كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
من التسلية الهزلية إلى الفكر والنقد
توظيف الفلسفة في القصص المصورة
انتبهت منذ مدة للتناول الفلسفي والأفكار التي تتضمنها القصص المصورة الحديثة في أثناء قراءة مجموعة مسلسلة صدرت في كتاب بعنوان «Injustice»، لتوم تايلور، في إطار نقاش لأحد نوادي القراءة المهتم بالقصص المصورة، تبينت قدرًا من الجدية في الطرح والقضايا التي ولدتها قصص الكتاب، وأظهرت لي جانبًا لم أكن منتبهًا له يتعلق بأن القصص المصورة الأميركية قادرة على طرح عدد من الأفكار المهمة والفلسفية أيضًا.
ثم اكتشفت أن هذه القصص بالفعل أنتجت حركة نقدية من بين مظاهرها كتاب بعنوان «باتمان والفلسفة»، شارك فيه عشرون أكاديميًّا وكاتبًا من المهتمين بعلوم الفلسفة، وهنا أدركت أن الأمر ليس مجرد كتاب، بل ظاهرة. الدهشة التي أصابتني جعلتني أحاول أن أتبين أسبابها، كان أبرزها الانطباعات العامة الشائعة في الثقافة العربية عن القصص المصورة التي تبدو في ثقافتنا بشكل عام مجرد رسوم ساخرة، أو قصص مصورة خرافية أو فكاهية، للأطفال، أو حتى فئات عمرية أكبر، لكنها كما نعلم جميعًا تدور في إطار واحد هو التسلية أو الوعظ، ولا يمكن القول: إن لدينا أساسًا صناعة كوميكس عربية حتى للأطفال؛ لأن أغلب ما ينشر عربيًّا إما مترجم عن لغات أخرى، أو مقتبس منها بشكل مباشر أو غير مباشر.
للأطفال فقط
من بين الظواهر الخاصة بالموضوع وإن بشكل غير مباشر، أن مفهوم القصص المصورة اقتصر منذ نشأته في العالم العربي بوصفه الفن الموجه للأطفال فقط، وانتشرت شخصيات كارتونية عدة منذ مجلة سندباد في مصر في أربعينيات القرن الماضي، مرورًا بمجلتين شهيرتين؛ «ميكي» التي اعتمدت على تعريب القصص المصورة المستلهمة من شخصيات والت ديزني الشهيرة، و«سمير» التي قدمت محاولة جيدة لتمصير القصص المصورة عبر ابتكار العديد من الشخصيات المرسومة المستوحاة من الشارع المصري آنذاك. كما ظهرت شخصيات فرانكفونية عبر قصص شهيرة في مجلة «تان تان»، و«أوستريكس» و«أوبليكس»، و«لاكي لوك»، ثم «ماجد» في الإمارات، بكل ما صاحبها من شخصيات من أمثال كسلان جدًّا، شمسة، دانة، موزة الحبوبة وغيرها، ثم شخصيات بعض المجلات التي ظهرت خلال العقدين الأخيرين؛ من بينها شخصية «علاء الدين» التي تتصدر مجلة تحمل الاسم نفسه، وتصدر عن الأهرام، وتتضمن أيضًا شخصية شهيرة لمتابعي المجلة هي «سوبر عبده» وزوجته سالي، ثم هناك أيضًا مجلة «وسام»، أيضًا «العربي الصغير» وهي واحدة من إصدارات «العربي»، وتقدم العديد من القصص لكبار الرسامين والكتاب العرب، وغيرها الكثير من المجلات.
ظهرت تجارب عربية محدودة خلال السنوات العشر الأخيرة، مثل رواية «مترو» لمجدي الجابري في مصر، وتجربة نايف المطوع في الكويت، وربما إصدارات أخرى محدودة، من بينها مشروع الكاتبة السعودية داليا التونسي في إنتاج كتب للصغار والكبار مصورة حول الأسئلة الفلسفية؛ منها «التساؤلات».
