المقالات الأخيرة

جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو

جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو

كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...

اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل

اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل

في 26 أكتوبر 1931م، كتب الفيزيائي والرياضي إدموند ت. ويتاكر، الأستاذ في جامعة إدنبرة، لابنه انطباعاته عن كتاب برتراند راسل الأخير «النظرة العلمية». نقتبس منها ما يلي: «يبدو الآن أنه بدأ يخشى من «المنظمة العلمية للإنسانية» (نوع من الدولة البلشفية بقيادة جي جي [طومسون]...

رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم

رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم

يلاحظ المهتم بالأدب الروسي أن معظم الكتّاب الروس الكبار خاضوا في ميدان الكتابة للأطفال، بدءًا من شيخ كتّاب روسيا ليف تولستوي، الذي أغنى مكتبة الأطفال وقدم كتبًا لمختلف الأعمار، هي عبارة عن حكايات شعبية وقصص علمت الحب، واللطف، والشجاعة والعدالة. نذكر منها «الدببة...

الأدب والفلسفة

الأدب والفلسفة

هناك طريقتان للتعامل مع مشكل علاقة الفلسفة بالأدب: الطريقة الأولى، طبيعية تمامًا، وتتمثل في البحث عن الدروس الأخلاقية التي يقدمها الأدب من خلال الشعر والرواية مثلًا، وذلك ما قام به أندريه ستانغوينيك في كتابه «La Morale des Lettres» (أخلاق الحروف)، وأيضًا مارثا...

برايتون

برايتون

... يصل القطار إلى «برايتون»، يعلن ذلك قائد القطار، يشاهد اللوحات الجانبية على رصيف المحطة تحمل اسم «برايتون»، خدر لذيذ يعبر رأسه، تخلبه أشتات يوم قديم، يمسك بمعصم ابنه ويسيران إلى خارج المحطة، ينحدر بهما طريق يمتد من محطة القطار ويصب في شاطئ البحر، يقف أمام البحر...

سردٌ لنَفْسه، بلا رسالة

بواسطة | نوفمبر 1, 2021 | نصوص

I

بدأت الظلمةُ تنقشع شيئًا فشيئًا عن منزل معزول من طابقين، يسكنه رجلٌ وامرأةٌ، يقع في أعلى الهضبة التي ينحدر منها شارع القرية الوحيد في أحضان الأودية. إنها قرية صغيرة لها بنايات توزعت على ناحيتي الشارع والمنعطفات المتفرعة، وأخرى موزّعة في السفوح والعراء، وعمائر حديثة مجهزة بآخر صرعات الرفاهية والبقاء! وثمة نهر صغير يقطع القرية شيد فوقه جسرٌ حجري… ومع هذا فإنها قرية تعيش في الزمن القديم؛ زمن ما قبل زرع الكاميرات في الشوارع وظهور الإنترنت… فهذه قرية نزلت من السماء، وحطّت في هذه البقاع النائية من الطبيعة! هناك لوحٌ على بوابتها جاء فيه بحروف بارزة: «القرية حلم متماسك قائم على أساسٍ… حائزٌ على صفات عديدة من لون وحرارة وأرياح إلخ. لا يسعى أهلُها إلى دخولِ جنّةٍ. فهم أصلا في الجنّة. ليس هناك مطهر أو جحيم… فإنهم إما خالدون، هنا، وفي تقدم دائم نحو لذات جديدة؛ كمالات جديد… وإما يُرسَلون إلى العالم الآخر… ذلك لأن ثمّة شرّين: الأول فيزيائي، أي طبيعي، وهو ألم ضروري للوصول إلى خير أكبر، إذ لا يمكن الحصول على نتائج مثمرة دون مجهود مؤلم. والثاني ميتافيزيقي، أي عدم كمال المخلوقات الفيزيائي والعقلي في الأصل»، غالبًا ما يتجلى شرًّا يجب اجتثاثه.

ليس للقرية شرطة أو محاكم… لا جرائمَ ثمة ولا إخلال بالأمن… لا محامين ولا قُضاة… بل حتى الموت لا يحدث قط إلا بقرار ويُطبّق بسرية تامة. هناك سلطة غير مرئية، القرية هي وجودها الأرضي، لكن لا وجود ملموسًا لها يمكن لأحد الرجوع إليه… في حين أن السلطة هذه حاضرة في كل بادرة وكلام… صحيح أنها لا تقع تحت الحواس الخارجية للسكان، بيد أن ذلك لا يمنع أنها محبوبة ومفضلة لديهم… وكأن ثمة تفاهمًا ضمنيًّا بينهم وبينها! فإنها هي التي أوحت إلى أسلاف القرية الأولين «بالحقائق الرئيسية الخاصة بالتفكير والأخلاق»، ولا يزال يتبعها السكان! وهناك منتدى كبير اسمه «المُطلقات الثلاثة: السلطة، الأنا، الواجب!»، تجري فيه مناقشات حرة حول كل ما يدور في ذهن القرية، يتبين من خلالها أن السكان على وعي تام بأنهم ليسوا في حاجة قط إلى التشكيك في أي أمر مهما كان مغريًا لمساءلته…

