بواسطة عبدالله السفر - شاعر سعودي | نوفمبر 1, 2019 | نصوص
الأثرُ مشيٌ يقلّدُ صاحبَه.
الأثرُ سبعُ حماماتٍ وسماءٌ دائخة.
* * *
سر من رآه!!
نطفةُ الجحيم تحرسُ الحدودَ وتتوعّدُ الهواء.
* * *
جِدْ لي عينًا.
اشتدّ الرقباءُ وعينُ العناية في جناحٍ مهمَل.
جِدْ لي عينًا ضريرة.
* * *
سمّيتها «مريم» وسمّتني «عبدالله».
بَقِيَ الرمادُ قليلًا بين أصابعنا، ثم ذهبَ كل شيء.
* * *
الشتاء. إغفاءةُ الضوء. البلل الخفيف.
عطرٌ يفيض بنعومة، ينتشر ويتغلغل، يضعُ ميسمه في الذاكرة.. وبثقة العائدِ يتبدّد.
* * *
شيءٌ ما يبقى في النوم. لا يغادر، ولا تستطيع أن تعود إليه. يبقى وتبقى معه دمعةٌ جافّة تتحسّسُ مكانها، كلّما هبَّ النعاس واضطربتْ بكَ الأوراق.
* * *
أحببتُ حياتي. نزّهتُها حتى غابت عن الشاطئ.
* * *
ليس سيئًا طعمُ الحياة، مع قليلٍ من البذاءة.
* * *
كلُّ الطرق تؤدّي إلى الحنين.
* * *
مسّتْهُ الرقة. أدركَهُ هواؤها. كيف ينجو؟
* * *
تجعّدَتِ الستارة لكثرة ما كانت تداري من الرجفات.
* * *
لا يكاد يمسك بها حتى تصعقه بتيارها الكهربائي.
ورغم ذلك يظلّ لديه ما يدفعه إلى إعادة التجربة مرّاتٍ ومرّات؛ تلك اللذة المعتمة تدوّخه وتبقى طويلًا، وتَشِمُهُ بجدارة الاستدعاء.
* * *
الشتائم هي علّةُ وجوده.
«الكون المقلوب» ذريعتُهُ الأحبّ إلى لسانه.
* * *
انتبَهَ لحريّةِ الدِّيكِ وعبثِ صوته بالمواقيت.
حملَ فرشاته يدهنُ وجهَ الليلِ وظهْرَ النهار.
* * *
انهارَ السَّد، فتفرّقت الأسرار.
أسمالٌ تتمشى بروائح خبيثة.
* * *
«ما كل بيضاء شحمة.. ولا كل سوداء تمرة»
نشأَ على هذا التحديد اللوني الصارم؛ فبرع في الرماديات ولعبة الظِّلال المراوغة.
* * *
كتاب الإرشاد الصحي، بلونه الأخضر، الذي كانت توزّعه أرامكو في الستينات، وظفر به من مكتبة نادي القرية.
لم يبرح ذاكرته بلونه الأخضر الباهت العشبي. وما تزال رسوم الفاكهة نديّةً تحت لسانه.
* * *
يقسم أنه سوف يبوح للشجرة.
لا يعلمون لماذا القسم ولا مسألة البوح لـ«شجرة».
ذات يوم، وجدوه قبالة الشجرة. وضعَ الفأس في عنقه وقال كلَّ دمِهِ لها.
* * *
في درس الرياضيات علموه أن الاقتراض يأتي من الخانة التي تلي. علموه أن الصفر يحفظ الخانة والمكانة.
في درس الحياة نسِيَ كل ذلك أو أُنسيه، وتعلّم تذوّق الأصفار بملعقةٍ صدئة.
* * *
تكفّلَ به الندى رغم أن الغيومَ خاصمتْهُ. هو المضغة التي أَنَفَتْ منها الجهاتُ، فطوَتْ عليه الصحراءُ أحشاءَها.
* * *
«وسمي». الاسمُ الذي أَحَبَّهُ ولم يفقه معناه في طفولته. لم يُنِلْهُ لإيٍّ من أولاده. احتفظَ به يندَى في مهجتِهِ كلّما هلَّ عريسُ المواقيت.
* * *
النافذة علامةُ الوحيد.
النافذة قمرُ الوحيد.
النافذة وحيدٌ شقَّ صدرَهُ وارتفقَه.
بواسطة عبدالله السفر - شاعر سعودي | أغسطس 31, 2017 | شعر, نصوص
يا طفلي! إنما أنت سيجارةُ خَلْقٍ ضجران.
* * *
يا طفلي! إياك إياك. لا تنخدع. جرّةُ الرماد ثقيلةٌ ثقيلة.
* * *
يا طفلي! كرّسْ حنجرتك للغزل وسوف تنبت للرصيف أجنحة.
* * *
يا طفلي! ادّخرْ شربة الماء. الظلّ قصيرٌ والهاجرةُ مقبلة.
* * *
يا طفلي! شُقَّ للابتسامة وجهًا. العيونُ المصفّحة قتلتْ أمَّكَ.
* * *
يا طفلي! كوبُكَ غيرُ فارغ. لمه الدمدمة؟
* * *
يا طفلي! ستراهم سكارى وما هم بسكارى، ولكنّ جمالَكَ شديد.
* * *
يا طفلي! امضِ. لا تلتفتْ. كلُّهُ مُدّخَر وستتذكّرُه؛ فاصلةً فاصلة.
* * *
يا طفلي! انظرْ إليه. سيركٌ منصوب. هذا أيضًا، سراب.
* * *
يا طفلي! تفنّنُوا في الحَجْبِ؛ فاخترعتُ لكَ الدهاليز.
* * *
يا طفلي! لا تتعجّل. حتمًا، سيُصابُون بك.
* * *
يا طفلي! انتبهْ للُّعبة. تيقّظْ إلى أنّكَ في اللعبة.
* * *
يا طفلي! الظلمةُ عاتيةٌ وشمعُكَ قليلٌ وهيّن.
* * *
يا طفلي! اتْبَعِ البلَل؛ وسيبلِغُكَ عن العطش.
* * *
يا طفلي! أنفِقْ من الأغنية بإسرافٍ، ولا تهتم.
* * *
يا طفلي! الملاعين جاؤوا بأثوابهم السابغة. افضحْهم. اخرجْ عليهم بعُريِك.
* * *
يا طفلي! لا تصدّقْ أنّ الجزاءَ من جنس العمل. الجزاءُ لعبةُ نرد.
* * *
يا طفلي! الطَّرْقُ يتعالى لكنّ الشاطئَ مقفر.
* * *
يا طفلي! السَّيْرُ المدهون لا تمشِ عليه. على بطنِكِ فازحفْ وستصل.
* * *
يا طفلي! السوق مزدحم؛ فلتشرق ضحكتُك.
* * *
يا طفلي! هجَمَ السُّعاةُ ولا بريد.
* * *
يا طفلي! مِن هرهرة الكلاب وذلّها ستعرف القصّاب.
آيتُهُ بقعةُ دمٍ تتبعُهُ قرقعةُ عظام.
بواسطة عبدالله السفر - شاعر سعودي | مايو 2, 2017 | كتب
تبدو كتابة أبرار سعيد مشدودةً بين قطبين متنافرين وعلى الضد، يعكسان حالة التوتر والاضطراب والتردّد والحيرة. الشاعرة جوّابةُ جهاتٍ ومواقع، لا تفتأ تجد نفسها بين الساخن والبارد، إن على مستوى حضور الذات في الجسد الاجتماعي أو على مستوى معاينة الكتابة ودورها. تمسك نغمةُ هذه الحركة من النَّوَسان بروح كِتابها «ليس ليدي أن تتكلم» (جمعية الثقافة والفنون بالدمام – ٢٠١٧م، توزيع: دار مسعى) وتطبعه بأثرٍ بارز لا تذهب عنه عين القارئ.
القفص بطائره المحبوس. الطائر المعتقل بين الصفحات. السمكة المشكوكة إلى صِنَّارة الصيّاد. السمكة التي ترتطم بجدران الداخل. النافذة المشرفة على الحياة والمحجوبة عنها. الحلقة المحكَمة الإقفال. العجلة الدائرة بغير هدى ولا نهاية. بناءاتٌ مكافِئة تنجزها الشاعرة تعبيرًا عن الحصار المضروب حول المرأة وليس بمقدورها أن تخرج عليه وتتخلّص منه (هنالك قوّةٌ ما/ صنَّارةٌ عالقةٌ بين الصخور، أتدلّى من رأسها/ وأرفرف كسمكةٍ لا تحاول الطيران).. (ماذا عنّا؟/ عن هذا الطير الذي يرفرف في الداخل؟).. (النافذة مغلقة/ لأنّ السماء وجوهٌ وعيونٌ وشهوات/ لأنّ العصفور يضربُ السجين بإلحاح/ لأنّ بعوضةً كانت تحاول أن تذهب أبعدَ من عضّةٍ على الجلد/ ولأن السيّد كان دَبِقًا وتَعِبًا).
صوت يتسلق الصور
من إهاب المقاومة والاحتجاج تشحذ الشاعرة حنجرتها وتطلق صوتها يتسلّق السور وتدفع بهوائها، وإن يكن شحيحًا، إلى عناق الأفق؛ تطلبُ شمسَه وأحلامه؛ تبذرُ أجنحةً تحملها نحو شغفها بضفافه المترعة؛ تمسُّ المستحيل بأصابع من دم وحنجرةٍ من لهب. تقرع. تتّقد. تدفع. تضطرم؛ فالهاجسُ المرفوعُ هالةً يجذبها بدواره الشديد وسطوعه في العروق؛ نداءً يمضي بها إلى تصريف إرادتها وتعميق وعيها بقصد أن تعلو على تاريخٍ موشومٍ بالقيد والخذلان وبمزيدٍ من الخسارات المتراكمة.. بقصد أن تقطّر صوتها في «جسومٍ كثيرة»؛ فالطيور التي لم تحلّق؛ ينبغي لها أن تسعى إلى رحلتها (أريد أن أكون بساطًا سحريًّا أو/ طائرًا/ أريد كلَّ ما يظنّونه جنونًا/ أن أتخلّصَ من كلِّ ما يحنّطُني/ لستُ لأيِّ فكرة محدّدة/ إنني بأفكارٍ ملتمعةٍ كالنصال).. (من السخرية أن يقول الطبيب إنني أعاني ضيقًا في الأوردة/ أنا أعانيه أصلًا، أعاني الضيق من كل جانب/ ولكن، أليست هذه إشارة؟/ داخلي يطلبُ تمرّدًا أيضًا،/ رفْسَ الجدران واختلاقَ أيِّ نافذة).. (في قلبِ هذا الهدير/ أنا جذوةٌ/ تطفو فوقَ هزائمها).. (أُطعِمُ صوتي/ لفمِ كلِّ امرأةٍ يعلو الوجع في نبرتِها)
لكن.. أن تطرق وتطرق بلا نتائج.. أن تدوي بالصرخة بلا طائل.. أن تجوب باعتراضاتك طولًا وعرضًا بلا فائدة. ليس ثمة من رجْعٍ ولا مجيب. المكان مصمت. لا ينفذ منه الصوت. لا تمرّ منه الرسائل، وإن مرّت جرى عليها كتابُ المحو فورًا. جميع محاولات التململ والرفس. كل الركض واللهاث؛ تبوء بالمحصلة ذاتها من الخواء وفراغ اليدين ومن التسمّر عند الخطوة نفسها. كأنما الحركة ليست حركة. الوهمُ زيّنها وطار بها غير أنها فقاعة سرعان ما تنفثئ وتتلاشى. ماذا يحصل من فشلٍ يتوالى؟.. ماذا ينجم عن جهودٍ تطيش؟.. ماذا يترتَّب على أفعالٍ تكرارية تتعثَّر كل مرة؛ فهي في المكان نفسه والزمان بتحولاته يسبق ويسبق؟.. النير لا يُرفع. والبوابة يبدو أن مفتاحها ضائع ولا سبيل إلى استرجاعه. نقرأ في كتاب علم النفس عن «العجز المكتسب» الذي يصل إليه الفرد أو يرتطم به عندما لا يتغيّر شيء لا في البيئة ولا في الظروف من حوله مهما يصدر عنه من محاولاتٍ للتجاوز والانتقال والتحوّل. تتكرّر أمامه صورة واحدة. يعود إليها دائمًا. عندها يحدث الاستسلام والقبول في أبشع وجهٍ له؛ خضوع الضحية وانقيادها لما هو مرسومٌ لها؛ انسحاقها بلا رغبة ودون رجاء إلى درجة الاستعذاب الماسوشية (أكتب جثّة/ تحت السياط، لا شيء يؤلم/ لا شيءَ حي).. (لم أعد أهتمّ كثيرًا بالوصول/ أو دفْع الأيام أكثر مما تحتمل/ لديّ ما يكفي من الوخز الذي لا أريد من أجله هذه اليقظة).. ( أصابعي تطرق/ كالمناقير اللحوحة، وأدرك أن لا شيء/ إذ إن دائرةً واحدةً تدور، وإن الحلقة هي نفسها الفراغ).. (تدور في المشهد/ تدور/ بلذّةِ فأرٍ يلاعب عجلة).
ذات مذبذبة بين ركنين
تقوم أبرار سعيد بإنزال مختبر الكتابة لديها ضمن ذلك التقاطب الذي يتوزّع الذات مُذبذَبةً بين ركنين يدفع أحدهما الآخر، فيأتي المختبر مرآةً جامعةً يتلامحُ فيها الضددان عبر وسيطٍ آخر هو الكلمة التي تختزن كلَّ مقامٍ.. وكلَّ حالةٍ وتعيد إنتاجها بشكل جمالي متخفٍّ لكنه لا يبرح يشير إلى منشئه ومبرّر وجوده؛ الحدّ الاختباري لبزوغ لغةٍ واصفة تتعدّى مشغلها الذي يدور حولها ويناور قريبًا منها، فتصبح جزءًا من عُدّةٍ وظيفية تنخرط في إجلاء التوتر المزدوج بوضوحٍ على فضّة المرآة؛ الانعكاس الموّار المتبدّل بالتماعاته شأن بحرٍ في دولاب مدّه وجزره (اقرأ الشعر/ اقرأْ هذه الجلبة الميتة).. (أشعرُ بتفاهة الكلمة/ هي لا تفعل شيئًا، هي لا تتحرّك/ لا تنطق أو تصرخ/ لا تقول احترسْ أو تمهَّلْ على الأقل/ إنّها ببطءٍ تسحبُ جذرًا من الأعماق/ تسحبُ أعماقًا إلى الخارج/ وتتركُ بئرًا/ تتركُ فمًا/ حفرةً لضحايا آخرين).. (أضيق داخل شرنقة/ وأكتب قصيدةً لن تخرجني/ فراشةً حالَ اكتمال أطواري)…. (أفتح شرياني المخنوق حتّى آخره/ بحافةِ كلمةٍ مسنّنة/ أضمّها كخنجرٍ/ تحت لساني).. (الكلمة أصابع في العين/ أصفادٌ تنبح في اليدين/ ولهبٌ يُصَبُّ فوقَه الزيت).. (تمرّ الفكرة بي/ تمرُّ بي/ بفتنةِ/ مَن قطعوا أصابعهم ولم ينتبهوا إلى الدم الذي يلطّخُ الثمار).. (في فمي كلمة/ في فمي زجاجة/ في فمي شلّالُ دمٍ ينهمر) وهنا – في هذا المقطع – غير خافٍ التناص مع جلال الدين الرومي: «إنّ الدم ليتفجّرُ من فمي مع الكلمات».
في بينيّةٍ هاصرةٍ منذ العنوان حتى آخر نصٍّ في الكتاب عن وردةٍ مطلّةٍ «خلف السياج»؛ تسعى الشاعرة أبرار سعيد. تقطع أشواطًا، وكلّما فدح بها اليأس لاذت بحائطٍ ما؛ تتشيّأ معه، تصنع عزاءً مؤقَّتًا كرفّةِ نسيانٍ صغيرة. ربما تصبح -عندما تنفلت عائدةً- ذات منظورٍ مغايرٍ يعني المثابرة وحدها. المسعى الذي لا يتبدّل رغم النهايات المحسومة سلفًا.. «روحي طلاءٌ يقطُرُ ولا يجفّ». فطوبى لـ«قلب يشمُّ الضوء ولا يراه».
بواسطة عبدالله السفر - شاعر سعودي | مايو 11, 2016 | نصوص
تصحو ومذاقُ أغنيةٍ شعبية تحت لسانك لبلدٍ «ع الترعة بتغسل شعرها». تذهلُ عن حليم، وتنفتح في الصدر بئرٌ قديمة، تطلع منها عايدة الشاعر بالدلالِ جميعِه وهي تقطُرُ «كايدة العزال أنا من يومي».
نشمي مهنا! تصوغُ الجمالَ وتمضي، لا تلوي إلا على ضميرِك وما استتبَّ في الليلِ من غناء.
السربُ الذي نأى، ها هو اليومَ يعود براياتِه تمرُّ في الجلد. نافذةٌ مكسورةٌ تكيد وتمعن؛ بماذا ستتحصّن أيّها البائد؟
لم أكن لأخونك أيّها الليل. مشيتُكَ. تندّى فيّ التعب، وسقطَ في الجرحِ كثيرٌ من ملح الأغنية. بِركةٌ زرقاء دعتْني إليها وأغرتني أنّها بالقربِ منكَ وفيك. سقطتُ فيها؛ شَعرةً شائبة تطفو وتطفو حتّى هاجت سفني تعيدُ إنباتي، لأعودَ إليكَ فتيًّا أيّها الليل. أيّها الليلُ لم أكن لأخونك.
لم يبقَ أمامَكَ إلا هذه الشاشة تسلخُ أيامَك وتعلّقُها عليها. إنها الهدية. هي أُلهيتُك في هذا النفق تعهدُ إليه بظلامِك فلا يخيّبُكَ؛ يمنحك شاشةً تحصي معها ألوانًا من النكهة؛ ذريعةَ الإغفاءة في حدادٍ طويل لم تلتفت إليه مَن نبّهتْ بحذرٍ رمادَكَ لينهضَ إلى التابوت.
الوسوسةُ تحجز الشفتين والنارُ تلهث.
عند تمام الثانية، ينحسرُ كُمُّ الليل. كيف له أن يصرفَ وجهَه. أنّى له العزمُ وقد هلكَ الرُّسُل؟
اطلبْ؛ تُجَب!
لم تَسأل. لم تُعطَ.
لكنَّ تلك اليد الممدودة لمن؟
اللفافةُ استدارت عن فمك.
لا. لا. ليس دخانك!
دع الخاتم. فاتَكَ سحرُه. البرقُ تشعّبَ، وما تزال في ليلك الخاسر.
أذلّتْه الأغنية وتوقّحَ الألم.
لماذا ينجو سعد، وقد هلكَ سعيد؟
طرقَ السؤالُ رأسَه كمن تجذبُه هاوية، ثمّ اُرتجَّ عليه قبل أن يتراجع ويضعَ تلك الرأسَ بين الرؤوس!
أصابعُه كثيرةٌ أيّها الناي، ومُرٌّ فيها العتاب.
أيّها الرغيف طالَ وقوفُه أمام التنّور.
هَوْنًا أيتها النخلة. ظلّي يتبعُه.
تشحّطَ في دمِه والجاثومُ لا يرحم.