كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
هابرماس وأزمة العقل الفلسفي
الدين والفلسفة
يُعدّ الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس واحدًا من أشهر الفلاسفة في العالم. وقد شاء بعد حياة مديدة (93 سنة)، حافلة بالأعمال والإنجازات، أن يترك أثرًا حول تاريخ الفلسفة. ولا شك أن مفهوم الفيلسوف لمهنته مع الاقتراب من نهاية الرحلة، يختلف عن تصوره لها عما كان عند البداية. فمع كل فلسفة تتمتع بالأصالة والجدة والابتكار، تتغير علاقة الواحد بمفردات وجوده، ويعاد تعريف الأشياء والكلمات، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالفلسفة؟
غير أن هابرماس لم يشأ أن يتحدث عن الفلسفة ومهمته بما هي كذلك، كميدان فكري أو فرع معرفي، بل آثر أن يتحدث عن العلاقة بين الفلسفة والدين أو بين العلم والإيمان. ولكن مبحثه يقتصر على المسيحية دون سواها، دون أن يعني ذلك الوقوع في فخ النزعة الغربية. وكانت الثمرة لهذا المشروع كتابًا ضخمًا من جزأين حول تاريخ الفلسفة، صدر مؤخرًا الجزء الأول منه بترجمته الفرنسية.
وهذا الموضوع، أعني المواجهة بين الدين والفلسفة أو بين الإيمان والعلم، هو أثير لدى هابرماس؛ إذ تطرق إليه غير مرة، وبخاصة في تلك المناظرة الشهيرة التي جرت في مدينة ميونخ عام 2004م، بينه وبين مواطنه الكاردينال جوزيف راتسنغر، قبل أن يصبح بابا روما تحت اسم بندكت السادس عشر.
ثنائية مفخخة
في أي حال ليس الموضوع بجديد. ومعلوم أن هذه المجابهة بين الدين والفلسفة، أي بين الحكمة والشريعة أو بين أهل العقل وأهل النقل، كما سميت بعض أسمائها في اللغة العربية، كانت إحدى المعضلات الفكرية الكبرى في الحضارة الإسلامية؛ لذا شكلت في آنٍ معًا محورًا لصراعات عنيفة، ومدارًا لسجالات خصبة وغنية، انخرط فيها كبار المثقفين من فلاسفة وعلماء كلام وأدباء وكتّاب. وكانت للفارابي محاولة للجمع بين الفلسفة والدين قيل إنها أغضبت الدين ولم ترض الفلسفة. ولا غرابة أن مسعى كهذا يتعثر أو يخفق. نحن إزاء ثنائية مفخخة بتناقضاتها ومجهولاتها وخفاياها. ولعل هذا ما جعل هابرماس يقول لمحاوره الفرنسي، الفيلسوف ميخائيل فوسّل، إن مشروعه لإيجاد لغة مشتركة بين الدين والفلسفة سوف يكون محل سوء فهم في فرنسا العلمانية.
لا يهم إن كان الموضوع ليس بجديد. فالمهم كيف عالج هابرماس هذه المشكلة. وهذا مدار مقالتي، مستندي إلى ذلك الحواران اللذان أجريا مع هابرماس، الأول في مجلة L’OBS العدد 25/11/2021م، والثاني في المجلة الفلسفية Philosophie Magazine، عدد كانون الأول (ديسمبر) 2021م.
فكيف قرأ هابرماس العلاقة بين الفلسفة والدين؟ وما الخلاصة التي يخرج بها فيما يخص قدرات العقل ومهمة الفلسفة؟
التعلم المتبادل
يستخدم هابرماس، وهو صاحب نظرية الفعل التواصلي، لتوصيف العلاقة بين الفلسفة والدين مصطلح التناضح (osmose)، وهو نوع من التناص بين المجالين. ومؤدى هذا المفهوم أن العلاقة بينهما لم تكن وحيدة الجانب، وإنما هي علاقة صرْف وتبادل أتاحت لكل طرف من المعسكرين الإفادة من الآخر والتعلم منه. من وجوه التبادل بين الفريقين، كما يرى هابرماس، هو أن الفكر العلماني مدين بمبادئه العالمية للفكر الديني، إن في مجال الأخلاق أو في مجال القانون. ومثاله على ذلك الحكمة القائلة «لا تعامل الناس بما لا تحب أن يعاملوك به». وفي المقابل يرى هابرماس أن الفكر الديني أفاد من الفلسفة التي كانت حارسة العلوم، وهو ما جعل علماء اللاهوت يدافعون عن عقائدهم المقدسة، باستخدام عدة الفلاسفة من المناهج والمدارس أو القضايا والمسائل، حتى لا يُتهموا بمعاداة العلم والعقل الفطري.
