مجنونُ التلّ ينشّفُ ضوءًا فوق حبال الجيرانِ، ويكتب ما يمليه عليه الظلُّ. يُسيّلُ أغنيةً في وادي زقلابَ، يرافق أشجارَ الليمونِ، يُحدّثها عن حربٍ حرقت أرواحَ الأخضر واليابسْ. برميلٌ محشوٌّ بظلامٍ مسنونٍ ألقاهُ الطيارُ الأعمى من طائرةٍ عمياءَ على حقلِ القمحِ النائمِ في...
نصوص
يمضي مثل عابر سبيل
قرأت حكاية ممتعة عن الحياة الجديدة، عن مادة مظلمة فوق رؤوسنا العظيمة، هناك في الآفاق البعيدة، كيان موحٍ ومعتم يريد أن يخبرنا شيئًا طازجًا وجديدًا، شيئًا يناقض نظريات الجاذبية الكونية، هناك حياة هادئة تنادينا، شيء غامض وموحٍ مثل قصيدة سردية، يقول لنا: إن الحياة متجددة...
اسمي
عليك أن تعترف يا سليماني بأنها ليست المرة الأولى. هذه ليست بالمرة الأولى، أجل، اعتَرِفْ وأَقِرَّ؛ فالاعتراف سيد الأدلة، والإقرار بها نصف الطريق لحل المشكلة. ليست المرة الأولى التي أتهجى بها حروف اسمي كطفل ولا أعرفه، ولا أعرفني! أكتبه حرفًا حرفًا: س ل ي م ا ن ي، أتأمله...
رقصة الأشباح
الظلام البارد يتهاوى فوق الأشجار المتشابكة الأغصان حتى بدت كحيطان عالية تسد الرؤية اللهم إلا من بعض الالتماعات النورانية التي تنبعث من على مدى سطح البحيرة الساكنة، سكون ظلام موحش، هبات الريح بين فينة وأخرى تميد بالقوارب الراسية على طول الساحل المديد. تشق بنا العجلات...
صدى لضوء خافت
من فوق العُشّة الملاصقة للسور يلمح عامل المدرسة ينهي تنظيف آخر فصل، يراه يطفئ المصباح ويخرج، يقف رافعًا رأسه ويكرر الكلمات الأخيرة التي قالها الولد القصير قبل أن تحييه المعلمة ويدق جرس الحصة الأخيرة ويغادروا الفصل، في بطء ينزل، تستقبل قدماه الحافيتان الأرض المبتلة،...
بعض الظن
مثلَ من يبحثُ في راحلةِ الأيامِ عن أرضٍ شريدةْ ناقشًا بالظنِّ في ذاكرةِ اللحظةِ للمنفى قصيدةْ تجلسُ الآنَ بقربي كلماتٌ لم أقلها ذكرياتٌ لم أعشها وتناجيني دروبٌ لم أطأها أي دربٍ يتقنُ العزفَ على ما أشتهي من مدنٍ حبلى بأحلامٍ عنيدةْ وأنا الممتدُّ في كل جهاتِ الشكِّ...
ورم مميت صمتك في الحرب!
-1- ما الذي يتبقى من الوطن، حين يتحول نصفه إلى قتلى؛ ونصفه الآخر إلى قتلة؟! عالقون في وطن عالق.. بانتظار الصفعة المعتمة، أو الطعنة العملاقة، أو السجن الدرامي، أو الطلقة غير الطائشة. نتخبط في هذا الخراب اللانهائي، ونلقي التحية على العابرين بقلب سليم، بينما يتدلى الخوف...
نصَّان
غرابان، رجل وامرأة غرابان. رجل وامرأة، يدًا بيد. رجل كهل، يتكئ على عصاه. وعلى مبعدة أمتار شجرتان كبيرتان، تتشابك أغصانهما مع بعض أرى بصلابة. أفكر بصلابة. بين البيوت المتقابلة تتغير مياه النهر ولكنها دائمًا تبقى المياه نفسها السفن تحيي بعضها البعض. قصيرًا. طويلًا....
الطفل الضال
ذلك اليوم، كان مهرجان الربيع على قدم وساق. خرجت من خلال الممـرات الضيقـة للحارات والأزقـة كتلـة بشريـة... منهم من يتقدم سيرًا على الأقدام ومنهم من يركب متن جواده ومن تحمله عربات الثور والبامبو. حينها، انطلق طفل صغير، طلقَ المُحيَّا ومفعمًا بالنشاط والتهلل، من خلال...
الخالة أوز
ذكريات الخالة أوز باقية، وقد قررتْ بسط ظلالها على ذكريات اللهو في سنوات ما قبل البلوغ: خوض الحرب مع صِبية الشارع، لعب الأوكوسو مع الجيران الذي جعل أصابعنا أحذق، الاختباء والمطاردة، ولعب الهوبسكوتش مع البنات الراغبات. الخالة أوز، أو الخالة فلفل، لم يكن اللقب بسبب كونها...
ثلاث قصائد
شوكولا قلبي على قلبي قسا حتى بقلبي تُتْنسى لم تُتنسَ شيءٌ بقلبي قد رسا من حبِّها وجعٌ أسى وأقولُ ماذا لو قضيتُ بحبّها يومًا سعيدًا مؤنسا؟ هل تُتْنسى؟ لا تُتْنسى قلبي! لِترحمْ نفسَكَ هذي القساوةُ مُتعِسَهْ الحبُّ شيءٌ نادرٌ في وقتنا لا يُتنسى يا قلبُ عِشْ هذا الأسى...
ضيفٌ لا ينوي المكُوثَ طويلًا
بمجرد أن أزاحت اللِّحافَ عن وجهها عرفَت بأنه جاء. تسربت رائحتُه من خصاص النوافذ ومن الفجوة الصغيرة تحت باب الغرفة الخشبي. مسَّت الرائحةُ طرفَ أنفها فأسرَّت لنفسها: أجل، إنها رائحته، لا يمكن أن تكون لأحد سواه! أسندت شيخوخَتَها إلى العكاز الساهر إلى جانب السرير، وخطت...