بواسطة خديجة حلفاوي - باحثة و مترجمة من المغرب | نوفمبر 1, 2017 | دراسات
تعد ليلى الجهني واحدة من الأصوات الجديدة التي ظهرت مؤخرًا في الساحة الأدبية لمنطقة شبه الجزيرة العربية، وتسعى بطريقتها الخاصة لتطوير أنماط الكتابة المعاصرة. نشرت أول رواية لها سنة 1999م تحت عنوان: «الفردوس اليباب» التي تتبع مسار فتاة شابة هُجرت من قبل من تحب ولم تجد أي وسيلة للخروج من هذا الوضع سوى الانتحار. وتأتي رواية «جاهلية» التي نشرت سنة 2007م بوصفها ثاني رواية في المسار الأدبي للكاتبة. تحكي الرواية قصة اعتداء على شاب سعودي أسود -مالك- وقع في حب فتاة سعودية تدعى «لين»، من جانب شقيق هذه الأخيرة الذي رفض أن ترتبط شقيقته بشاب أسود. كما هي الحال مع كثير من الإنتاجات الأدبية السعودية الحالية، تتعاطى هذه الرواية مع قضايا ومشاكل العلاقات الإنسانية داخل المجتمع، حيث يطفو على السطح النقاش حول وضع المرأة على نطاق واسع، لكنه لا يُعَدّ الموضوع الرئيسي المعالَج؛ من منطلق أنه يحضر كتمظهر لعمل المجتمع ويتمفصل عن الموضوع الرئيسي للعنصرية. تعد الرواية كذلك علامة فارقة في مسار الكاتبة وتعبر عن الحيوية التي تعتري الكتابة الروائية الجديدة المدفوعة بشكل كبير من جانب النساء خلال السنوات الأخيرة. في الواقع، وضمن رواية «جاهلية»، لا تتردد ليلى الجهني في اللعب على حدود النوع والانتقال بين التوثيق والإخبار، والخيال، والسرد الشخصي والتصورات الدرامية؛ لكي تقدم للقارئ مؤلفًا منفتحًا على الأشكال السردية الروائية الحرة [والجديدة].
البناء التخييلي
لمعالجة التقنيات السردية في رواية «جاهلية»، من الضروري استحضار بناء المؤلف وتنظيم الحكي المنتهج. تأخذ الرواية شكل سلسلة من ثمانية فصول غير متساوية على نطاق واسع، مع عناوين متنوعة وغامضة أحيانًا؛ من قبيل «لم يرَ ملائكة قط»، و«ما تحت اللون»، و«رائحة الحزن»، و«غوغل يهذي». يعبر كل فصل عن وجهة نظر إحدى الشخصيات، ويكشف عن أفكارها. يسود الخطاب الحر غير المباشر وتتخلله حوارات أو أشكال من التعبير المباشر، ويعمل النص على ربط القارئ بأبطال القصة. تم بناء مختلف الفصول وفقًا لنمط تكراري وبشكل يضمن تماسك العمل ككل؛ حيث تنتظم حول نسيجين سرديين محددين في إطار حدثين أساسين: حرب العراق خلال سنة 2003م، والاعتداء على شاب سعودي أسود في أحد شوارع المدينة المنورة. بهذه الطريقة، تجمع السردية بين الخيال والواقع الخارجي للنص. بالموازاة مع ذلك، ينطلق كل فصل من نص تعريفي مختصر فيما يقارب صفحة. يأخذ هذا النص شكل توطئة صحفية، بوصفها «وثيقة» مستلة من الصحف اليومية ومدرجة في القصة، وتسلط الضوء على تلك الأيام التي سبقت تدخل القوات الأميركية في العراق والساعات الأولى للحرب. (تمت الإشارة إليها في القصة كصور مرئية على شاشة التلفاز (ص: 68-69)، أو أخبار مسموعة عبر الراديو (ص: 34) من جانب الشخصيات).
شنت القوات الأميركية والبريطانية عدة غارات مدمرة مساء أمس وفجر اليوم على بغداد، التي تعرضت لموجات من الضربات الجوية، إضافة إلى عدة انفجارات هزت مجمع الرئيس العراقي صدام حسين، حيث ارتفعت أعمدة الدخان في السماء. وفي الوقت نفسه قال شاهد عيان من رويترز: إن صفارات الإنذار دوت في مختلف أنحاء الكويت، محذرة من هجوم صاروخي محتمل من العراق (جاهلية).
أن يكون هذا النص مزيجًا بين التأليف [الكاتبة] أو وثيقة أصلية فذلك غير مثير للاهتمام، بل إن الأهمية تكمن في الوظيفة المخصصة لهذا النوع من التسلسل والاستخدام المتكرر له في بداية كل فصل، كفعل سردي مُوازٍ يعطي معنى خاصًّا للأحداث الخيالية التي تأتي فيما بعد. في الواقع، يعطي
هذا المقطع شهادة موضوعية حول وضع تاريخي حقيقي، ويدرج ما هو خارج النص في الخيال، بالشكل الذي يجعله يلعب دور الموصل بين الواقع وعالم الرواية مع توالي السرد. بهذه الطريقة، تقدم الكاتبة علاقة واضحة بين الخيال والحياة، وتضع قصتها تحت رعاية العنف المعلن. أُدرِج كثير من الأخبار «الحقيقية» في القصة، بدءًا من الفصل السابع. إنها تؤدي الوظيفة نفسها: تدمج بين الحقيقي والسرد التخييلي، وتزين دوام السلوكات التي تسلط عليها الرواية الضوء. بطريقة تؤكد على الحياد (يُحجَب الراوي أو الشخصيات خلف خطاب المؤلفين المستشهد بهم) وتنوع المصادر (كتابات تاريخية وجغرافية- شعر- صفحات إنترنت- السيرة النبوية الشريفة) يُبنَى المشروع العام للرواية بشكل أكثر صلابة من خلال استحضار الأمثلة المتعلقة بالوضعية نفسها.
