لا بد أن في الجنة قِبلةً تشبههُ، يعجز المرء عن وصفها. كمالٌ لا نهاية له، فأمامه تتقلص جاذبية كل ما سواه، يبدو وهو متاخم هكذا لليابسة، كسيف منذور في يدها للبطولات، وفي الوقت نفسه متداخل معها وفيها، كمحرمتين من ورق يصعب فصلهما بعد أن تبللتا. في داخله أستطيع أن أكون في...
نصوص
سيرة الأظافر
أظافرك التي قصصتها بالأمس لم تعد تجمعها في منديل وتدفنها في التراب.. كان جدك يلكز الأرض بعصاه لتواصل أنت الحفر، يشجعك على دفن الأظافر يعلمك ثقافة التشييع ودفن كل الأدلة. الفرشاة تحكُّ ظهرك بأظافرها المسنونة وأنت تتذكر كل الأمثال التي تمجِّد الظفر!! ظفرك في أنفك في...
قصيدتان
من أنا حتى أحتقر سكّينًا لها نصل تلك الأشياءُ المصنوعةُ لأغراضٍ جادّة التي لا تعرفُ دربًا للهزار حتى وإن رُصّعت غالبًا بأسلاكٍ رفيعةٍ من النُّحاس أو الفضّة إلا أنّها تكتفي بالحدّ الأدنى من الزّخارف دون ما يشتّتُ الانتباه ودون ما يثقلُ الوزن وذلك ليُسهّل عليها أداء...
النقطة الزرقاء
فجأة، انبثقت نقطة، نقطة زرقاء، وراحت تتحرك يمينًا ويسارًا، بسرعة تتزايد تدريجيًّا. في البداية كانت لها سرعة فراشة، ثم سرعة كرة بينج بونج، ثم سرعة كيس رمال تحت قبضتي ملاكم، وقبل أن أكتشف أن متابعة النقطة بسرعتها الجنونية ستصيبني بالتشنجات، كنت بالفعل قد تشنَّجت،...
فراشة عند فوهة المدفع
يمكنك أن تقذف بعود الكبريت وسط الموج طالما لا الفتيل على رأس الشمعة ولا الشمعة عند النافذة ولا النافذة تتهيأ لكسر الظلام ما الذي تريده الحياةُ منا نحن العائدون من أحرّ مفازة في صحراء نينوى نحنُ الذين تسمينا الحياة بشرًا ماذا نفعل وسط كل هذا الخراب ونحن نُمنى بالخوف...
أحبُّ اسمكِ
إلى ريتا طبعًا أبواب قال أبي: ابق جالسًا ولا تتحرك سأعود بعد قليل، كانت سيارة حسينو واقفة أمام صيدلية الاستقامة وجان كارات مشغول بتخطيط لوحة إعلانية كبيرة، ورائحة الكباب تملأ المكان، على الأرجح رائحة كباب مطعم دمشق القريب. بقيت في مكاني، عاد أبي بسرعة ركضت لأساعده كان...
ساعة جمعة
صباحٌ ككلِّ صباح ونهار مثل سابقه. لم يكن مسفر يدري أن قدر هذا اليوم -الذي بدا كغيره- يحمل في طياته واقعة ستهز كيانه وتبعثر وجدانه؛ بسبب وصية أبيه تلك. حتى الشمس في أشهر صيف الرياض لا تفارق مكانها ومقياس قيظها لا يبرح «٤٤»، وكأنه واقع في شرك برزخي لا منجى منه حتى طلوع...
رأس السنة
منزل كبير تحيطه الأشجار العالية لإحدى صديقاتي المخمليات، وقفت أمام مدخله أتأمل الإضاءات التي عُلقت على الجدران الخارجية، وحين هممت بالدخول أوقفتني إحدى أفراد الأمن وكأنها لم تعرفني، وحين صرحت باسمي بعصبية تهامسن بصوت مسموع.. هل حقًّا هذه أنا؟ حدثت نفسي «هذا نتيجة...
سأعيد «مشاهدة» هذه الأغنية
أعادت سونهام تقديم القطة «رانو» إلى رشيد، واختفى القط «نايان». سيرجع حين يألفك. علقت المعطف، ووضعت القبعة على الطاولة، وبيدين مدربتين نزعت الدبابيس والبنس وهزت رأسها؛ فانسابت الضفيرتان، وأزاحت القُصّة عن جبينها. واكتفت بقميصها الوردي من دون أكمام. من دقة تنظيم البيت...
كلمةٌ أخيرة أنقذَها الله قبل الغَرَق
مُبارزَةُ بين فتاتَين مُنِحَتْ كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما سَيْفًا، لِتُطارِدَ أشباحًا بَيضاءَ تَكمُنُ لِبَعضِهِما خَلْفَ بدْلةِ رُوادِ الفَضاء، التي يُخفِيان بِداخلِها جَسَدَيْن أنثَويين نَقيين. كُلُّ واحدةٍ مِنهُما مَشْدودةٌ إلى حَبْلٍ خَفِيّ يَجرُّها إلى الخلْفِ عند...
صانع الشواهد
لا أنكر أنّي خفتُ حين رأيتُ مشغل شواهد القبور للمرة الأولى، وتحديدًا حين رأيتُني في واجهته الزجاجيّة السوداء المطلّة على الشارع. خوف شعرتُ به مثل بعض ممّن كانوا يمرّون ببابه مسرعين، يشيحون بأبصارهم بعيدًا عمّا كان ببابه من شواهد، كلّ واحد منها يحمل اسم متوفّى وتاريخ...
السيرك الليلي
دونما سابق إنذارٍ حطَّ السيرك رحاله. لم يسبق وصوله أيُّ إعلاناتٍ، ليس ثمَّة ملصقاتٌ ورقيَّةٌ تشي بأيِّ خبرٍ عنه، على منشورات ولوحات الإعلانات التي تملأ وسط المدينة. الصحف المحليَّة هي الأخرى خلت من أيِّ ذكرٍ له. كلُّ ما في الأمر أنَّه أصبح اليوم ماثِلًا للعيان، بعد أن...