تاريخ مختلف
لكن فن الكوميكس في الغرب تطور بشكل مختلف، إذ إنه مر بتاريخ طويل؛ تشير المصادر المهتمة بتأريخه إلى أنه بدأ على يد الفنان السويسري رودلف توبفر، منذ عام 1827م، ونشر سبع روايات مصورة في 1837م، بعنوان «مغامرات أوباديا»، وكانت هذه القصص المصورة أول ما نشر من النوع نفسه في الولايات المتحدة الأميركية في عام 1842م، وفي عام 1852م نشر الفنان الألماني ويلهلم بوش، بعض القصص المصورة في صحيفة Fliegende Blatte الألمانية، وفي عام 1865م بدأ في إصدار مجموعة قصص مصورة بعنوان: «ماكس وموريتس».
بعض المؤرخين يعزون الريادة في فن القصص المصورة أو الكوميكس، كما يعرف في الغرب، إلى الفنان ريتشارد أوتكولت، الذي نشر قصة مسلسلة بعنوان: «فتى أصفر» في عام 1895م، وكانت الرسوم الأولى التي يصاحبها الحوار بين أبطال العمل مكتوبة في بالونات أعلى كادرات الرسوم، كما هو شائع اليوم. لكن العديد من الصحف الأميركية كانت قد نشرت القصص المصورة قبل هذا التاريخ. وهناك أربعة فنانين آخرون لهم دور الريادة في تحقيق جماهيرية هذا الفن؛ ويليام واندورف، جوزيف بولتزر، جيمس سونيرتون، ورودلف ديركس.
في العشرينيات بدأ الفن في الانتشار على أيدي مجموعة من الفنانين الذين اختاروا المغامرات الخيالية موضوعًا لأعمالهم، لكن منذ نهاية الثلاثينيات ومع ظهور موجة جديدة من المطابع الجديدة في أميركا رغب الناشرون في استثمار التقنية الجديدة في إنتاج كتب مصورة، فظهرت موجة من القصص المصورة أبطالها مجموعة من البشر الذين يتسمون بصفات خارقة؛ أمثال طرزان (رسمه الفنان بيرن هوجارت)، بات مان (ابتكره الفنان بوب كين)، وسوبرمان، والرجل العنكبوت، وسواهم.
وعلى إثر اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939م توجهت موضوعات «الكوميكس» إلى قضية واحدة هي السخرية من النازي، ومن شخص القائد الألماني هتلر، واستمرت الموجة حتى نهاية الحرب، ما كان له إرهاصات لاحقة من خلال كاتب أميركي يدعى آرت شبيغل، أنتج كتابًا مصورًا بعنوان: «ماوس»، يتناول قصة رمزية للنازي وما تعرض له اليهود؛ لأن والده أحد الناجين من المحرقة، ونشرت مسلسلة بين عامي 1980-1991م، ثم في كتاب عام 1992م كرواية مصورة، وحصلت على جائزة بوليتزر، وتقريبًا هذا الكتاب الوحيد من نوعه الذي حصل على الجائزة.
بعد الحرب انتعش الفن مرة أخرى، وبخاصة في الولايات المتحدة حيث بدأت موجة ابتكار شخصيات مستوحاة من عالم الحيوان، وبخاصة الفأر الشهير ميكي، وفرخ البط «دونالد»، أصبحت ظاهرة في العالم التي ابتكرها ديزني، وبالتالي نافست الشخصيات الأكثر رسوخًا مثل سوبرمان، وهو ما أسهم في انتشار القصص المصورة في أرجاء العالم، وابتكر البلجيكي هيرجيه شخصية «تان تان»، وظهرت في بريطانيا سلسلتا «البينو» و«داندي»، وانتشرت مرحلة من القصص المصورة التي بدأت تعتمد على الابتكار بدلًا من النقل في عدد من الثقافات وبخاصة في أميركا اللاتينية، ثم في مصر، وغيرها من دول المنطقة في وقت لاحق.
