في القرن 14هـ/ 19م، حيث يستدل المنجّد في دراسة(٢) له على خفوت هذا الأثر، من خلال استقراء نشرات بولاق وتتبع منهج مصححيها ورؤاهم في التصحيح والنشر.
يصعب الحسم في مسألة الأثر هل كان أو لا؟ وما طبيعته ومداه؟ وإن كان الراجح عندي ظهور ذلك الأثر بعد جيل مصحّحي مطبعة بولاق، أي ابتداء من جيل أحمد زكي باشا، ولي وقفة قريبة مع مسألة تأثره تلك.
مهما يكن، فقد توسع اهتمام المستشرقين في نشر التراث العربي في القرن التاسع عشر، وكثرت نشرات النصوص التراثية العربية في مطابع أوربا، وفي القرن ذاته ظهرت نشرات العرب بفضل مطابع مثل مطبعة بولاق بالقاهرة ومطبعة الجوائب في إستانبول.. فنُشرت كتب عدة في بولاق مثل: ألف ليلة وليلة (1848م)، وكليلة ودمنة (1836م)، وصبح الأعشى (1905م)، ولسان العرب (1883م) والأغاني، ومقامات الحريري (1852م) وحواشي السيد على المطول (1826م).
وقد اعتنى بنشر هذه الكتب علماء مصححون أمثال: عبدالرحمن الصفتي الشرقاوي (1848م)، ومحمد قِطّة العدوي (1864م)، ونصر الهوريني (1874م)، وإبراهيم بن عبدالغفار الدسوقي (1883م)، ومحمد بن محمد البلبيسي. لكن نشراتهم التراثية على الرغم من الجهد الكبير المبذول في إخراجها، فإنها تفتقر إلى سمات التحقيق العلمي ومكملاته، مثل ذكر النسخ ووصفها، والمقابلة بينها، وإثبات الفروق، وتقديم الكتاب أو دراسته، وصنع الفهارس.
وفي مرحلة لاحقة ظهرت هيئات ومؤسسات في العالم العربي مثل: جمعية المعارف وشركة طبع الكتب العربية، ولجنة نشر المخصص، ولجنة إحياء الآداب العربية… و«كان التحقيق في هذه الآونة يدور حول مقابلة النسخ المتعددة للمخطوطة الواحدة، وتصحيح النص على هذا الأساس. وقد يشير المصحح في بعض الأحيان إلى اختلاف النسخ، دون أن يذكر لنا ما هي هذه النسخة، ولا من أين هي؟ ولا يعطي لنا مقدمة دارسة للكتاب ومخطوطاته وتوصيفه»(٣). نذكر من رجالات هذه المرحلة كلًّا من محمد محمود ابن التلاميد الشنقيطي (1904م)، ومحمد عبده (1905م)، وأحمد تيمور (1930م)، وأحمد زكي باشا (1934م)، ومحمد كرد علي (1953م)، ومحب الدين الخطيب (1969م)، ومحمد محيي الدين عبدالحميد (1972م).
وفي النصف الأول من القرن العشرين نشطت حركة التحقيق «على يد علماء مبرّزين من أمثال: أحمد محمد شاكر، وأخيه محمود، وعبدالسلام هارون، والسيد أحمد صقر، ومصطفى السقا، ومحمد أبو الفضل إبراهيم…»(٤)، وإبراهيم الأبياري، وعلي البجاوي، وأمين الخولي، وعائشة عبدالرحمن، ومحمد بن تاويت الطنجي.
ثم اطّردت حركة التحقيق والنشر، وانخرطت الجامعات والمؤسسات العلمية في ذلك، فأنشئت برامج جامعية في التحقيق ونوقشت البحوث ونِيلَت الشهادات والجوائز عن نصوص محققة، ولا بد من هذه الهرولة نحو تحقيق النصوص التراثية من مثالب ونقائص؛ أهمها استشراء النشر التجاري بفعل التطور المعلوماتي، ومسارعة طلبة الماجستير والدكتواره إلى التحقيق من دون دربة وخبرة، فضلًا عن ندرة المعاهد والمؤسسات المتخصصة في تخريج محققين مؤهلين.
