بواسطة نزهة صادق - باحثة مغربية | يونيو 30, 2017 | كتب
يحلل الكاتب المصري الفرنسي محمد مروان ظاهرة الإسلاموفوبيا من عمق واقع تمكن من الغوص في حيثياته بشكل عملي وجلي. فعندما قرر مروان نشر كتابه «نحن أيضًا من الأمة؛ لماذا يتوجب مناهضة الإسلاموفوبيا؟» (الصادر عن «منشورات لاديكوفيرت» باريس 2017م) كان على علم عميق بالتغيرات الجلية التي عرفها المجتمع الفرنسي، ولم يقتصر الفحص الدقيق على مستوى الساحة الإعلامية والسياسية للظاهرة، بل حاول تفكيك الآليات المؤسِّسة لفوبيا الإسلام، والإجابة عن السؤال العميق؛ لماذا يجب محاربة الإسلاموفوبيا؟ ويتميز كتاب «نحن أيضًا من الأمة: لماذا يتوجب مناهضة الإسلاموفوبيا؟» بقدرته على رسم معالم مؤسِّسة لدور ومصلحة المسلمين في محاربة العنصرية والإسلاموفوبيا؛ للخروج من الفخ الذي يحيط بالمجتمع الفرنسي برمته، كما يمكن القارئ من تعرف وضعية فوبيا الإسلام ومستوياته في النسق الفرنسي عن قرب، وذلك من خلال خمسة فصول أساسية مع عناوين فرعية.
سافر الكاتب محمد مروان في الفصل الأول من الكتاب والموسوم بـ« ليس تمامًا مثل الآخرين» بالقارئ بين ثنايا قصته التي تشكل نموذجًا للتعددية وللتنوع؛ فمن طفل ولد في باريس من والدين مهاجرين أب مصري وأم جزائرية، إلى إطار وشخصية مهمة في المجتمع الفرنسي، تمكن مروان من سرد قصته المتميزة التي توجت بالنجاح لإيمانه بالدور المعرفي. في كل محطة يرصدها، أكد مروان أن اختيارات أمه المستقلة لوضع الحجاب، أو تدين أبيه، ما هي إلا اختيارات شخصية لا تدعو إلى تحويل فرنسا إلى أرض الإسلام، بل هي قناعات تتفاعل مع السياق الفرنسي من منطلق مبادئ الجمهورية التي تؤمن بالاختلاف وبحُرِّيَّة الاعتقاد والدين، ولعل ذِكْر الكاتب لتعلمه في المدرسة العمومية الكاثوليكية أبلغ دليل على ذلك، فعندما قررت أم مروان، التي لها صلاحية كبيرة وحرية في اتخاذ قرارات البيت، بحجابها أو بغيره، تسجيل ابنها في المؤسسة الكاثوليكية لم يكن إلا لإيمانها بقدرة مبادئ الجمهورية على ترسيخ قيم التعايش.
وقبل أن يسبر مروان في الفصل الثاني وعنوانه: «صراع الجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا» أغوار الدور الرئيس الذي تلعبه الجمعية، طرح في البداية أرضية مفاهيمية لمفهوم الإسلاموفوبيا، مشيرًا إلى الأعمال التي سبقته ومنها، أعمال الكاتبين عبدالعالي حاجات ومروان محمد، وهو سوسيولوجي يحمل اسم الكاتب نفسه.
كما أشار في هذا الفصل إلى أن الكاتبين عالجا ظاهرة الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) من منظور سياسي وثقافي معرفي وسوسيولوجي غير مسبوق، كما نسخا المفاهيم المغلوطة للإسلاموفوبيا، وبخاصة مفهوم الكاتبة كارولين فوريست وباسكال بروكنر اللذين قالا: إن أصل مفهوم الإسلاموفوبيا يعود إلى عام 1970م، وهو بالأساس خلق لمنع أي انتقاد للإسلام. في حديثه عن «الجمعية الفرنسية لمناهضة الإسلاموفوبيا» التي يرأسها، لم يقتصر مروان على رصد فلسفة الجمعية والضرورة التاريخية التي فرضتها، بل أكد على دورها الأساس في المجتمع الفرنسي الذي على الرغم من أنه ينبني على قوانين تحترم حقوق الإنسان، فإن ما يعيشه المسلمون من عنصرية، لا تتم معالجته بالأهمية نفسها المحددة لخطورته؛ وهو ما يستدعي التدخل القانوني والحقوقي للجمعية لمتابعة شكاوى المحكمة التي تتوزع بين العنف اللفظي والجسدي.
