كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
الوجه الآخر
قلبكم الذي كان مرآةً، هو الآن كساعاتكم، لم يعد يغنّي الضوءَ، بل يحصي الظلال.
متعجلون، لاهثون، تتململون في كل ما تفعلونه كنائمٍ في عمق سريره.
يتراكم الزمن لديكم، ثم يخبو.
يتوه الزمن لدينا، ثم يُزهر.
إنه الشيء الذي نقوم به على أكمل وجه، الانتظار، هذا الفن العظيم الذي يمارسه الكلُّ هنا، الأطفال كما العجائز، الرجال كما النساء، الحجارة كما النبات.
قافلة الانتظار بجَمليها: الوحدة والصمت.
سفينة الانتظار المتباهية بشراعيها الضخمين: العزلة والصمت.
ذاك الذي ينتظر كشجرة مع عصفوريها، العزلة والصمت، شجرة لا تتحكم بانتظارها، تتحرك بمشيئة الريح، منصاعةً لمن يقترب منها، مبتسمةً لمن
يبتعد منها.
إن من ينتظر، نحن ندعوه «مشبعًا باكتماله» ففي الانتظار تكون البداية كالنهاية، الزهرة كالفاكهة، الزمن كالخلود.
الحقيقة عندكم تكمن في الأرقام، في الأسباب والبراهين
الحقيقة، موجودة في العالم، أمامكم، مشهدًا طبيعيًّا أمام الرائي، أفقًا أمام البحار.
الحقيقة عندنا لا شبيه لها، هي لا تتلألأ في الأقاصي، بل تغني على مقربة منا
إنها ليست في نهاية الطريق، بل الطريق ذاته
إنها ليست قبالتنا، بيد أنها مركزنا
نحن في جسد الحقيقة كأطفالٍ في ماءٍ عميق، يغطسون، يختفون ويرجعون، بين أكفهم عشبٌ، وعلى شفاههم أحجية.
من يعرفنا أكثر من الأم؟ إنه الموت.
من أين تأتي الريح؟ من كتابٍ قديمٍ تركناه مفتوحًا
ممَّ نتعرَّف على الكلام المنصِف؟ من صمته
ما الثلج؟ قليلٌ من البرد، كثيرٌ من الطفولة
من يرقص حتى الفجر؟ النجم
من يمشي ماحيًا خُطاه؟ الطِّيب
ما الذي يميِّز الملائكة عنا؟ سجيَّتهم العظيمة جدًّا
ماذا نسمي الكلب الذي يعضُّ صاحبه؟ المجد
من يضحك بعد موته؟ المطر في أوراق الشجر
من يتناول طعامه من كفِّنا؟ الأمل
من لا يأتينا إلا في غيابنا؟ الحب
من لديه حرارة دون أن يكون مريضًا على الإطلاق؟ الوقت
من يمسح الضوء بقطعة قماشٍ قذرة؟ المجنون
من يدخل دون أن ندعوه ويخرج دون أن نطرده؟ الحياة
لنغرقَ إذن في الحياة، كما يغرق طفل في ألعابه: خاسرًا، رابحًا. رابحًا خاسرًا، ودائمًا جاهزٌ للكلام، ودائمًا هو جاهزٌ للعب، وإن كانت الحقيقة بالنسبة لكم عجوزًا، إنها طفلنا.
المنشورات ذات الصلة
سردٌ لنَفْسه، بلا رسالة
I بدأت الظلمةُ تنقشع شيئًا فشيئًا عن منزل معزول من طابقين، يسكنه رجلٌ وامرأةٌ، يقع في أعلى الهضبة التي ينحدر منها شارع...
مَجَازٌ مُرْسَل
لا يَتذكرُ كَيفَ هَوَى يُمكنُ أنْ دَرجُ البَيتِ لم يتلقَّ خُطاه ويُمكنُ أن كانَ يصعدُ بين سَدِيمٍ وآخرَ واختفتِ...
مجرد رغوة
لم يلق التحية لدى دخوله. كنت أمرر أفضل شفراتي على المسن وحينما تعرفت إليه بدأت في الارتجاف، إلا أنه لم يلحظ الأمر....
0 تعليق