بواسطة أحمد عبداللطيف - روائي و مترجم مصري يقيم في مدريد | مايو 1, 2018 | نصوص
خوان خوسيه ميّاس – كاتب إسباني
أعرج ناقم
بعد الضجر من اللف في مرأب السيارات بـهايبر ماركت من دون العثور على مكان واحد خالٍ، دخلتُ الساحة المحجوزة للمعوقين. لكني قبل فك حزام الأمان انتبهتُ إلى أن الحارس كان يراقب حركاتي من على بعد ثلاثة أمتار أو أربعة أمتار. خرجتُ من السيارة وتصنعتُ أني أعرج وعبرتُ ذاك المكان القاسي وأنا أعرُج بساقي اليمنى. من حين لآخر كنت ألتفتُ برأسي لأرى إن كان الحارس قد غيّر موقفه المرتاب، لكنه لم يغيره. إضافة إلى ذلك، عندما وصلتُ إلى باب المحل، أدركتُ أنه يستعد لمتابعتي، ومن ثم لم أجد مفرًّا من مواصلة التصنع بالعرج. انتبهتُ في الحال إلى أني اخترت العرجة الأكثر إنهاكًا، إذ بعد برهة بدأ فخذي يؤلمني جدًّا. ومخافة أن يصيبني شدٌّ عضليٌّ، بدلتُ العرجة من ساق لأخرى في ممر معجون الأسنان حتى أستريح. كان العرج بالجانب الأيسر مريحًا في البداية، لكن حين وصلتُ إلى منطقة الزيوت كنت منهكًا من جديد. تلفتُّ حولي ولم أر الحارس، هكذا بدأتُ أسير بشكل طبيعي، لكن منتبهًا لظهور صاحب الزي الرسمي، فربما أحتاج إلى استعادة العرج فجأة. وفي قسم الأسماك، فكرتُ في أن رجلًا معوقًا بالفعل قد يكون دائخًا في المرأب من دون العثور على مكان لركن سيارته، وشعرتُ بتأنيب ضمير، ومن ثم بدأتُ أعرُج من جديد، لكنها كتكفير عن الذنب هذه المرة. حينئذ عبرتُ بقسم يبيعون فيه عكاكيز واشتريت عكازًا رخيصًا جدًّا له رأس كلب عند المقبض. الآن يصير العرج متعة. ثم اخترتُ عرجة أكثر أناقة من السابقة وشعرتُ أني على ما يرام حد أني بلغتُ لأسأل نفسي إن لم أكن أعرج مجبرًا على السير باستقامة بسبب ضغوط المحيطين بي، بنفس طريقة كثيرين من العُسْر الذين يكتبون باليد اليمنى بسبب نفس الضغوط. الصعوبة الوحيدة كانت دفع العربة بيد واحدة، لكن حتى ذلك، بمجرد أن تجولتُ بها كيلومترًا أو ممرين، تعودتُ عليها من دون صعوبة. وعندما خرجتُ من ناصية التوابل رأيتُ الحارس الذي كان يتابعني من ظهره، وهذه المرة كنت أنا من يسعى للتقدم عليه حتى أقضي على ارتياباته في هذا الموقف.
في اليوم التالي، رحتُ إلى المكتب بالعكاز وأعلنتُ أني أصبحتُ أعرج. كثيرون ضحكوا، لكن بعد يومين أو ثلاثة كانوا قد اعتادوا. وكنت أتعامل مع الأمر بكل سهولة حد أني هاتفتُ أمي.
يا ماما، قولي لي شيئًا: هل أنا أعرج؟
حدستُ في الحال أنها ذُهِلتْ لأنها سعلتْ عدة مرات. وكانت كلما ارتابتْ سعلتْ. ثم سمعتها وهي تتحدث مع أبي.
– إنه الطفل- قالت- أعتقد أنه انتبه إلى أنه أعرج.
– إذن قولي له الحقيقة مرة واحدة -سمعتُ أبي يصرخ- لقد بلغ الخمسين. بلغ سنًّا ليتحمل مشاكله.