ذلك أن الشك روح انقلابية لا تفضي إلا إلى دمار شامل… كما أنه ليس هناك شيء أكثر متعة من الشعور، دون أي جهد فكري، بلذة وجودهم… في هذا المخدر الفلسفي، يعيش أهل القرية واعين لحريتهم دون أن يعرفوا كيف يفسرون وجودها… وهم لا يخافون من شيء سوى مما يجهلونه… لكن ليس هناك شيء يجهلونه في تاريخ قريةٍ عالمُها «احتمالٌ وحرية وعدالة وشرٌّ قيدُ التحقيق»… على أن كل فرد يدرك أنه منقاد برغم استقلاله، مثلما هو مستقل برغم انقياده، فالسلطة قد توارت مختفية، فقط لكي تضمن استقلاله، أي أن يُترك وحيدًا مع تأمله، وهكذا يبرهن ولاء مطلقًا لطبيعته.

وهكذا يكتسب الفرد قيمته ليس من حيث هو مقلد أمين لنموذج، بل من كونه نموذجَ نفسه… شعار القرية هو إذن ناقشْ كما تفكر… ولك تعود حرية الاستنتاج. كما أن للقرية دستورًا أقرّه أهلها وأقسموا العهدَ على احترام بنوده مهما كانت العواقب! ذلك أن كل من تبيّنَ للسلطة أنه مرتكب ذاك «الشر الميتافيزيقي» الذي لا يعرف أحدٌ ما طبيعة هذا الشر، سيَدْرأُ عليه العقاب، من حيث لا يدري! وبالمقابل، يتضمن هذا الدستور بندًا ارتضاه الأهالي كعملية تطهير القرية من «الشرير الإبطاني»، وكتعويض تُجدد به شبابها… ألا وهو: «باجتثاث كل شرير… تكافأ القرية بطفل جديد»… وهكذا ظل عدد سكانها هو هو لم يتغير قط… إذ ما إنْ يطير شعاع من منزل، حتى يومض نورٌ في منزل آخر! وللتخلص من هذا الشر الميتافيزيقي، شيّد بُناة القرية الأولون حفرة معزولة جد عميقة، على الجانب الشمالي من الهضبة، يسدّها غطاءٌ معدني مدوّرٌ أحاطته عبارة بحروف مُجسّمة: «أنّى تكونوا وأَيْنَمَا تَكُونُوا تُدْرِككُّمُ الأخْيِلَةُ»! وسمّوها «هاوية الحُكم»… يأتي، من وقت إلى آخر، رجال، على شكل أخيلة لهم عيون واسعة كعيون الغزال تومض بإشعاعات، يُسمّون «أهل الدليل» لينفذوا الحُكمَ الصادر، عن محكمة غيرِ مرئية، بحق شرير…

وقد ادركَ كلُّ فردٍ من أفراد القرية، أنّه، في نهاية المطاف، «شرير إبطاني»، دون أن يعرف ما هذا الشر الذي يبطنه المرء داخل ذاته الفاعلة… ومتى سيرتكبه، هذا إن لم يرتكبه بعد في نظر السلطة غير المرئية… وكأن قدرًا فجائيًّا ينتظره… لكن ليس في عرف القرية ثمة «قدر مكتوب» يخضع المرء فيه كليًّا لما سيحدث… وإنما هناك قدر اختياري، رواقي… فمثلا إذا احترقَ منزله، عليه أن يلقي النار بالماء، وأن يسعى قدر الإمكان إلى إطفائها، وإذا اشتدت النار ولم تطفأ بعد ذلك فما عليه إلا أن يقبل الأمر، أراد أو لم يُرد، كخارج عن إرادته؛ كحكم مطلق… إذَنْ، لتجنب ما يمتثل قدرًا، سيكون من شأنه أن يدرس كل خطوة قبل أن يتخذها… وإلا سيكون، وعلى نحو مفاجئ، في قبضة «أهل الدليل»… الذين ما إن يراهم الديك، من برج القرية، وكأنما يرى ملائكة، حتى يَصيح إيذانًا لهم بأن شريرًا ثمة…