اليسار والمسلمون
محمد مروان
في الفصل الثالث الموسوم بـ«تعليمات حول تفكيك الأيديولوجيات المعادية للإسلام»، استطاع الكاتب توضيح كيف أن الأوضاع تغيرت للأسوأ، على الرغم من أن للإسلاموفوبيا تاريخًا خاصًّا في السياق الفرنسي، وأكد من خلال العودة للتاريخ الذي بصم علاقة المسلمين بالسياسات الفرنسية أنه «لا يمكننا أن نكون متطرفين بما أننا يساريون». وقد عبر عن هذه العلاقة بكون العديد من مسلمي فرنسا، وبخاصة الفئة التي تحيا في المناطق المهمَّشة، التي تشكل فئة الأسد من مجموع مسلمي فرنسا، يتعاطف مع اليسار نظرًا للتاريخ الذي جمع بين اليسار والمسلمين، الذي يتجلى في التأطير الإداري أو الاجتماعي لمنظمات المجتمع المدني اليسارية للمسلمين. وأضاف مروان أنه من أجل أسباب سوسيولوجية محضة عاش مسلمو فرنسا تحت وصاية اليسار، ورحب عدد كبير منهم بتولي الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتيران الرئاسة عام 1980م، نظرًا لأن هذا الأخير منحهم شرعية في فرنسا ودافع عن وجودهم، وتميز بنشره لخطاب يؤمن بالاختلاف ويعترف بالجالية العربية، حيث إن ميتيران تمكن من خلال التلفزة الفرنسية، الوسيلة التي كانت معبر تواصل بامتياز في تلك الحقبة، من إلقاء خطابات بلاغية متميزة أبهرت المتلقي المسلم، ويعد الخطاب الذي ألقاه في ندوة في جامعة السوربون من أهم رسائله، حيث قال: «نحن الفرنسيون وأجدادنا المتجذرون من جبال الغال ما هم إلا مزيج من القليل من الرومان، والألمان، واليهود، والإيطاليين والإسبان، والبولنديين، حتى العرب»، وبذلك أكد الرئيس الفرنسي أن فرنسا تتميز بكونها بلد التعددية الثقافية بامتياز؛ إذ إن الثقافة الفرنسية ما هي إلا خليط، كما شكلت جملته الشهيرة هذه نموذجًا متميزًا لمحاربة التعصب ومواجهة أفكاره التي تتبنى الحقد والكراهية. وبيّن الكاتب أن التاريخ القوي بين اليسار والمسلمين، يتجلى في إيمان الأحزاب اليسارية بقدرة المسلمين على المشاركة السياسية الفعالة التي تتميز بالموضوعية وبالاستجابة الذاتية.
وعلى الرغم من ثقة اليسار في المسلمين فإن محمد مروان يقول: «لم تكن تعيش تنظيمات اليسار في غالب الأحيان نفس التوترات التي يمر منها المجتمع الفرنسي فقط، بل تفاعلت معها من خلال ردود أفعال حماسية، ويعد نموذج رئيس المجلس البلدي (فيتري- سور- سين) الاشتراكي بول ميرسيسا نموذجًا تاريخيًّا معبرًا عن هذا التفاعل، ففي 24 ديسمبر عام 1980م أمر بول بهدم مبنى كان مخصصًا لـ320 عاملًا ماليًّا. ويتضح في هذا الفصل، أن الكاتب تمكن من خلال هذه الأحداث أن يوضح للقارئ أن تطور العنصرية وتصاعدها ضد المهاجرين والمسلمين ليست نتاجًا لإعادة إحياء اليمين المتطرف كحزب ذي أغلبية في فرنسا، بل يعود إلى حقائق سابقة الوجود على مستوى الخطابات وتفعيلها أيضًا، وأن ما يعيشه المسلمون اليوم ما هو إلا استمرارية لتاريخ اليسار، وما يعتري خطابه من توترات حول موضوع الإسلام والمسلمين والهجرة.
