كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
تجديد بنية الأمم المتحدة.. ضرورة الراهن
«إن النظام الدولي الذي أنشأه ميثاق الأمم المتحدة في حاجة إلى تجديد ولا بد من التغلب على ما في المؤسسات الحالية من عيوب وعدم ملاءمة. كما تدعو الحاجة إلى نسيج متماسك من القواعد الدولية، بحيث يمتد حكم القانون إلى نطاق العالم كله، ويُمكِّن المواطنين من أن يمارسوا تأثيرهم الديمقراطي في العملية العالمية، ونعتقد أيضًا أن الترتيبات التي يتبعها العالم في تصريف أموره ينبغي أن تقوم دعائمها على قيم مشتركة معينة وفي نهاية الأمر لن تنجح أي منظمة في إنجازاتها، ولن يحترم أي قانون ما لم يقم على أساس يكتسب قوته من القيم المشتركة ويجب أن تستنير هذه القيم بالإحساس بالمسؤولية المشتركة تجاه كل من الأجيال الحالية والأجيال القادم». من مقدمة تقرير: لجنة إدارة شؤون المجتمع العالمي في 22 أكتوبر 1995م احتفل في مقر الأمم المتحدة بذكرى مرور خمسين عامًا على تدشين قيام منظمة الأمم المتحدة، الذي سبقه انعقاد مؤتمر سان فرانسيسكو في المدة من 25 إبريل إلى 26 يونيو من سنة 1945م الذي صادق وأقرّ فيه مندوبو 51 دولة على ميثاق المنظمة، وقد شارك في تلك الاحتفالات رؤساء دول وحكومات وممثلو 185 دولة وهم الأعضاء المنتسبون (آنذاك) إلى الأمم المتحدة.
وقد جاء الإعلان عن قيام منظمة الأمم المتحدة بمنزلة تتويج لسلسلة اجتماعات وفعاليات ابتداءً من تصريح رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في 14 أغسطس سنة 1941م، وجاء فيه ذِكْر إنشاء هيئة عالمية لحفظ السلام العالمي وتحقيق التعاون الدولي، إلى تصريح الرئيس الأميركي روزفلت في أول ديسمبر سنة 1942م، الذي صدر بعد مؤتمر اشتركت فيه 26 دولة وعُقد في واشنطن بهدف تشكيل جبهة عالمية ضد دول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان).
في مؤتمر يالطا في المدة من 3 إلى 11 فبراير سنة 1945م، الذي اشتركت فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا، تقرر الدعوة إلى مؤتمر سان فرانسيسكو لوضع ميثاق لهيئة دولية جديدة، وقد جاء تشكيل هذه المنظمة وتركيب قوامها لتعكس التغيرات في ميزان القوى والظروف الدولية التي أفرزتها نتائج الحرب العالمية الثانية سواء من خروج دول المحور مهزومة، وإضعاف وتقهقر مكانة كل من فرنسا وبريطانيا، وبروز وصعود الدور والمكانة العالمية لكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وكان أهم ثمرة لذلك هو تمتع الدول الكبرى المنتصرة في الحرب وهي الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وبريطانيا وفرنسا والصين (التي أدخلت لتحقيق نوع من التوازن الشكلي وللتستر على الهيمنة الأوربية الأميركية الفعلية على هيئة الأمم المتحدة بالرغم من الحرب الأهلية الدائرة في الصين آنذاك) بحق العضوية الدائمة في مجلس الأمن وتمتعها بحق النقض «الفيتو»، وتحت تأثير ظروف الحروب العالمية والإقليمية ونتائجها التي شهدتها أوربا والعالم خلال العقود الأولى من القرن العشرين فقد أكد وشدد ميثاق الأمم المتحدة على «حفظ السلم والأمن الدولي وذلك باتخاذ التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وتقمع أعمال العدوان وتعمل بالوسائل السلمية وفقًا لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية» مع أنه لم تقع أية حرب عالمية أخرى على امتداد العقود الماضية، إثر قيام الأمم المتحدة، إلا أن العالم لم يصبح أكثر أمنًا واستقرارًا؛ إذ شهد وعانى كثيرًا من الحروب والعنف والظلم وما زالت الأخطار المحدقة تهدد مصير الحضارة ومستقبل البشرية على الرغم من التغيرات والتبدلات الجذرية التي شهدها العالم في العقود الماضية، ففي المدة ما بين 1945- 1989م شهد العالم 138 حربًا أسفرت عن مقتل 23 مليونًا من البشر وهو ما يقترب من ضحايا الحرب العالمية الأولى، وفي المدة ما بين عامي 1989- 1994 فقط اندلع 83 نزاعًا مسلحًا في العالم، ليس منها سوى ثلاثة نزاعات دولية، أما بقية النزاعات فهي تندرج تحت إطار الحروب الأهلية ذات الامتدادات القبلية والعرقية أو الطائفية، التي يفاقمها الفشل الذريع في إحراز وتحقيق التنمية الشاملة المستديمة، وإلى انعدام المساواة والتكافؤ بين المجموعات داخل كل بلد.. وفي معظم هذه النزاعات كان دور وموقف الأمم المتحدة ضعيفًا وباهتًا، كما لا نغفل هنا الأثر السلبي للاستقطاب الدولي بين المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي السابق واندلاع الحرب الباردة بينهما، على نشاط ومدى فعالية الأمم المتحدة.
تشجيع الكفاح الوطني
غير أنه من ناحية أخرى فإن الأمم المتحدة وأجهزتها ووكالاتها المتعددة الأغراض والمهام حققت إنجازات تاريخية مهمة خصوصًا على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وعلى صعيد المنازعات وحفظ السلام في مناطق التوتر في العديد من البلدان، وقد واكبت الأمم المتحدة وشجعت الكفاح الوطني ضد نظام السيطرة الاستعمارية، ونظام الفصل العنصري خصوصًا بعد عام 1953م، عندما تسلم الأمين العام همر شولد (سويدي) منصب الأمين العام للأمم المتحدة، فقد تدخلت الأمم المتحدة آنذاك وساندت بقوة استقلال الكونغو بقيادة زعيمها باتريس لومومبا ضد التدخل العسكري البلجيكي، وقد دفع همر شولد حياته ثمنًا لتصديه لنظام السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري.. وقد دفعت تلك التوجهات للأمم المتحدة في لعب دور مستقل عن الهيمنة الغربية، العديد من القوى والفعاليات السياسية الأميركية وأعضاء متنفذين في الكونغرس الأميركي إلى الدعوة والانسحاب من الأمم المتحدة وهيئاتها ووكالاتها، بل العمل على نقل مقرها إلى خارج الولايات المتحدة الأميركية، تحت حجة ومزاعم وقوعها تحت تأثير نفوذ الاتحاد السوفييتي ودول العالم الثالث.
