كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
معارض وأفلام وعروض أداء وبرامج تعليمية في بينالي الشارقة 12
انطلقت الدورة الثانية عشرة من بينالي الشارقة بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي – عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة – ورعايته تحت عنوان: (الماضي، الحاضر، الممكن)، من تقويم أُنجي جو، ومشاركة 55 فناناً أتوا من 25 دولةً؛ ليطرحوا أفكارهم حول (الممكن) من خلال مشروعاتهم وأعمالهم الفنية، وعروض الأداء، والأفلام، والأعمال التركيبية، والندوات المتخصصة التي تتوافق مع أبعاد الشعار؛ لتشكل احتمالات مستمرة من أشكال الفنون المعاصرة.
يستمر بينالي الشارقة في هذه الدورة ثلاثة أشهر من 5 مارس إلى 5 يونيو عام 2015م، بعد أن كانت مدته شهرين في الدورات السابقة. وفي هذا السياق قالت الشيخة حور القاسمي؛ رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون القائمة على تنظيم البينالي: تم تمديد مدة البينالي هذه الدورة؛ بسبب اهتمام الجمهور المتزايد بالبينالي بوصفه حدثاً فنياً يقدّم أنواعاً مختلفة من الفنون المعاصرة التي تناقش ما يجول في فكر المشاهد وهمومه، إضافةً إلى ما يوفّره من مساحات المرح والتأمل والتعلم. وأضافت أن البينالي في دورته الحالية يضم برامج تعليمية متخصصة في الأعمال كافة، والندوات، وعروض الأداء، والأفلام، وبرامج الجولات التعريفية للمدارس والمجموعات.
أضواء
يعد بينالي الشارقة من أهم الأحداث الثقافية في العالم العربي؛ فمنذ انطلاقه عام 1993م، استطاع البينالي أن يصنع جسراً ثقافياً يربط الفنانين والمؤسسات الفنية على المستويات: المحلية، والإقليمية، والدولية، في دورته عام 2013م التي تزامنت مع مرور عقدين من الزمن على انطلاقة البينالي؛ إذ بلغ عدد الزوار نحو 90 ألف زائر من مختلف الشرائح الاجتماعية والثقافات والجنسيات، من فنانين وجمهور وممارسي فن.
وقد أخذ بينالي الشارقة يتشكل في بدايات عام 2013م من خلال محادثة خاصة أجرتها أنجي جو مع الفنان دان فو؛ إذ ناقشا معاً أهمية الفن المعاصر، وقدرة العاملين والمسؤولين في قطاعات الفنون على إحداث التأثير في الواقع الفني من خلال التكليفات التي تتجاوز التحديات الاجتماعية والسياسية الآنية، وأقرّا بالحاجة إلى فنانين لهم دور نافذ وفعّال، ويملكون القدرة على تصوّر الممكن.
وعلى حين يؤكد البحث الأركيولوجي وجود الإنسان في هذه المنطقة منذ أكثر من 150 ألف عام مضى، فإن مدينة الشارقة، التي تعدّ إمارة وعضواً في ذاك الاتحاد الشاب نسبياً، تعتمد مشروعها بحيوية وقوة، في إطار التعليم والثقافة والعقيدة والتراث والعلوم.
أعمال منتجة خِصّيصى للبينالي
في هذه الدورة من البينالي، تم إنتاج ما يقارب ثلثي الأعمال خِصّيصى للبينالي ضمن برنامج التكليفات؛ منها ما هو تركيبي، ومنها ما هو أدائي. وفي هذا الإطار قالت أُنجي جو: يركز بينالي الشارقة في دورته الحالية في التكليفات والمشروعات التي أنتجت خِصّيصى للبينالي، ومنها مشروعات مصمّمة خِصّيصى لمواقع محدّدة من الشارقة، كما يضمّ عدة أعمال جديدة، وفي الوقت نفسه لا يستغني عن دور فنانين جسّدوا تاريخاً لا يسعنا سوى الرجوع إليه دوماً.
مواقع مختلفة تحتضن البينالي
بدأت فعاليات الافتتاح في مباني مؤسسة الشارقة للفنون؛ في منطقة المريجة في الشارقة، متضمنة برنامجاً حافلاً بعروض الأداء والأفلام في مناطق مختلفة من إمارة الشارقة؛ إذ يضم ميناء خالد عملين لكل من: الفنان مايكل جو، والفنانة أسونسيون مولينوس غوردو، ومبنى الطبق الطائر الذي أقيم في حقبة السبعينيات يضم أعمال الفنان حسن خان، وسوق الشناصية يعرض أعمالاً تركيبية لكل من: محمد كاظم، وميكسرايس، أما العمل التركيبي المحدد الموقع للفنان أبراهام كروزفييغاس فيمكن رؤيته في سوق الطيور والمواشي، وفي مدينة كلباء احتلّت أعمال الفنان أدريان فيلار روخاس مبنى مصنع الثلج القديم.
