يقول أرسطو: عندما يكون الناس أصدقاء لا تعود هناك حاجة إلى العدالة إطلاقًا؛ لأنها تصبح تحصيل حاصل. لكن عندما يكونون عادلين ومنصفين فإنهم يظلون بحاجة إلى الصداقة والمودة. أما أفلاطون فيعد الصداقة علامة محبة متبادلة بين الأنا والغير، وعلى هذا فهي أساس التكامل في الحياة. من هنا يحتل مفهوم الصداقة موقعًا أساسيًّا في حياة الأفراد والمجتمعات والدول أيضًا، فهو يضفي على العلاقات طابعًا إنسانيًّا أصيلًا، على الرغم من أن هذا المفهوم لم يَعُدْ يحظى باهتمامٍ نقديّ، ولم يجذب دارسين ونقادًا حديثين لتأمله من زوايا ووجهات مختلفة.
ولعل استحالة الصداقة في معناها الرفيع، لعب دورًا في الانصراف عن دراستها، وأيضًا تهميشها كقيمة خالدة كان لها ولا يزال حضور مهمّ، وغيرت حيوات، وتسبَّبت في تحولات إنسانية وسواها، منذ جلجامش وأنكيدو ويوليوس قيصر وبروتوس وغيرهم. ربطت الصداقة بين مفكرين وفلاسفة وشعراء وفنانين وسياسيين، وبتنوع هؤلاء كانت الصداقة تتعدد ويختلف مفهومها من حين إلى آخر.
في صفحة الأمم المتحدة في الإنترنت نقرأ عن اليوم الدولي للصداقة الذي يصادف 30 يوليو من كل عام: «يواجه عالمنا عديد التحديات والأزمات وعوامل الانقسام-مثل الفقر والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها كثير- التي تعمل على تقويض السلام والأمن والتنمية والوئام الاجتماعي في شعوب العالم وفيما بينها. ولمواجهة تلك الأزمات والتحديات، لا بد من معالجة أسبابها الجذرية من خلال تعزيز روح التضامن الإنساني المشتركة والدفاع عنها، وتتخذ هذه الروح صورًا عدة، أبسطها: الصداقة». ونقرأ أيضًا في الصفحة نفسها: «ويمكننا من خلال الصداقة -بتراكم الروابط وتقوية علاقات الثقة- أن نسهم في التحولات الأساسية الضرورية لتحقيق الاستقرار الدائم، ولنسج شبكة الأمان التي من شأنها أن تحمينا جميعًا، واستشعار العاطفة اللازمة لعالم أفضل يتَّحِد فيه الجميع ويعملون من أجل الخير العام».
الصداقة إذن ضرورية لعالم آمن وخالٍ من النزاعات، وانطلاقًا من هذه الضرورة، سعت «الفيصل» إلى تأمل مفهوم الصداقة، كما تجلَّى في الفكر والسياسة والسينما، ولدى الفلاسفة، وبين الشعراء والفنانين والأدباء والمهاجرين.
0 تعليق