وهذا ما لم يحدث منذ وقت جد طويل! فالاحتفالات الموسمية، الشعبية والخاصة، جرت كلها دون حوادث تذكر حتى ذلك الاحتفال السنوي بالجسد، قبل أسبوع، الذي راح يتعرى فيه كل من يرغب في الميدان العام ويرقص طوال الليل حتى ظهور الفجر الصادق… لكن، في هذه اللحظة، فيما كانت تظهر علامات فجر اليوم، ارتسمت، على حين غرة، أخيلة فوق أديم مياه النهر وكأن شرًّا استيقظ من غابر الأزمنة…

كان أهل القرية نائمين ملءَ عيونهم، ولابد أنهم كانوا يحلمون، ككل ليلة، بتباشير فجر زاه جديد… على أنهم لا يدرون أن الفجر الذي سيستيقظون فيه سيكون، هذه المرة، بداية تاريخ جديد للقرية… ليس هناك غضب آلهة أو قدر مكتوب… وإنما ثمة سيرورة تاريخية لا غير تتربص بهم؛ عود أبدي آنَ أوانُه… فهم، الآن، يغطّون في منامهم، بينما هناك رَجل لا يزال يقظًا يقظةً غريبةً.. إنه الرجل الفوضوي الذي اقتحم مساء أمس، مجلس «المُطلقات الثلاثة» واعدًا الحاضرين بأنه سيأتي غدًا بأدلة أثرية حول حقيقة «هاوية الحكم»؛ حفرة الموت، و»أهل الدليل»… فأحدث فوضى في المجلس وفض الاجتماع بسببه… وها هو الآن، وضوء الفجر آخذ بالازدياد، يصعد الهضبة من جانب الشارع، راسخَ العزمِ، مدججًا بكل أدوات المنقّب الأثري من مجرفة، عربة يدوية، دلو، معدات لحفظ المواد وأدوات صغيرة، ويتنقّل من مكان إلى آخر كأنما يتجنب أحدًا، أو يلعب لعبة الاختباء…

وفجأة أنشأ الديك يصيح… فأداروا «أهل الدليل» أنظارَهم اللامعة في الرجل، كأشعَّة مقطعية، من الرأس إلى القدم، حتى أقاموا الدليل على أنه شرير إبطاني… وبلمح البصر، داهموه وألقوا به في «الهاوية»… صدرت عنه صرخةٌ مرت مرور الكرام، دون أنْ تَلِج أذنًا واحدة من آذان السكان النائمين، اختلطت بعويل الطفل الجديد، ثم تلاشت تلاشي «أهلَ الدليل» الذين لم يتركوا أي أثر وكأنهم لم يكونوا!

II

علت زَقْزَقَةُ العَصَافِير، مع أديم الضحى… فأيقظت الرجل والمرأة من نومهما. نهضت المرأة من الفراش… وكالعادة، كان أول شيء تقوم به، لاسيما في الصيف، هو أنها تفتح الباب واسعًا ثم تقف على العتبة، متصفحةً بناظريها أنحاء القرية… لكن اليوم، بعد أن لمحتْ نورًا يومض في أحد المنازل… وهذا أمر اعتادت عليه كسائر السكان، يُشير إلى أن شريرًا نُفّذ الحكمُ فيه… رأتْ شيئًا لم تره من قبل… رأت الديك يتلفّتُ يمينًا وشمالًا وعلى نحو مضطرب وغريب… سمعت زوجها يردد… وهو يرتدي بيجامته «حذّرته»

فقالت:

حذرتَ مَن؟

أجابها:

عالم الآثار الذي وعد المجلس أمس بأنه سيقوم في الليل بعملية تنقيب قرب الحفرة ليفك لغزها…

قالت:

إنه شاب…

أجابها:

لكنه طائش…

قالت:

تعال… انظر إلى الديك… هذه أول مرة أراه على هذه الشاكلة…

نظر الرجل وتردد لحظة قبل أن يقول:

يبدو كأنما يتهيأ لصياحٍ ثان!

اعترضت زوجته موضحة:

كيف؟ الديك لا يصيح إلا مرة واحدة، وقد صاح على ما يظهر… والبرهان هو الوميض في ذاك المنزل.

لم ينبس الرجل بكلمة… فهو يعرف مجريات الأمور… وإنما ظل صامتًا لدقائق وهو ينظر، بوجوم، جنب زوجته وهي تشير بأصابعها إلى ما تريد أن تلفت نظره… بعدها دخلا المنزل. وفيما يفتح النافذة المطلة على الحديقة ليتسرب من خلالها شعاع الشمس إلى داخل البيت… قالت زوجته مذعورة بعض الشيء:

«سمعتُ قرقعة!»

