كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
أشجان لو
لو كتبنا عن الحبِّ
منْ دونِ خوفٍ
بشعريةٍ وعزفنا نشيدَ السلامِ
سينتصرُ الحبُّ
لنْ يلتقي القاتلانِ…
ستشغلُهمْ في الطريقِ قصائدُنا
وتتوِّهُهمْ في الدروبِ
مرايا المجاز.
* * *
لو كتبنا بصدقٍ يُعري
الحداةَ الذينَ أضلُّوا الطريقَ
ستغدو الحروفُ مشانقَ منصوبةً
في ضميرِ الوجودِ
تلاحقُهم في الأزقةِ
فوقَ الفراشِ وفي كلِّ حيٍّ
يموتونَ من بطشها في الحياةِ
وبعدَ المماتِ
وتُحرجُهم قبلَ أنْ يسقطوا في الجحيمْ.
* * *
لو كتبنا عن الأدعياءِ
ومن يكتبونَ كلامًا
يتوِّه سكانَ هذا الفضاءِ
ستخرجُ للشارعِ العامِّ
كلُّ قصائدِنا عارياتٍ
تُهيلُ الترابَ على وهمِهم
قبل أن تتمادى لتلدغَهم
في مدى الانتظارِ أفاعي الضجرْ.
* * *
لو كتبنا عن الضوءِ
لانحطمتْ ناطحاتُ الظلامِ
على صخرةِ الملكوتِ
إلى أنْ يُرى مطلعُ الشمسِ
من جهةِ الكلماتِ
وينتحرَ الليلُ بالصمتِ في خدرهِ
ويعمَّ السماواتِ والأرضَ
زهوُ البهاء.
* * *
لو كتبنا عن الماءِ
لانبجستْ في الصخورِ العيونُ
ورفّتْ رموشُ السواقي
بـغنجٍ يُميلُ شجونَ الخريرِ
وأخرجت الأرضُ أشواقها
واشرأبّتْ بوجدِ الجبالِ
زهورُ البنفسجِ فواحةً بالوعودِ
وقَبَّلت الغيمُ كفَّ الشجرْ.
* * *
لو كتبنا عن البحرِ يومًا
أتى عاشقًا حاملًا للطبيعةِ
ما في خزائِنه
ليدافعَ عن حقِّه في التأملِ
عن حقِّ أمواجِه في الحنينِ
وغادرَه الملحُ مبتسمًا
ولطلَّقَ أوجاعَه بالثلاثِ
وأصبحَ في حانةِ الأبديةِ
قارورةً من نبيذ.
* * *
لو كتبنا لهاجرت العينُ عشَّ الأسى
وأتاها ليعتذرَ الدمعُ عن كلِّ تاريخه
وعفا الكونُ عن حزنِه
واستجار بصدر حبيبته
من صقيعِ شتاءاته
واستراح المحبُّون عن عدِّهم للنجومِ
وهبّوا إلى رسمِ صورةِ أحبابِهم
بالمواربِ من سكر الضحكات
على جنباتِ الوجوه.
* * *
لو كتبنا سنمضي بكم
للخفيِّ الذي لم يَرِدْ في خيالِ القواميسِ
أو حملَتْه صدورُ النواميسِ
حتى نريقَ على ما طواه غبارُ الخرافةِ
من عطشٍ في مدائن لهفتِكم
ألفَ كأسٍ مقدسةٍ
من خبايا الوجود.
* * *
لو كتبنا سنلقي بصخرةِ «سيزيفْ»
عن كاهلِ الغيبِ كي يستريحَ قليلًا
وكي تشربوا من جرارِ الحقيقةِ
ما تشتهونَ وتشبعَ أرواحُكم
من ثمارِ اليقين.
* * *
لو كتبنا نجونا بنا وبكم
أيها الطيبونَ
ولكننا عالقون بوادٍ عميقِ الرؤى
متعبونَ ومتهمونَ بإيقاعِكم
في شباكِ الغوايةِ
في يدِنا وشمُ نصٍّ قديمٍ
ومن خلفنا
لعناتُ الذينَ يقولونَ في سرِّهم
لو فعلنا كذا وكذا
لو فعلنا ولا يفعلون.
المنشورات ذات الصلة
برايتون
... يصل القطار إلى «برايتون»، يعلن ذلك قائد القطار، يشاهد اللوحات الجانبية على رصيف المحطة تحمل اسم «برايتون»، خدر...
في طريق السفر تخاطبك النجوم
مغامرة صغيرًا كنتُ، صغيرًا جدًّا رميتُ صنارتي إلى البحر اجتمعت الأسماك معًا، رأيتُ البحر! * * * صنعتُ طائرة ورقية بسلك...
بين صحوي وسُكْرها
رغمًا ترددتُ.. لم أسكَرْ ولم أَصْحُ! في كأسكِ البرءُ أم في كأسكِ الجرحُ؟ قصّت جناحي بأفْق الحبّ أسئلةٌ ...
0 تعليق