السينما في السعودية أكبر من مجرد افتتاح صالة عرض
الفيصل | يوليو 2, 2018 | الملف
تشترك دول الخليج في الشغف المبكر للسينما، فرجة وإنتاجًا. وتشترك بعض هذه الدول في إنتاج سينمائي لافت، جاء باكرًا أيضًا. وبين البدايات الأولى وما نشهده حاليًّا من طفرات فلمية، مدةٌ زمنية طويلة يراها النقاد غير مبررة. عقود من الزمن بدت مثل شاشة خالية، بلا إنتاج فلمي يمكن الاعتداد به، ويعمق الانفرادات الأولى، فلم مثل «بس يا بحر» للكويتي خالد الصديق، ثم «عرس الزين»، لم يتعززا بأفلام أخرى من المخرج نفسه، بالقوة والمتانة نفسيهما. وهكذا الحال مع السينما في البحرين، التي بدورها قدمت أفلامًا مهمة، في مرحلة مبكرة.
في الأعوام الأخيرة شهدت بلدان الخليج طفرة لا نقول سينمائية، إنما «فلمية» عبر موجة لافتة من الأفلام القصيرة، التي عثر فيها مخرجون شبان على هوية لهم ومدخل إلى عالم السينما الكبير، وشجع على ذلك انطلاق مهرجانات مهمة مثل مهرجان أبوظبي السينمائي، ومهرجان دبي الدولي للسينما، الذي ينفتح على سينما العالم، رغم الغموض الذي يكتنف استمراره.
سعوديًّا، يوجد مهرجان أفلام السعودية، ومهرجان جدة للأفلام، اللذان قدما عشرات المواهب الشغوفة بالسينما. أفلام قصيرة كثيرة فازت بجوائز محلية ودولية، وأخرى روائية، قليلة جدًّا، فازت أيضًا بجوائز وتكريم في بلدان مختلفة. لكن على الرغم من عشرات الأفلام ومئات المواهب، فإن نقاد السينما المتابعين لهذه الموجة الخليجية، وفي لحظة شفافية، يقرون أن بين هذه الموجة الفلمية وبين صناعة سينما حقيقية بونًا شاسعًا جدًّا، لا يمكن للشغف وحده والمحاولات الفردية أن تمحوه.
من هنا، يعلق كثير من السينمائيين، سواء أكانوا سعوديين أو خليجيين أو عربًا، على الدخول السعودي الكبير لعالم السينما وما سيتيحه من إمكانات هائلة أمامهم. وتمثل هذا الدخول في تدشين مئات من صالات العرض في مختلف المدن السعودية، والتوجه إلى الصناعة السينمائية، عبر الإعلان عن المجلس السعودي للأفلام وما تحمله أجندته من مشاريع دعم وشراكات مع كبريات الشركات المتخصصة في العالم، والمشاركة التي لفتت الأنظار في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة، عبر الجناح السعودي. ويأتي ذلك بعد عقود من الحظر على هذا الفن البديع، الذي يمثل اليوم جزءًا مهمًّا من اقتصاديات عدد كبير من البلدان في العالم. ما يحدث في السعودية سيوفر سوقًا سينمائية لصناع الفلم السعودي والخليجي والعربي، فالسعودية تميزها كثافة سكانية يمكن أن تمثل دعامة لهذا الفن.
لكن السينما ليست فقط صالة عرض أو صناعة فلم، إنما هي أيضًا طقس اجتماعي وتقليد حضاري، يؤشران إلى طبيعة المجتمعات وكيف يروق لها أن تعيش حياتها بين العمل والترفيه. ومن هنا أيضًا، ينتظر أن تتحول صناعة السينما إلى قوة ناعمة يمكن لها أن تؤثر وتغير على الأقل من الصورة النمطية عن المجتمع، وتشييع سنوات من الحظر والظلام إلى نهايتها الحتمية.
«الفيصل» حرصت على مواكبة هذه الخطوات الحثيثة، فكرست ملفها لهذا العدد للسينما في السعودية والخليج، أفردت مساحة للنقاد والباحثين والسينمائيين للحديث عن الشغف بالسينما والتطرق للتحديات والمشاريع المقبلة وعن السبيل إلى صناعة سينمائية فعلية.
0 تعليق