الدين نقيض العالمية
بعد هذا العرض المختصر لحُجج هابرماس، ما أراه من جهتي أن الدين قد أفاد من الفلسفة أكثر مما هي أفادت منه. ومسوغي إلى ذلك أن عالمية القيم والمعايير، في تعامل البشر بعضهم مع بعض، على أساس المساواة في الحقوق والواجبات، هي منجز خلقي، حضاري، مدني، حققه البشر قبل ظهور الديانات التوحيدية؛ لذا لا أتفق مع هابرماس بقوله إن أرباب تلك الديانات هم أول من استخدم مبدأ العالمية، كلٌّ في نطاق جماعته أو طائفته، ثم أتى أهل الحداثة العلمانية لكي ينقلوا هذا المبدأ من نطاقه الطائفي الضيق، إلى النطاق العالمي الواسع.
من هنا فأنا أذهب إلى أن الدين هو الذي نهل من منبع الأخلاق، وليس العكس؛ لأن الأخلاق أساس التمدن ومنشأ الحضارة. ومن الشواهد على ذلك أن النبي العربي عرّف دعوته الدينية بقوله: «جئت لأتمم مكارم الأخلاق».
من هنا فإن مساعي الحوار والتبادل، بين أهل الديانات قد أخفقت ولم تنجح في يوم من الأيام، قبل هزيمة السلطات الدينية أمام موجات الحداثة والعلمنة والأنسنة والمواطنة. هذا ما حدث في الغرب، حيث انكسرت شوكة الكنيسة ورُفعت وصايتها على الدولة والمجتمع.
بالنسبة إلى إفادة الدين من الفلسفة، فهذه قضية لا تحتاج إلى أدلة. فعلماء الكلام واللاهوت، سواء في الإسلام أو في المسيحية، هم حصيلة الفكر الفلسفي، فيما ألفوه وتركوه من الأعمال، أكثر مما هم حصيلة الفكر الديني. هذه حالهم من الغزالي إلى توما الإكويني. فمنطوق خطابهم هو ديني، قدسي، رباني، ولكن منطقه وحججه ومقارباته هي فلسفية. ولنأخذ مثالًا حجة الإسلام الغزالي، الذي صنّف كتابين، فيما سمّاه منطق الإسلاميين، هما: «ميزان العلم» و«القسطاس المستقيم». فالأسماء عنده هي إسلامية، أما المحتوى فهو منطقي فلسفي؛ لذا فإن تلامذته قالوا بعد قراءتهم هذين الكتابين: شيخنا أبو حامد قرأ الفلاسفة ولم يستطع تقيؤهم، أي أنه أخذ عن الفلاسفة ولم يعترف بذلك.
العقل والنص
هل يُفهم من كلامي أن أحسن ما عند أصحاب الديانات قد أفادوه من الفلاسفة والحكماء، إن في مجال المعرفة أو في مجال الأخلاق؟ ما أود قوله، على وقع الأزمات التي تتخبط فيها البشرية، بعد كل هذه العهود من التنوير الفلسفي والتعليم الديني: إنه لم يعد مجديًا معالجة العلاقة بين الفلسفة والدين، بالعدة الفكرية نفسها التي استخدمها الحداثيون. وإذا كانت الحداثة العلمانية قد أخرجتنا من الفلك الديني، ونقلتنا من العصر اللاهوتي إلى عصر ما بعد الماورائيات، كما يصف ويشخّص هابرماس، فإن المشروع الحداثي، بمختلف عناوينه، قد استهلك وبلغ مأزقه منذ زمن.
هذا ما كشفته الموجة الحداثية الجديدة، ما بعد الحداثة، بفتوحاتها الفكرية وثوراتها المنهجية. ولنتوقف عند مقولات كالذات المفكرة والعقل المحض والأنا المتعالي، كما فكر فيها ديكارت وكانط وهوسرل. فهي تحيل إلى غائب، بقدر ما تُبنى على حجب ونسيان؛ إذ هي تستبعد ما يجعل التواصل بين ذات وذات أمرًا ممكنًا، كما تستبعد ما يجعل مفهوم العقل قابلًا للتداول، إذن هي تستبعد النصوص والخطابات كوقائع لغوية، حسية، تُلفظ وتُسمع أو تُقرأ وتكتب.
