كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
بورتريه لسيدة
سيدة شابة، فتاة ربما لها من العمر عشرون عامًا، جالسة في كرسي وتقرأ كتابًا. أو كانت توًّا تقرأ بجدية، وهي تتأمل الآن فيما قرأت. يحدث هذا في كثير من الأحيان، أن على الشخص الذي يقرأ أن يتوقف، عندما تخامره بحدة أفكار متنوعة تتعلق بالكتاب. القارئة تحلم، ربما تقارن موضوع الكتاب مع تجاربها حتى الآن، هي تفكر ببطل الكتاب، فيما تكاد تتخيل نفسها بطلته. لكن الآن إلى الصورة، إلى أسلوب رسمها. الصورة غريبة، والرسم فيها مرهف ورقيق؛ لأن الرسام، في جو من الجرأة الجميلة، تجاوز حدود المألوف وشق طريقه إلى الحرية عبر واقع منحاز.
في رسم بورتريه السيدة الشابة، يرسم أيضًا غرقها السري في تخيلاتها الأنيسة، أفكارها، وأحلام يقظتها، خيالها البهيج والسعيد، طالما أنه رسم تمامًا فوق رأس القارئة، أو دماغها، في مسافة أكثر رهافة ونعومة، كما لو كان بناءً لفانتازيا، مرجًا أخضر محاطًا بحلقة من أشجار كستناء مترفة وعلى هذا المرج، يستلقي في سلام عذب مشمس، راع متمددًا، يبدو أيضًا أنه يقرأ كتابًا طالما أن ليس لديه شيء آخر يفعله. يرتدي الراعي سترة بلون أزرق داكن، والخراف والحملان ترعى حول هذا المتبطل القانع بينما عاليًا في هواء الصباح الصيفي تحلِّق طيور السُّنونو عبر السماء الصافية.
يمكن للمرء أن يلمح الرؤوس المتوهجة لعدد من الحرائق تلوح عاليًا عبر القمم المدورة والمترفة للأشجار المورقة. خضرة المرج وفيرة ودافئة، وتتحدث لغة رومانسية ومغامرة، وكامل الصورة الخالية من الغيوم تلهم تأملًا هادئًا ويقظًا. الراعي المرئي في البعيد على مرجه الملون بالأخضر سعيد بلا شك. هل ستكون الفتاة التي تقرأ الكتاب سعيدة أيضًا؟ بالتأكيد كان من حقها أن تكون. كل مخلوق وكل شيء حي في العالم ينبغي أن يكون سعيدًا. لا ينبغي لأحد أن يكون تعيسًا.
هذا النص من الكتاب ترجمة ليديا ديفيس إلى الإنجليزية.
من كتاب النظر إلى الصور.
المنشورات ذات الصلة
برايتون
... يصل القطار إلى «برايتون»، يعلن ذلك قائد القطار، يشاهد اللوحات الجانبية على رصيف المحطة تحمل اسم «برايتون»، خدر...
في طريق السفر تخاطبك النجوم
مغامرة صغيرًا كنتُ، صغيرًا جدًّا رميتُ صنارتي إلى البحر اجتمعت الأسماك معًا، رأيتُ البحر! * * * صنعتُ طائرة ورقية بسلك...
بين صحوي وسُكْرها
رغمًا ترددتُ.. لم أسكَرْ ولم أَصْحُ! في كأسكِ البرءُ أم في كأسكِ الجرحُ؟ قصّت جناحي بأفْق الحبّ أسئلةٌ ...
0 تعليق