«أنا لم أسمع أي شيء، ربما أحد الحيوانات المنتشرة يلعب مع غصن أو اصطدمَ بشيء!» أجابها الرجل متهمًا إياها بأنها مهلوسة: «ماذا دهاك هذا الصباح تتخيلين فيه أشياء؟!»، وطلب منها أن تجلس إلى منضدة الفطور. في هذه الآونة، كانت جثة الرجل التي أُلقيت، هذا الفجر، في الحفرة، لا تزال حية وقد طفقت تحفر التراب إلى الأعلى، قدرَ ما تتمكن، لكي تخرج إلى السطح… راح الرجل والمرأة يتناولان فطورهما. كلاهما كان قصير الجثة… يعيشان معًا منذ عشرين عامًا… انتقلا، قبل شهر، إلى هذا المنزل الرابض فوق الهضبة الذي يتلقى، قبل سائر البيوت، الرعد والعواصف والأمطار… المرأة كانت مدرّسة في مادة الجبر والإحصاء، واليوم متقاعدة، تقضي معظم ساعات النهار في تنظيف المنزل والاعتناء بالحديقة وغسل الصحون وإعداد الغذاء والتدخين المفرط…

أما الرجل فقد شغل مناصب مهمة آخرها منصب رئيس مجلس «المُطلقات الثلاثة»، قبل أن يتقاعد في العام الماضي. إنهما رجلٌ وامرأة لا يتدخلان في أمور أحد، يعيشان في عزلة من اختيارهما… وتطفح سعادتهما في محياهما، إذ لهما ثقة بأنهما في أتم الأمان على رغم أنهما على بينة من أمور كثيرة، لا تداخلهما مريةٌ… لكل منهما هواية يقضي بها أوقات الفراغ: الرجل في القراءة والاعتناء بالحديقة، والمرأة في التطريز… لكن الرجل كان، أحيانًا، في انتصاف الليل، حين يغطي القمر الأرضَ فيجعلها تتراوح بين العتمة والنور، بل بالأحرى حين تغط زوجته في نوم عميق، يصعد إلى العليَّة وينظر من خلال كوّة فيها، تتيح له أن يرى، بواسطة النور الأزرق القاتم، ما يجري قرب الحفرة…

يا له من أمر مرعب، ما يرى! فيتندم، في كل بصيص، على استئجاره هذا المنزل لأنه أرخص بكثير من إيجار الشقة الصغيرة الواقعة في نهاية الشارع التي كانا يعيشان فيها… لم يدر أن قرارَه هذا ستكون له تداعيات جد غريبة… إذ اكتشف، بمحض الصدفة، ذات ليلة متأخرة، ما يجري في «هاوية الحُكم» من أحداث غريبة لا توصف، كائنات ملتحفة بالغمام، مياه ونيران، حيوانات خرافية لم ترها العين من قبل، نساء عاريات يتراءَين له ثم يطرن في السماء؛ مشاهد بلا صوت أشبه بفيلم من أفلام الرعب الصامتة… إلى اليوم لا يدري إذا كان ما رأى حقيقةً أم وهمًا في وهم… خصوصًا أنه تعوّد أن يتجول في بعض أرجاء الهضبة حيث، كما تقول إشاعة في القرية، ثمة أريج وهيج منتشر يسبب هَلْوسة لدى كل من يشمه… على أنه أكمنَ في خِزانة نفسِه، كل ما رأى، أو ما ظن أنه قد رأى، من صور هائلة، فلم يُطلع حتى زوجته على هذا الأمر، خشيةَ أن يخونَها قلبُها من الخوف، أو رجاء ألا ينكشف سره وإلا ستدركُه الأخيِلَة… فللحفرة هذه حرمةٌ في أعين السكان، فهي أشبه بتابو يُحرّم الاقتراب منها!

إنها حجرُ أساس القرية… لكن، يُعتقَد أن تحتها – وهنا تكمن القشعريرة – ثمة مدينة عامرة بالكائنات الأثيرية… هذا ما يتداوله بعض الأشخاص في مجالسهم الجماعية، بعضهم يقول إن أغلب الذين تم إلقاؤهم في الهاوية كانوا أحياء، والآخر يظن أنهم يموتون خنقًا في أثناء طمرهم… وحين راح يجلس في مقعده، سألته زوجته إن كان وجد نسخة من الكتاب الذي كان يبحث عنه. أكّدَ لها أنه اشتراه، أمس، من مكتبة «المرآة السوداء»، ثم أضاف: «حسن أنك سألتِ.. إذ كنت قد نسيته في جيب المعطف»، وفيما هو ينهض ليأتي بالكتاب… توجّسا معًا هذه المرة وفي آن واحد – نبْأةً، جرْسًا، صوتًا خفيًّا غير معهود… الأَمرُ المُفزِع هو أنهما سمعا شيئًا له نبرةٌ تثير القلق… لم يستطيعا تمييزه أو تحديد مصدره، ولكن من الأكيد أنهما سمعاه فعلًا! أسرع الرجل إلى تقْفيل الباب والنافذة… ثم صعد إلى العليَّة، وراح ينظر، من خلال كوّتها، إلى الشارع، أسفل الهضبة.

