لم أترك الغابة. الغابة تركتني. لم تعترف بي الشجرة التي أنجبتني. صرتُ ابنًا للموج. والموج حضن وأرجوحة. لذا لا زلت هذا الطفل. كيف خانني الموج مع الريح. لم أعرف الريح حين تغضب. عرفتها حين صحوت وحيدًا...
نصوص
قصص
برخيليو بينيرا ولد عام 1912م في هافانا بكوبا، ثم هاجر عام 1946م إلى بوينس آيرس بالأرجنتين حيث قضى جانبًا من حياته، وكان الكاتب الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس قارئه وناشره الأول. وعاد عام 1958م ليستقر في وطنه كوبا، حيث توفي في عام 1979م. من مؤلفاته: «قصص» و«قصص...
غذاء القائد
قبل أن يطلق مدفعي الدبابة القذيفة الأولى، جفل سرب اليمام البري الذي كان يترقبه توفيق يَعبُر من وراء شجرة عوسج. لم يكن سربًا كبيرًا؛ عشر يمامات على الأكثر، لكنها كانت كافية ليختبر حظه في صيد اثنتين كما فعل ذات مرة. الإحباط الذي لفح نشاطه الصباحي على إثر جفول سرب...
السيرة الأخيرة لجوادي*
على زمن الشعر أن يتنزّلَ في سير راحلتي، من خيام القبيلةِ حتى شطوط «الكاريبيّ»، إني انتظرتُ جنون تبدّيهِ عامين حتى تجمّد في الروح شوقُ المياهْ. على زمن الشعر ألا يخون الصداقةَ، يا طالما أربكتني اشتعالاتُه في دمي، ومشيتُ على النار منتشيًا خلفهُ، حين يصفو ويا طالما بتُّ...
كلما سبقتْكَ اﻷرض أدركْها بالنشيج
لوعتي مستوحدٌ في لوعتي كلما أجّتْ نهضتُ كلما ومَضَتْ أحصيتُ رياحي وغيومي التي في داخلي كلما انبثقتْ مني تلفّتُّ؛ ولا يجيئُني غيرُ ظلي. الوحيدون صمتُ الوحيدين يغرقُهم في أيديهم وفي نظراتِهم، صمتُهم يمحو كلَّ يدٍ تمتدُّ إليهم يهشُّ كلَّ خشبةٍ تحنو عليهم.. صمتُ الوحيدين...
نزول السلّم الحجري
نحن هنا أشباح تنحت أحلامًا من الحجر. (محمود البريكان، دراسات في عمى الألوان) منذ أعوام وهو يواصل النزول على الدرجات الحجريّة المتآكلة لسلّم البرج، لا شيء يؤنسه سوى صفير الهواء في الأعالي، يرفع رأسه ناظرًا نحو الكوّة التي تركها وراءه منذ زمن ليس بالقصير، يتمنى لو يُنصت...
زهر وأشواك
كسلًا مطمئنًّا يستلقي الريش على التراب وقد نسي سماءه. ٭٭٭ الزهرة الفريدة لا تحتاج أن تحسد الأشواك العديدة. ٭٭٭ لَشدَّ ما يقاسي العالم من طغيان النوايا الحسنة. ٭٭٭ ننال الحرية بعد أن ندفع الثمن كاملًا من أجل حقنا في الحياة. ٭٭٭ هداياك البسيطة العفوية، أشبه بشُهب ليلة...
ربيعة
حطت (ربيعة) على مكتبها كنورس، وخلعت منقارها الأسود ودسته في شنطتها المسلوخة من جلود البشر. تأملتُ بشغف وجهها البيضاوي الساحر القسمات الذي يستحق أن يُقدّس، وناجيتُ نفسي بأن الوقت قد حان للتقرب منها. صبرتُ حتى تفرغ من تأمل ماكياجها في مرآتها الصغيرة، ثم سبحتُ منجذبًا...
نصان
شارع عيون الحرية هنا البيت وليس ميدان التحرير وغرفة نومي لم تكن يومًا شارع محمد محمود من أين يأتي الغاز إذن؟ ومن سمح لقناصة العيون أن تعتلي النوافذ ومن قال للجنود أنْ يعبروا - هكذا- بحرية بالقرب من سريري منتشين برائحة الموت وبالفرجة على جثث مكومة قرب صناديق القمامة....
قهوة باردة
انسحبت الشمس من كبد السماء. انسحبت ببطء متوارية خلف الشفق الأحمر، إثر نهار قائظ وطويل. تنفست المدينة بعمق وارتياح، كأنما انزاحت عن سكانها أثقال حجرية. كان يومًا حارًّا واستثنائيًّا. يومًا لم يعتادوه من قبل. حتى إن مندوب دائرة الأرصاد الجوية خرج على الناس، من داخل...
مسودة الحلّاج
تَفشَّتْ في شراييني على مهل، غَزَتْ قلبي بسهم قاتل، فأطاحت بعرش كان الماء موطنه، ومن حطامي أوقدت النار لتراقصها الريح إمعانًا في إذلالي، وما ذنبي إن كانت عيني من فرط خضرتها رأت، ولما رأت، تسمرت، فسالت شلالات جارفة، وأنا مخطوف أشهد غرقي في بحري، أجدف في بحر الوداد...
لستَ سوى غجريّ
لم يكن في حياة ألكسندر رومانس (1951م) ما يعد بأنّه سيكون كاتبًا أو شاعرًا، فرجل السيرك، ولاعب الأكروبات، ومروّض الأسود في شبابه، ينتمي لشعبٍ مترحّلٍ لم تكن الكتابة يومًا جزءًا من تقاليده. ولكن كان لدى رومانس ما يقوله، وبتشجيعٍ من جان جينيه وجان غروجان، اللذين ربطته...