بواسطة نصار الحاج - شاعر سوداني | سبتمبر 1, 2020 | نصوص
للمرة الأولى في زمن الكورونا
أتفحصُ الشارعَ
الذي كان يئنُّ تحت هدير العربات
وصفارات الإنذار
وهشيم الزجاج في التقاطعات
وبقايا الإطارات
وعربدة المراهقين بدراجاتهم الصاخبة
لم يَعُدْ هو الشارع نفسه
اختفت الحياةُ
التي كانت تفورُ في باحة الوقت
والصبيةُ العابرون بين الإشارات
يغسلون المرايا
والنساءُ اللائي يطلبنَ مالًا قليلًا
لترميم أحوالَهن البائسة
صار الشارع وجهًا جديدًا للمدينة
صار لامعًا ونظيفًا
يتوسلُ الناس أن تبقى في البيوت
كأنما يقول
أن الشوارعَ خالية
لكنها تخاف من وباء الجائحة
وعمّا قريب
ستذهب الكورونا
ستختفي المتاريس من الطرقات
والشوارعُ التي ترونها
تحنُّ عاليًا إلى السحاب كي يجيء ماطرًا
ويغسل الوباء من أزاهر الطريق
لأنها الحياة يا رفاق
جميلةُ وعاشقة
مثل طائر برّي لا يعرف الهزيمة.
30/04/2020م
بواسطة نصار الحاج - شاعر سوداني | يناير 1, 2020 | نصوص
هو الليلُ
هو الشرفة البيضاء
هو الحدائق التي تتورَّدُ مقاعدُها بهجةً بالزائرين
هو الأمكنة التي تستيقظُ عند غروب الشمس ولا تنام
حتى ترهقها طَرَقَاتُ النهار
هو السماء التي تلبسُ أساورَها
وتزغردُ حين توجعها دغدغةُ الرّعد
هو الليل
الذي كنتُ على شوارعهِ أحصي قطرات الحكايات
التي سطَّرَتها أناملُ النَّدى
وعلى عتباته أتسوَّلُ الإجابات
تتقَطَّرُ من زهرةٍ تقطنُ أشجار الصقيع الباردة.
هنا
على شارعٍ لوَّنتهُ الحماماتُ بضوء القمر
كتبتُ على ورقِ الليل
رسائلَ النهرِ إلى أعشابه المهاجرة
الأعشاب التي ظلَّت على حالها تستقبلُ النَّدى
وتخضرُّ على طولِ المسافاتِ
مُعْلِنَةً خرائط الليل واحةً لأزهارِ البدايات.
اللَّيلُ
كانَ رصيفًا طيِّبًا
بلَّلتهُ المياهُ بكؤوسها الشفَّافة
فأزهرت نجماته حدائقَ من تويجاتِ الجنون
كانَ دفئًا صافيًا يترقرقُ من ينابيع الأنوثةِ في مُحَيَّاها النبيل.
هو الليلُ وحدَه
يتغنَّى بكمنجاتهِ على مسرحِ الكون الفسيح.
بواسطة نصار الحاج - شاعر سوداني | مايو 2, 2017 | نصوص
هناك
طيف غريب
يُشبه قوس قزح
يتلوى مع انعطاف السحاب
وانحراف الغيوم
مثل فقاعات شفافة تكسوها فضة المطر
تلمع مشعةً بلون البلور
تتلونُ كلّما تقاطعت مع خيوط الضوء
تحوم حول الأشجار
وأطراف الأسوار المكسوة بالأعشاب
طيف جميل يتهادى في الأفق
طيف فراشات صغيرة تظهر مثل ظلال خاطفة
وتتلاشى كأنها لم تكن هنا
كأنها مرَّت مع البرق الذي أنارَ الوجوه الضاحكة
خفيفة في كل شيء
في رشاقتها التي تُضيء الأرواح المُتْعَبَة
في تعقبها سرب الطيور المهاجرة
في رشّةِ عطرها التي نتخيلها قطرات من ندى الأمطار
في لوحة الألوان
وخفة الطيران
فراشات الخريف مولعة بالحياة
تغسل أجنحة الكون
وهي عابرة
تطوي المسافات بالسفر تحت غمام الصباح
وفي عيون الأطفال
تلمعُ زاهية مثل بالونات الحلوى
وزينة أعياد الميلاد.