هل يصبح الحق قابلًا لأن يغدو شرًّا؟
أعود لكتاب Injustice، وفيه كان الشر المبذول بسخاء من الجوكر دافعًا ليجعل الظن مرجحًا أن موته سيكون بمنزلة موت للشر، وقد قتله سوبرمان في سلسلة الكوميكس المعروفة باسم «لا عدالة»، التي صدرت بأجزائها الثلاثة عشر جميعًا في كتاب واحد قبل مدة. وكانت السلسلة عرفت أيضًا بعنوان فرعي: «آلهة بيننا»، في إشارة إلى مجموعة الأبطال الخارقين وأبرزهم سوبرمان وباتمان، في مرحلة جديدة يعيشها العالم، المتخيل الذي تقدمه القصص والراهن الواقعي الذي نعيشه، ولا يمكن أن يفوتنا إحالاته في النص المصور الذي كتبه توم تايلور، بمشاركة مجموعة ضخمة من الفنانين الذين رسموا العمل ولوّنوه وأخرجوه فنيًّا، ومن بينهم جيرمي راباك ومايك ميللر. تسبب الجوكر في هدم حلم سوبر مان بقتل حبيبته «لويس»، ومقتل ابن سوبر مان الجنين في بطنها، وهو ما خلق في أعماقه حزنًا وحشيًّا تحول إلى غضب أعمى تمكن من سوبرمان، البطل الخارق؛ ليجعل منه قاتلًا وحشيًّا، إذ تمكن من قتل الجوكر بعد معركة دموية هائلة.
تثير القصص المتضمنة في السلسلة مشاعر عنيفة وعديدة لدى القراء، ما بين الغضب، والحزن، والأسى، والخوف والتعاطف، لكنها ليست سوى أغلفة للأفكار الرئيسة التي يطرحها النص عن معنى العنف الذي أصبح شعارًا لافتًا للحياة، وإن بدا خارجًا من بطن الجنون فإنه قد يتسبب لاحقًا في دفع العقلاء أيضًا ليصبحوا من مكونات كرة النار التي تلتهم كل شيء وتتضخم يومًا تلو آخر، حتى يبدو العالم مهددًا فعلًا، ليس فقط من جنون الفاسدين وأصحاب المصالح ورموز الشر، بل أيضًا ممن كانوا رموزًا للبطولة الإنسانية الخارقة.
لكنّ تغيرًا عنيفًا حدث لسوبرمان، فبعد أن قتل الجوكر تبيّن له أن حزنه على «لويس» وطفله الذي لم يرَ النور أكبر من أي انتقام، وهو ما جعله يرى أن اللاعدالة تتطلب أن يتغير العالم الظالم. اكتشف فجأة أن كل ما بذله من جهود في إنقاذ العالم لم تنتهِ لشيء، وكان قراره التحول من إنقاذ العالم إلى محاولة السيطرة عليه، لتشهد علاقة صداقته التاريخية مع صديقه الأقرب «فارس الظلام»، أو باتمان، خلافًا غير مسبوق. اختلف الصديقان القديمان، وتعرضت منظومة الحق والخير التي آمنا بها كلاهما دومًا من أجل إنقاذ البشرية لتغيرات قيمية، جعلت كل ما كان حقًّا يومًا قابلًا لأن يغدو شرًّا والعكس.
تضمنت القصص المصورة أيضًا في النص نقدًا ذاتيًّا جليًّا للولايات المتحدة بسبب إلحاحها على تصدير العنف للعالم، لكنه في الوقت نفسه ارتدّ إليها بشكل أو بآخر. ولأول مرة يجد القارئ نفسه مترددًا بين بطلين ينحاز لهما باستمرار. ويغدو كل منهما موضعًا للشكوك والارتياب، ولعلها المرة الأولى التي يظهر فيها البطلان أحدهما ضد الآخر، وعلى الرغم من أنهما كليهما يستخدمان شعارات العدل والحق، فإن القارئ يجد نفسه متشككًا، ففي ظل العنف ليس سهلًا أن يُرى الحق.