كان خاليًا. فقلما يعمل أحد، في ساعة كهذه، خاصة في يوم عطلة رسمية، باستثناء سائق شاحنة القمامة الذي كان منهمكًا في تحميل شاحنته بأكياس القاذورات التي وضعها أحياء القرية أمام بيوتهم لهذا الغرض، وسائق سيارة رشّ الماء في الطرقات لغسل الشارع مما كساه من أتربة… تابع النظر أبعدَ… ثم عاد يتفحص، بعد أن فرك عينيه، الحديقة، سياجها والعراء المجاور… لا أحدَ ثمة، لا حركة ولا صوت سوى خرير مسيل مائي يسقي الحديقة… كل شيء كان في هدنة مع الصمت… لاحظ أن الأغصان تحتاج إلى تشذيب، وأن بعض الأزهار ذابلة ففكّر في ضرورة قصها، وَعدَ نفسه بأن يقوم بكل هذا بعد الظهر… عاد إلى الطابق الأرضي، شرب كأس ماء… أخذ يراوح مكانه مفكرًا كأنما يدور في ضلالة… ثم غضّ النظر وكأنه لم يسمع أي شيء.

دخل غرفة مكتبه وتناول الكتاب، ثم عاد إلى الصالة وجلس في مقعده، وطفق يتصفح الكتاب الصغير الذي يروي، على شكل حكاية مجازية، تاريخ القرية وكيف شيد جبابرة الحفرة بيوم واحد ينتهي قعرها بصلصال يفضي بكل من يُلقى فيها، مباشرة، إلى العالم الآخر… وفيه فصل، مقتضب وبلغة معقدة، أحيانًا عن قصد، حول السلطة الخفية وكيف تتجلى على شكل شرارات تعيد الأمور، بحريق، إلى نصابها في حال الاضطرابات والشكوك… وكيف تحبس هذه السلطةُ، بيمينها، الريحَ المسماة «هائمة»، والماء بشمالها… ولو رفعتْ شمالها لزخرت المياه  وتلاطمت وأغرقت القرية ومن عليها، ولو تطلق «هائمةَ» لنسفت مَن في السماء ومَن في الأرض…

في الحقيقة إنه لم يشتر الكتاب من أجل هذه المعلومات الأسطورية، وإنما لأنه يتضمن، حسب ما سمع، معلومات دقيقة حول العالم الآخر… له توق كبير إلى معرفته… أهو مدينة، صحراء، أم مغارة؟ ألا يمكن أن تكون القرية هي العالم الآخر… وفيما كان مستغرقًا في تقليب الكتاب بحثًا عن إجابة عن سؤال واحد من كم الأسئلة التي تدور في ذهنه… تحسَّس بشيء يلوذ بالحائط الخلفي للمنزل، وكأن حيوانًا ضخمًا يخدش بأظفاره الإطار الخشبي أسفل الحائط ويريد قلعه! ظن أنه ضبع… توجه إلى مخزن الأدوات المنزلية، يقع تحت سلم الطابق الأعلى…

فراح يبحث بين محتوياته من المطارق والفؤوس وباقي القطع المعدنية عن شيء صلب، فلَمسَ بيده فأسًا مخلبيّة عتيقة كان قد اشتراها قبل سنة لقطع أُرُوم الأشجار إلى حطب لموقد النار… أخرجَها وسارَ بها إلى الباب الخلفي، وقبل أن يفتحه، طلب من زوجته أن تصعد إلى الطابق الأعلى وأن تختبئ تحت السرير، «لا تخرجي إلا عندما أناديك»، قال لها…

وما إن وضع قدمه اليمنى خارج الباب، حتى علَقَ ناظِراه بشيء غريب، شيء معفَّر بالتراب، يزحف بمحاذاة حائط المنزل، ويتنفس بشكل متقطع، كأنما ثُعبان مُبينٌ خرج من غار السنين. إنه الجثة التي أُلقيت في الهاوية ساعةَ الفجر… لها أصابع منشبة كالبراثن… ويظهر أن نبشها استغرق قرابة ساعتين لتخرج من مكان جانبي على مبعدة نصف متر من الغطاء الحديدي… ها هي تفتح عينيها لتتفحص حواليها، راحت تحدق في وجه الرجل وكأنها تريد أن ينفذ نداؤها من عينيها إلى قلبه فيرحم! أخذت تَنْأَم… فداخله خوف مروع، جعله غيرَ قادر على الإتيان بحركة، بحيث ظل لابثًا في مكانه، مذْعُورًا فَاغِرَ الْفَم، مضطرب الذهن…

