كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
تعود تلك الأيام
أعدتُ إليكِ
أقمارَكِ الرماديَّة
ونجومَكِ التي استخدمتُها مرَّةً،
أعدتُ إليكِ
ما تبقى من قبلاتٍ بحوزتي
وأشجارٍ كنا نتحدَّثُ إليها،
لم أعدْ بحاجةٍ
لثمرةٍ تائهة،
ولا لضوءٍ جاف،
ليس ثمة ما يُجبرني
على العناق مع هوًى ثائرٍ،
لديَّ الآن
حفيفٌ يسير معي
وأضواءٌ تترنَّمُ،
لديَّ غديرٌ يتمشى معي
وموجٌ يلمعُ في الوريد،
لم أعد بحاجةٍ
لنوادرَ تنمو
تقهقهُ
تلهو بهامشي،
لديَّ محارٌ
يلازمني في الليلِ،
يومضُ قرب صُدغي
ويبتسمُ لدمي،
بعض الأصدافِ
حين تراني
تتفتَّحُ لتؤويني،
لا أحتاجُ إلى مرايا،
شظية صدفةٍ تكفي،
قطعةٌ من حجرٍ
كافية لبناءِ حياتي.
* * *
أعدتُ إليكِ
راووقَ الكحلِ المنسيَّ
بين سحابتينِ،
قارورةَ العطرِ
المعبَّأةَ بالرذاذِ،
قلمَ الحمرةِ
المغموسَ بالشفق،
محبسَكِ المرصَّعَ
بكسَرٍ من الشُّهب،
ثوبَكِ الشيفونِ
المخيَّطَ بالأعشابِ
وعطرِ الغاباتِ،
أعدتُ إليكِ
مشطَكِ العاجيَّ
المنقوعَ بالأمواجِ،
لقد تكرَّرتُ فيكِ كثيرًا،
صرتُ منكِ،
وغدوتُ فيكِ،
الجميعُ يناديني بصوتِكِ،
الجميعُ يحملني
على أني نسخةٌ
من أنفاسِكِ،
الجميعُ يُدللني،
كوني أطلعُ منكِ
في الصباحِ،
وأعودُ إلى أظفركِ مساءً،
الجميعُ يحسدني
على أنَّ طبعي
هو طبعةٌ جديدةٌ
من زفيرِكِ،
الجميعُ يُلوِّحُ
ويقولُ:
إني أُعيدُ مِشيتي فيكِ،
إني أُنيرُ
حاجبَكِ
وجزءًا من ضفيرتِكِ،
وأسلّطُ الضوءَ
على حفيفِكِ،
يقصدون كعبَكِ العالي،
الجميعُ يقولُ:
إني أُشبِهُ نظرةً منكِ،
أُشبِهُ طبعة الأمسِ،
تلكَ التي نفدتْ
في حقول النظر،
الجميعُ يقول:
إني شهقةٌ خرجتْ منكِ
تتدحرجُ في الشارعِ،
إني طبيعةٌ مجروحةٌ بعينٍ،
برَمشةٍ قفزتْ من بين ناظريكِ،
لم أكنْ عينًا
لأحدٍ أنا،
لم أكن قاسمًا مشتركًا
بين قبلة وأخرى،
أنا لم أعدْ منكِ،
لم أعدْ
فما داخل عمقكِ،
لم أعدْ
ابتسامةً تطرحُ النوافذَ
وتنتجُ الأبوابَ،
لم أعدْ
فتًى لأكبرَ في ظلِّ رموشكِ،
لقد تغيرتْ ملامحي
وسط غيمةٍ
وانكشف عمري بين النوارسِ،
* * *
لم أعدْ
بطلًا بين الرياحين
أو زعيمًا بين الزهور،
والكلُّ بات يعرف سيرتي…
أبو جُعَلٍ
وأبو منجلٍ
وصرَّارُ الليلِ،
الكلُّ يعرف سيرتي….
النملُ الفارسيُّ،
بُزَّاقةُ الحيِّ،
الذبابُ المصابُ بالصَّرع،
اليسروعُ الدائخُ
ذو المصيرِ المجهولِ،
الكلُّ يعرفُ سيرتي…
هدهدُ القرى
الموسومُ بالعجلةِ،
ضفدعُ الغُدرانِ
النقَّاقُ ليلَ نهار،
الكلُّ يعرفُ سيرتي…
المنهلُ في الرِّيفِ،
البئرُ المدفونُ بالأغاني،
وصنَّاجةُ الصحراءِ
وهي تُبلبلُ البعيدَ…
كان زمانًا ذاكَ،
حين عشتُ فيكِ،
مستوطنًا مسامةً منكِ،
لم يعدْ يُجدي العيشُ
داخل خليَّةٍ،
أو في مسامةٍ،
لم يعدْ يُجدي التنقُّلُ
بين الحواجبِ،
أو القفزُ
بين مسامةٍ وأخرى،
مللتُ تسوُّلَ القبلِ
وصرفها كنقودٍ
عند الحاجة،
مللتُ التحزُّبَ لبسمةٍ،
في السابقِ
كنتُ ألفُّ
النظرةَ بمنديلٍ
واللفتةَ أُحيطُها بقطيفةٍ،
أما التنهيدةُ
فكنتُ أربطُها بخيطِ حرير…
الآن كبرتُ كثيرًا
صرتُ أتكئُ
على غيمةٍ
وفي الغالب
أستعينُ بفراشة.
المنشورات ذات الصلة
برايتون
... يصل القطار إلى «برايتون»، يعلن ذلك قائد القطار، يشاهد اللوحات الجانبية على رصيف المحطة تحمل اسم «برايتون»، خدر...
في طريق السفر تخاطبك النجوم
مغامرة صغيرًا كنتُ، صغيرًا جدًّا رميتُ صنارتي إلى البحر اجتمعت الأسماك معًا، رأيتُ البحر! * * * صنعتُ طائرة ورقية بسلك...
بين صحوي وسُكْرها
رغمًا ترددتُ.. لم أسكَرْ ولم أَصْحُ! في كأسكِ البرءُ أم في كأسكِ الجرحُ؟ قصّت جناحي بأفْق الحبّ أسئلةٌ ...
0 تعليق