إنتاج شخصية مثل الجوكر
الحقيقة التي رحت أفكر فيها أنه على الرغم من وجود كل الأبطال الخارقين وقدراتهم الاستثنائية في القضاء على الجريمة فإنهم لم ينجحوا، وطبعًا جانب من النقد الذي توجهه القصة أن مدينة جوثام شاركت في أعمال عنف خارج أرضها، بدلًا من التركيز على جهودها لمكافحة الجرائم داخل حدودها، وفي إحدى القصص نرى بطلة من البطلات التي تذهب لمقديشيو لإنقاذ النساء هناك بعد أن أصبحن ضحايا حروب أهلية سببها وجود السلاح مع الرجال بلا رادع. تقول البطلة: إن عقدين من توزيع السلاح كفيلان بأن يؤدي إلى هذه النتيجة. بقول آخر يبدو أن تراكم إنتاج هذه المجموعات الخارقة كان لا بد أن ينتج عنه شخصية مثل الجوكر.
مع التراكم المستمر للإنتاج الهائل يعد اليوم بين أبرز ما أضافته هذه الصناعة للثقافة في الغرب، أنها فتحت مجالًا نقديًّا مبتكرًا يخص نقد القصص المصورة وتأمل المنتج فلسفيًّا وفكريًّا وأسلوبيًّا. كما هو الأمر في كتاب مثل: «باتمان والفلسفة: الخوض في روح فارس الظلام»، وهو الاسم الرائج لشخصية باتمان. ومن الجميل أن الكتاب صدرت له ترجمة عربية أخيرًا أنجزها المترجم العراقي المجتبى الوائلي، عن دار نابو للنشر والتوزيع. وينتمي للدراسات الثقافية ما بعد الحداثية، ويتضمن مشاركة عشرين باحثًا وناقدًا، وحرره وأعده كل من مارك د. وايت، وروبرت آرب.
يقدم الكتاب محاولات متتابعة لتأمل حكايات وشخصيات أبرز القصص المصورة التي تناولت شخصية باتمان، سواء كان فيها بطلًا أو بوجود الأبطال الخارقين الآخرين، خصوصًا سوبرمان، أو أي من مجموعات الخوارق. ويتناول مؤلفو الكتاب، وهم جميعًا، وعددهم عشرون كاتبًا، أساتذة في الفلسفة وعلم الأخلاق في جامعات أميركية مختلفة، المسائل الفلسفية والأخلاقية التي تفرضها الوقائع أو المضامين التي تناولتها القصص المصورة التي شارك الرجل الوطواط في بطولتها.
أسئلة من قبيل الموقف الأخلاقي في حال منع الجوكر من تنفيذ جريمة قتل مثلًا، والاكتفاء بعقابه في المصحة بدلًا من قتله. فهل هذا الموقف للرجل الوطواط أخلاقي؟ هل اعتقال الجوكر سيمنع من هروبه مرة أخرى والعودة إلى الجرائم الشنيعة التي يقوم بارتكابها؟
ثم على مستوى آخر، وفي فصل آخر يطرح السؤال حول طبيعة المسؤولية الأخلاقية حول ما يقوم به الجوكر من أعمال لا يمكن وصفها إلا بالوحشية والتمثيل بضحاياه بدم بارد، فهل يمكن عدّه مسؤولًا عنها أم إنه مجنون أو مختل عقليًّا وبالتالي فلا يتحمل مسؤولية أفعاله كما هي نظرة المجتمع للمجنون؟ ما تفسير الضحك الذي يمارسه الجوكر وهو يمارس جرائمه الوحشية؟ ما الرسالة التي يتبناها الفعل المستفز؟ وللإجابة بطبيعة الحال يتنقل المؤلف حول نماذج من سلوكيات الجوكر وتحليلها نفسيًّا، ثمة أيضًا إشارات إلى دراسات مهمة حول موضوع الجنون؛ من بينها الدراسات الشهيرة لفوكو حول الموضوع. وثمة خلاصة ترى أن الضحك في التحليل النهائي دليل على أن الجوكر فاقد تمامًا لإرادته الحرة، وبالتالي ليس مسؤولًا عن أفعاله. هنا ينتقل سؤال المسؤولية الأخلاقية لطرفين؛ السلطة التي لا تستطيع وقف الجوكر عند حده، وباتمان طبعًا بسبب الكيفية التي يتعامل بها مع الجوكر وموقفه الثابت بأن كبحه ومنعه يتوقف عند إيداعه المصحة وليس قتله.
