كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
منتدى الجوائز العربية:
سجال حول المعايير.. وخالد الفيصل رئيسًا فخريًّا
لئن استبعد مهتمون بالجوائز أن ينجح منتدى الجوائز العربية في تعميم معايير بعينها، ودفع جوائز كبرى إلى تغيير لوائحها، بما يجنب الجوائز اللغط والاتهامات مع كل دورة يُعلَن فيها الفائزون، فإن منتدى الجوائز العربية، من ناحية، بدا أنه يتحول دورة تلو أخرى حدثًا ثقافيًّا بارزًا؛ لما تشهده نشاطاته من متابعة وحضور، وفيها يناقش ضيوفه وأعضاؤه القضايا التي تفرض نفسها على الجوائز ومسؤوليها، وما تتركه من ردود أفعال لا سبيل إلى إسكاتها. وظهر المنتدى في دورته الثانية التي عقدت في أكتوبر الماضي، أكثر قدرة على إدارة النقاش وبشفافية حول ما يعد شائكًا في الجوائز العربية، ومن ذلك مسألة المعايير التي باتت قضية مُلحّة، ما حدا بالأمين العام لجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، جمال بن حويرب إلى أن يدعو، على هامش الندوة الثقافية التي عقدها الملتقى، زملاءه من أمناء ورؤساء الجوائز، في المنتدى، إلى تبني معايير علمية صارمة، بعيدة من الأهواء. وتذمر رئيس جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية الروائي طالب الرفاعي من محكمين وأعضاء هيئات علمية، قال: إنهم يرزحون على كاهل الجوائز لسنوات كثيرة، مطالبًا بتغييرهم من حين إلى حين، مشيرًا إلى أوضاع وصفها بالبائسة، يعيشها المبدع العربي، وهو ما يجعل من الجوائز طوق نجاة لهذا المبدع فيما لو ذهبت لمن يستحقها.
قد يواجه المنتدى صعوبات في اقتراح حلول مؤكدة للقضايا التي تعانيها الجوائز، سعيًا إلى نزاهة مطلقة، إلا أنه في المقابل، أحرز تقدمًا ملحوظًا في التعاطي مع هذه القضايا وبدَّد الحرج من الخوض في عدد من الإشكالات التي تكتنف هذه الجائزة أو تلك، وهو الأمر الذي دفع مسؤولي بعض هذه الجوائز إلى الاعتراف بما يعتري جوائزهم من مآخذ، تنال من سمعتها أحيانًا.
من ناحية، وافق الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، على أن يكون رئيسًا فخريًّا لمنتدى الجوائز العربية، الذي رعى الفيصل انعقاد لقائه الثاني في أكتوبر الماضي، بحضور أمناء ورؤساء 23 جائزة عربية. الرئيس الفخري لمنتدى الجوائر العربية أكد في لقاء جمعه بأمناء الجوائر العربية، أهمية الدور الذي تلعبه الثقافة في لحظة يشهد فيها الوطن العربي تمزقًا وصراعات، لم يسبق لها مثيل، موضحًا أن الثقافة هي حاضنة العرب، الموحدة والجامعة لهم. وقال الفيصل: إن المبادرات الخلاقة التي تستنهض الوعي والفكر الإيجابي، تنطلق من الثقافة.
وثمَّن أمناء الجوائز العربية موافقةَ الأمير خالد الفيصل على طلبهم أن يكون رئيسًا فخريًّا للمنتدى، وعدوها دعمًا كبيرًا للمنتدى وللجوائز العربية، لما للفيصل من مكانة كبيرة في الثقافة العربية رسختها تلك المشاريع الثقافية الكبرى التي رعاها ودعم انطلاقتها، كما تابع باهتمام نموها وتطورها، حتى أضحت من المعالم البارزة.
في اجتماع المنتدى اتفق الأمناء على عقد الدورة الثالثة للمنتدى في السادس والسابع من أكتوبر عام 2021م، أما المجلس التنفيذي للمنتدى فسيعقد اجتماعه في مارس 2020م، واختاروا الدكتور عبدالعزيز السبيل رئيسًا للمنتدى بحكم مقرّ المنتدى في مبنى جائزة الملك فيصل، كما اختير رئيس جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية الكاتب والروائي طالب الرفاعي نائبًا للرئيس. إضافة إلى إتمام اللائحة الداخلية واعتمادها، وهيكلة اللجان، وإطلاق البوابة
الإلكترونية للمنتدى.
ومما قاله الأمين العام لجائزة الملك فيصل الدكتور عبدالعزيز السبيّل في الندوة الثقافية: إن المنتدى نجح في الربط بين جوائز متباينة جغرافيًّا وموضوعيًّا، «جمع بينها إيمان بمسؤولية العمل العربي المشترك، والقناعة بأن التواصل المعرفي مع القطاعات العربية ذات الأهداف المتشابهة حريّ أن يخرج أعمالًا أفضل ويحقق نتائج أقوى لينعكس كل ذلك على العطاء الثقافي العربي». كما ألقى الرئيس التنفيذي لمؤسسة فلسطين الدولية الدكتور أسعد عبدالرحمن كلمة المجلس التنفيذي للمنتدى، أشار فيها إلى أن المنتدى وضع يده، في وقت قصير، على مداخل لحل عدد من الموضوعات والقضايا التي تخص الإبداع الثقافي العربي، وتشغل بال المتابعين للجوائز العربية.
