لست أدري لم استهلّيت صبيحة هذا اليوم الحزيراني القائظ، باستذكار ثلاثة أصدقاء كنت أحاورهم، في السنة الجامعية الأخيرة، في خياراتنا الدراسية المحتملة القادمة. كنا نطوف بالكلام طويلًا، ونحطّ على جامعات باريس التي تعلّم فيها أساتذة الفلسفة الذين علّمونا، ووضعوا في أسماعنا...
يوميات
أرض الإشارات.. أميركا في نثار اليوميات
نافذة في إطاريْن ثمة تعارضات بين نافذة تنسي الجنوبية، ونافذة التذكر البغدادية. لكل منهما إطار مختلف. بغداد تكثف ضباب الذكرى على زجاجها. ونافذة تنسي تهب رشوة التأمل. ومن المفارقات أنني سأعلم من مواطن هنا، أن تنسي سميت باسم مدينة (تناسي) الصغيرة التي سكنها الهنود، أو...
مراهقٌ زادُهُ الخيالُ.. أبواب حديدة
«يُغمض المراهق عينيه ويفكر: الآخرون يرونني». عندما سأقرأ ذلك وقد طويت خمسًا وستين سنة، أجزم أن إدواردو غاليانو قد كتبها لي وحدي. ها هو الدركي المنقول من حديدة إلى الدريكيش يكوّم في السيارة الصغيرة (جيب لاندروفر) زوجتيه وأبناءه وبناته وصررًا متخمة بالثياب وفرشًا وألحفة...
تطمينات الحنين.. الفضاء الأميركي من نافذة جنوبية
نيسان شهر الزوال نيسان 2011م كان من أقسى الشهور عليَّ، ليس تماهيًا مع قصيدة إليوت، فعنده يُخرج نيسان الليلك من الأرض، ويمزج الرغبة بالذكرى، لكنّ نيساني اقترن بإخراجي من أرضي حيث أحيا وأتكلم، ومزج الحنين بالغربة في هجرة لم تكن في برنامج حياتي المكرّسة للتدريس والكتابة...
البيوت الأولى
ليس أكبر غبطة، وربما ليس أكبر دقةً من قول غاستون باشلار (1884- 1962م): «البيت كوننا الأول، البيت كون حقيقي، البيت ركننا في العالم». وكنت –وما زلت– قد وقعت في فتنة كتاب باشلار «جماليات المكان» الذي ترجمه غالب هلسا (1932- 1989م)، وصدر أول مرة في بغداد، حيث افتتحتْ به...
يوميات حرب الأيام الستة
لوران غاسبار (1925- 2019م) شاعر فرنسي من أصول رومانية، عمل طبيبًا جراحًا في المستشفى الفرنسي في القدس من عام 1963-1968م، ثم انتقل إلى تونس ليعمل في مستشفى شارل نيكول، حتى تقاعده مطلع تسعينيات القرن الماضي. هنا ترجمة لليوميات التي كتبها عن حرب الأيام الستة، التي كان...
البيت الذي يسكننا
أقمت في حلب قادمًا من الرقة منذ نهاية يناير 1972م حتى نهاية سبتمبر 1978م. ومنذ ذلك الحين حتى تقطعت أوصال سوريا بعد زلزال 2011م، ومنها الطريق بين حلب واللاذقية، لم تفتني زيارة حلب مرات في السنة. ولم أزر حلب مرة إلا حججت إلى ذلك البيت المطل على جامع الميدان: أقف على...
1969: كائن من خيال… عالم من خيال
شباب في مثل عمرك (22 سنة)، بل أصغر، بل أكبر، يملؤون شوارع وساحات باريس، يتقدمهم ساحرك جان بول سارتر، وها هو شرطي يضربه وأنت تتهادى في مشوارك المسائي على الجسر العتيق، مُشْهِدًا نهر الفرات على ما فتنك من شعارات شباب 1968: كل السلطة للخيال. إلى مكتبة الخابور كنت تسعى كل...
يوميات كتبها شعراء وروائيون وفنانون عرب تمزج الشخصي بالعام وتنفتح فيها الذات على مناخات كثيرة
شهدت الثقافة العربية في السنوات الأخيرة طفرةً في نشر كتب اليوميات، وقد شجّعت الجائزة السنوية التي يمنحها «المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق» (ابن بطوطة) في أبوظبي لهذا النوع من الأدب على إقبال الكتّاب والأدباء عليه. ومع الحجر المنزلي الذي فرضه وباء «كورونا»...
أفانين الهرب من الرواية أو ما تبقى من أيام بلا صباحات
(1) تتوقف السيارة عند الحاجز، وتحيي العسكري. لستُ من أوقفها، ولا من حيّا بكفه متمنيًا أن يكتفي العسكري بذلك. بالأحرى لست من رشاه بالتحية كيلا يطلب البطاقة الشخصية، فيكون عليّ أن أنقّب عنها في جيب البنطال الخلفي، حيث تعودتُ أن أودعها منذ أن تمكّن مني الرعب من أن...
يوميات سينمائي سوري في اليوم الأول ما بعد الحرب هذه الحرب بما آلت إليه؛ ألـقمتنا أحجارًا كثيرة
في اليوم الأول ما بعد الحرب. فتحت عينيَّ في هذا الصباح؛ وأنا مبلل الروح؛ كأني أخرج من أعماق الماء؛ وكنت لحظتها أردد شكي في نسب كلام قرأته بالأمس؛ في رواية إلياس خوري «مجمع الأسرار»؛ إلى الخليفة هارون الرشيد؛ معلقًا على ما ذكر له ويقول فيه: «إن كنت رأيت ما ذكرته فقد...
«يوميات الحِــداد» لرولان بارت.. عندما يصبح الموت حدثًا ومغامرة
«يوميات الحداد» أحدث ما تُرجم إلى العربية من كتابات رولان بارت (1915- 1980م) ضمن إصدارات المركز القومي للترجمة بالقاهرة، إعداد وتقديم «ناتالي ليجير» وقد ترجمته من الفرنسية إيناس صادق. بدأ بارت كتابة هذه اليوميات في اليوم التالي لوفاة والدته في المدة من 26 أكتوبر 1977م...