تتجلى أهمية مناهضة الإسلاموفوبيا في نزع القناع عن الثمن الذي تدفعه فئات المسلمين اجتماعيًّا، وسياسيًّا، وإعلاميًّا؛ إذ لا يمكن حصرها في علاقات شخصية بين الأفراد، الأمر الذي خصص له الكاتب محمد مروان الفصلين الرابع والخامس من الكتاب داعيًا الدولة الفرنسية للتدخل للحد من الاضطهاد الذي يطول المسلمين، ومراجعة خطابات الدولة التي تثبت الفكر الرُّهابيّ ضد الإسلام من خلال الخطابات السياسية، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد خطاب مانويل فالز الذي عَدّ محاربة الحجاب «نضالًا حقيقيًّا للجمهورية».
ما يميز كتاب «نحن أيضًا من الأمة، لماذا يجب مناهضة الإسلاموفويبا؟» أنه لا يعد اعتذارًا، ولا هجاء ولا حتى تصفية حسابات، وهو ليس دعوة للعنف، ولا للسلام، كما أنه ليس برواية، ولا مقال، هو مجرد محاولة للغوص في واقع فائِر، لا يتحدث فيه المتحدث باسم المسلمين، كونه لا يتوافر على القدرة الكافية للتعبير على كل الأصوات التي تسكنه، ولا يتحدث إلى المسلمين؛ لأن ما يقوله يهم المجتمع الفرنسي كافة، كما جاء على لسان محمد مروان.
بواسطة نزهة صادق - باحثة مغربية | ديسمبر 27, 2016 | كتاب الملف
يشكل الأمازيغ مكونًا أساسًا من مكونات الحضارة المغربية، وقد أثروا فيها سلبًا وإيجابًا، في ظل أوضاع سياسية واجتماعية ودينية عرفت تحولات متعددة، ومكنت من خلال تنوعها من بناء حضارة وعلم وتاريخ ودين ومدن قديمة، شكلت هوية مغرب اليوم التي تتميز بالتنوع والتعدد والاختلاف. وتعد القضية الأمازيغية في المغرب مسألة في غاية التعقيد؛ إذ تتم مقاربتها من خلال أوجه عديدة، كما تشوبها خلفيات سياسية واجتماعية وثقافية، تنطلق من تعقيد طرح الاسم، إلى تحديد المجال الجغرافي، وصولًا إلى الأصول.
وقد عرف المسار التاريخي للأمازيغ تغيرات جذرية وبخاصة بعد الفتح الإسلامي واعتناق الأمازيغ الإسلام، ما شكل تجاذبًا مهمًّا بين باحثين وجدوا الدين الجديد عنصرًا أقصى هويتهم وطمسها، وبين آخرين رأوا أن الدين الجديد شكل نقلة ثورية وحدت المماليك الأمازيغية، وأسهم في بناء الحضارة الإسلامية، وكما قال المفكر الإسلامي طارق السويدان: «فلولا عظماء الأمازيغ ما كانت حضارة الإسلام في الأندلس وشمال إفريقيا»، ما يضع الراغب في الغوص في تركيبة الأمازيغ أمام حقائق أوضحت عمق الحضارة الأمازيغية، وانفتاحها على انتقالات ثورية نسجت للشعب المغربي هوية مركبة بين أمازيغ عُرّبوا، وعرب مُزّغوا، وهو ما شكل نسيجًا هوياتيًّا يتميز بالتنوع والتماسك والتعقيد.
حضور ثقافي عريق ووضع سياسي جديد
وردت كلمة أمازيغ في نقوش المصريين القدماء، وعند كتاب اليونان والرومان وغيرهم من الشعوب القديمة التي عاصرت الأمازيغيين، وبصم الأمازيغ التاريخ السياسي لشمال إفريقيا، كما أسهموا في بلورته، وفي تطوير المجال الحضاري من خلال المساهمة الفعالة في ظهور الحضارة والتمدن، فنبغ منهم الفلاسفة والمفكرون أمثال لوكيوس أبوليس (120 -125م) وهو خطيب أمازيغي، وفيلسوف وعالم طبيعي، وكاتب أخلاقي، وصاحب روايات التحولات والتغيرات، وقد كتبها في 11 جزءًا، أما في ميدان الأدب فقد ظهر ماركوس ماتيولوس، وهو شاعر وعالم فلك. (د.محمد بن لحسن، الأمازيغ أضواء جديدة على المسيرة الحضارية عبر التاريخ، مطابع الرباط نت، 2015م، ص:11).
تعددت النظريات حول الأمازيغ وأصولهم، ويرى التيار الأول أن أصل الأمازيغ يرجع إلى الدول الإسكندنافية في شمال أوربا؛ إذ اجتازت مجموعة من القبائل الهمجية تدعى قبائل الفاندال أوربا، واستقر جزء منها في كل من فرنسا وإسبانيا، على حين عبر بعضها الآخر البحر الأبيض المتوسط جنوبًا حتى استقر في المغرب.
ويربط التيار الثاني أصل الأمازيغ بسكان المغرب الأقدمين بالمشرق، إذ يرى أن أصول الأمازيغ تعود إلى الكنعانيين الذين طردوا من فلسطين بعد قتل النبي داود لجالوت، وهو الرأي الذي انحاز إليه ابن خلدون، كما ذهب آخرون إلى أن أصل الأمازيغ من اليمن، أي من العرب العاربة الذين هاجروا بعد سيل العرم، واختلطوا بالقبط المصريين في أثناء هجرتهم غربًا. (سيل العرم، هو السيل الذي لا يطاق، والذي خرب وفرق أهل اليمن، وقد ذكر في سورة سبأ).
أما التيار الثالث -الذي يمثله الباحثون الأمازيغيون- فيرى أن جذور الأمازيغ محلية، وأنهم لم يأتوا من أي مكان آخر، بل هم أصحاب الأرض والمكان، والدليل على ذلك أن مجموعة من علماء التاريخ قد كذبوا أسطورة كون أصل الأمازيغ من اليمن، وقد ردوا كلامهم انطلاقًا من الحفريات وعلم الجينات الذي فند أسطورة قدوم الأمازيغ من اليمن، وفي السياق نفسه فقد أثبتت الوراثة أن بصمة الأمازيغ تختلف جذريًّا عن البصمة الوراثية للعرب.
إجمالًا، الأمازيغ شعوب سكنت صحراء شمال إفريقيا، وتميزت بمزيج هوياتي جمع بين قبائل جاءت من أوربا، وهي قبائل الفاندال نسبة إلى مدينة فاندال السويدية، وقبائل أخرى من المشرق كعرب اليمن، وسكان السودان، وهو ما منحها تنوعًا على مستوى الأعراق والألوان.
هل الأمازيغ أقلية في المغرب؟
لا يمكن أن يكون الأمازيغ أقلية في المغرب، فبالإضافة إلى أنهم يشكلون ثقلًا بشريًّا مهمًّا يصل إلى 60%، فإنهم يعدون أهم وأول عنصر بشري استوطن المغرب في مرحلة ما قبل الإسلام. كما أن معظم المعطيات التاريخية أثبتت أن الإسلام أسهم في بلورة الثقافة الأمازيغية، وصياغة هوية الأمازيغ، وكان فاعلًا مساهمًا في تشكيل الوعي الجمعي، وقيادة التحولات الكبرى في التاريخ المغربي، كما كان أداة فعالة ونقطة ارتكاز لتذويب الروح القبلية، وظل حضوره مستمرًّا طوال أربعة عشر قرنًا بالرغم من التقلبات والحروب، وهو ما جعل من الشق الهوياتي للمغرب مركبًا لا يمكن فصل أحد عناصره عن الآخر، والدليل على ذلك كون الأمازيغية والعربية تشكلان مرتكزات أساسية لغوية وهوياتية أسهمت في بناء نسيج خصب للتاريخ المغربي، وعلى حد تعبير العالم السوسيولوجي محمد جسوس: «هما كالرجل اليمنى والرجل اليسرى بالنسبة لأي شخص عادي، إذا فقد أي واحدة منهما فلن تكون له القدرة على المشي بشكل عادي، وبالأحرى القدرة على السير بالسرعة والوتيرة التي تتطلبها تقلبات التاريخ المعاصر. لنقل كما قال كانط في إطار آخر: إن المجتمع المغربي بدون نمو اللغة العربية أعور، وبدون نمو الثقافة واللغة الأمازيغية أعمى».
