كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
هنادي الثنيان: تجذبني الحالة الصوفية في التشكيل بصرف النظر عن انتمائي إليها من عدمه
يميز التشكيلية السعودية الشابة هنادي الثنيان تفكير حر تعرفه بمجرد النظر إلى موضوعات لوحاتها؛ إذ تسعى إلى كسر المسكوت عنه والممنوع لمجرد المنع. وهنادي الثنيان عضو في عدد من المؤسسات التي لها علاقة بالفن التشكيلي. كما أنها متفرغة للتشكيل فهي تقيم دورات تدريبية مثل رسم البورتريه. شاركت في عدد من المعارض الفنية، أبرزها فنون المتحف المقام في متحف الملك عبدالعزيز الوطني، وفي مركز الملك فهد الثقافي وفي مناسبات وطنية وأخرى عربية.
● لديك أسلوبك الخاص في التركيز على الرسم بمجموعة من ألوان الباستيل تظهر بدقة كأنها منفصلة، كما تهتمين باستعمال الألوان الزاهية في معظم أعمالك. وضِّحي لنا مقاصدك من ذلك.
■ كانت بداياتي في الرسم قبل ثلاثة عشر عامًا كهاوية ومارست التشكيل كمحترفة منذ عام 2016م، وكان ذلك بتجربة أنواع مختلفة من الألوان ومن ضمنها ألوان الباستيل والأكريليك والزيتية، إلى أن رأيت أن متعتي تكمن في استعمال الألوان الزيتية، التي أشعر من خلالها بالعمق في إيصال الإحساس اللوني. أما فيما يخص أعمالي التي يغلب عليها الألوان الزاهية، فهذا يرجع إلى إحساس الفنان والحالة التي يمر بها ونظرته الإيجابية إلى الواقع الذي يعيشه.
● في أحد معارضك الشخصية الأخيرة في الرياض، عرضت مجموعة من اللوحات الفنية التي تعبر عن حال الصوفية وطرقها في رقصاتها المولوية. إلامَ كنت ترمين لدى رسمك للزوايا الخاصة لحالة الرقص المولوي؟
■ في معرض «اكتمال» الذي أقيم بقاعة «قُمرة» بتنظيم من الفنانة مسعدة اليامي كانت مشاركتي بعمل واحد بعنوان «الاستعداد»، مقتبسة من رواية «قواعد العشق الأربعون»، الذي يجسد علاقة الإنسان بربه وبالمحيط الذي يعيشه كل فرد منا، وهي السلسلة الأولى التي ترجمتها بعمل فني يحاكي بداية استعداد الإنسان لتغيير واقعه، الذي يتسم بالفوضى أو بالاستسلام للغرائز التي قد تدمره في معظم الوقت. وكانت كلمة الاستعداد رمزًا لاستعداد النفس البشرية للبدء في حياة جديدة، باستخدام العقل والمنطق والتحدي لمواجهة واقع يمكن أن يدمرنا روحيًّا وجسديًّا. من خلال قراءاتي لأشعار الحلاج وفكر التبريزي وجلال الدين الرومي، فكرت في عمل مجموعة متسلسلة ومتأصلة لموضوع الصوفية التي اخترتها موضوعًا لي؛ لأنها أولًا رسالة سامية تعلم الفنان كيفية تهذيب النفس البشرية، وكيف يتعامل مع صعوباتها وكيف نستعد لمواجهة الصعوبات التي نواجهها في الحياة والواقع. والصوفية معتقد موجود في حياتنا الدينية، من هنا شعرت بالاحتياج لمحاورة في تلك المواضيع. وها هنا أودّ التوضيح لمن يزجي الملاحظات للفنان، من ناحية نسبته إلى معتقد بمجرد اشتغاله على موضوع فني، أن الفنان موضوعي في طريقته ونظرته؛ إذ يمكنني أن أتأثر بالجماليات في البوذية، وأن أنتج عملًا عن تلك الجماليات بغض النظر عن انتماءاتي إليها من عدمه.
● تشددين على أهمية الدور التشجيعي الذي تقوم به العائلة في دعم المرأة، التشكيلية بشكل خاص في استمرارها وتفوقها وثقتها في إبداعها. اشرحي لنا عن ذلك الدور المهم.
■ ذلك الأمر يعني للفنان الكثير، فالدعم المعنوي مهم وبخاصة عندما يأتي من العائلة والأصدقاء. ومن حسن الحظ أنني محاطة بداعمين يساندوني كثيرًا وأولهم الوالدة حفظها الله.
والفنان، وغير الفنان، لكي يتخطى المتاعب التي يمكن أن تواجهه يحتاج إلى داعمين وشركاء وموجهين، وإلى الخط الذي يمكن أن يكون فاعلًا في المجتمع وليكمل طموحه ويتعمق في موهبته.