أ) في القرن العشرين: لا بد من الوقوف هنا عند أحمد زكي باشا (1867-1934م) وصلته بأوربا ومناهج رجالاتها في تحقيق النص التراثي، هذا ينبئ بتحقق المثاقفة في حالة الرجل، وهو ما يجعل الباحث يقول بتأثره البادي بالمنهج الفيلولوجي أو منهج التحقيق العلمي كما عرفه المستشرقون عبر المعطيات الآتية:
– مُعطى حضاري: حيث زار أوربا وتجول فيها مدة ستة أشهر، واطلع على حضارتها وكتب عنها وبخاصة فرنسا مثل: الطهطاوي ومحمد عبده وعبدالله فكري. قال عنه أحد الباحثين: «فقد توالت رِحْلاته لأوربا، وتوالت مقابلاته للمستشرقين… وتوالى بحثه عن المخطوطات العربية في مكتبات الشرق والغرب»(٥).
– مُعطى علمي: حيث شارك في مؤتمرات المستشرقين، واحتك بهم مِن كَثَبٍ «وتحدّث معهم، واستمع إليهم، وزار مكتبات أوربا بحثًا عن التراث العربي»(٦). ويثوي خلف ذلك إتقانه لغات كالفرنسية.
– مُعطى ذاتي: حيث يصرح بذلك في قوله: «على أننا، بحمد الله، قد بدأنا نأخذ عنهم، ثم أنشانا ننسج على منوالهم، فدخلنا طور التجربة وسيتبعه دور الانتقال، فنكون جديرين بالأجداد»(٧). ويقول في موضع آخر: «وأختم خطبتي بأن أتمنى للمستشرقين الفوز بالنجاح في جميع الأعمال، وإني قد أخذت على نفسي بأن أكون في بلادي من أول العاملين على تبيان حسناتهم، وإظهار فضائلهم وكمالاتهم»(٨).
– مُعطى موضوعي: يكاد يجمع الباحثون على ذاك التأثر أمثال عبدالسلام هارون في قوله: «العلامة أحمد زكي باشا (1867- 1934م) الذي قدم لنا باكورة المنهج الحديث في تحقيق النصوص، كما كان أول نافخ في بوق إحياء التراث على النهج الحديث»(٩)، ورمضان عبدالتواب في قوله: «وقد تأثر بهؤلاء المستشرقين بعض رجال الرعيل الأول من المحققين العرب المحدثين، من أمثال العلامة المرحوم أحمد زكي باشا»(١٠)، والصادق الغرياني في قوله: «ويعد أحمد زكي رائد فن التحقيق الحديث، حيث بدأ التحقيق معه في المشرق يأخذ نهجًا جديدًا، على النمط الذي عرفه به المتقنون من المستشرقين»(١١)، وعبدالمجيد دياب في قوله: «وكان صاحب الفضل في مد الجسور بين محققي القسم الأدبي –فيما يتصل بنشر التراث- أحمد زكي باشا الذي اتصل بعلماء الاستشراق»(١٣).
– مُعطى منهجي: يتجلى في ترسُّمه منهج المستشرقين في التفتيش عن المخطوطات وجمعها، وتحقيقها، وفهرستها، فضلًا عن نشره الوعي التراثي بين تلامذته ومعاصريه من الباحثين والمكتبيين، ويقول: «إن المستشرقين لا يألون جهدًا في العمل على نشر الكتب التي صنفها جهابذة العرب، وبحثوا فيها عن شتى الموضوعات، وتنشر لهم طائفة كبيرة من أمهات الكتب العربية النفيسة، وقد يترجمونها إلى لغاتهم»(١٣). ولعل تشوّفه وحماسته إلى تحقيق النص التراثي برز قبل مشاركته في مؤتمر لندن من 5 إلى 12 سبتمبر 1892م، حين «رأى أن بعض هذه المخطوطات قد طبعت بمعرفة المستشرقين، فتطلع إلى أن يقوم بمثل هذا العمل في التحقيق والفهرسة… واستهل جهده حين قدم لمؤتمر المستشرقين في لندن سنة 1892م عشرة كتب قديمة نقحها وصححها»(١٤).
ظهرت فكرة الاشتغال بالتراث أو التحقيق عند الرجل قبل سفره إلى مؤتمر لندن، بدليل ما عرضه من أعماله فيه على شكل تآليف صغيرة ومعاجم ومقالات وشبه تحقيقات لنصوص تراثية مثل: «القصيدة الفارقة بين الضاد والظاء» لناظمها الشيخ الإمام علي بن عبدالله المرزوي التي قال عنها: «وقد كانت النسخة التي عثرت عليها سقيمة للغاية محرفة مشوهة، فاجتهدت في إصلاحها وتهذيبها، حتى أصبحت واضحة ظاهرة المزايا، ويمكن الانتفاع بمراجعتها. وسأضيف إليها جدولًا هجائيًّا عند طبعها لتتميم نفعها، وتسهيل البحث فيها»(١٥).