لم يقدِر أن يتقدم أو يتأخر…  كانت الجثة تقترب وهي تتنفس بمشقة، ومع أنها باتت على بعد خطوتين منه، لكن لا سبيل له للتعرف عليها، إذ كانت جد معفرة بالتراب… لم يبق له وقت للتفكير فيما يجب أن يعمله، فجعل يرفع الفأس ويشهرها بكلتا يديه – في هذه اللحظة سرت رعدة في كل ما كان لا يزال حيًّا في الجثة – ثم هوى بالفأس على رأسها كَرَّةً بَعدَ كَرَّةٍ إلى أن لم يعد لها نأمةٌ تُسمع! تقهقر… أخذ نفسًا عميقًا… كانت هناك دَكَّة قُرْبَ الباب، جلس عليها ثم ألقى الفأس الملطخة بالدم على الأرض…

رفع رأسَه عاليًا ليتنشّق نسيمًا مُنعشًا يهب من المروج المحيطة، فلاحظ عصافير تمر مرفرفةً بأجنحتها، تابعتها نظراتُه حتى تلاشت… لكن هذا الشعور بالاسترخاء المشوب بالنفور، فيما هو يجيل البصر في الجثة المهشمة الرأس التي ظل الدم ينزّ منها حتى اختلط بالتراب فشكل بقعة طينية ذات لون بني، سرعان ما بددته علاماتُ الأسى التي نشأت تكتسح تجاعيدَ وجهِه وكأنما أخذ يتنبه لجريرة لم يفكر يومًا ما بارتكابها… وأخذ يتكلم مع نفسه: «آه، كم أنا آسف لقتلي هذا الطيف الوافد من العالم الآخر… لم يكن لي حيلة في الأمر… إذ مساعدة فار من الهاوية جناية كبرى، لكنني أشعر بالندم الشديد على أمر واحد هو أنني أسرعت في قتله، إذ كان عليَّ أولًا أن أسأله عما رأى، عن السر الذي ساعده في نبش التراب لساعتين دون أن يختنق؟ كيف استطاع الخروج من الهاوية؟ هل رأى العالم الآخر يا ترى؟» استغرق في تساؤلات مبطنة بشكوك محرّمة، مدمدمًا: «إنه لغز عجيب… لغز يمكن لحله أن يقلب حياةَ القرية رأسًا على عقب ويغيّر نظامها…» صمت، وتلفت يمنة ويسرة، ثم قال في سريرته: «لحظة… قد تكون هناك خطة وراء كل هذا.. ربما أهل الدليل لم يلقوا به في الهاوية، وإنما تركوه قرب المنزل شبه ميت، عن تصميم وقصد، لاستشفاف نوايانا…! ربما ثمة سببٌ آخر أكثر منطقية، لا أدري… لم يعد لذلك أية أهمية…

الآن، لقد فات الأوان!… وعلى حين غرة، تذكر زوجته، فأنشأ يتعجل في النهوض: «حريٌّ بي على الفور أن أعلمها بإمكانها الخروج من مخبئها، فالحال تنذر بما لا يُحمد عقباه!» وما إنْ همَّ واقفًا، حتّى سقطت عليه الأخيِلَةُ، فبدا كأنه وراء قضبان! فأخذوا بخناقه… خارت قواه إذ أدرك، وهم يسحبونه إلى الهاوية، أن لا مفر ثمة بعد… فهو، على ما يظهر، «شرير إبطاني» تنتظره «هاوية الحكم»! ومع هذا حاول أن يروي لهم حقيقة ما حدث، موضّحًا الإشكالية التي جعلته يتصرّف «وفق قانون…»، توقف لحظة ثم أكمل بنبرة جد منخفضة «… الخوف»!

أنشأ يقسم أنه قتلَ الطيف العائد، عن طريق الخطأ. لكن «أهل الدليل» لم تكن لهم لا آذان ولا بِنْت شَفَةٍ لينبسوا بها كبادرة حوار… وإنما كل ما كان لديهم هو حبْلٌ ربطوا به الكيسَ الضخم الذي أَدْخَلوه فيه بشدة، وحملوه إلى حافة الهاوية حيث تتفكك الجثث، من ثم رفعوا الغطاء، وألقوا به في قعرها… فندَهَ ندْهة شقَّتِ ترابَ الهضبة مُندفعةً عبر حُفر الحديقة والمزاريب حتى صافحت سمعَ زوجته المختبئة تحت السرير وقد أخذتها الرعدة، فانحدرت الدموع من عينيها وراحت تصيح، متسائلة بأعلى صوتها: «أين أنت… أين أنت»… لكن كيف يمكن له أن يسمعها وهو قد انزلق نزولًا إلى ما تحت الأرض الدائرية؛ إلى ما قبل تاريخ القرية حيث فضاء يرنو عليه السكون، حسب ما جاء في الكتاب الذي كان قد اشتراه، لا طيور فيه، لا شمس ولا قمر… وإنما بقايا كائنات مصغرة إلى كتل جد ضئيلة معلقة بأوتاد تهزها، ذات اليمين وذات الشمال، رياح شديدة الهبوب لم يَعهَدها أحد من قبل!