ثم نجد فصلًا يتأمل فعل الكراهية عند باتمان أو الرجل الوطواط، فإذا كان المفترض أنه يلاحق المجرمين والأشرار، ويسعى ليخلص المدينة من الجريمة والشر، فما مشاعره تجاه هؤلاء المجرمين؟ أهي الكراهية؟ فكيف يكون للكراهية محل في مشاعر هذا المخلوق الخيِّر؟
أو مثلًا بالنسبة لعلاقة الرجل الوطواط بابنه روبن، هل يتمتع كأب بالقيم التربوية الحقيقية التي تجعل منه أبًا نموذجيًّا؟ ما القيم التي نقلها للابن في ضوء الخلافات على تقييم مواقفه من بعض الأخلاقيين؛ لأنه يمارس العنف أيضًا مع بعض المجرمين؟ وأساسًا في مدى أحقية أو صوابية أن يجعل من روبن شريكًا في مكافحة الجريمة وخوض مجال خطر كهذا؟
في كل مسألة مما سبق الإشارة إليه قدمت ملخصًا وجيزًا لفكرة تُتناوَل في فصل من فصول الكتاب، الذي يقوم كاتبه بالتمثيل بنماذج من القصص المصورة أو الأفلام المأخوذة منها. وتخضع لأفكار فلسفية مختلفة، ثم يتقدم الكتاب من فكرة لأخرى: هل فارس الظلام دائمًا على حق؟ العدل والقانون، المسؤولية الأخلاقية، الدور الاجتماعي للدولة، إدارة جوثام، ثم أزمة الهوية لدى باتمان نفسه، وطواط أم هو المحقق برواس واين؟ أهو ضحية مقتل والديه في الطفولة أم إنه يشارك المجرمين أحيانًا العنف من أجل التخلص من خصومه؟ ثم الصداقة أيضًا في علاقته بسوبرمان كيف تناولتها القصص المصورة؟ كيف يمكن استخلاص مفهوم الصداقة من هذه العلاقة؟
الفلسفة ونظامنا التعليمي
لماذا أعتقد أن الموضوع مهم، أي علاقة الفلسفة بالقصص المصورة؟ أولًا، لأني أرى أنه يجب أن يدفعنا لإعادة التفكير في إنتاج القصص المصورة لدينا، وتضافر الجهود من أجل إنعاش هذا الفن، خصوصًا في المرحلة الراهنة التي شب فيها جيل جديد يتلقى المعلومات والمعرفة والتسلية بالمادة الفِلْمية، بالصورة المتحركة، ما يفقدهم القدرة على التركيز في قراءة النصوص المكتوبة، بينما العلاقة بين الصورة والمادة المكتوبة سيكون لها دور مهم في اجتذاب ميولهم نحو القراءة، وهو بالمناسبة تقريبًا ما حدث نفسه لأغلب محبي القراءة من جيلي ومن بعدي بجيلين على الأقل. الأمر الثاني أنني منذ مدة مهتم جدًّا بفكرة أهمية تدريس مبادئ الفلسفة في مراحل التعليم المدرسي في عالمنا العربي، وهي فكرة طبقت في اليونان وعدد من دول أوربا من أجل تنمية الحس النقدي والعقلاني عند الطلبة، وعربيًّا أعلنت السعودية مؤخرًا أنها في الطريق لإضافة مواد فلسفية لسنوات التعليم الدراسية في المدارس.
أي أن القصص المصورة قد تكون وسيلة داعمة لمناهج تعليم الفلسفة من جهة، وأيضًا قد يؤدي هذا المنهج إلى خلق نوع من الحيوية التي تضخ في دماء القصص المصورة العربية، وهذا بلا شك سيكون له أثر كبير في القراءة والتعليم والفلسفة معًا.
المنشورات ذات الصلة
صناعة النخب
لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير...
جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو
كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في...
اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل
في 26 أكتوبر 1931م، كتب الفيزيائي والرياضي إدموند ت. ويتاكر، الأستاذ في جامعة إدنبرة، لابنه انطباعاته عن كتاب برتراند...
0 تعليق