وعلى الرغم من استغلال بعض الجهات المشبوهة داخليًّا وخارجيًّا لدق إسفين الفرقة والتعصب بين العرب والأمازيغ، وزرع الفتنة بينهما، فإن التعاطي الرسمي مع الأمازيغية غير هذا المسار، وجعل الأمازيغ ثقافة وشعبًا من أولويات البلد؛ إذ لم يقتصر فقط على الاستيعاب والتفهم، بل انتقل إلى مستويات أهم، وهي تنظيم برامج لتعليم اللغة الأمازيغية في المدارس الابتدائية، كما بنى للغة مؤسسات ترعى هذه الثقافة عبر أنشطة ثقافية وأبحاث تسعى إلى التعريف بالدور التاريخي والمهم للأمازيغية كلبنة أساسية للحضارة المغربية، كالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي أُردف إنشاؤه بصدور ظهير ملكي يحدد الأبعاد المؤسساتية للحضور الأمازيغي في المغرب دون أن يطال الخصوصية الدستورية للمملكة، الشيء الذي جعل من كل الأطراف المتنازعة حول القضية الأمازيغية تفوز.
بلد التعددية
يتميز المغرب بتاريخ عريق؛ إذ مرت على أرضه أجناس مختلفة ومتنوعة، واختلط شعبه بأعراق متعددة جعلت منه بلد التنوع بامتياز، فالتعددية في بلد المغرب ثروة روحية وفكرية، جعلت من المغرب شعبًا منفتحًا على العالم. ومحبًّا لهويته في تعددها، وفي كونها عنصرًا أساسًا جعل من وعيه لذاته الثقافية والاجتماعية وعيًا يعلي من شأن الأفراد الذين تعددت لغتهم وحضارتهم وتاريخهم، وجمعهم وطن يحتوي سمات وخصائص مشتركة تميز المجتمع المغربي بأمازيغه وعربه.
ولا أحد ينكر أن المغرب عرف ازدهارًا كبيرًا مع كبار ملوك الأمازيغ، أمثال يوبا الأول، وبوكوس الأول، ويوبا الثاني، وبطليموس. وقد تمكن هؤلاء من توسيع مملكتهم، ومن تنظيم الدولة على النموذج الإغريقي، حيث طوروا آليات الحكم السياسي والتنظيم الاقتصادي. وقد حاول بطليموس توحيد القبائل الأمازيغية في الشمال الإفريقي، وتمدين مملكته حضاريًّا وثقافيًّا وعلميًّا، وتزيينها عمرانيًّا وهندسيًّا بالطريقة الجمالية اليونانية والرومانية والأمازيغية، وتوسيعها خارج النطاق المرسوم له من الحكومة الرومانية، وهو ما أدى إلى اغتياله من الإمبراطور كاليغولا، وذلك للحد من طموحاته التوسعية. كما أن طارق بن زياد، وعباس بن فرناس، وابن بطوطة، وعبدالكريم الخطابي، وهم رموز أمازيغية، لهم بصمتهم في التاريخ المغربي خاصة، والعربي عامة. (د.محمد بن لحسن، الأمازيغ أضواء جديدة على المسيرة الحضارية عبر التاريخ، مطابع الرباط نت، 2015ص:13).
وفي نهاية الطرح يمكن القول: إن الأمازيع لا يمكن جعلهم بسهولة أقلية، فهم كما سبق الذكر أغلبية عرقية، تعرب لسان جزء منهم بسبب اختلاطهم بالمدن ذات الوجود العربي، على حين بقيت الدواخل محافظة على أمازيغيتها اللسانية، مع الانتماء إلى الإسلام حضاريًّا.