III

في تلك الأثناء، قررت الزوجة أن تخرج من تحت السرير… دفعت بنفسها إلى الأمام، حتى استطاعت أن تنهض… كان باب المنزل مفتوحًا… وقفتْ عند العتبة ولم يكن ثمة أثر لدم الجثة، كان كل شيء في مكانه كالعادة… دارت ببصرها هنا وهناك وهي تردد «أين أنت… أين أنت!» ظلت تكررها حتى وجدت نفسها تنزل منحدر الهضبة باتجاه مدخل الشارع، هائجة، شبه مذهولة تتلفت يمنة ويسرة بحثًا عن زوجها. أخذت تصيح: «لقد قتله أهل الدليل… لم يرتكب أية جناية»… لم يكن هناك سوى عدد قليل من الناس… اعتبروها مجنونة… فتح البعض النوافذ ثم سرعان ما أغلقوها غير مبالين.

وهذا ما لم تجرِ به العَادَةُ حين يحتج أحد ضد السلطة الخفية… لمحتْ في منتصف الشارع قرب مكتبة «المرآة السوداء»، خيالًا مر بشكل خاطف… مشت صوبه بما أنها لم تعد تخشى العواقب. لا أحد ثمة. كرّرت: «أهل الدليل قتلوا زوجي بلا دليل!»… خطرت في بالها الحفرة، استدارت ثم صعدت الهضبة آخذةً الممر الذي يفضي إليها… وحين وصلت… حاولت أن تزيح الغطاء الحديدي. لم تقدر. أسندتْ أذنها على الغطاء علها تسمع شيئًا؛ كلمة… لا شيء! عادت أدراجها إلى المنزل. دخلته وجلست على كرسي واجمة التفكير، لا تعرف ماذا عليها أن تفعل… أشعلت سيجارة… وطفقت تدخن تدخينًا ينم عن تأمل؛ عن رغبة في الانتقام… أخذتْ كتابًا… تصفحته دون أي تركيز… ألقتْ به على الطاولة. ثم تابعت التدخين.

نهضت… تمشت بضعة أقدام… نظرت إلى رفوف الكتب طوال الحيطان وقالت في سريرتها «ما نفعُها الآن؟»… طفقت تنظر في المرآة التي تتوسط الرفوف، مسّت بيدها التجاعيد أسفل عينيها… شعرت بحرج أمام نفسها… وما لبثت أن جلست من جديد… فأصابها شرود جعلها تستسلم، في خاطرها، لذكريات بعيدة… رأت نفسها كيف كانت، وهي صغيرة، تلاعب كلب الجيران وتلاحقه في الشارع، وكشابة في مقتبل العمر كانت تقضي ساعات طويلة في أندية القرية مع أصدقائها وفي جو آمن… وكيف آنت لها فرصة العمر التقاؤها بزوجها في حفل أقامتها عمتها لبعض شخصيات القرية…

لم تنسَ كيف وقعت في غرامه حين أخذ يحدثها، في ليلة زرقاء، في الحديقة تحت ضوء القمر، عن الزواج بين الكواكب والنجوم وهو يشير بأصابعه إلى نجمة الراعي التي ظلت تلاحق زحل سنوات قبل أن تقترن به… وبغتةً وقع في سمعها اصطفاق باب السرداب، وما إن التفتت صوب السلم المؤدّي إليه… حتى ومضتْ في ذهنها فكرة بعثت فيها شيئًا من الأمل… تذكرت أن زوجها فكر مرة بحرق الحفرة ليرى ما يحدث، وقد اشترى لهذا الغرض تَنَكة بنزين… لكنه لم يجرؤ على ذلك لاعتبارات أخلاقية مفضلًا طرقًا أخرى لكشف سر القرية، كالقراءة أو التنقيب الأثري… وتخلى عن الفكرة…

