بواسطة زين العابدين الضبيبي | سبتمبر 1, 2018 | نصوص
مثلَ من يبحثُ
في راحلةِ الأيامِ
عن أرضٍ شريدةْ
ناقشًا بالظنِّ
في ذاكرةِ اللحظةِ
للمنفى قصيدةْ
تجلسُ الآنَ بقربي
كلماتٌ لم أقلها
ذكرياتٌ لم أعشها
وتناجيني دروبٌ لم أطأها
أي دربٍ يتقنُ العزفَ
على ما أشتهي
من مدنٍ حبلى بأحلامٍ عنيدةْ
وأنا الممتدُّ
في كل جهاتِ الشكِّ والصدقِ
جذوري نفرتْ من قبضةِ الطينِ
وأغصاني مفاتيحُ سماواتٍ جديدةْ
أرسمُ الآن تفاصيلَ مواعيدي
التي فاتتْ
وأمحوها
بأشباحِ تفاصيل
وأمضي
قاطفًا من ثمرِ الوقتِ الذي يعجبني،
مطلقًا ظلي
إلى أقصى احتمالاتي الأكيدةْ
غير أني
موثقٌ بالخوفِ
والعمرُ مواقيت
من القوةِ والضعفِ
وظلٌّ لمكيدةْ
ويظنُّ الدهرُ بي خيرًا
ولمْ يشربْ معي
من علقمِ الصبرِ
ولم يسهرْ معي ليلًا
على طاولةِ الفقدِ
ولم يأكلْ معي يومًا جريدةْ
أكتبُ الآنَ
إلى المنفى قصيدةْ:
يا ملاذَ الضوءِ
في خُلوتهِ الأولى
ويا عرشَ الضياعاتِ
ويا أُنسَ العذاباتِ
ويا ظلَّ الجراحاتِ الطريدةْ
ها أنا أنفقتُ
قربانًا إلى الوصلِ حياتي.
وتنازلتُ -كما تدركُ-
عن إرثي من البهجةِ
فارقتُ مصباتي
ولم أفتنْ بما يُغري
فهلْ تمنحني يا سيد الأوطانِ
بعضًا من لياليكَ السعيدةْ؟
بواسطة زين العابدين الضبيبي | نوفمبر 1, 2017 | شعر, نصوص
هل تحبُّ الجلوسَ على شاطئ البحرِ يا سيدي؟
مَن نداماكَ في الأرضِ أو في السماءِ
تُرى هل يفرونَ -حين تزاورهم-
مثلنا في ليالي انكساركَ
يا أفدحَ العالمينَ حضورًا؟
تُرى هل أخذتَ صغاركَ يومًا
لكي يلعبوا في الملاهي الأنيقةِ
أو هل بوسعكَ
أن تتشبثَ في قلبِ سيدةٍ
تتمرأى السعادةُ في ثغرها؟
هل تأملتَ يومًا
بوجهِ الصغارِ الذينَ تَنَاهَبتَ أرواحهمْ؟
كيفَ طاوعتَ أحقادنا
وسرقتَ الحكاياتِ من ثغرِ أقلامهمْ؟
أيها الصامتُ المتعجرفُ
يا ظلَّ أوزارنا وظلالَ الخرابِ
ويا سارقًا نفحةَ اللهِ
من جسدِ الكائناتِ
وحادي النهايةِ
يا خنجرَ البرقِ في دعَةِ الأرضِ
دعنا نعيش الحياةَ كما ينبغي
ونُعمرها مثلما يشتهي اللهُ
دعنا نرتب فوضى الطبيعةِ
ما دامَ في وسعنا
أغلقِ الآنَ شُباكَ بيعِ تذاكركَ الدمويةِ
والعدميةِ في وجهِ حكامنا
قيلَ عما قريبٍ
ستبعثُ برقيةً للسماءِ تطالبها بالتقاعدِ…
نرجوكَ يا سيدي
خذْ إجازتكَ الآنَ
فكِّرْ بما ليسَ يُحصى من الدمعِ
باليُتمِ يغرزُ سكينهُ
في حناجرِ أطفالنا..
بالخسارةِ تلكَ التي كبّـلتنا بها يدكَ المستبدةُ
هاجرْ إلى بلدٍ قافرٍ لا يسيلُ
لعابكُ فيهِ إلى قطفِ زهرِ
ابتساماتنا
خذْ صغاركَ
زوجتكَ المستريبةَ
أصحابكَ الأوفياءَ
وما تشتهي من نبيذٍ وفاكهةٍ ومرايا
وقمصانِ نومٍ
وعوّض نهاراتكَ المكفهرّة
وارحلْ إلى بلدٍ طيبٍ
أنتَ أعلمُنا بالوجودِ
فأنتَ تركتَ على كل حبةِ رملٍ بهِ ندبةً
واسترحْ حيثما شئتَ
دعنا نشيخُ
ونزرعُ في خَلَدِ الوقتِ
ما نستلذُّ من الذكرياتِ
ونرمي بما يتساقطُ من عمرنا
جهةَ الشمسِ مبتسمينَ لتمنحنا غيرهُ
حانَ أن تترجلَ
أن تتأملَ في الوردِ
أن تنتشي بالأغاني
بما أودعَ الغيبُ في سلّةِ
الأبديةِ من نشوةٍ
أن تنامَ على ضفةٍ من ضياءٍ
وتصحو على ساحلٍ من أريجٍ،
أما سئمتْ قدماكَ من الركضِ
كفاكَ من سَوْقِنا للترابِ
وعيناكَ
من توقها للقيامةِ قبلَ الأوانِ
أليسَ «على هذهِ الأرضِ ما يستحقُّ الحياةَ»
بلى:
وغدًا سوفَ أشكو إلى اللهِ أني تعبتُ
وشِختُ
وأن يديَّ ارتعشتْ قبضتاها
وأشكو إليهِ من الناسِ
من أخذتني صواريخهمْ ومشيئتهمْ
عنوةً لِأَسُلَّ البراءةَ من غِمدها
وأبدّدَ أنفاسَ من جُبلوا من ملامحهِ
قبلَ أن تتساقطَ أوراقُ أعمارهمْ
وأعلقَ وردَ الرجاءِ
على حبلِ رحمتهِ لتكونَ لكمْ
رغبةُ الارتحالِ إلى بهو جنتهِ
بعد أن تتمرغَ أيامكمْ بنعيمِ الوجودِ وأناتهِ
وتملَّ الوقوفَ على ساحلِ اليأسِ
تحمل أثمنَ ما ادخرتهُ حقائبها
وتفرُّ بأشواقها
نحو دارِ البقاءْ.
بواسطة زين العابدين الضبيبي | يوليو 5, 2016 | شعر, نصوص
زين العابدين الضبيبي
لو كتبنا عن الحبِّ
منْ دونِ خوفٍ
بشعريةٍ وعزفنا نشيدَ السلامِ
سينتصرُ الحبُّ
لنْ يلتقي القاتلانِ…
ستشغلُهمْ في الطريقِ قصائدُنا
وتتوِّهُهمْ في الدروبِ
مرايا المجاز.
* * *
لو كتبنا بصدقٍ يُعري
الحداةَ الذينَ أضلُّوا الطريقَ
ستغدو الحروفُ مشانقَ منصوبةً
في ضميرِ الوجودِ
تلاحقُهم في الأزقةِ
فوقَ الفراشِ وفي كلِّ حيٍّ
يموتونَ من بطشها في الحياةِ
وبعدَ المماتِ
وتُحرجُهم قبلَ أنْ يسقطوا في الجحيمْ.
* * *
لو كتبنا عن الأدعياءِ
ومن يكتبونَ كلامًا
يتوِّه سكانَ هذا الفضاءِ
ستخرجُ للشارعِ العامِّ
كلُّ قصائدِنا عارياتٍ
تُهيلُ الترابَ على وهمِهم
قبل أن تتمادى لتلدغَهم
في مدى الانتظارِ أفاعي الضجرْ.
* * *
لو كتبنا عن الضوءِ
لانحطمتْ ناطحاتُ الظلامِ
على صخرةِ الملكوتِ
إلى أنْ يُرى مطلعُ الشمسِ
من جهةِ الكلماتِ
وينتحرَ الليلُ بالصمتِ في خدرهِ
ويعمَّ السماواتِ والأرضَ
زهوُ البهاء.
* * *
لو كتبنا عن الماءِ
لانبجستْ في الصخورِ العيونُ
ورفّتْ رموشُ السواقي
بـغنجٍ يُميلُ شجونَ الخريرِ
وأخرجت الأرضُ أشواقها
واشرأبّتْ بوجدِ الجبالِ
زهورُ البنفسجِ فواحةً بالوعودِ
وقَبَّلت الغيمُ كفَّ الشجرْ.
* * *
لو كتبنا عن البحرِ يومًا
أتى عاشقًا حاملًا للطبيعةِ
ما في خزائِنه
ليدافعَ عن حقِّه في التأملِ
عن حقِّ أمواجِه في الحنينِ
وغادرَه الملحُ مبتسمًا
ولطلَّقَ أوجاعَه بالثلاثِ
وأصبحَ في حانةِ الأبديةِ
قارورةً من نبيذ.
* * *
لو كتبنا لهاجرت العينُ عشَّ الأسى
وأتاها ليعتذرَ الدمعُ عن كلِّ تاريخه
وعفا الكونُ عن حزنِه
واستجار بصدر حبيبته
من صقيعِ شتاءاته
واستراح المحبُّون عن عدِّهم للنجومِ
وهبّوا إلى رسمِ صورةِ أحبابِهم
بالمواربِ من سكر الضحكات
على جنباتِ الوجوه.
* * *
لو كتبنا سنمضي بكم
للخفيِّ الذي لم يَرِدْ في خيالِ القواميسِ
أو حملَتْه صدورُ النواميسِ
حتى نريقَ على ما طواه غبارُ الخرافةِ
من عطشٍ في مدائن لهفتِكم
ألفَ كأسٍ مقدسةٍ
من خبايا الوجود.
* * *
لو كتبنا سنلقي بصخرةِ «سيزيفْ»
عن كاهلِ الغيبِ كي يستريحَ قليلًا
وكي تشربوا من جرارِ الحقيقةِ
ما تشتهونَ وتشبعَ أرواحُكم
من ثمارِ اليقين.
* * *
لو كتبنا نجونا بنا وبكم
أيها الطيبونَ
ولكننا عالقون بوادٍ عميقِ الرؤى
متعبونَ ومتهمونَ بإيقاعِكم
في شباكِ الغوايةِ
في يدِنا وشمُ نصٍّ قديمٍ
ومن خلفنا
لعناتُ الذينَ يقولونَ في سرِّهم
لو فعلنا كذا وكذا
لو فعلنا ولا يفعلون.