وتمتد مجموعة كبيرة من الأعمال لفناني البينالي من خلال المباني الفنية لمؤسسة التراث ومنطقتها؛ منهم: عبدالله السعدي، وإيمان عيسى، وسينثيا مارسيل، وتارو شينودا، وريّان تابت، وهيجيو يانغ. كما تضم المنطقة عملاً بعنوان (عبر خط الطبشور) للفنان غاري سيمونز الذي أقام من خلاله ملعباً للكريكيت للأطفال. كما أقيمت بعض عروض الأداء في معهد الشارقة للفنون المسرحية، وبعضها ينتقل إلى ساحة الفنون والتراث وواجهة المجاز المائية. كما يضم متحف الشارقة للفنون وبيتا السركال والشامسي مجموعة من الأعمال تُراوح بين الفيديو والأعمال التركيبية واللوحات لفنانين معاصرين ومؤسسين.
وفي معهد الشارقة للفنون المسرحية تعرض (ساعات عمل سفارة أبخازيا مع ماكسيم جفينجيا) وهي جزء من عمل (جلسات انفصال) للفنان إريك بودلير، وعرض (إكس واي زي) للفنان إدواردو نافارو في ساحة آل حمدان ابن موسى، وعرض الأداء (استخدمه كالماء) للفنان نيكيل شوبرا في بيت عبيد الشامسي، و(معالم الروح: عنف وهياكل سحرية وحرّاس متخفّون) للفنان أوريل بارتيليمي، وعرض (في سينما سراب المدينة)، بالمباني الفنية لمؤسسة الشارقة للفنون، والعرض التفاعلي بعنوان (فرقة براس الجنائزية) للفنان بابي أبوتاني الذي امتدّ من ساحة الفنون إلى ساحة الخط، وفي معهد الشارقة للفنون المسرحية عرض (الشحنات) للفنان فاوستن لينيكولا، وفي بيت عبيد الشامسي يعرض فِلم (غياب الحضور) لكلٍّ من: آيرين أناسطاس، ورينيه جابري. وفي مبنى الطبق الطائر عرض العمل التركيبي للفنان حسن خان يصاحبه عرض فيديو يركّز في النكتة المصرية، وعروض أفلام بينالي الشارقة 12 في سينما سراب المدينة، وهي المباني الفنية بمؤسسة الشارقة للفنون.
وفي عمله (ماء الورد الدمشقي) يقدم ريركريت تيرافانيجا في بيوت الخطاطين (حديقة للورد الدمشقي)، تحمل العبق ذاته، وفيها فسحة، وعلى جدرانها أبيات مخطوطة عن البنفسج الدمشقي. وفي ساحة الحديقة تقدّم وصفات شرقية تصنع من ماء الورد الدمشقي. كما قام الفنان بصنع آلة لتقطير ماء الورد مستلهماً ذلك من نموذج يعود إلى القرن الرابع عشر لآلة تقطير ماء الورد التي صنعها العالم (المزي). ويقدم الفنان تارو شيندوا في عمله (كارسانسوي) منصّة خشبية مظلّلة، تحدّد النقطة المثالية للنظر إلى فراغات ممتدّة على حديقة قائمة وفق معايير الحدائق اليابانية الجافة، وتوفر مساحة هادئة للتأمل.
حوارات بينالي الشارقة 12 تناقش الأعمال المشاركة
استمرت حوارات بينالي الشارقة 12 في جلسة حوراية ترأستها أنجي جو -قيّمة بينالي الشارقة 12- مع اثنين من فناني بينالي الشارقة 12، هما: مايكل جو، وبايرون كيم، في سينما سراب المدينة، في مباني مؤسسة الشارقة للفنون. وناقشت الجلسة الأعمال التي يقدّمها كل من: الفنان مايكل جو، والفنان بايرون كيم، وشرحت الجلسة كيف توصّل كل فنان إلى مفهومه المختلف، ورؤيته الخاصة التي يرى من خلالها إمارة الشارقة من منظور (الماضي، الحاضر، الممكن)؛ إذ يتألق عنوان بينالي الشارقة في دورته الثانية عشرة بأبعاد متتابعة ترتكز في نقطة واحدة، وهي الشارقة بماضيها وبمئات السنين التي مرت بها، وبحاضرها الذي يمتد بشكل أو بآخر من الماضي، لكن حضوره الخاص والعميق يتمثل في رؤية الفنانين الممكن واحتمالاته.