عادت أمي إلى التليفون وقالت: إنه ليس موضوعًا يُناقش في التليفون وإنها تفضّل أن أروح لأتغدى معهما في البيت في اليوم التالي لنتحدث على مهلنا عن الموضوع. لكني ألححتُ كثيرًا حد أنها قالت: «نعم» في النهاية، إني أعرج، وشرعتْ في البكاء.
– ولماذا داريتما عليّ ذلك كل هذه السنوات؟
– حتى لا تتألم، يا ابني.
– لكن ما كان يؤلمني هو السير باستقامة يا ماما، فمنذ بدأتُ أسير بعرج توقفتْ آلام الظهر وتوقف الأرق. إضافة إلى ركن سيارتي في هايبر من دون مشكلات.
ابتهجت أمي جدًّا من كل ما كنت أقوله، لكنها طلبتْ مني ألا أعلن ذلك.
– لا أحد يعرف ذلك في عائلتنا.
– وماذا لو عرفوا؟
– لا أعرف يا ابني. افعل ذلك من أجل خاطري.
كان زواج ابنة عمي في الأسبوع التالي واضطررت لأتصنع أني غير أعرج من جديد. السيئ في الأمر أن من بين مدعوي العريس كان حارس هايبر، فرمقني بوجه عابس.
أنا أعرج- قلت له في لحظة تصادفنا بالقرب من لحم الخنزير- لكن أمي سيدة مهووسة بالمظاهر وفي الاجتماعات العائلية تجبرني على التخفي. لم يكن للعبارة أي جدوى. وفي السبت التالي، في هايبر، كنت سأركن سيارتي كالعادة في المساحة المخصصة للمعوقين، فظهر وهو يهز عصاه. لم أركن بالطبع، لكني على أي حال قمت بالشراء وأنا أعرج.
حكاية أشباح
حين مات أبي، عثرتُ في أحد أدراج مكتب عمله على علبة كبريت لم تستخدم، رغم مرور أربعين عامًا أو أكثر عليها. أذهلتني. أعتقد أن مصير الفوسفور هو الاشتعال مثلما مصير النجوم هو الانطفاء. تلك الأعواد، التي قد هربت من مصيرها الحتمي، تقع الآن في يدي لتخلق لي معضلة. افترضتُ في البداية أن رؤوسها قد فسدتْ ولا بد أنها، بالتالي، قد ضاعت فرصتها في الاشتعال. لكني فكرتُ بعدها أنه ربما لا، وفي هذه الحالة سأكون أنا أداة القدر لأنفذ مهمته. وخلال أيام، لعبتُ بفكرة إشعالها، لكني كنت أتراجع دومًا ربما مخافة أن تشتعل بالفعل، أو ربما مخافة ألّا تشتعل. فما من احتمالية من الاثنتين بدت مريحة.
بالأمس قُطِع النور، وكنت وحيدًا من دون أي شيء أضيئه. وبعد برهة من الانتظار، تذكرتُ علبة كبريت أبي وبحثتُ عنها باللمس بين أشياء تملأ مكتب عملي. وبقلب في الحنجرة، سحبت عودًا وفركته فوق صنفرة العلبة، فقفز لهب في الحال ما إن استقر حتى بدأ يضيء المكان. الغريب أنه حين أضاء لم أر مكتبي، إنما مكتب أبي. وبينما كان ينفد عود الكبريت، كنت أرى مدهوشًا كل ركن من أركان غرفة كان محرمًا عليَّ دخولها وأنا صغير. حدقت، تحت هالة جنائزية تميز بريق الفوسفور، في مكتب كان أبي يعمل عليه، وكان حافلًا، بالمناسبة، بصور أيضًا، مثل مكتبي، وبجزء من سجادة باهتة مترعة بحروقات السجائر. بدا لي أن في عمق الغرفة ثمة صورة (أمي؟)، لم أستطع تمييزها جيدًا لأن عود الكبريت حرق إصبعي واضطررت لإلقائه على الأرض، رغم أني لا أعرف فوق أي سجادة وقع، سجادة أبي أم سجادتي.