لكن اشتغاله بالتراث -حسبما ذكر عن اعتنائه بالقصيدة الفارقة– ما زال بعيدًا من المنهج الفيلولوجي المعروف، حيث اشتغل بنسخة واحدة سقيمة بالإصلاح والتهذيب كما ذكر، مع تذييلها بجدول هجائي (لعله يقصد الفهرس)، ولا يبعد تأثره هنا بأسلافه من مصححي مطبعة بولاق، ورواد الحركات الإصلاحية أمثال محمد عبده. كما لا يبعد اطلاعه على بعض نشرات المستشرقين في الإرسالية الفرنسية في القاهرة، يقول: «وإني أعترف لكم بأني لم أقف تمام الوقوف على أهمية جمعيتكم الزاهرة، إلا بعد أن ارتبطتُ بالإرسالية العلمية الفرنساوية بمصر القاهرة، فإنها فتحت أمامي الطريق، وكانت فيها مكاشفتي بهذه المزايا المفيدة العديدة»(١٦).
ومع ذلك، فهو يقر بمحدودية صيت الاستشراق في مصر بين مثقفيها وعلمائها في عصره في قوله: «نحن أبناء مصر قد عرفنا جمعية المستشرقين من عهد غير بعيد، وما زلنا إلى الآن غير واقفين على أحوالها كما ينبغي؛ وذلك لأن المؤلفات الخاصة بها، والكتب التي تطبعها بالألسنة المشرقية لم تنل في بلاد المشرق خطوة الاشتهار»(١٧).
ولا جرم أن رؤيته اتسعت، وتوطدت صلته بالتراث في مؤتمر لندن وبُعَيده، إذ مشاهداته ولقاءاته ونقاشاته –وهو ما زال طري العود- في مؤتمر علمي، شحذت همته للعمل على بعث التراث واقتباس منهج جديد في التعامل مع نصوصه، عبر البحث عنه ونقله من حال المخطوط إلى حال المطبوع بقواعد علمية ومنهجية معاصرة، «فقد عمقت هذه الرحلة جوانب شخصيته الفكرية، وأعطتها دوافع الانطلاق»(١٨). ولم يكن الرجل متأثرًا بالآخر بل مؤثرًا فيه أيضًا، حيث قدم خدمات علمية للمستشرقين أنفسهم إلى جوار أحمد تيمور باشا وابن التلاميد وابن أبي شنب(١٩) وغيرهم كثير.
حقق زكي باشا ونشر نصوصًا تراثية منها: «كتاب الأصنام» (1914م)، وكتاب «نسب الخيل في الجاهلية والإسلام وأخبارها» لابن الكلبي، وكتاب التاج في أخلاق الملوك (1914م) المنسوب إلى الجاحظ، والأدب الصغير (1911م) لابن المقفع، و«نَكْت الهِميان في نُكَت العُميان» (1911م) لخليل بن أيبك الصفدي، و«مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» لابن فضل الله العمري. ويلمس الباحث في تحقيقاته نفَسًا مختلفًا عمّا ذكره في بداياته، ويعد أول من وضع كلمة «تحقيق»(٢٠) على غلاف كتبه بدلًا من كلمة «تصحيح»، ابتداءً من سنة 1911م، ولم يكن اللفظ معروفًا في لسان العرب بدلالاته التي تفيد النشر النقدي.
على الرغم من جهود زكي باشا في نشر التراث العربي، فإن أحمد شوقي بنبين يرى أن التأثر بالفيلولوجيا الأوربية لدى جيله بقي في نطاق التحقيق التقليدي ولم يتوسلوا بآليات جديدة مثل تاريخ النص، ويرى أنهم «لم يهتدوا إلى عملية تاريخ النص التي ابتدأت مع مدرسة لخمان والتي طورت عملية إخراج النصوص القديمة والتي أطلقوا عليها اسم نقد النص»(٢١)، ولعل السبب في ذلك، عدم اطلاع زكي باشا على أعمال الفيلولوجيين الألمان إلا بوساطة، واطلاعه المباشر على أعمال الفرنسيين خاصة، يقول: «نصحت إخواني وأولادي وأحبائي والمريدين بأن يقبلوا على تعلم هذه اللغة [الألمانية]، حتى يقفوا على ما حققه الألمان من علوم العرب وحضارة الإسلام»(٢٢).