شارك في الندوة الثقافية التي نظمها المنتدى، وكانت بعنوان: «الجوائز العربية بين الشعر والسرد» الروائية السعودية أميمة الخميس، والشاعرة السودانية روضة الحاج، والروائي الكويتي طالب الرفاعي، وأدارها الشاعر البحريني علي عبدالله الخليفة، أمين عام جائزة عيسى لخدمة الإنسانية.
في ورقتها تساءلت أميمة الخميس عما إذا كان السرد يزاحم الشعر في إيوان الإبداع، وقالت: إن المنظومة الفكرية العربية كانت مؤسسة على شكل قصيدة. وإن السرد داخل هذا المشهد المتخم بشعريته يُقصى إلى الهوامش والأطراف. وأضافت أن انحسار الفروسية والمنبرية لصالح المدينة الحديثة والنخب البرجوازية المثقفة، خلق حاجة لنوع خطاب مختلف، وأدوات تعبير جديدة، فتصدت الرواية لهذا الدور.
وأن الجوائز تعد صياغة مختلفة للحوار بين المراكز الثقافية والأطراف.
في حين ترى روضة الحاج أن الجوائز تمثل قيمة معنوية ومادية تقدمها المجتمعات للمبدعين، ممثلة في الدولة أو منظمات المجتمع المدني أو الأفراد. وأنها اعتراف من الدولة أو المجتمع الذي ينتمي إليه المبدع بما قدمه، مشيرة إلى وجود تأثير لجوائز الشعر والسرد في مجمل ملامح المشهد الإبداعي والثقافي العربي.
وتوقف طالب الرفاعي عند انتشار جوائز الرواية على حساب بقية الأجناس الأدبية، موضحًا أن ذلك يعود إلى هيمنة الرواية الكبير عالميًّا وعربيًّا، على مستوى الكتابة والنشر والجوائز، وكذلك على مستوى اهتمام جمهور التلقي. وقال الرفاعي: إن عناصر كثيرة تلعب دورًا رئيسيًّا في تحديد أهمية أي جائزة أدبية، سواء عالمي أو عربي، ويأتي على رأس هذه العوامل تاريخ الجائزة، وكذلك الشفافية والرصانة التي تتعامل بهما، وأسماء ومكانة الفائزين فيها، وأخيرًا قدرتها على التأثير في سوق الكتاب والنشر من جهة، ووعي وذائقة جمهور التلقي من جهة ثانية. وتحدث الرفاعي عن أوضاع الجوائز، المثيرة للسجال والانتقادات، من ناحية، وعن أحوال المبدع العربي التي تستدرّ الشفقة، لشدة بؤسها. وأثارت الندوة ملاحظات كثيرة ومداخلات عديدة، أدلى بها مسؤولون للجوائز ومثقفون ومهتمون.
يذكر أن منتدى الجوائز العربية، الذي يعدّ الأول من نوعه على مستوى العالم العربي دعت إليه جائزة الملك فيصل، بهدف التنسيق والتعاون بين الجوائز العربية لاستفادة بعضها من بعض في وسائل الإجراءات وطرائق التحكيم ولجان الجوائز، خصوصًا أن بعض الجوائز العربية تمتلك خبرات عالمية تمتد لـ40 عامًا. ويأتي المنتدى أحد الجهود التي تبذلها جائزة الملك فيصل التي لم تكتفِ بكونها جائزة فقط، إنما سعت إلى أن يكون لها دور ثقافي كبير من خلال الشراكات مع مؤسسات مرموقة وتبني مشاريع مهمة، مثل إعداد وترجمة كتب عن رموز ثقافية وعلمية بارزة، عربيًّا وإنسانيًّا.
كما أن الجائزة تنسق باستمرار مع مؤسسات الثقافة والأدب في السعودية، لتنظيم فعاليات تعزز من قيم العمل الثقافي المشترك، يسهم فيها بعض أعضاء منتدى الجوائز العربية الذين يأتون للمشاركة في الاجتماع. وفي هذا السياق، استضاف نادي الباحة الأدبي الشاعر البحريني علي خليفة، والشاعر الدكتور مراد القادري من المغرب، وتحدث كل منهما عن الحركة الشعرية في بلديهما. كما نظم نادي الرياض الأدبي لقاء ضم الشاعرة روضة الحاج والروائي طالب الرفاعي، وأداره الدكتور معجب العدواني. هذا اللقاء شهد حضورًا كبيرًا؛ إذ غصّت القاعة، بعد أن تلاشى الحاجز الذي كان يفصل بين النساء والرجال، بالحضور من الجنسين، واستمر اللقاء أكثر من ساعتين، وشهد مداخلات وأسئلة من عدد كبير من المهتمين بتجربة الرفاعي والحاج.
المنشورات ذات الصلة
معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم فعالياته كتب جديدة وندوات وحوارات وورش جذبت جمهورًا واسعًا
قد لا تتوافر أرقام دقيقة حول الأعداد الكبيرة التي ترددت على معرض الرياض الدولي للكتاب، ولا ما أنفقته هذه الأعداد من...
«زرقاء اليمامة» أوبرا تراجيدية… تنتصر للمرأة وتنفتح على المستقبل
لحظة بدت شديدة الطموح إلى مخاطبة العالم عبر أوبرا سعودية، تأخذ بأهم ما في الأوبرا العالمية من سمات جمالية ومواصفات...
“لقاء مارس 02: تواشجات” دعوة إلى إعادة تصور مستقبل أكثر شمولًا وإنصافًا
فيما يشبه الالتزام الأخلاقي والجمالي، تبنى لقاء مارس السنوي، الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون، في دورته الجديدة التي...
0 تعليق