وبينما كنت مترددًا في إشعال عود آخر أم لا، عاد التيار الكهربائي وقررت ألّا. بعد قليل، عادت زوجتي وسألتني ماذا حدث لي.
تبدو كأنك شاهدت شبحًا.
لم أقل لها: إني شاهدته بالفعل، أو كنتُ أنا شبحًا واقعًا أضاءه كبريت أبي. ومنذ أمس وأنا أحاول استحضار الصورة الغائمة التي كانت في عمق الغرفة. كانت امرأة، بالطبع، لكنها ربما لا تكون أمي. الأكبر من ذلك أنها لم تكن هي، إذ لو كانت هي لتعرفت إليها في الحال. صورة من إذن؟ أعتقد أني لن أستطيع التحقق من ذلك حتى يُقطع النور مرة أخرى، وبهذا العذر الأخلاقي أستطيع إشعال عود كبريت آخر.
بواسطة أحمد عبداللطيف - روائي و مترجم مصري يقيم في مدريد | يونيو 30, 2017 | بورتريه
في الرابع من يونيو الماضي، في الساعة الثالثة عصرًا وفي مدينة مراكش المغربية، ودّع العالَم واحدًا من أكثر الكُتّاب تورطًا في الشأن السياسي، ومن أكثر الأصوات انتقادًا للسلطة الإسبانية اليمينية وأكثرها دفاعًا عن الثقافة العربية الإسلامية وقضايا المهاجرين: خوان غويتيسولو، الذي يعده بعض النقاد أهم كاتب إسباني في القرن العشرين، ويراه بعض آخر أهم المجددين في السردية الإسبانية منذ سيرفانتس، بحسب ما ذكرت جريدة «الباييس» الإسبانية الواسعة الانتشار.
ولد خوان غويتيسولو في برشلونة عام 1931م، وعاش في طفولته أجواء الحرب الأهلية الإسبانية التي امتدت من 1936م إلى 1939م، وماتت أمه بسببها جراء قذيفة من قوات الجنرال فرانكو. يقول غويتيسولو: «لذلك لا أحب الحروب، وأدافع عن سلام الإنسان في أي أرض». ومبكرًا جدًّا سيبدأ الطفل خوان في كتابة انطباعاته وتأملاته، وفي الرابعة والعشرين سيقرر الرحيل من إسبانيا إلى فرنسا؛ إذ لم يكن في وسعه تحمّل الرقابة الفرانكوية وتكميم أفواه المثقفين ومطاردتهم، وفي باريس يبدأ مرحلة جديدة من حياته، مرحلة نال فيها حريته وبدأ في انتقاد الأوضاع في بلاده، وطالب في مقالات نشرت في جرائد فرنسية بحُرية الفكر والتعبير والعودة للديمقراطية الأوربية.
غويتيسولو والثقافة العربية
في باريس، يلتقي خوان غويتيسولو «سارتر» و«ألبير كامو»، كما سيلتقي كُتاب أميركا اللاتينية المنفيين مثل: فارغاس يوسا، وخوليو كورتاثر، وكابريرا إنفانتي، وستشغله السياسة، وبخاصة الثورة الكوبية ومآلاتها، كما يقول يوسا الذي كان صديقه في هذه الحقبة، وسيعيشان معًا أجواء الثورة وخيبة الأمل. لكن اهتمامات غويتيسولو ستسير في اتجاه آخر؛ صوب العالم العربي. أول ما يلفت انتباهه لعالمنا هو قضية تحرير الجزائر، التي سيسافر إليها في مهمة صحفية، ثم سينضم للكُتّاب الذين يطالبون بتحريرها. هذا الاهتمام بجنوب المتوسط، بحسب غويتيسولو في حوار له، سيفتح له الباب على ثقافة شديدة الثراء لم يكن قد انتبه إليها من قبل. في بداية ثلاثينياته، سيُفتح أمامه باب مسحور سيترك أثره الكبير في كتابته وفي تفكيره؛ إذ سيؤسس غويتيسولو افتراضية تقول: إن «ابن الفارض» سبق في حداثيته الشعرية الحداثة الشعرية الأوربية، وسيؤثر التصوف العربي في أعماله وبخاصة «الأربعينية» التي استحضر فيها ابن عربي، في لعبة سردية مزج فيها التصوف الإسلامي بالتصوف المسيحي.
هذا الانتماء للثقافة العربية الإسلامية لن يتوقف عند الأثر في الكتابة؛ إذ سيرتحل غويتيسولو عبر التاريخ ليعيد قراءة التاريخ الإسباني ومن داخله التاريخ الأندلسي، ويتبنى ويدعم وجهة نظر تنتصر للثقافة الإسلامية وأهميتها في انتقال إسبانيا من الجهل إلى العلم، في مواجهة أصوات يمينية تسعى لمحو الذاكرة بإخفاء كل ما هو عربي بإسبانيا. وفي الاحتفال بذكرى مرور 500 سنة على «استرداد غرناطة»، سيوجه غويتيسولو سهامه صوب السلطة التي تحتفي بتنصير المسلمين وتطبيق محاكم التفتيش عليهم ثم تهجيرهم، وهي اللقطة التي لم يلتقطها أحد حينها. وإذا كان المستعرِب الإسباني أميركو كاسترو أحد مؤسسي مدرسة الدفاع عن التاريخ العربي الأندلسي، فالمؤكد أن غويتيسولو كان أنجب تلاميذه، بل إنه لشهرته وقوة حجته غدا أكثر تأثيرًا من أستاذه، وهو ما دفع في طريق إعادة قراءة دور العرب والثقافة الإسلامية في الثقافة الإسبانية والأخذ بيدها لدخول عصر الأنوار.
إضافة إلى قيمته الإنسانية والعلمية، احتل غويتيسولو، الذي أثار رفضه لجائزة القذافي جدلًا واسعًا في المشهد الثقافي العربي، مكانة بارزة بوصفه روائيًّا من الطراز الأول، يقول غويتيسولو في حوار له أجرته جريدة «لابانغوارديا» الإسبانية: «كتبت كتبي الأولى بوصفي مواطنًا لا كاتبًا»، وهو ما يعني أنه انتصر في البداية للواقعية الاجتماعية التي تميل لتوثيق الأحداث القاسية التي عاشتها بلادها، كان ذلك في إنتاجه الذي صدر في الخمسينيات. غير أنه وبداية من رواية «ألعاب يدوية» تغيرت قناعاته الفنية وتصوراته عن فن الرواية، وهو ما دفعه للبحث عن «التجديد» والإضافة لهذا الفن، ومن هنا بدأ طريقه بوصفه كاتبًا كبيرًا وطليعيًّا، وخطا خطوات راسخة نحو تأسيس سردية إسبانية تتجنب الوقوع في فخ الواقعية والمباشرة. هذه الروايات ذات الطابع التجريبي، التي امتزج فيها السؤال الفلسفي بالسؤال الوجودي بالعوالم الصوفية، أهَّلته للفوز بجائزة سيرفانتس للآداب عام 2014م، وهي نوبل الآداب الإسبانية. لقد تأخرت عليه الجائزة الكبرى كثيرًا نظرًا لمواقفه المعادية للسلطة، لكن السلطة نفسها شعرت بالعار حين لم تمنح كاتبها الأكبر جائزتها الكبرى. خطبة غويتيسولو عند تسلمه الجائزة تشير إلى استغرابه من الفوز بها، لكنها تركزت أكثر على الحياة في مراكش وعلى عائلته المراكشية التي قرر أن يمنحها ثمن الجائزة. ولعل بقاء خوان في مراكش منذ عام 1997م دليل إضافي على حبه وشغفه بالعالم العربي.
خبر رحيل الكاتب الإسباني في مراكش أثار موجة من الحزن والحداد في العالم الإسباني، وكتب عن وقع هذا الخبر كثير من الكُتّاب الذين ارتبطوا بعلاقة صداقة مع غويتيسولو، كما كانوا من محبي كتابته. كتب البيروني ماريو فرغاس يوسا، الفائز بجائزة نوبل، مقالًا بعنوان «على طريقة سارتر»، قال فيه: «تعرفت إلى خوان في سنواتي بباريس، واقتسمت معه القلق السياسي، وبخاصة ما يتعلق بالثورة الكوبية. هذه الثورة التي أثارت حماستنا، وأعتقد أنها أصابتنا بخيبة الأمل في الوقت نفسه. أتذكر كثيرًا صعوبة المعركة التي خضناها خلال ما سمي بــــــــ«حالة بادييا» التي دافعنا فيها عن وجهات نظر متشابهة». وأضاف: «منذ رحل إلى المغرب لم ألتقه كثيرًا، لكن لقاءاتنا كانت شديدة الدفء رغم تباعدها».
فيما كتب الكاتب الشهير أندريس سانتشيث روباينا أن «غويتيسولو استطاع بوصفه روائيًّا تجنب الروافد الأدبية الإسبانية في عصره، واتبع طريقًا شقه بنفسه». ويرى روباينا أن غويتيسولو «كان ناقدًا ملتزمًا، وهي صفة تلازم قليلًا من الكتاب». وأشار الكاتب إلى إعادة إحياء غويتيسولو للكتاب الكلاسيكيين وإعادة قراءة التاريخ، وختم بأننا «مدينون لخوان غويتيسولو سواء لسرديته الفريدة أو شهادته ذات الطابع الالتزامي الأخلاقي».
وفي مقال لها بجريدة «الباييس» كتبت المستعرِبة الإسبانية الشهيرة لوث غوميث، الأكاديمية والمترجمة التي فازت بجائزة الدولة عن ترجمتها لمحمود درويش: «في الوقت الذي بات فيه الإسلام متهمًا والعالم العربي مرمى للشبهات، جاء خوان غويتيسولو ليعارض هذا التيار». وترى غوميث أن هذه المعارضة جاءت عبر طريقين: الأول دفاعه عن الثقافة الإسلامية، وثانيًا إقامته في بلد عربي، وهو المغرب. وكتب الروائي الشهير نوريا أمات: «جمعنى بـخوان غويتيسولو، إضافة إلى التمرد على أي وضع سلطوي، حبُّ الأدب، وحب الحرية والمساواة، بجانب شعور كل منا باليتم لفقد الأم مبكرًا وأمام أعيننا. لكن الفارق الجوهري بيننا أنه كان كريمًا دائمًا معي. كان يحب أن يكون قارئي الأول، وأول من يكتب عن كتبي. كان مايسترو، كان كاتبًا كبيرًا. كانت حياته في المدينة جديرة بالتعرف إليها؛ إذ كان الجميع يحبه ويقدر أعماله. كان سعيدًا هناك، يمكن أن أؤكد ذلك». يحكي «أمات» أنه قام مرة بدور الوسيط بين غويتيسولو ومجمع اللغة الإسباني؛ إذ أراد المجمع ضم خوان له. إجابة خوان كانت قاطعة: لا. وفي مرة أخرى أرادت مدينة برشلونة أن تمنحه جائزتها، فقابل العرض بالرفض.
جثمان خارج الوطن
على الرغم من خلافات غويتيسولو مع السلطة الإسبانية وانتقاده الدائم لها، فإن الملك أعرب عن حزنه الشديد لفقد إسبانيا واحدًا من أكبر كُتّابها، وسادت حالة من الحداد في البلد وفي جميع الدوائر الثقافية. المفاجأة أن غويتيسولو لن يعود إلى بلده ميتًا، كما تركها حيًّا؛ إذ ترك وصية مضمونها أن يدفن في مدينة العرائش المغربية. وسواء دفن في برشلونة، أرض مولده، أو في المغرب، الأرض التي اختار الحياة فيها والموت فيها، سيبقى غويتيسولو دائمًا في ذاكرة التاريخ كضمير للإنسانية ومُعارِض لكل شرور العالم.