استثمار المنهج الفيلولوجي
واستمر التأثير الأوربي في الجيل اللاحق من المحققين العرب، حيث تأثروا بقواعد التحقيق لدى جمعية المستشرقين الألمان في نشرياتها الإسلامية، وجمعية غيوم بوده في فرنسا، وقواعد مستشرقين آخرين أمثال: برغشتراسر في محاضراته التي ألقاها في جامعة القاهرة (1931- 1932م)، وبلاشير وسوفاجي في كتابهما «قواعد تحقيق المخطوطات العربية وترجمتها» الصادر بالفرنسية سنة 1945م.
من هؤلاء نذكر ثلاثة للتمثيل فقط وهم:
عزيز سوريـال عطية (1988م) (مصري): حقق كتاب «قوانين الدواوين» لابن مماتي، محاولًا حذو المنهج الفيلولوجي بحذافيره كما ورد عند الألمان، كما وصفه محمد مندور «بأنه سينشر كتابًا عربيًّا يأخذ فيه بأصول النشر العلمية –كما وضعها الألمان أنفسهم- أخذًا دقيقًا يجب أن يحتذى»(٢٣). ويقول هو نفسه: «فإن رائدنا الأول حاول إظهار هذا الكتاب كما دونه مؤلفه. فاحتفظنا بكل ما فيه من ألفاظ واصطلاحات وعبارات قد تبدو غريبة، وتركنا أخطاءه اللغوية والنحوية والإملائية –عدا ما لا يمكن التهاون فيه- وأسلوبه الأثري دون تغيير، وهذا ما قد يعده البعض تقصيرًا من الناشر، إلا أننا رأينا العمل على تلك القاعدة واجبًا لا مفر منه تقضي به الأمانة الأدبية»(٢٤). سعى المحقق إلى تبني ذلك المنهج في كتابه كما طبقه الفيلولوجيون الألمان حيث يحافظون على المتن كما هو بأخطائه وهناته.
صلاح الدين المنجّد (2010م) (سوري): استقى قواعده من تعاليم الجمعيتين المذكورتين مازجًا إياها باجتهادات السلف كما يقول: «إن هذه القواعد التي نقدمها غايتها توحيد طرق النشر والتعريف به. وقد استقيناها من نهج المستشرقين الألمان، ومن خطة غيوم بوده، ومن قواعد المحدثين القدامى في ضبط الروايات»(٢٥). وظهرت تلك الآثار في تحقيقاته الكثيرة.
محسن مهدي (2007م) (عراقي): حقق كتاب «ألف ليلة وليلة» باتباع قواعد المنهج الفيلولوجي، حيث يرى أن «متن الكتاب لم يضبط، وأن أصوله لم تحقق بما يرضي الباحث الخبير، ويشفي الناقد البصير! عاث النساخ في كل ما ينظرون فيه من النسخ المطبوعة وأخرجوها من أصول غير معروفة وأخرى ملفقة أو موضوعة»(٢٦)، واستمر في عمله عقدين، فبحث عن النسخ الكثيرة للنص ما بين مخطوطة ومطبوعة، فجمعها وصنفها باعتماد «تاريخ النص» حسب قدمها ونسبها، يقول: «ولكن فائدة هذه الأصول في تحقيق الكتاب تربو على هذا. وذلك لأنها تمكننا من التعرف إلى بعض ما ورد في النسخة الأم، وتعيننا في التعرف إلى بعض خصائصها، ثم إلى بعض خصائص النسخة الدستور وما كان فيها من لبس أو تشويش. وأيضًا فإنها تعيننا في معرفة سلسلة نسب نسخ الكتاب وتفرعها وسلسلة نسب نسخ كل فرع منها معرفة أدق وأثبت»(٢٧)، وتوصل في الأخير إلى نص يضم 282 ليلة فقط، ويقل بالطبع عن النص المعروف المتداول، وهو «أنموذج من نص (ألف ليلة وليلة) يختلف كل الاختلاف عن النسخ المخطوطة والمطبوعة»(٢٨).