وقد عبّرت عن ذلك القيّمة أُنجي جو، بقولها: يفيض العالم بالأسئلة والأفكار، التي من الممكن أن تجد طريقها إلى هنا. لكل فنان رؤيته، ولكل فنان تفسيراته الخاصة التي تتقاطع بشكل أو بآخر مع عنوان بينالي الشارقة 12.
وشارك الفنان مايكل جو من خلال عمل تركيبي توصّل إليه من خلال مجموعة الأسئلة التي تبحث في التاريخ الطبيعي. ومن خلال الزيارات الميدانية، وبحوث أنظمة الريّ القديمة والمعاصرة في دولة الإمارات؛ استطاع تنفيذ عمله في أحد المخازن في ميناء خالد. ومن خلال عمله الذي يمتد عقدين من الزمن، أعاد تعريف العمل التركيبي، مشكِّلاً مجموعة من الأعمال التي تتجاوز الإغراءات التي تقدمها التكنولوجيا، والإجابات السهلة التي يقدّمها العلم لإنشاء مجموعة من الأسئلة التي تضع البشر في السياق الطبيعي؛ إذ قال: زيارتي الأولى الشارقة والمنطقة أعطتني عدة انطباعات عن حيوات مختلفة، وأخذ تفكيري منحى آخر في تحليله الأمور؛ هذه الثقافة المختلفة تماماً عما عشته سابقاً تحمل زخماً من الثقافات واللغات، وتدعو إلى التأمّل. أما بايرون كيم الذي تقع أعماله في مكان ما بين التجريد والتصوير، بين المفاهيمية والرسم الخالص، فهو مفتون بسماء الشارقة؛ فهو يقدم ثلاثة أعمال تضم عملاً تركيبياً متمثلاً في علم يحاكي لون سماء الشارقة، إضافة إلى سلسلة من اللوحات التي يرسم واحدة منها كل يوم أحد وصولاً إلى افتتاح البينالي.
وعلقت أُنجي جو: كان لحضور الفنانين أول مرة إلى الشارقة في أثناء لقاء مارس عام 2014م الدور البارز في عملية البحث والتفكير وطرح الأسئلة حول طبيعة الأعمال التي من الممكن تنفيذها في إمارة الشارقة، وأعقب اللقاء زيارات ميدانية منظمة داخل إمارة الشارقة والمناطق التابعة لها في خورفكان وكلباء، بمختلف معالمها الثقافية والفنية والتراثية والتاريخية.
مؤسسة الشارقة للفنون
تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة، والبرامج الثقافية؛ لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، والإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. فمنذ عام ٢٠٠٩م، تشكّلت المؤسسة على تاريخ التعاون والتبادل الثقافي الذي تزامن مع بينالي الشارقة منذ انطلاقته عام ١٩٩٣م. وتسعى مؤسسة الشارقة للفنون، من خلال العمل مع شركاء محليين ودوليين، إلى خلق فرص للفنانين، وتفعيل الإنتاج الفني، من خلال المبادرات والبرامج الأساسية للمؤسسة التي تشمل بينالي الشارقة، ولقاء مارس، وبرنامج الفنان المقيم، وبرنامج الإنتاج، والمعارض، والبحوث، والإصدارات؛ إضافة إلى مجموعة المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة في ترسيخ الدّور الأساسي الذي تؤديه الفنون في حياة المجتمع، من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.
وترأس مؤسسة الشارقة للفنون الشيخة حور القاسمي، وهي فنانة حاصلة على بكالوريوس في الفنون من كلية سليد للفنون الجميلة في لندن عام 2002م، ودبلوم في الرسم من الأكاديمية الملكية للفن في لندن عام 2005م، كما حصلت على ماجستير في تقويم الفن المعاصر من الأكاديمية الملكية للفن في لندن عام 2008م، وفي عام 2003م تم تعيينها قيمة على بينالي الشارقة، واستمرت القاسمي رئيسة البينالي.
المنشورات ذات الصلة
التشكيلية السعودية غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد... والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة
تصف الفنانة التشكيلية السعودية غادة الحسن، المتلقي الواعي بأنه شريك للفنان بتذوق العمل الفني وتحليله وإضافة أبعاد أخرى...
تجربة التشكيلي حلمي التوني خريطة رؤيوية لمسارات محددة نحو بلوغ الحياة الحقيقية... وقنص جوهرها الصافي
على امتداد رحلته الثرية في حقول الفن المتنوعة، تمكّن التشكيلي المصري البارز حلمي التوني، الذي ترجّل عن دنيانا في...
المخرج الجزائري سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائمًا هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين... وفي الجزائر المقاومة كانوا يُعدون بعشرات الآلاف
يملك المخرج الجزائري سعيد ولد خليفة تصوّرًا مختلفًا للسينما، تشكّل من خلال تقاطع حياته الشخصية المصقولة على نار الغربة...
0 تعليق