● ما المشاريع الفنية التي أنت الآن بصدد التحضير لها؟
■ لدي مشاريع كثيرة وأحلام أكثر، ولكن في الوقت الحالي أقوم بتعلم اللغة الفرنسية بهدف دراسة الفن التشكيلي بشكل أكاديمي أكثر في مدينة باريس، من أجل أن أتمكن بعد ذلك من الخوض في مجال التدريب، بصورة أكثر احترافية، وأتمنى أن يتحقق ذلك الحلم. إضافة إلى مشاركاتي الحالية في المعارض المحلية، بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالرياض، بالرسم المباشر وذلك لنشر ثقافة الفن التشكيلي محليًّا.
● هل تعتقدين أن للتقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا في خلق عمل فني مختلف؟
■ بالتأكيد مواقع التواصل الاجتماعي جعلت للفنان والمبدع والموهوب فرصة، من ناحية اكتساب معلومة جديدة والاطلاع على آخر المستجدات الفنية ونشر موهبته. قبل ذلك كانت المعلومة والانتشار صعبيْنِ، والآن بضغطة زر يمكن أن تتواصل مع فناني العالم، وتكتسب خبرات ومعرفة جديدة. لقد استفدت بصورة كبيرة من خلال الورش والدورات الفنية التي تقدَّم في وسائل التواصل الجديدة، مثل دورة رسم البورتريه بالألوان الزيتية للمدربة منيرة العجمي. واستفدت من تلك الدورات التي تعقد عن طريق البث المباشر. كما أفادتني وسائل التواصل من خلال الاطلاع على أعمال الفنانين التشكيليين في كل مكان، وسهولة التواصل معهم والاتصال بهم افتراضيًّا، ومعرفة تقنياتهم الفنية إضافة إلى مدارس الفن المختلفة. ووفرت لي هذه التقنية الانتشار من خلال المشاركة في المناسبات الفنية.
● تهتمين بالمشاركة في المعارض التي تنظمها المؤسسات المهتمة بالفنون والثقافة السعودية، مثل مركز الملك عبدالعزيز التاريخي والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ هل من غاية معينة، وماذا يعني لك المجتمع؟
■ العمل الفني ليس فقط إبداعًا وموهبة، هو فكر يحاكي الواقع ويحاكي الخيال في آن واحد.
فقيمة العمل الفني تتأتى من خلال الحرية والاستقلال، فالتقيد بما يمليه الآخر يحد من الإبداع، ويُحجم تفكير الفنان ويجعله غير قادر على إيصال العمل كما يريده إلى المتلقي. فإذا كان الفنان مجبرًا على موضوع معين أو فكر معين غير مقتنع به، فإن العمل يصبح رغم التقنية العالية والإتقان من دون إحساس يلامس مشاعر المتلقي، فيتحول الأمر إلى ما يشبه تمثال الشمع؛ جميل لكن بلا روح.
● كمدربة في التعليم على الرسم، ما أهمية تقديم الورش الفنية للعامة؟ وكيف يمكن للتشكيلي أن يكون مدربًا في مجال الفن وناشرًا لثقافة الريشة واللون بين الأجيال الجديدة؟
■ بدايتي الحقيقية في هذا المجال من سنة 2016 م وما قبل ذلك كانت تجارب فردية وغير مدروسة، أما الآن فأصبح الفن بالنسبة لي شغفًا ومهنة أستمر في تطويرها.
أما بخصوص كيف يكون التشكيلي مدربًا في مجال الفن وناشرًا للثقافة، فذلك أمر تتكفل به الدراسة الأكاديمية، وامتلاك أساليب إبداعية في كيفية إيصال المعلومة التشكيلية لأكبر عدد ممكن من المهتمين.
المنشورات ذات الصلة
التشكيلية السعودية غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد... والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة
تصف الفنانة التشكيلية السعودية غادة الحسن، المتلقي الواعي بأنه شريك للفنان بتذوق العمل الفني وتحليله وإضافة أبعاد أخرى...
تجربة التشكيلي حلمي التوني خريطة رؤيوية لمسارات محددة نحو بلوغ الحياة الحقيقية... وقنص جوهرها الصافي
على امتداد رحلته الثرية في حقول الفن المتنوعة، تمكّن التشكيلي المصري البارز حلمي التوني، الذي ترجّل عن دنيانا في...
سعد يكن.. وراء الفراشة، بألوانها الضاجة بالحياة، تختبئ الفاجعة السورية
ولد الفنان التشكيلي سعد يكن في مدينة حلب 1950م في حي الفرافرة، من أسرة تركية الأصل. شارك في أكثر من مئة معرض جماعي في...
ما شاء الله لوحاتها تعطيك أحساس بأنها متحركة من كمية الطاقة والألوان الزاهية فيها، إنعكاس لروعة إحساسها