هكذا نقف على استثمار بيّن للمنهج الفيلولوجي وبخاصة تاريخ النص ونقد النصوص في التحقيق العلمي للنصوص عند العرب، وهو منهج متفاوتة ثمراته حسب استيعاب المحقق لأدواته ورؤيته، واستيعابه أيضًا للتراث العربي بقضاياه وظواهره، وقد نجح كل من محسن مهدي في خدمة النص التراثي العربي، من حيث تاريخ النص بتتبع نسخه ونسبه، ومن حيث نقد النص وإعمال المقابلة وإثبات الفروق، وعدم الالتفات كثيرًا إلى التزيد في الهوامش وملئها بالغث والسمين، فكانت الغاية ضبط النص وإخراجه في صورة أقرب ما تكون إلى الصورة التي تركها عليه مؤلفه.
الهوامش:
(١) النشر التراثي، رضوان السيد، مجلة التسامح، س 7، ع 27، صيف 2009م، ص 380.
(٢) كان المنجد من القائلين بوجود الأثر في كتابه «الاستشراق الألماني»، دار الكتاب الجديد، بيروت، 1973. قبل أن يتراجع عنه في دراسته «منهج نشر التراث في أوائل القرن الرابع عشر الهجري»، ضمن أعمال مؤتمر «تاريخ الطباعة العربية حتى انتهاء القرن التاسع عشر»، ص. 336.
(٣) تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره، عبدالمجيد دياب، ص 87.
(٤) فصول في التراث المخطوط، عصام الشنطي، ص 74.
(٥) تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره: 97.
(٦) تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره: 97.
(٧) من تقديم أحمد زكي باشا لكتاب «الصابئة قديمًا وحديثًا»: 3.
(٨) السفر إلى المؤتمر، أحمد زكي باشا، ص 484.
(٩) قطوف أدبية: 4.
(١٠) مناهج تحقيق التراث بين القدامى والمحدثين، رمضان عبدالتواب، ص 58.
(١١) تحقيق نصوص التراث في القديم والحديث، الصادق عبدالرحمن الغرياني، ص. 62-63.
(١٢) تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره: 97.
(١٣) الأهرام 9 ديسمبر سنة 1910 نقلًا عن تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره: 97.
(١٤) تحقيق التراث العربي منهجه وتطوره: 98. ذكرها في كتابه السفر إلى المؤتمر: 457.
(١٥) السفر إلى المؤتمر: 472-473.
(١٦) نفسه: 455
(١٧) نفسه: 454-455.
(١٨) أحمد زكي الملقب بشيخ العروبة، أنور الجندي، ص 15.
(١٩) مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي، محمود محمد الطناحي، ص. 223.
(٢٠) في أصول التحقيق العلمي، أحمد شوقي بنبين، ص 23.
(٢١) في أصول التحقيق العلمي: 24.
(٢٢) أحمد زكي الملقب بشيخ العروبة: 185.
(٢٣) في الميزان الجديد، محمد مندور، ص 234.
(٢٤) قوانين الدواوين لابن مماتي (تقديم المحقق): 8.
(٢٥) قواعد تحقيق المخطوطات: 8.
(٢٦) كتاب ألف ليلة وليلة من أصوله العربية الأولى: 1/13.
(٢٧) نفسه: 2/25.
(٢٨) الكوديكولوجيا عنصرًا أساسًا في عملية التحقيق العلمي، أحمد شوقي بنبين، ضمن أعمال مؤتمر تحقيق المخطوطات الإسلامية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية: 348.
المنشورات ذات الصلة
كتاب الموسيقا للفارابي من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد
يعرّف الفارابي الموسيقا في قوله: «فلفظ الموسيقا معناه الألحان، وصناعة الموسيقا بالجملة هي الصناعة التي تشتمل على...
«رهمانج» و «لا نا ما»: حامل المعرفة البحرية وتبادل الثقافات على طريق الحرير البحري
مصطلح «لا نا ما» ظهر لأول مرة في الكتاب السياسي الصيني ميشو جانتشي. إن «لا نا ما» هو نقل للكلمة الفارسية «راهنامه»،...
البحث عن إرث أنثوي… المرأة وتحقيق التراث العربي
يمكن إعادة أول مخطوط مطبوع حققته وضبطت نصه امرأة إلى عشرينيات القرن المنصرم، ومع مرور قرن من الزمن على ظهور اسم مؤنث...
0 تعليق