كان الفلاسفة في الماضي يتكلمون عن اللوغوس والكينونة والأيس والليس والجوهر والظواهرية والكائن الأسمى... ولكن الفلسفة في القرن العشرين نزلت إلى أرض البشر وزنقاتهم وزواريبهم، وراحت تتدخّل في حياتهم اليومية، إلى جانب اهتمامها بالأنطولوجيا والماورائيات والتاريخانية...
المقالات الأخيرة
ورم مميت صمتك في الحرب!
-1-
ما الذي يتبقى من الوطن، حين يتحول نصفه إلى قتلى؛ ونصفه الآخر إلى قتلة؟!
عالقون في وطن عالق.. بانتظار الصفعة المعتمة، أو الطعنة العملاقة، أو السجن الدرامي، أو الطلقة غير الطائشة. نتخبط في هذا الخراب اللانهائي، ونلقي التحية على العابرين بقلب سليم، بينما يتدلى الخوف من عيوننا الفارغة ووعثاء الأمل قد أصابتنا ولم نتعافَ من الحرب والحب بعد.
هكذا لا أستسيغ القصائد الغليظة يا أمي، بل أتحيز للقصائد النحيفة مثلي لأنها تستطيع الهرب.
لذلك سأحرس عوائي الأليف قدر المستطاع، ومن أجل عينيكِ سأحاول أن أغني وأنا أعرف جيدًا أن الأغنية ستتحول إلى مزحة مستفزة، لكن الحال سيكون أفضل من أن يتحول كل هذا الصمت المكوّم داخلي في نهاية المطاف إلى ورم مميت لن أقوى عليه.
-2-
كحة لا تتوقف عن المشي وأقدامٌ تسعل.
أغنيات تتعفن ومنفضة سجائر خائرة وتزهو.
أخبار الحرب تلطخ أرواحنا بمنتهى الجرأة والشغف في هذا الليل السوريالي المخبول، وتلك الضحكات المتجمدة على الجدار البارد نسيها الأصدقاء القساة وغادروا دون أن يعرفوا ما الذي يجب أن نفعل بالضبط أمام هذه الوحشة الفسيحة.
قليلًا ويمتزج السهو بتأملاتنا النافرة ليتحشرج العشق في تصوفنا المهجور وتصاب الوسائد بلهفة التآويل المتدلية من الأعماق، بعدها سينحدر الطيش إلى ما تبقى من سهر في نوافذ المدينة المنكوبة ليعود خلسةً بالأسى الجميل والهازل الذي تعودنا عليه.
-3-
«ضيقة هي الأحلام»، والوطن -كعادته- ليس على ما يرام. وجثث الأصدقاء تترنح في الحكايات المهملة. وجثتي تحقق توازنها الغريب بهذا الشعور المتوتر لتجليات العبء الأقسى.
ونصغي للعزلة الفارغة؛ فتتسع ظلالنا في الموسيقا البعيدة، ثم نشعر بالخوف من الأشياء الصغيرة للعاشقين؛ فيمنحنا الأمان تبادل الشجن مع مجهولي الهوية.. نحن الذين سنعتذر أكثر مما ينبغي عن الصراخ الرطب الذي وجهناه لبعضنا البعض، وهو الأمر الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه من فظاعات الاقتتال الشهي، وجنازات الريح والغبار!
المنشورات ذات الصلة
سردٌ لنَفْسه، بلا رسالة
I بدأت الظلمةُ تنقشع شيئًا فشيئًا عن منزل معزول من طابقين، يسكنه رجلٌ وامرأةٌ، يقع في أعلى الهضبة التي ينحدر منها شارع...
الوجه الآخر
قلبكم الذي كان مرآةً، هو الآن كساعاتكم، لم يعد يغنّي الضوءَ، بل يحصي الظلال. متعجلون، لاهثون، تتململون في كل ما...
مَجَازٌ مُرْسَل
لا يَتذكرُ كَيفَ هَوَى يُمكنُ أنْ دَرجُ البَيتِ لم يتلقَّ خُطاه ويُمكنُ أن كانَ يصعدُ بين سَدِيمٍ وآخرَ واختفتِ...
0 تعليق