في أحد اللقاءات التلفزيونية الموجودة على «اليوتيوب» سأل الإعلامي المصري الراحل مفيد فوزي عميد الرواية العربية نجيب محفوظ: هل يزعجك أن توصف بـ«أم كلثوم الرواية العربية»؟ وبعد أقل من دقيقة صمت وتأمل أجاب محفوظ بابتسامة عريضة قائلًا: «بل يسعدني هذا»، ثم أضاف «سعيد لأن...
سيرة ذاتية
«لُغز» الأدب الفلمنكي هوغو كلاوس حين يحوم فوق الناس «كالطير الجارح»: أنزعُ منهم نتفًا.. لأصنع منها كتبًا
ربح الكاتب والشاعر البلجيكي «هوغو كلاوس» قلوب كثيرين بسحر شخصيته وموهبته الأدبية الطاغية، لكنه كان عازمًا أيضًا على إطلاق العنان للشيطان الكامن بداخله. في محاضرته التالية، يرسم الباحث والناقد البلجيكي «مارك سخافرز» صورة مختلفة عن الكاتب الفلمنكي الأشهر. جاءت المحاضرة...
القاهرة… مدينة من رموز وصداقات
ما يترسّب في ذاكرة الطفولة يعيش طويلًا، تمر به الكهولة ويظل سليمًا، ويبلغ الشيخوخة ولا يشيخ، وقد تتسع أبعاده ويأخذ شكل الأسطورة، لا يتضح ولا يكتنفه الغموض. وكان للقاهرة، في طفولتي، ملامح الأسطورة. ارتاحت إلى صيغة: «الأفعل»، فهي أوسع المدن العربية وأكثرها سكانًا، مدينة...
الفلسطيني: صعوبات كتابة سيرة ذاتية
هل يستطيع فلسطيني أن يكتب سيرة ذاتية؟ يبدو السؤال في البداية بسيطًا قوامه ذاكرة قوية أو معطوبة وقدرة على السرد بلغة أليفة تسعفها القواميس بقبضة من الكلمات لا تعتب عليها قواعد النحو والصرف إلا قليلًا... بيد أن السؤال لا يلبث أن يصطدم بما يشجّ رأسه لا فرق إن كان الجرح...
بيت أبي الشهداء يُباع أيضًا؟
كاتب قصصي متدفّق العروبة قال في ساعة تفاؤل لا تنقضي: «لكل فلسطيني حكاية، وفي كل حكاية حكايات، وحكايات الفلسطينيين مفتوحة النهايات»، ونَسب القول إلى محمود درويش. لم يأنس مني اهتمامًا فجاء بقول آخر: «وفَّقك الله إلى مكتبة من ألف كتاب. كل كتاب من ألف صفحة، وفي كل صفحة...
الابن الشهيد والأب اليتيم
مبتدأ الكتابة ملصق شهيد فلسطيني ذاب اسمه في غيره، ورحلت صورته مع راحلين، احتفظ أهلهم بصورهم وغمرها الغبار، ربما، في أرشيف ابتلعته الأيام. ومبتدأ الكتابة مقدمة، هكذا علّمنا قدماء العرب من الكتّاب، تجلو القول وتشكر السامعين، لها نهاية تصطنع «عبرة» وتناشد الذاكرة إرجاء...
علامات سينمائية مصرية صور الأحلام العادلة
ما تستدعيه الذاكرة يأتي ناقصًا، يتسامح الإنسان معها إن كان المستدعى جميلًا. كانت سيدة فلسطينية متقشفة المظهر والكلام، موفورة الكرامة والوطنية. دعتني إلى لقاء في القاهرة عن غسان كنفاني. كان ذلك اللقاء القاهري بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على اغتيال غسان في يوليو عام...
ناجي العلي وظلم متعدّد الطبقات
هل في رحيل الأخيار ما يربك الزمن، أم إن رحيلهم يربك الروح ويستقدم الغبار؟ الراحل المقصود رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، والزمن العاثر. توَسّع نفوذ قاتليه وتمدّد. يذكرني الفنان القتيل بيوم متجدد الحضور، توالد مرتاحًا واستقر طويلًا ولم يؤرقه أحد. يوم من...
أحلام واسعة ومآلات من رماد.. فالتر بنيامين وأطياف صديق انطفأ
ما زلت أذكره واقفًا في بقعة شحيحة الضوء يتّقي المطر بمعطف مطري وتمسك يده حقيبة مدرسية، ستبدو امتدادًا ليده أو تبدو يده من دونها مبتورة. يعود ذلك المساء إلى سبعينيات سعيدة من القرن الماضي. وأذكره في وداع أخير متلعثم الكلمات في «مصحة» في مدينته مونستر شاحب العينين مخذول...
بودابست وجورج لوكاتش.. مصرع أحلام بريئة
هذه مدينة يُلحقها جمالها بالسماء، نَضِرة الوجه نبيلة المحتوى. قال جملته المطمئنة ومضى، وختم اللقاء بقهقهة كأنها النشيد. كان صديقًا في أيام الشباب، تقاسمت معه الاجتهاد والأحلام وكتبًا حنونة الملمس تهجو الرأسمالية وتمدح الاشتراكية، تبدأ بكتاب أوستروفسكي: «والفولاذ...
أوجاع الغريب ومصاعب الغربة
ما الفرق بين غريب اختار غربته سعيًا وراء جديد في عالم وجوهه الاختلاف والتنوع والثقافات المتعددة، وغريب رُحّل عن عالمه الأليف وقُذف به إلى فضاء يجهله؟ ما وجوه الاختلاف بين إنسان ضاق بالحرمان في وطنه وآثر هواءً نظيفًا في مكان آخر، ولاجئ أُخرِج من وطنه على غير إرادة منه؟...
السينما: صحبة قديمة وأطياف ممطرة
أذكر من فِلْم إنغمار بيرغمان «التوت البريّ»، الذي رأيته قبل أكثر من خمسين عامًا، عجوزًا يتكئ على عصا يطوف بين صِبْيَة يمسّد شعرهم ويغدق عليهم حنانًا دامعًا، ويتوقف أمام صبي سيحمل، لاحقًا، عصا وشيخوخة مرهقة. كان العجوز يستذكر ذاته، يوقظ متخيله ويعود صبيًّا، يداعب شعر...