هذا المشهد سرعان ما تغير بفعل التطورات السلبية والخطيرة في العديد من البلدان المتحررة حديثًا من السيطرة الاستعمارية؛ إذ أدّت سلسلة الانقلابات العسكرية التي تمت في العديد من بلدان العالم، بإيحاء ودعم مباشر من الدوائر الغربية والشركات الاحتكارية، التي تضررت مصالحها كثيرًا من جراء إحراز تلك البلدان لمظاهر السيادة والاستقلال، وشروعها في بناء اقتصادها الوطني المستقل وتنمية مواردها الذاتية، ولكن لأسباب موضوعية وذاتية، وعوامل خارجية وداخلية مختلفة سرعان ما أدى إلى فشل خطط التنمية للعديد من تلك الدول، ووقوعها في مصيدة الديون وانكشاف اقتصادياتها، وتفاقم حالات الفساد والرشوة، والبيروقراطية والتعسف، ورفض المشاركة الشعبية، أو تقنينها، وبالتالي انجرار هذه البلدان من جديد إلى هيمنة ونفوذ القوى المتنفذة في العالم، والشركات متعددة الجنسية، وهو الأمر الذي انعكس في تغير موازين القوى داخل الأمم المتحدة وهيئاتها ووكالاتها المختلفة، الذي بلغ ذروته باختفاء آخر مظاهر ونتائج الحرب العالمية الأخيرة التي يشكل وجود الأمم المتحدة خير تعبير عنها، مثل انتهاء الحرب الباردة، وزوال الثنائية القطبية التي طبعت العالم طيلة العقود الماضية، وانحسار مخاطر اندلاع المواجهة النووية، وقد واكب ذلك جملة من التغيرات والتبدلات العميقة التي طرأت على عالمنا المعاصر ومجمل النظام الدولي، ومن أهمها ثورة الاتصالات والمعلومات التي حولت العالم إلى قرية، وبفضلها طويت وتقلصت المسافات الزمنية والمكانية والبصرية بين كل أرجاء المعمورة، يضاف إلى ذلك عولمة الاقتصاد والسياسة والعلم والثقافة، ودخلت البشرية مرحلة جديدة من الثورة الصناعية/ التكنولوجية (الجيل الرابع) ثم الجيل الخامس، وما هو لافت للنظر هو الدور المتنامي في جميع المجالات الذي باتت تلعبه كل من اليابان وألمانيا اللتين هزمتا في الحرب العالمية الثانية، مقارنة بتراجع دور ونفوذ بريطانيا وفرنسا، بل حتى الولايات المتحدة، التي وإن ظلت محافظة على دورها القيادي في العالم بفضل قوتها العسكرية، ونفوذها السياسي، وتحكمها الاقتصادي الطاغي، خصوصًا في بلدان العالم الثالث.. إلا أن مكانتها أخذت بالتراجع لأسباب متنوعة.
وفي المقابل حدثت في العقد الأخير تطورات مهمة على الصعيد السيو-إستراتيجي، من أبرزها العودة والحضور القوي لروسيا- بوتين على المسرح الدولي، كما نشير إلى بروز الصين كعملاق اقتصادي (ثاني أكبر اقتصاد عالمي) وتزايد مكانتها الدولية على الصعيدين السياسي والعسكري وهو ما سيسهم حتمًا في إنهاء وحدانية القطبية الأميركية، والعمل على صياغة نظام دولي جديد متعدد الأقطاب.
من جهة أخرى، اختفت أو بهتت مفاهيم وشعارات وقيم، مثل المساواة والعدالة والاشتراكية وحق تقرير المصير، وحلت محلها مفاهيم وقيم أخرى مثل اقتصاديات السوق، والخصخصة، وإعادة الهيكلة، وإنهاء دور وتدخلات الدولة وبخاصة في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب التأكيد على قضايا جوهرية، مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والالتزام بالقانون والشرعية الدولية وغيرها من القضايا، غير أن هذه القضايا إلى جانب آليات عمل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد لم تختبر جديتها وصدقيتها وفاعليتها على أرض الواقع.
تأكيد الاستقلالية عن مراكز النفوذ
نقف هنا عند فشل الأمم المتحدة إزاء ما يحدث في العديد من البلدان والمجتمعات التي تمزقها الصراعات والحروب الداخلية ذات الطابع العرقي أو القبلي أو الطائفي، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان والصومال، ناهيك عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وهو الأمر الذي شكك في مدى جدية ومصداقية ومكانة الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة، وهو ما يستوجب ضرورة التصدي والعمل على تقويم جوانب نشاط عمل المنظمة الدولية كافة، وتطوير مفاهيمها وآليات عملها، وتنشيط هيئاتها ووكالاتها المختلفة وتفعيلها، وتأكيد استقلاليتها عن مراكز نفوذ الدول الكبرى، والكف عن استخدام المعايير والمقاييس المزدوجة وفقًا لرغبات أو تمشيًا مع ضغوطات تلك البلدان.
الأمم المتحدة تواجه تحديات ومشكلات متنوعة ليس على صعيد تحقيق الأمن والسلام، وبناء نظام من العلاقات الدولية قائم على أساس من الشرعية والقانون والعدالة، واحترام حقوق جميع البلدان والشعوب والجماعات والأفراد فقط، بل هي معنية أيضًا وبنفس الدرجة من الأهمية بمشاكل وقضايا الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي، ومكافحة الفقر والمرض والتخلف والبطالة في العالم، والتصدي للمخاطر الجدية التي تهدد أمن واستقرار مختلف البلدان والمجتمعات (وبخاصة بلدان الجنوب) في حاضرها ومستقبلها على حد سواء مثل أزمة اللاجئين والمهجرين نتيجة الصراعات والحروب الأهلية، وتفاقم حالات اللجوء والهجرة القسرية لأسباب متنوعة، اقتصادية وأمنية وسياسية، وما يتصل بها من جرائم الاتجار بالبشر، وهناك أزمة الدين (العام والخاص) وازدياد نفقات التسلح، والتدهور البيئي، وانتشار رقعة الفقر والبطالة في العالم بوجه عام وفي بلدان الجنوب بشكل خاص، وعولمة النشاطات الإجرامية مثل: تجارة المخدرات والإرهاب والاتجار بالمواد النووية وأسلحة الدمار الشامل، ناهيك عن تفشي العنف وثقافة العنف وما تولده من حروب إقليمية أو حدودية، وحروب داخلية على أرضية الانقسامات الاجتماعية ذات الطابع والمظهر الإثني أو العرقي أو الديني، التي غالبًا ما يكون العالم الثالث ومن بينها الدول العربية مسرحًا لها، وهو الأمر الذي يستدعي إجراء تقييم وتقويم وإصلاح شامل لأساليب وخطط وبرامج وآليات عمل المنظمة الدولية، وبالتالي فإنه من الضروري العمل على إيجاد حلول جادة وفعالة لمختلف تلك القضايا والتحديات.
ليس من المعقول أو المقبول ونحن نشهد هذا التشابك والتجاور العالمي وهذا الترابط والعولمة على الأصعدة الاقتصادية والأمنية والسياسية والإعلامية والثقافية والبيئية كافة، وفي الوقت نفسه نرى العالم منقسمًا على نفسه بين دول قليلة قوية وغنية تتمتع بكل مقومات القوة والجبروت والتسلط من جهة، وبين جُلّ بلدان وشعوب العالم التي تحيا حياة التبعية والإلحاق والاستغلال والفقر والبطالة والتخلف من جهة أخرى.
دول الشمال تحتكر 80% من الإنتاج العالمي وتسيطر على 80% من التجارة الدولية وتستهلك 80% من موارد الكرة الأرضية في الوقت الذي يشكل سكانها نسبة 20% من مجمل سكان العالم، فيما بلغت حصة دول الجنوب 20% من الإنتاج العالمي و20% من التجارة العالمية وتستهلك 20% من موارد الأرض في حين إنها تمثل 80% من سكان العالم.
لقد أُنفِقتْ تريليونات الدولارات في غضون الحرب الباردة، على سباق التسلح وأسلحة مدمرة وتقنيات عقيمة وعديمة الجدوى، وكان بالإمكان لو قُدِّر لهذه الأموال المهدورة أن تغير صورة العالم ونوعية الحياة فيه، لو جرى صرفها وتحويلها واستثمارها في الإنتاج المدني، وللقضاء على الفقر والمرض والتخلف والأمية، غير أن ذلك لم يكن ممكنًا نتيجة للاستقطاب الدولي الحاد آنذاك، ولتداخل مصالح المجمع العسكري الصناعي الاحتكاري في الغرب الرأسمالي، والمجمع العسكري الصناعي البيروقراطي في الشرق السوفييتي، وقد ازدادت وتيرة تجارة السلاح وخصوصًا السلاح المُصدَّر إلى بلدان العالم الثالث وذلك على حساب خطط التنمية، فقيمة الأسلحة المُصدَّرة في المدة ما بين 1970م وانتهاء الحرب الباردة عام 1989م بلغت إلى الشرق الأوسط 168 مليار دولار، وما قيمته 65 مليار دولار إلى إفريقيا، وما قيمته 61 مليار دولار إلى الشرق الأقصى، وما قيمته 50 مليار دولار إلى جنوب آسيا، وما قيمته 44 مليار دولار إلى أميركا اللاتينية، وكانت حصة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي 69% من الإجمالي البالغ 388 مليار دولار، وفي عام 1992م بلغ نصيب الولايات المتحدة وحدها 46% من توريدات الأسلحة إلى هذه الدول، وهذه الأرقام تدل ليس فقط على المخاطر الناجمة عن تكدس السلاح واحتمالات استعماله في حلّ الخلافات والتناقضات بين تلك الدول، وإنما يكمن أيضًا في احتمال تسرب أنواع أشد فتكًا وهو ما يتمثل في أسلحة الدمار الشامل من نووية أو بيولوجية أو كيميائية التي ثبت أن العديد من الدول تمتلكها أو تمتلك تقنيات إنتاجها، وهو الأمر الذي من شأنه تعريض الأمن والاستقرار في تلك المناطق والعالم لخطر استخدامها.
تواجه البشرية تحديات مصيرية مشتركة، تتعلق بالتدهور البيئي الخطير على الصعيد الإيكولوجي، الذي من مظاهره اتساع فجوة طبقة الأوزون، والتصحر وتقلص رقعة الغابات، واندثار كائنات حيوانية ونباتية عدة، وتقلص الرقعة الزراعية ونضوب الموارد من الغذاء والمياه، ويعود اختلال هذا التوازن البيئي بدرجة أساسية إلى طبيعة أنماط الإنتاج السائدة التي لا تعطي أهمية لمبدأ التوازن ما بين السكان والموارد، والاستهلاك وأنماط التنمية، وحيث يسود مبدأ الربحية وقوانين السوق ويطبق شعار الإنتاج من أجل الإنتاج، ويجعل من النمو (وليس التنمية) هدفًا له، ويحفز على الدوام إنتاج مزيد من السلع بغض النظر عن مدى الحاجة لها، فما هو مهم هو إنتاج السلع والبضائع، ومن ثَم حَفْز الطلب عليها عن طريق استخدام تكنولوجيا الإعلان والإعلام والدعاية.
هذا النمط من التنمية إذا كان يتماشى نسبيًّا مع أنماط وظروف وحياة المجتمعات الأكثر غنى ورفاهية، فإنه يؤدي إلى مزيد من اليأس والتهميش والإحباط وفقدان الأمل وغياب اليقين لدى الأغلبية الساحقة من شعوب بلدان العالم الثالث، التي تعيش هذا المناخ الاستهلاكي الترفي من دون أن تتمكن من التمتع بثماره.
المنشورات ذات الصلة
صناعة النخب
لا شك في أن «النخب» بما يتوافر لها من قدرات ذاتية مدعومة بالتميز الفكري والثراء المعرفي، وبما تملك من أدوات التأثير...
جاك دريدا قارئًا أنطونان أرتو
كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في...
اليوتوبيا ونهاية العالم… القرن العشرون صحبة برتراند راسل
في 26 أكتوبر 1931م، كتب الفيزيائي والرياضي إدموند ت. ويتاكر، الأستاذ في جامعة إدنبرة، لابنه انطباعاته عن كتاب برتراند...
0 تعليق