كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
تعبيرات الشباب.. حركة غير منظمة بلا قادة ولا منظرين
لا يفوت الشباب مناسبة لاختبار أداءات تعبيرية جديدة، تختلف عما هو رسمي وتقليدي. بهذه التعبيرات، التي تشمل الغرافيتي والفن المفاهيمي والغناء والرقص، إضافة إلى اللبس ونحت لغة جديدة، تتداخل فيها لغات عدة، أرادوا تأكيد وجودهم الجديد، والتعبير عن هوية خاصة ومختلفة عمن سبقهم من أجيال. الجدران والأعمدة والفضاءات العمومية، تأتي بمنزلة لوحات إعلانية عن وجودهم. وموسيقاهم بإيقاعاتها العالية الحادة، وكلماتها السريعة التي تحكي تفاصيل حياتهم، واحدة من الأدوات التي لجؤوا إليها في الفضاءات العمومية؛ للتعبير عن لحظاتهم الخاصة، وعن ذواتهم التي تتطلع إلى التحرر من تقاليد وسُلَط اجتماعية لم تعد مناسبة لهم.
فن الشباب هو بيان قوي عن استرداد ملكية الجسد وتاريخه، في مقابل الموجات المتعاقبة من التسليع والاستعباد. ويبني جسوره مع التاريخ ومع كفاح الأجداد. ويعلمنا الشباب كيف نحيل فنوننا إلى ملاذ ومأوى، ونحيل جماعاتنا الفنية إلى عائلات جديدة تخلق أنساقها التعليمية والأخلاقية من دون سُلطة أو غبن. تعبيرات الشباب بآلياتها ومضامينها، تبقى فعلًا تعبيريًّا عن الروح الديمقراطية وجوهرها، وعن حرية التعبير واستقلالية الفضاءات العمومية.
ويعبر المظهر الحديث للشباب عن الرغبة في الانفلات من السلطات، وتجاوز حدود جيل الآباء، والانسلاخ من الانتماءات القديمة والانتماء لثقافة عالمية جديدة وحُرّة. من ناحية، منح النقد والاحتجاج والفضح الإبداعات النسوية فرصة لنقد الفكر الذكوري والهيمنة السياسية للنماذج الأبوية.
لا يمكن حصر أداءات التعبير لدى الشباب في أنها مظاهر لاحتجاجهم على الحرمان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يعيشونه؛ لأنها في أبعادها الاجتماعية والثقافية أبعد من ذلك بكثير، فهي في عمقها الثقافي ابتكار لأسلوب حياة في مواجهة توحش الرأسمالية وتَشَيُّؤ الإنسان.
من ثم، على خلاف ما كان سائدًا منذ ستينيات القرن الماضي، لا تُعَدّ هذه الفنون وما صاحبها من أداءات تعبير فنية لدى الشباب حركة منظمة، لها من يقودها ومن ينظر لعملها، فهي ثورة ديناميكية في المجتمع، لا يوجد لها قادة ولا منظرون.
«الفيصل» في ملف العدد الجديد، تسلط الضوء على التعبيرات الجديدة للشباب، من منظور سوسيولوجي وثقافي.
المنشورات ذات الصلة
صناعة النخب في الوطن العربي
صورة النخب وجدل الأدوار محمد شوقي الزين - باحث جزائري مثل المنطوق الأوربي (elite)، تنطوي مفردة «النخبة» في اللسان...
الإبل في الثقافات: شراكة في الحضارة قفْ بالمطايا، وشمِّرْ من أزمَّتها باللهِ بالوجدِ بالتبريحِ يا حادي
آفاق السنام الواحد عهود منصور حجازي - ناقدة سينمائية منذ فجر التاريخ، كان إدراك الإنسان لتقاسمه الأرض مع كائنات أخرى،...
تجليات الفن في العمارة… رحلة بصرية عبر الزمن
العمارة والفنون البصرية علاقة تكافلية مدهشة علاء حليفي - كاتب ومعماري مغربي منذ فجر الحضارة حتى يومنا الحالي، لطالما...
0 تعليق