من هنا نحن ننتقل من نقد العقل إلى نقد النص، كما سميته، وعلى نحو يتغير معه ثالوث العلاقة بين النص والعقل والواقع. بهذا المعنى لا يعود الخطاب مجرد مرآة تعكس حقيقة الواقع أو أداة للقبض على ماهية الكائن، بل يغدو هو نفسه واقعة تفرض حقيقتها، لتسهم في إعادة إنتاج المعنى وتشكيل الواقع.
بحسب هذه المقاربة النقدية الجديدة للعقل، من وجهة نقد النص، لا يعود يكفي القول إن الدين يمتّ بِصِلة إلى تاريخ العقل، ولا يعود الصراع بين الفلسفة والدين يفهم بوصفه صراعًا بين المدنس والمقدس أو بين العلم والإيمان أو بين المعتقد الديني والعقل الفطري. الأحرى أن يفهم بوصفه مجابهة بين عقلين: عقل لاهوتي ينكر نفسه تحت سطوة القداسة، ويوظف أدواته وحججه وحيله بتعطيل فاعليته، لمصلحة الغيب والوحي أو التجسيد والتنزيل. صحيح أن اللاهوتي قد يتحدث حديث الحكمة والمثل أو القصص، ولكن لا لكي يزداد المرء خبرة ودراية أو لكي يكتسب حرية واستقلالية، بل لكي يسمع ويطيع ويستسلم للنص والأمر والخبر. يقابل ذلك عقل ناسوتي يشهر هويته بوصفه المرجع والمقياس أو الناظم والحاكم في هذا العالم، في كل القضايا والشؤون، وهي دعوى أصحاب المشروعات التي تعمل تحت لافتة التنوير والعقلانية أو العلم العلمانية.
القراءة والحقيقة
ما الدرس المستخلص بالنسبة إلى الفلسفة ودورها؟ أتوقف عند مسألتين:
ينظر هابرماس إلى تاريخ الفلسفة بوصفه شبكة معقدة من الأفكار والحجج. والجديد في هذا التعريف هو مفهوم الشبكة الذي يتجاوز التعريف التقليدي للنتاج الفلسفي من خلال مفردات المدرسة أو المذهب أو النسق. ومفردة الشبكة هي من ثمار عصر التواصل. ومن الطبيعي أن يستخدمها هابرماس؛ لذا نجد اليوم أن كثيرين من الكتاب يتناولون القضايا من خلال مفردة الشبكة أو القراءة، وهو الأمر الذي يغير العلاقة بالفكرة، بقدر ما يُنزل الحقيقة عن عرشها القدسي أو طابعها الأيقوني؛ لذا فما نحتاج إليه هو ممارسة التقى الفكري، بكسر منطق المطابقة والقبض والتيقن. فما بوسعنا القيام به، هو أن نقرأ ما لا ينفك يحدث ويفاجئ أو يتغير ويتبدل، إن في العالم الطبيعي أو البشري. هذا هو المتاح: أن نقرأ ما يقع لكي ننخرط في عملية الخلق للوقائع، على هذا المستوى أو ذاك. بهذا المعنى فالقراءة الخصبة هي مجرد رهان على الفهم والتشخيص من أجل التدبير والتحسين، تمامًا كما أن الفكرة الخلاقة هي قابليتها للصرف والتداول.
كسر وصاية الفلسفة على العقل
إذا كان هناك تراجع، على المستوى العالمي، كما يلحظ هابرماس وسواه من العاملين في الفلسفة وعلوم الإنسان، فالتراجع لا يقتصر على المستوى السياسي، وإنما يشمل مختلف القطاعات والمجالات، ربما باستثناء قطاع أصحاب الشركات العاملة في المجال الرقمي. وأعتقد أن هذه التراجعات، التي تفاجئ كبار المثقفين في العالم، إنما تعني أن الفيلسوف لم يعد بوسعه ممارسة دوره ومهمته، كما كان يفعل من قبلُ؛ لذا فما ينتظر منه في مواجهة التراجعات والتحولات، ليس نفي الواقع لكي تصح مقولاته وأوهامه، بل العمل على تغيير أفكاره.
صحيح أن الفلسفة تسهم في فهم العالم وعقلنة التجارب وتفكيك المشكلات، ولكن أعمال التغيير والتحسين لم تعد، في هذا العصر التواصلي، تختص بالنخب والخبراء وحدهم من دون سواهم، وإنما هي ورشة متواصلة، من الفكر الحي والعمل المثمر، تشارك فيها كل القطاعات والفاعليات، على اختلاف المرافق والدوائر، بحيث يكون لكل مواطن دوره، كلاعب فاعل، انطلاقًا من حقل عمله وخبراته.
وإذا كان للفلسفة أن تشارك في هذه الورشة المتواصلة. فالمنتظر ألا تبقى على ما هي عليه، بل أن تتغير، بحيث تتخلى عن نخبويتها، وتفك وصايتها على العقل. فالتفكير العقلي لا يحتكره الفلاسفة ولا علماء اللاهوت، ما دام التفكير هو ميزة الإنسان بصرف النظر عن مهنته واختصاصه. وهناك أناس يستخدمون عقولهم العملية في مجال عملهم بصورة فعّالة وبنّاءة، أكثر مما يفعل الفلاسفة في استخدام عقولهم النظرية والنخبوية.
ولعل هابرماس، كأبرز منظر للاتحاد الأوربي، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يشهد على نفسه. فالاتحاد قد تراجع. وتلك هي ثمرة النخبوية والمنازع المثالية: لقد أنتجت في عصر أيديولوجيات التقدم وحركات التحرر ما أنتجته من القطعان البشرية والحشود الجماهرية التي تعبد الزعماء وتقدس الكتب أو النظريات والشعارات باسم العلم والتقدم. وها هي تصنع، اليوم، الحركات الشعبوية التي تحاول نسف الاتحاد بنزعاتها القومية العنصرية ومطالبها حول السيادة والهوية.
لا شك أن النخب السياسية والثقافية قد أسهمت في صنع الاتحاد الأوربي، بعد أن تعلمت واستخلصت دروس الحروب والدمار المتبادل. ولكن ما يحتاج إليه الاتحاد، اليوم، هو كسر النخبوية لإعادة بنائه تربية وتأهيلًا، وهو الأمر الذي يسهم في صنع هوية أوربية على مستوى الشعوب والخصوصيات الوطنية والثقافية.
هابرماس وميركل
وحديث التراجع يجعلني أنهي مقالتي بالتوقف عند رأي هابرماس بالمستشارة السابقة أنجيلا ميركل؛ إذ هو يغمز من قناتها في حواره، معتبرًا أنها كانت تسير خطوة خطوة وتعمل على المدى القصير، من دون أن يكون لديها فكرة أو رؤية مستقبلية. هنا أيضًا أخالف هابرماس، الذي أفدت من منجزه التواصلي، وعملت على تطويره، تحت مسمى العقل التداولي؛ ذلك أن ما يأخذه هابرماس على المستشارة لعله سر نجاحها، هي التي تركت بصمتها على حياة الناس؛ إذ حققت ألمانيا في عهدها قفزة على المستوى الاقتصادي جعلها تحتل المرتبة الرابعة في العالم.
وآية ذلك أنها كانت تتحلى بميزتين: التقى والتواضع؛ لذا فهي كانت تمارس السلطة بعقل ديمقراطي تواصلي، لا بعقل أرستوقراطي، فوقي، نخبوي. وهي إلى ذلك لم تنطلق في عملها من نظرية جاهزة تعتبرها مطلقة أو الحل الوحيد، بل أدارت الشأن العام، الوطني والعالمي، بمقاربة المشكلات ومعالجة الملفات على أرض الواقع، اليومي والميداني، بعقلية الحوار والتعاون أو الشراكة والتبادل. إذن هي أحسنت لغة التواصل وأتقنت فن التداول، فكانت هابرماسية، ومن غير أن تعرف أو تعلن ذلك. وكأن هابرماس في نقده لها قد تراجع عن منجزه. وتلك هي إشكالية الخطاب: إنه يتجاوز أطروحته بقدر ما يناقض مؤلفه.
أختم بهذه الخلاصة حول القيم والعقل والأفكار. فالقيم هي صناعة دائمة، سواء تعلق الأمر بالعقل التنويري أو بالديمقراطية الليبرالية أو بالأسس الدستورية أو بالاتحاد الأوربي. أما أزمة العقل فإنها تتأتى من تألّه الإنسان وتحويل الفلسفة إلى عقيدة أو ديانة. وأما الأفكار الحية والخصبة، فإنها إمكاناتها على الفهم والتشخيص أو على الصرف والتحويل. ولذلك فهي تبقى قيد الصوغ والتشكيل، في مواجهة الأزمات والتحديات، إنها شبكات للتحويل نتغير بها، ونغير علاقتنا بالواقع، بقدر ما تتغير هي نفسها.
المنشورات ذات الصلة
صناعة النخب
لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير...
جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو
كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في...
اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل
في 26 أكتوبر 1931م، كتب الفيزيائي والرياضي إدموند ت. ويتاكر، الأستاذ في جامعة إدنبرة، لابنه انطباعاته عن كتاب برتراند...
0 تعليق