كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
قصص قصيرة جدًّا
مائيات
صعد سلم الطائرة، وحين التفت إلى الخلف، رأى وطنه كما لو يشبه غربالًا يكره الماء. وحين أقلعت الطائرة فكّر هكذا :لا بد من أن يكتب رواية بالماء، ويعلق في سقفها رعدًا رهيبًا، أو سحابة سوداء. في المطار كان المشهد غيومًا سوداء، ثم انهمرت الأمطار بغزارة، وكان التوقيت في عز الصيف، حينها تخيل نفسه كما لو يشارك الذئب عرسه، ويرقص على إيقاع دفوف ومزامير لا يسمعها سواه.
ميلاد
رجل وقطة ونشرة الأخبار في غرفة بالطابق الثالث، القطة نائمة فوق الكرسي، الأخبار تافهة، والرجل ليس هنا. تفتح القطة عينيها وتموء، ينتبه الرجل لنفسه ويتذكر أن اليوم عيد ميلاده، يصمت مدة، وهو الآن يتأمل فراغ الغرفة من الشموع والأطفال والبالونات وحلوى الميلاد، وحين تذكر زوجته التي ماتت بسرطان المرحلة، يلتفت ليرى صورتها بتسريحتها الخفيفة داخل إطار يعلوه الغبار، ثم يعود كي يتأمل فراغ الغرفة من ميلاده، وبعدها يجهش بالضحك، وحدها القطة كانت تتأمل المشهد وأحيانًا تخاف.
اقتلني عزيزي
امرأة خمسينية تنزل من القطار، تدق الرصيف بكعبها وتمشي بنفس الإيقاع الذي تمشي به كالعادة إلى الصحيفة، وهي تعبر الشارع الرئيسي في العاصمة؛ تتفاجأ بشاحنة من الاكتئاب ترديها جثة على قيد الحياة. نزل السائق مذعورًا بساق واحدة؛ و… كانت الجثة لزوجته؛ التي هاتفته قبل قليل؛ لتقول له بغنج «اقتلني عزيزي رجاء»، و.. أجهشت بالضحك حينها؛ ثم أغلقت الهاتف، تجمهر الفضوليون؛ و… فتحت المرأة عينيها؛ كي تقول بسخرية :
• عفوًا… مجرد فكرة شخصية.
ثم انسحبت في عناق مع زوجها؛ دون شاحنة؛ ودون شارع رئيسي؛ ودون عاصمة، و.. بكثير من الفانتاستيك
طفل بشاربين
دخل مطعم «هالة» لاهثا، وكما لو كان يطارده كلب مسعور، جلس فوق كرسي في الزاوية اليمنى، وأخرج من كيس أبيض: دمية من القطن، مسدسًا صغيرًا، علبة حلوى. تفرس وجوه رواد المقهى، ثم لعبه المبعثرة، ليصرخ بعدها متعجبًا: «هل أنا طفل بشاربين؟!».
المنشورات ذات الصلة
برايتون
... يصل القطار إلى «برايتون»، يعلن ذلك قائد القطار، يشاهد اللوحات الجانبية على رصيف المحطة تحمل اسم «برايتون»، خدر...
في طريق السفر تخاطبك النجوم
مغامرة صغيرًا كنتُ، صغيرًا جدًّا رميتُ صنارتي إلى البحر اجتمعت الأسماك معًا، رأيتُ البحر! * * * صنعتُ طائرة ورقية بسلك...
بين صحوي وسُكْرها
رغمًا ترددتُ.. لم أسكَرْ ولم أَصْحُ! في كأسكِ البرءُ أم في كأسكِ الجرحُ؟ قصّت جناحي بأفْق الحبّ أسئلةٌ ...
0 تعليق