أما هي فإنها تختلف عنه، تريد جوابًا سريعًا، لا سيما في هذه اللحظة الراهنة… أخذت تدمدم «مثلما الهاوية تنادي الهاوية، فاليأس كذلك ينادي اليأس»… لقد ألهبتها هذه الفكرة حد النزول إلى السرداب بحثًا عن التَنَكة فوجدتها مركونة في زاوية وراء دولاب عتيق مهجور، والتقطت عتلة للخلع… صعدتْ بهما إلى المطبخ. كانت التنكة ثقيلة بعض الشيء إذ تحتوي على لترين من البنزين… توقفت ثم أخذت ولاعتها وأشعلت سيجارة ثانية، سحبت نفسًا عميقًا…، ثم حملت التنكة والعتلة، وسارت، على نحو وئيد خوفًا من السقوط أو الانزلاق، فممرات الهضبة كلها متعرجة تكثر فيها الأحراش… وحين باتت على مبعدة مترين من الحفرة… أخذت تتفحص الأنحاء… هدوء تام، لا أحد هناك… تذكّرتْ: «قلما يكون ثمة أشخاص قرب الهاوية»… فالهضبة، في حقيقة الأمر، منطقة شبه مهجورة… وضعت التنكة على الأرض بعد أن فتحتها، فراحت تبحث، وفي يدها العتلة، عن قفل غطاء الهاوية لخلعه… لم تجده أو بالأحرى لم يكن هناك أي قفل… طافت، وهي تدخن، حولها بكل تؤدة، بحثًا عن ثقب يمكن لها أن تصب فيه البنزين… لا شيء ثمة.

شعرت بعطر يخترق خياشيمها… أخذت تشعر بالإعياء… ألقت عَقِب السيجارة، بعد أن دخنت الجزء الأكبر منها، على كومة من الأحراش، دون أن تفطن إلى أن ثمة لوحًا في مدخل الهضبة كتب عليه: «جمرة سيجارة كافية لبدء حريق مدمر!». لكن، بسبب حركة مفاجئة، اصطدمت رجلها بالتنكة فانقلبت وأخذ البنزين يسيل منها باتجاه الجمرة الكامنة تحت السيجارة فاندلعت نار صغيرة سرعان ما أخذت بالتوسع والازدياد… ناهيك عن أن الهضبة تمتلئ بالهشيم في الصيف، وشعاع الشمس الحراري، في هذا الهجير، كان قد هيأ، سلفًا، جانبًا منه للاحتراق السريع… وجدتْ نفسها محصورة مسندة الظهر إلى جدار الهاوية…

أخذت تصيح: «النجدة!» «النجدة! ألن يأتي أحدٌ؟» أحست بالعطر… وبغتة رأت زوجها خيالًا بين أخيلة يلوح لها وكأنه يطلب منها الانضمام إليه… فرَكَتْ عينيها، نظرتْ من جديد… ما من خيال سوى تموجات لعاب الشمس الذائب حيث أخذت النار تلتهم يابس النبات والشجر… لم يكن هناك أحد يهب لنجدتها… لا خرطوم إطفاء ولا جرة ماء في متناولها… لا شيء… حتى زوجها بدا، كما مر في خاطرها، مشغولًا كالعادة في فك ألغاز القرية بمعادلات رياضية، غير آبه بها… تساءلت في قرارة نفسها، وهي عاجزة عن إيجاد مخرج من هذا المأزق الناري الذي بدأت تنبعث منه أدخنة غريبة راحت تخنقها وفي الوقت ذاته تخفيها عن نواظر سكان القرية: «ما هو شرّي الميتافيزيقي؟»…

سؤال عاد بها إلى أيام كانت تلميذة وسمعت هذا السؤال: «ما الشر الميتافيزيقي؟»، للمرة الأولى… وكانت هناك إجابات عديدة، لكنها لم تكن إجابات حاسمة وواضحة… بعضهم قال: «هو سلوكنا حين يكون وجودنا في حقل ضيق!»، والآخر: «حين يقضي المرء على التناقض فيه ويدرك كمالًا يصيّره إلهًا فتتاح له حرية الاختيار المطلقة حيث يكمن الشر الميتافيزيقي»، وقال آخر «إنه التدخل في شيء غير مرئي!»، إلخ… شعرتْ أن رجليها لم تعدا تتحملانها… وما هي إلا دقائق حتى أغمي عليها، ثم سقطت على الأرض فأمسكها الشرر الطائر من ثيابها، والتهمت النار جسدَها… كان الديكُ يصيح ويصيح، على الجانب الآخر من الهضبة، فخرج السكان أجمعين، مستغربين تكرار الصياح في هذه الساعة المتأخرة… وفيما هم يحدقون في تموج اللهب وكأنه أعلام ترفرف فوق قلعةٍ، امتدت النار لتشمل المنزل دون أن تذهب أبعد كأنما أحد كان يمنعها… حتى شب في المنزل حريق هائل دمّر كل محتوياته فتداعى إلى مجامرَ ورمادات…

كان ثمة طفل يلعب على جرف النهر مع زوارقه الورقية… نهض وأخذ ينظر إلى ما وراء حدود القرية؛ إلى الوهاد والحقول والأراضي البور والمياه… حتى استقر بصره على منزل المرتفعات… فجمجم: «لا أثر هناك لكائن!» ثم جعل يركض باتجاه زقاق فرعي، محاولًا الالتحاق بزملائه من الطلاب!

المنشورات ذات الصلة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *