حين كانت الحياة لا تتطلَّب منا أكثر من وجود أمهاتنا
كانت حياتنا صغيرة
وطيبةَ القلب
لم تكن تتجوَّل هكذا في الأنحاء بحثًا عنا
بوجهٍ غاضب
وفي يدها هراوة
* * *
كنا أطفالًا صغارًا
نستيقظ مع بزوغ الفجر
ونخرج إلى الحياة مبتسمين
لنملأها بالأجنحة والزقزقة
والفرح
مثل كل عصافير قريتنا
* * *
وكنا نعود إلى بيوتنا مع غروب الشمس
بدون إخفاقات تستحق الذكر
ولا جراح من ذلك النوع
الذي يترك ندوبًا على الروح
أكثر مما يترك على الجسد.
* * *
كنا نغرق في نوم عميق
بمجرد أن تمتد أيدي أمهاتنا إلى الفوانيس
لتطفئها
* * *
ولم نكن أصلًا بحاجة لضوء الفوانيس
لكي نتصالح مع الظلام
وننام بسلام
فقد كان لدينا على الدوام
ذلك الضوء الخافت والجميل
الذي كان ينبعث طوال الوقت
من قلوب أمهاتنا
* * *
كان النوم صديقنا
لأن اليقظة كانت صديقتنا أكثر
* * *
كنا ننام ببساطة
وكأن المسألة لا تتطلّب منا
أكثر من وجود الجفون
* * *
وكنا نستيقظ ببساطة أكبر
وكأن الحياة لا تتطلّب منا
أكثر من وجود أمهاتنا
* * *
كانت حياتنا هادئة وخافتة
وكأنها تحدثُ في السرِّ
* * *
كانت حياتنا جميلةً ورحيمة
وكأنها تحدثُ في قلوب أمهاتنا
بدلًا عن العالم.