فيما يتعلق بالهندسة العامة للفصول، يترك الخطاب الإعلامي المكان للسرد الرئيسي (السرد الخيالي) الذي ينتظم وفقًا لحدثين أساسين للقصة: الاعتداء على شاب أسود وتركه بين الحياة والموت في أحد شوارع المدينة المنورة. تسلط الرواية الضوء على الأسباب التي دفعت إلى الاعتداء على «مالك» وردود أفعال المحيط، خصوصًا الفتاة التي يحبها الضحية والمعتدي الذي لا يعدو أن يكون شقيق الفتاة. لم يتأسس الحدث على هذا النحو، وبشكل واضح، منذ البداية، بل تمظهر تدريجيًّا من خلال مختلف العناصر التي قدمتها الشخصيات، ومطالبة القارئ بتجميع المعلومات اللازمة من أجل فهم الوضع.
من خلال اهتمام الشخصيات بوضع الضحية «هل مات» (تكرر في صيغة معدلة: هل سيموت (ص: 55-56). يمكننا التساؤل إذًا حول مآل مالك ومستقبل علاقته بلين. يمكن للقارئ أن يتخيل في لحظة معينة أنه يتعامل مع رواية رومانسية أو قصة مشوقة، وربما وجود تحقيقات بوليسية (رواية بوليسية). لكن السؤال الأول الذي سيطرحه مرتبط بفراغ القصة في علاقتها بخطاب الشخصيات المختلفة التي تتخلل البنية السردية للرواية؛ نظرًا لكون الحدث الأساس للرواية لا يشكل محركًا لحبكة تتطور بتوالي الأحداث والشخصيات. في الواقع، يعد هذا الأمر ذريعة لحراك مستبطن لأبطال القصة، ويلعب دور كاشف المواقف والأحاسيس الذي يحركهم ويحثهم بذلك على تكرار الأحداث الماضية. عُدِّل عقد القراءة المبدئية ضمن الصفحات الأولى. إن النص لا يطرح مسألة مستقبل مالك فقط؛ والدليل على ذلك هو عرض وضع هذا الشاب كشرط ثابت ومجرد من أي فكرة تطور: منذ بداية الرواية إلى نهايتها، صُرِّح بكونه ما زال في غيبوبة من دون أي تغيير يذكر فيما يخص حالته الصحية، وليختفي من السرد في الفصول الأخيرة. يرد هذا الحدث «الأولي» بوصفه «فيما بين» وفي مفترق الطرق بين «قبل» و«بعد» بالشكل الذي نجهل معه مآل الوضع، كأننا أمام لعبة مرايا حيث الشخصيات الخيِّرة طريحة الفراش (الغيبوبة) وتتأرجح «فيما بين» الحياة والموت (حالة وسيطة)؛ أي في «برزخ» كما نصادف في كثير من المقاطع: فكرت أن روح مالك تجوب السماوات في هذه اللحظة حائرة، وأن كل ما تشعر به الآن يحول بينها وبين أن تعيد تلك الروح.. وهي إن غفلت قليلًا فإن روحه ستعبر النفق، ولن يبقى ثَمَّ أمل حقًّا.
[…]
عما قليل سينتشر ضياء الفجر، وتدب الحياة في شوارع المدينة، فيما مالك غافٍ في برزخه (جاهلية). يعد البرزخ في التقليد الإسلامي فضاءً وسيطًا بين الحياة والموت، وبين الجنة والنار. في الرواية، يحيل بطبيعة الحال إلى وضعية الشاب القابع في الغيبوبة وفي وضع مجهول. لكنه لم يركض. ظل يحاول أن يناديها دون أن يدري إن كان قد فعل ذلك أم لا. لم تكن فوقه سماء، ولم تكن تحته أرض، ولم يكن طافيًا فوق ماء.. كان قد دخل برزخًا، ولم يرَ ملائكة قط (جاهلية).
مجازيًّا، يمثل البرزخ كذلك الفضاء الذي بتر من خلاله العمل الأدبي من الحياة [الواقع] وأدرج ضمن الخيال. إنه يمكّن من اكتشاف فرادة الشخصيات. في هذه الحركة، أصبح المجتمع السعودي مشروعًا سرديًّا، وأضحى الخيال يكشف عن العنف والتوتر الذي يدمج السلوكات الجمعية في إطاره، من خلال العنصرية ووضع الأجانب والقيود المفروضة على النساء. يبدو أن المجموعات الاجتماعية في هذا المجتمع غير قادرة بعد على تطوير وضع وجودي ملائم وتوفيره لمكوناتها الأساسية، من دون تمييز من حيث الأصل واللون والجنس. لذلك كان على مالك الخضوع لمنطق بيئته، لكونه أسود، ولا يمكنه الوقوع في حب شابة سعودية [بيضاء]. من أجل جعله عبرة، يعتدي عليه هاشم، شقيق لين، بمعية أصدقائه الغاضبين من هذا الوضع. مثال مالك ليس فريدًا حيث يواجه الأجانب، كما النساء، أشكالًا يومية واعتيادية من العنف الاجتماعي [كما في جميع دول ومجتمعات العالم الراهن] كما تُبيِّن ذلك القصةُ التي سردتها «لين» حول المنشأة الطبية التي تشتغل بها. بهذه الطريقة، تقترن المصاير الفردية بالمجال الاجتماعي وتعكس السلوكات المعتادة داخل المجتمع. يبدو أن الحدث الرئيس للرواية لا يلعب دورًا محوريًّا في الرواية نفسها، لكنه يسمح لكل شخصية [طرف في الواقعة] بالكشف عن شرط وجودها وطريقة تفكيرها بشكل منظم.
أربع شخصيات تنتج الخطاب
تشترك أربع شخصيات في إنتاج الخطاب (تستخدم الرواية الشخصية الثالثة ولكن تحافظ بكل أمانة على أفكار الشخصيات، إلى درجة يمكن أن نتحدث معها عن مونولوج داخلي). بشكل من الأشكال، وتعكس شرط مجموعة أسرية متجانسة. تحتل لين، الفتاة الشابة، المكانة الأكثر أهمية في الرواية عامة، حيث خصصت لها ثلاثة فصول من أصل ثمانية، آخرها ما اختتمت به القصة واستل منه عنوان الرواية «جاهلية». إلى جانب الشخصية الرئيسة، يرتبط كثير من الشخصيات الثانوية، منها والدتها (ليس لها وجود فعلي في القصة ولكن مجرد إيحاء لها من جانب الشخصيات الرئيسة للرواية) وثلاثة رجال، بشخصية لين من خلال علاقات وجدانية: هاشم ووالدها ثم مالك –الشاب الأسود المحب. أظهرت الفتاة كثيرًا من الاتزان والتعقل وتمتعت بهامش كبير من الحرية. في سن الثلاثين، نجد الفتاة غير متزوجة وتعي أن وضعها خاص مقارنة بقريناتها، لكنها مدركة لكون الاعتداء على الشاب ليس هو الحل..
ها هي تعي -في مباغتة موجعة- أن المصاير يمكن أن تتشابه، حتى لو اختلفت الطرق التي تقود أصحابها باتجاهها، وأن حياتها يمكن أن تسلب منها، مهما بدت مختلفة عن الأخريات. […]
مختلفة! لأنها إن أرادت أن تقود سيارة فإن أباها لن يمانع؟
مختلفة! لأنها استخرجت بطاقة أحوال خاصة بها؟
مختلفة! لأنها تسافر وحدها؟
مختلفة! لأن جوالها ومعظم ممتلكاتها مسجلة باسمها، وليس باسم أبيها أو أخيها؟
من خلال اهتمامها بالكتب ودراسة الطب مثل الرجال، سمح للين عملها بالمستشفى بالإدلاء بشهادتها حول وضع المرأة، حيث سجلت في دفترها الشخصي العديد من حالات العنف الزوجي وإجبار الضحايا على الصمت من قبل أسرهن أو الدفع بهن نحو حافة الانتحار. عملت على إنشاء عنصر ثابت مع أسرتها من خلال تحديد خط للتقاسم والتشارك مع أبيها من جهة، وبين وأمها وشقيقها من جهة أخرى. أدت بها الدراما التي عايشتها إلى إعادة تقييم حياتها والمجتمع الذي تعيش فيه –كما بين الاقتباس السابق- والكشف عن التمثلات الجماعية القديمة من خلال البحث الذي شرعت فيه ضمن الفصل الأخير حول التقويمات الزمنية التي كانت مستعملة قبل مجيء الإسلام. على العكس من ذلك، يمثل شقيق لين ما يمكن أن ننعته بـ«الفشل»: غير قادر على مواصلة دراسته ولا الاستمرار في أي عمل أو وظيفة رغم جهود والديه، ويستمر في إظهار السلوكات العنيفة في شوارع المدينة وينظر إلى المرأة كفريسة ولا يتوانى عن إسقاطها في شباكه.
رفاقه وجدهم مثله، لكنهم لم يكونوا قلقين، هكذا قالوا له، وهكذا ظل يقنع نفسه في كل مرة. لكنه يدرك في أعماقه السحيقة أن الأمر ليس هكذا، ولا يجب أن يكون هكذا، وأنه إن كان هناك خطأ فليس في الأشياء لكن في الطريقة التي يفعل بها الأشياء. […] لكن إذا كان الله قد أعطاه هذا الجسد، وغرز فيه هذه الرغبة المستعرة، فكيف يمكنه ألا يستجيب لها؟ يتزوج؟ لا، إنه أعقل من أن يقيد نفسه بامرأة واحدة في عمره هذا، ثم كيف سيتزوج وهو بلا عمل أو أمل؟ ولِمَ يتزوج إن كانت هناك نساء مستعدات لأن يمنحن أجسادهن بأثمان معقولة، ويرضين أحيانًا بأقل القليل؟ (جاهلية).
يمكن اعتبار العلاقة بين هشام وشقيقته غامضة وقائمة على سوء الفهم والحقد والغيرة.
عندما يقارن بين حياته وبين حياة أخته يخزه شيء صغير حار. حياتها بلا شك لا تروقه، لكن لها معنى ـ هكذا يفكر ـ فلديها ما تفعله وما تنتظره وما تحلم به. […] يحسدها إذ يدرك أنها تفعل ما تفعله باستمتاع خالص. ليس لديه ما يفعله بهذا القدر من المتعة، حتى البنات لا يستمتع بهن بهذا القدر (جاهلية).
رغم كونه عنيفًا، وأنانيًّا وقاسيًا، إلا أنه يظهر بمظهر ضحية إغراءات الشيطان [إبليس]. تبين أحكامه القبلية حول النساء والسود الطبيعة الهشة لحياته وعدم الارتياح الذي يتخبط فيه. إنه مدلل من قبل والدته التي لا تعيش إلا من أجله وتتغاضى عما يفعل في إطار صمت الأب الذي لا يملك حيلة؛ إنه يحرق شبابه دون العثور على متنفس لتصريف غضبه وإعطاء معنى لحياته، لكن الوقت قد فات لإصلاح ما أفسد بعد اعتدائه على مالك. ما ميز حدث الاعتداء هو جعل الشاب واعيًا بوحشية ما فعل وارتباط مصيره ومستقبله بالضحية [مالك]. وفقًا لذلك، إذا عاش الضحية أو مات فذلك يعني أن هناك مستقبلًا لهاشم من عدمه. شخصية الأب مخالفة للابن إلى حد كبير. فبعيدًا عن الأشكال النمطية الأبوية القهرية، نجده يظهر عاطفة كبيرة تجاه ابنته ولا يشارك الأحكام الجمعية التي تؤطر المجتمع الذي يعيش فيه. إذا كان قد رفض فكرة زواج ابنته من شاب أسود، فذلك غير مرتبط باعتراضات مبدئية حول هذا الاتحاد ولكن نابع من وعي ذاتي بردود الفعل التي سيحدثها الأمر ورغبة في الحفاظ على علاقة طيبة مع محيطه. لهذا، نجده ممزقًا بين الألم الذي يعتري ابنته واستعداده لحمايتها ضد كل الصعاب، وعدم اهتمامه بـ«ما يقوله الناس» عكس زوجته التي لا تريد أن ترى ابنتها زوجة لمالك، الأمر الذي يعكس عدم قدرة الجيل المستنير من الرجال على مواجه واقع المجتمع الذي ينتمون إليه.
تتسم شخصية مالك بالغموض الشديد، حيث إنه يحضر بقوة في تفكير أبطال الرواية، لكن القارئ لا يستدمجه إلا ضمن فصلين اثنين؛ يحضر في واحد منهما بشكل مقتضب للغاية (بضع صفحات). ما من شك أن حضور مالك ضروري في الحبكة؛ نظرًا لكونه يمثل عنصر التشويش الذي يحدث اضطرابًا في العالم التخييلي للقصة. يظهر مالك بمظهر الإنسان الخاضع للقواعد الاجتماعية حيث إنه لم يكمل دراساته ولم يحلم بإيجاد وظيفة ثابتة؛ بسبب لون بشرته الأسود ويجسد بحق تضحية والده، ذاك المسلم الحالم بالاستقرار بالقرب من المناطق المقدسة، الذي كابد التحقير والقمع. لقد تعلم الاحتماء والتخفي وتحمل السخرية من محيطه والاكتفاء بما يجده أمامه. مع ذلك، سيأتي حبه واحترامه للين ويخرجه من وضع الخضوع الذي عاش فيه طوال حياته.
جسد مكشوف، جسد جريح
يظهر مالك في الرواية بوصفه جسدًا وعنصر تشويش على القصة. في الواقع، يشكل الجسد أول عامل يخلق حاجزًا بينه وبين الآخرين؛ نظرًا لرفض لونه الأسود من قبل واقع اجتماعي وإنساني خاص يمثله شقيق لين وأقرانه. لا يعدو، بالنسبة لهم مجرد «شخص وضيع» محكوم عليه بالدونية وبأن يعامل كمجرم (يذكر هشام مصير شاب أسود آخر يدعى موسى بعيون حمراء يقبع بالسجن)، ويهجم عليه مثل الحيوان. تتطرق قصة العدوان على مالك إلى الإصابات الجسدية التي لحقته، تكسر عظامه تحت وطأة الضرب المبرح الذي تلقاه، والآلام الفظيعة التي عاناها، والدماء والرضوض والإصابات التي تغزو جسده. في الحقيقة، لا يعاني الجسد الأسود في الرواية التمييزَ فقط، إنما الوصم الاجتماعي كذلك [جسم موصوم]، حيث يحيل على الوحشية أو الخشونة التي تحتك بها لين أثناء عملها: ينطبق الأمر على جسد مالك. رأت وجهه في الظلمة الغامرة لغرفتها. رأت حاجبيه المرسومين بدقة. رأت عينيه المصفرتين قليلًا، واسعتين وبأهداب كثيفة معقوفة. رأت أنفه العريض، وشفتيه الغليظتين، والندبة العميقة التي خلفها جرح قديم، واستقرت في طرف ذقنه وسحرتها دائمًا […] (جاهلية). بوصفه عنصر إزعاج، يتضاعف وصم جسد مالك: من خلال لونه المرفوض ونظرًا لتقويضه لشرعية ويقين المعتدي عليه: لم يرد أن يلتفت ليرى الجسد المضروب مرة أخرى، لكنه التفت. عندما تأمل جسد مالك للمرة الأولى اكتشف في مباغتة مؤلمة أنه لم يكن معيبًا..
الـ«أنا» المتعددة
صُوِّرت الشخصيات كذوات مفكرة ومعبرة، وانتظم الكتاب على سرد تجاربهم الشخصية والإعلاء من أصواتهم داخل الحبكة بالشكل الذي جعل الرواية بنية متعددة الأصوات. اتسمت الرواية السابقة لليلى الجهني «فردوس اليباب» بكونها عبارة عن مونولوج لامرأة شابة حول وضعها الوجودي، في حين أن «جاهلية» تعمل على الاستكشاف الدقيق لحميمية الشخصيات. يختفي التدليل السردي كليًّا وراء هذه الشخصيات، ويعلي من أصواتهم ووجهات نظرهم بالشكل الذي يحذف علامات الخطاب المتصل والمرتبط بهم -بما في ذلك الخطاب الذاتي- ولا تُنقَل وجهات نظرهم هذه ولكن تُستعمَل كلماتهم وذاتيتهم في شكل مونولوج داخلي مع الشخصية الثالثة. والآن يدرك أن الأمل – الذي حاول ألا يستسلم لخديعته ـ قد جدل شركه حول قدميه بخفة، بحيث لم ينتبه إلا عندما ضاق الحبل فشده، ليجد نفسه معلقًا يتأرجح في فضاء رحب وبارد، دون أن يلوح ما يجعله يظن أن أحدًا ما سيشد الحبل مانحًا إياه فرصة للخلاص (جاهلية). تظهر هناك علامات كثيرة على وجود شكل من الخطاب الحر وغير المباشر، لكنه يقترن بأصوات الشخصيات التي بصمته بطابعها الخاص: سيقول دائمًا إنها حيوانة. لو أن أمه خنقتها وهي تلدها. لو أنها ماتت بدلًا من الآخرين الذين ماتوا قبله. لو أن الله قال: اقتلوهن؛ لكن قتلها سيريحها، وهو لا يريد لها أن ترتاح. يريدها أن تتعذب طويلًا. حيوانة. لو أن أباه ولَّاه أمرها. لو أنه لم يحُلْ بينه وبينها، لو…، لو…، لو…
(لو إيه؟ اش كنت ح أسوي يعني؟) (جاهلية).
تشمل القصة كذلك على تعبيرات أو مصطلحات مفردة ومنفصلة عن النص عبر فقرات، وفي الأغلب تليها علامات تعجب، كما لو أن الكاتبة تترك الحديث عن الموضوع ينبع من داخل النص (على سبيل المثال: «لما لا يمضي الزمن!» (ص: 19)؛ «الموت» (ص: 50)؛ «ياااااااه» (ص: 19). انخرطت الحوارات بدورها ضمن الخطاب المباشر في القصة بالشكل الذي هجن المونولوج الداخلي لخطاب الآخر. أُشيرَ إلى هذه الحوارات عبر وصلات مستخدمة خصيصى لهذا النوع من الخطاب، حيث تتمظهر في كثير من الأحيان في خطاب الـ«أنا» المنظم؛ في الأغلب من أجل ترجمة المشاعر (على سبيل المثال: «ربي») (ص: 97). التي تحتاج إلى التعبير عنها بصوت عالٍ (وبالتالي تحظر الوصلة). تتشابه هذه التواردات مع كثير من الردود القصيرة، كما هي الحال مع الجملة الأخيرة من الاقتباس السابق: تتسم بكونها متطابقة من حيث الطبيعة، لكنها موضوعة بين قوسين، مثل عناصر مستلّة بشكل مباشر من أفكار الشخصية (كتبت في بعض الأحيان باللهجة العامية) حيث يُشار إلى خصائصها «الخام». تتأسس عناصر الخطاب المباشر على ما يشبه ترقيمًا سرديًّا، من خلال اقتطاعات؛ تكرارات وإعادة تركيز النص حول الشخصيات أو موضوع معين وإعطاء إيقاع خاص للقصة. يشابك النص التخييلي كذلك مختلف أنواع الخطاب، من خلال الجمع بين الخطاب المباشر وغير المباشر من القصة حيث تظهر الحدود بينهما على أنها غير واضحة وتعطي القارئ إحساسًا بكونه منغمسًا في وعي كل شخصية. بهذه الطريقة، ترسي الكاتبة النص مع كتابة الموضوع، ومن خلال اللعب على المسافة التي تثبت أو تلغي استخدام الشخصية الأولى والثالثة في القصة.
التذبذب بين الزمان والمكان
لا تتأسس القصة على حركة التأرجح بين مختلف الفرقاء فقط، إنما على ذلك الكر والفر بين مُدد زمنية وفضاءات مختلفة. هكذا، يحمل كل فصل علامات على فضاءين متمايزين على الأقل: «الوثيقة الإخبارية» التي يبتدئ من خلالها كل فصل بالإحالة إلى أحداث العراق، وبشكل أعم، بقية العالم داخل الفضاء التخييلي. من جانبها، تدور قصة الشخصيات حصرًا في المدينة المنورة، وتحدد معالم مرجعية واضحة، من خلال الإشارة إلى أماكن توجد في المدينة الحقيقية. تتميز شخصية هاشم بطبيعة الطرق التي يسلكها ضمن تجواله في المناطق الحضرية: طريق المطار، وشوارع الملك فيصل أو الأهرام، وجامعة الملك عبدالعزيز… إلخ. لم يُبتَر الفضاء السعودي عن بقية العالم؛ من منطلق أنه وضع في اتصال مستمر مع «عاصفة الصحراء» التي استخدمت للتأريخ للأحداث، وبالتالي مع الواقع العربي والعالمي، حيث جرى استهلال الفصول كافة نسقيًّا بتاريخ معين؛ على شاكلة مذكرة أو يومية. يظل هذا التأريخ فريدًا من نوعه، نظرًا لكونه لا يقوم على تقويم مشترك، بل يحيل على آثار عملية «عاصفة الصحراء» كسنة للمنطلق. وبالتالي، لا تدور أحداث المدينة المنورة في سنة 2003م، إنما «اثنتي عشرة سنة بعد عاصفة الصحراء» (يصور الفصل الأخير وحده مشهد بداية الحرب من خلال تلاق كرونولوجي فريد. تحدث يوم «19 من شهر مُؤْتَمِر لعام حرب الصدمة والخوف» (ص: 175)، باسم العقيدة العسكرية المستخدمة في العراق. تعود هذه الإشارة إلى جوهر الفصول وبنية السرد من خلال تحديد متواليات نصية داخل الرواية. يحيي النظام الزمني المستخدم في الرواية أسماء الأيام والشهور ما قبل الإسلامية، التي سقطت في غياهب النسيان لقرون خلت. يتحدث الفصل السابع على سبيل المثال، والموسوم بـ«رائحة الحزن»، عن السابع من «دُبَّار» (الأربعاء) والثامن من «مُؤْنِس» (الخميس) من شهر «وَعْل أو وَعِل» (شوال) للسنة الثانية عشرة بعد عاصفة الصحراء. تكمن وظيفة هذا التقويم في إشارته إلى اسم الرواية «جاهلية» وتشكيله لتوالٍ زماني بين الماضي ما قبل الإسلامي (الجاهلي) وحاضر الرواية الذي يمكن أن يكون مربكًا في البداية، لكنه يصبح واضحًا جدًّا؛ ولا سيما في الفصل الأخير.
تحافظ كرونولوجيا الرواية على علاقة مباشرة مع مرساة مكانية للوقائع المروية، وفي الأغلب تصاحب ذكر فضاءات المدينة المنورة، وهيمنة عنصرين أساسين يساهمان في هيكلة استمرارية وتوالي السرد. داخل الفصول، تتعدد المرجعيات الزمانية وتستخدم كعناوين لأجزاء فرعية. هكذا، يحدث في الفصل الثالث، المخصص لهاشم؛ تنظيم تسلسل السرد القصصي من خلال الإشارة إلى تلك الأماكن التي تتردد عليها الشخصية. يستخدم العرض المطبعي هذه العناصر بوصفها عناوين ثانوية داخل الفصل. وبالطريقة نفسها، يتسم زمن القصة بطابع تقدمي وخطي يتجسد من خلال العناوين المحددة للأجزاء الفرعية، مثل الرابعة فجرًا (غرفته) (جاهلية).
ترسم العناصر المكانية خارطة حضرية خاصة ضمن العالم التخييلي حيث الأماكن محدودة ومنغلقة في معظمها (المنزل الأسري، والمستشفى، أو مكان عمل لين وحيث يرقد مالك). بطرق مختلفة، تعبر القصة رمزيًّا عن العزل الاجتماعي وانغلاقية فضاءات الحياة والعنف المتغلغل في العلاقات الإنسانية؛ رغم كون الشقيق يعيش وضعًا مختلفًا قليلًا: قادر على ولوج الفضاءات الخارجية التي تشمل شوارع المدينة التي يعبرها بسيارته (شارع الملك فيصل، وشوارع سلطانة، وشارع الحزام، وكابا، وطريق المطار، والجامعات، ومحطة خدمة الفلاح… إلخ). تجري الإشارة إلى هذه الأمكنة من خلال أسمائها فقط من دون ذكر مواصفاتها ومؤهلاتها، لكن ذلك كافٍ في حد ذاته لجعلها عناصر مرجعية ومعالم أساسية ومحددة للدائرة التي يدور فيها الأخ ومنطقة نفوذه: البحث عن ضحايا من النساء، ومطاردة مالك بعينه. وترسم المسارات الجغرافية للسجن الداخلي الذي يعيش فيه هاشم، من خلال الوقوف عند المخاوف و«المراوغات» التي يتقبلها محيطه:
لا يحب أن يخلو به الصمت، مثلما لم ولن يحب أن يجاوره الموت في مرة. عندما يأوي إلى النوم فإنه لا يطفئ جهاز التلفزيون في غرفته، بل يخفض صوته إلى الدرجة التي تجعله يشعر معها بأن ثَمَّ أحدًا حوله، وأن الكون لم يخلُ بعد، ثم ينام.
بالنسبة لهاشم، يعد التجول في جميع أنحاء المدينة وسيلة للقضاء على الفراغ الذي يعانيه في حياته ومعاناته الوحدة والموت. تدل مغادرة المجال المنزلي الخاص على الرغبة في اللقاء بأشخاص آخرين، لكن من دون الاستعداد للانخراط في علاقة طبيعية معهم. كما يبين الاقتباس السابق من الرواية، نجد هاشمًا لا يحبذ التواصل مع الغرباء ورأسه مليء بأفكار قبلية حول من يختلفون عنه، ويكتشف العالم الحضري من وراء زجاج سيارته لكن علاقته مع الآخر ما زال يشوبها عدم الثقة والازدراء.
يشكل الفضاء جزءًا من حوار أساس بين تلك الحقب التي لم يؤلف أن تكون موضوع مقارنة أو حتى معارضة. تقترن الحقبة المعاصرة بحدث تاريخي مؤلم (حرب الخليج الثانية) الذي أسس –وفقًا لتقويم الرواية- للحظة انفصال بين الـ«قبل» والـ«بعد»، بين عهدين مختلفين ومتمايزين بشكل واضح. لم يقتصر هذا الانفصال على إعادة تحديد الحدود التاريخية ضمن نطاق جغرافي معين، بل تدفع بمنطق إعادة تأريخ «الجاهلية» بالشكل الذي تحافظ من خلاله على علاقة جوهرية مع الحقبة الحديثة. وبذلك، تُقوَّض تلك النظرة التقليدية للتاريخ العربي الذي يقترن بلحظة دخول الإسلام والقطع مع الماضي ما قبل الإسلامي، من خلال نفي ذاك التطور الإيجابي الذي عمل من خلاله الناس على إخفاء الجاهلية البالية وراء اللغة العربية، وهو الأمر الذي يسلط عليه الفصل الأخير الضوء من خلال استحضار التقويم التاريخي ما قبل الإسلامي للأيام والشهور.
يحضر النقد الاجتماعي بشكل صريح في إعادة بناء الزمن السردي الذي يحدد مصاير الشخصيات. ارتبطت الحداثة التكنولوجية، التي جرت الإشارة إليها في الفقرات الإخبارية لبداية الفصول، بطبيعة البنيات الذهنية التقليدية المرتبطة في كثير من مناحيها بـ«الجاهلية»؛ تلك الحقبة المعروفة بالجهل والتخلف. جاءت هذه الرسالة بشكل واضح جدًّا في الفصل الأخير وبعنوان مفارق: (غوغل يهذي)، وبحمولة مختلفة عن الأجزاء الأخرى؛ من منطلق أن الإخباري يتجاوز السردي. تسلط الكاتبة الضوء على شخصية لين التي تعيد اكتشاف أسماء الأيام والشهور المتداولة قبل الإسلام، عن طريق بحث معلوماتي في حاسوبها الشخصي. إضافة إلى ذلك، عملت الحداثة، التي يجسدها الإنترنت، على تحديث الوظائف الأساسية داخل المجتمع السعودي، وبينت أن الأمر يتعلق بمظهر تكنولوجي لم يواكبه تغير اجتماعي عميق. غلف هذا الاكتشاف الرواية نفسها، وجعلها تنزاح عن السؤال المحوري الذي طرحه هاشم: هل سيموت [مالك]؟ تكشف المصاير الفردية عن قصة الشخصيات لتضحي تعبيرًا عن التخلف الاجتماعي.
دراما تخييلية
بطريقة ما، تستدمج الرواية تراجيديا كلاسيكية (تحمل هذه المأساة وجهين اثنين: يمكن النظر إليها كحب مستحيل بين مالك ولين، وكحرب بدأت مع نهاية الكتاب). وتعيد استثمارها لصالحها. حدد مصير مالك بشكل سابق رغم الجهود التي بذلها من أجل تغيير الأمور، حيث «وصم» مستقبله منذ لحظة ولادته؛ نظرًا لكون انتمائه الاجتماعي معروفًا. تدريجيًّا، سيتحول القارئ إلى متفرج على دراما متوقعة، من دون تشويق، يأخذ من خلالها المشروع السردي اتجاهًا جديدًا. سواء مات مالك أو ظل على قيد الحياة، لا يعدو أن يكون الأمر مجرد تبرير لحركة استقراء للشخصيات، حيث إن النص يروي معاناة أناس دمرت حياتهم من خلال نسق من التمثلات ونمط من التنظيم الاجتماعي لا حول ولا قوة لهم فيه، كما توضع شخصية لين في الصفحات الأخيرة: ثم أدركت -ببطء مؤلم- أن كل شيء كان واضحًا من البداية، يروح ويغدو أمام عينيها؛ لكنها لم ترد أن ترى. كانت تنظر إلى الأشياء دون أن ترى؛ أو أنها رأت واختارت التجاهل. والآن، يضحك كل شيء هازئًا بها، وليس بمقدورها أن تقول: كفى. (جاهلية).
تُظهر الرواية مشهدًا تستعيد من خلاله كل شخصية على حدة، خطوة بخطوة، عناصر دراما معلن عنها، في إطار حركة استذكارية. لا يسمح لهم هذا الأمر بالحوار، لكنه يضعهم وجهًا لوجه مع القارئ المتفرج الذي يتابع مشاعرهم وردود أفعالهم لحظة بلحظة. يعلو كلَّ خطاب حول الموضوع مقطعٌ إخباري تمهيدي، مثل لحن قديم، يحدد بدقة طبيعة مصيرهم تراجيديًّا. في الرواية، يجري التأكيد على العنف والألم المتولد عن الحرب بشكل أشبه بالمرآة التي تؤثر في الشخصيات. تشير المرجعيات الزمنية باستمرار إلى زمن التفكير الفعلي للشخصيات، حيث إن كثيرًا من تواردات ظرف «الآن» تشير في كل مرة إلى زمن مختلف عن ذاك الذي تعايشه الشخصيات. لكن، يظل هذا الزمن الحاضر هو ما يجذب انتباه القارئ المتفرج الذي يتتبع انعكاساته في وعي تام بأنه لن يقود إلى شيء سوى مزيد من المعاناة واليأس.
لا يشير تمفصل النص حول العناصر الزمانية والمكانية إلى مجرد تدوين سجل أحداث يومية، أو ظرفية، لكن المرجعية الزمنية تنظم وحدات النص كما يوزع الكاتب المسرحي الأحداث على مشاهد وأعمال محددة مركزًا على إحدى الشخصيات مع احترام كامل لقاعدة وحدة الزمن، والمكان، والتمثيل. بالمثل، يمكن إدراج حوارات أو مقاطع حوارية في الخطاب المباشر من تعزيز دور هذا الأخير في «ترقيم» إيقاع السرد، ويأخذ مكان القراءة في حركة التمثل، ويكسر سكون المونولوج الداخلي للشخصيات من أجل إعطاء دينامية جديدة للنص. مثلما هو الشأن في المسرح، يظل الحدث قد وقع [ولُعب] سابقًا، وستجري إعادة تمثيله ولا تشكل القراءة الحالية سوى إمكانية واحدة قابلة للتجديد باستمرار.
إليزابيث فوتيه ناقدة فرنسية
بواسطة خديجة حلفاوي - باحثة و مترجمة من المغرب | مايو 2, 2017 | دراسات
منذ ظهور الرواية في تاريخ الأدب السعودي، أضحى هذا الجنس الأدبي يطرح الكثير من الإشكاليات: جنس رديء، بالكاد يمكن وصفه بالأدب، لم تثر الرواية اهتمامًا كبيرًا على عكس الشعر، «ديوان العرب». منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، تغير الوضع وأضحى المتتبعون للمشهد الأدبي يتساءلون حول هذه الروايات التي تظهر كل سنة، وتحظى باهتمام كبير من قبل الصحافة والنقاد وغيرهما من الفاعلين الاجتماعيين الذين ليست لهم علاقة مباشرة بعالم الأدب. يثير تزايد العناوين، على الرغم من الصعوبات المرتبطة بشبكات الطبع والنشر، الكثير من الخلافات فيما يتعلق بشرعية الكاتب كما هذا الجنس الأدبي. لا تزال كتابة الرواية مرتبطة بالعديد من التحديات التي يواجهها الكاتب بحثًا عن الاعتراف.
بداية من كتاب «الفراغ الروائي في الأدب السعودي» للكاتب الأردني نسيم الصمادي في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وصولًا إلى «تسونامي الرواية» –عنوان مقال حول الإنتاج الروائي في العربية السعودية في صحيفة «الشرق الأوسط» في أكتوبر 2006م- اجتذبت الرواية على مدى العقدين الماضيين (1990-2010م) اهتمام المراقبين المحليين (النقاد، والأكاديميين، والصحفيين والمدونين) العرب والمستشرقين. في الواقع، ومما لا شك فيه أن غلبة الخيال الرومانسي منذ بداية التسعينيات أحد الموضوعات التي تأتي عليها الأقلام السعودية، ويثير «عصر الرواية» العديد من الأسئلة والنقاشات المرتبطة بالساحة الأدبية.
من السهل أن نتفق، بالنظر إلى الأرقام، على الزيادة الملحوظة في المؤلفات المنشورة خلال السنوات الأخيرة، وحول هذه «الطفرة»، وهو مصطلح يشير عادة إلى فترة النمو الاقتصادي التي أعقبت الثورة البترولية سنة 1973م، وحول هذا «التسونامي-الموجز، وهذا الانفجار في الأعمال المقروءة مثل «الكعك الساخن»، بحسب بعض تعبيرات الصحافة المحلية. تعد الصحافة، وأيضًا وسائل الإعلام السمعية البصرية، والندوات أو النقاشات التي تجمع الجهات المعنية كافة بالحقل الأدبي (الكتاب، والناشرين، والصحفيين والأكاديميين)، مسرحًا لإثارة مجموعة من المناقشات من كتاب الرواية. يبدو أن كتابة روايات الخيال قد أضحت استفزازًا في حد ذاتها: بالنسبة للروائي، تستمد الرواية قوتها الأساسية من حريتها المطلقة. بالنسبة للناقد –على نطاق واسع- يمكن لهذه الحرية أن تكون مجرد افتراء، ولا يجب القبول بها من دون وضع بعض الحواجز لاستكمال الطبيعة غير المحددة لهذا الجنس الأدبي. كلما كان الجنس الأدبي سائدًا، أكَّد الناقد على الحاجة إلى استبدال التمايز بين المسموح به وغير المسموح به بالتمايز بين الجيد والسيئ. ومن هنا، تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على النقاشات الرئيسة الناشئة حول الرواية السعودية المعاصرة بدءًا من الاعتراف بها كجنس أدبي.
الرواية جنس أدبي تواجهه مجموعة من التحديات
غازي القصيبي
تركي الحمد
كلٌّ على دراية بالانتشار المتزايد والمفاجئ للأدب الروائي في المملكة العربية السعودية: 26 رواية في سنة 2005م، و50 رواية في سنة 2006م، وفقًا لدراسة أنجزها المتخصص السعودي في الببليوغرافيا خالد اليوسف. لقد دُمجت الرواية في المتن الأدبي المحلي بشكل خجول جدًّا: بدءًا من سنة 1930م مع «التوأمان»(1)، لعبد القدوس الأنصاري، أو بدءًا من سنة 1959م مع «ثمن التضحية» لحامد دمنهوري، بحسب المهتمين، وأنه لم يكن هناك أتباع كُثر لهذا الجنس الأدبي لفترة طويلة. في الحقيقة، وبالنسبة لجُلّ هذه الأعمال، يتعلق الأمر بأول رواية للروائيين الشباب الذين راوحت أعمارهم بين 20 و25 سنة، التي سرعان ما أثارت ضجة وجلبة كبيرة. وطرح السؤال: هل هذه الطفرة ظاهرة صحية؟(2)
نظرًا لهذا البزوغ للرواية، اختلفت الآراء في المملكة العربية السعودية، فيرى بعض أن هذه الظاهرة ناتجة عن اهتمام بعض الناشرين العرب بـ«الفضائح»، الذي لا يتردد في نشر روايات من هذا النوع. في حين يعزو بعض آخر الأمر إلى حدس جيل من الكتاب استبقوا «أفق توقع»(3) الجمهور السعودي. وخير مثال على ذلك، الكاتب الشاب إبراهيم بادي(4)، مؤلف الرواية المثيرة للجدل «حب في السعودية» التي يناقش فيها بجرأة كبيرة موضوعات جنسانية. نشرت الرواية سنة 2007م عن «دار الآداب» ببيروت، يعتمد الروائي على تقنية السرد في الرواية، ويكرس الصفحات الأولى من روايته للرواية نفسها، في حين أنه هو نفسه الشخصية الرئيسة في الرواية. تكتب هذه الشخصية- الكاتب عن رجل وخمس نساء، ويكسر منذ البداية مختلف التابوهات الرئيسة، بطريقة فجة أحيانًا، وجريئة.
الآن، لا مجال للشك في جرأتي. وصفت بدقة ما دار بين إيهاب وفاطمة. ربما أكون راويًا متعجرفًا، نرجسيًّا! لكن، ألن تحقق حياة وإيهاب مبيعات خيالية، وقياسية؟ ألن تحقق إقبالًا هائلًا على قراءتها ومعرفة تفاصيلها المجنونة؟(5)
إن هذه الفكرة التي تدعمها الشخصية لا تزال واسعة الانتشار في المجتمع السعودي، وتضفي قيمة سلبية إلى هذا الجنس الأدبي الذي لطالما كان الاعتراف به محط جدل واسع. في الواقع، لم يُرحَّب بدخول جنس الرواية إلى التقليد السردي العربي من المعارضين للحداثة المستوردة من الغرب وأنصار التقليد الذين رأوا في كتابة الشعر أبهى أشكال التعبير العربي. يمكن أن نقرأ الكثير من شهادات كتاب الجيل الأول، الأسلاف، ما يثبت نظرة «تسامح» رجال الأدب مع جنس «الرواية». دعا محمد علي الأفغاني إلى كتابة الرواية، في إحدى مقالاته المنشورة سنة 1941م:
هاني نقشبندي
«ما يثير الدهشة، وهو أن العديد من أصدقائي الكتاب ورجالات الأدب يعتبرون الرواية مجرد بدعة ولا تستحق أن تقارن بالعلم، وبالفضيلة والأدب، ويجدون عيبًا وخزيًا في الاهتمام بها»(6).
بعد ما يقرب من سبعين سنة، نجد أن القاصَّة هديل الحضيف، التي تنشر نصوصها على موقعها على الإنترنت(7)، ترفض فكرة كتابة الرواية وتعدها مقولة «مشينة».
التابوهات الاجتماعية في قلب الرواية السعودية
لا يتعامل الروائي مع الصعوبات المتعلقة بطبع عمله ونشره فقط، بل إنه يعمل على جعل مواهبه في خدمة الرواية. بعد أن نشر روايته في الساحة الأدبية، طرح الوزير والشاعر غازي القصيبي، كاتب «شقة الحرية» التي صدرت عن منشورات رياض الريس سنة 1994م، وأُعيد نشرها في خمس طبعات وترجمت إلى الإنجليزية، السؤال حول هويته ككاتب(8). كان أيضًا تركي الحمد، مفكر وكاتب سياسي، يكافح كي يُعترَف به كروائي بعد نشره رواية «أطياف الأزقة المهجورة» سنة 1998م، عن دار الساقي للنشر(9): يمكننا أن نعزو نجاح المؤلف إلى الرأسمال الاجتماعي أو السياسي للكاتب في الحقل الأدبي، رغم افتقاره للرؤية الفنية(10). ولم يسلم تركي الحمد أيضًا من حكم الزندقة. إن الكاتب ليس بمنأى عن الاتهامات الأخلاقية، وحتى الأيديولوجية. حينما ظهرت الرواية الأولى للقصيبي التي تحكي عن سنوات الدراسة الخاصة بمجموعة من الشباب السعودي في مصر خلال عهد جمال عبدالناصر، ثم بعدها رواية «العصفورية»(11): اسم مستشفى للأمراض النفسية شهير في بيروت، اتُّهِمَ بالعلمانية والزندقة(12).
مما لا شك فيه أن قضية الحمد تعكس بشكل جلي لحظة أساسية من تاريخ الرواية السعودية المعاصرة. تقدم ثلاثيته وجهة نظر سوسيوسياسية للواقع؛ إذ إن الكاتب اختار شكل الرواية من أجل معالجة الموضوعات المسكوت عنها. لكن ما «اعتبر فضيحة»، هو أن حبكة الشخصيات الخيالية تجعل من السعودية موطن أحداثها الرئيسة وليس خارجها كما هي الحال مع باقي الروائيين السعوديين. يمكن لاغتراب الشخصيات، فقط، أن يجعل الكتابة ممكنة. بعيدًا من القوانين والأعراف الاجتماعية السعودية التي تعرض المشروع الواقعي الروائي للخطر، تزدهر الرواية في المجتمعات الأقل تحفظًا، حيث تقلّ أعداد التابوهات المرتبطة بالحياة.
من خلال تجرُّئِه على فضاء حيث عادة ما تُحجَب العيوب، جعل الحمد من مدينة الرياض «مدينة المتع» حيث «كل شيء ممكن» أو «كل شيء محرم، وكل شيء مباح». يعرض الروائي، ضمن نمط واقعي، تناقضات مجتمع مثله مثل باقي المجتمعات، كل ذلك مع اللعب على مقربة من حدود المتكلم. نجد رواية «بنات الرياض»(13)، أول رواية للكاتبة الشابة «رجاء الصانع» التي صدرت سنة 2005م، تذهب أبعد من ذلك، وتكشف عن أسرار العالم الأنثوي، وهو الأمر الذي يشكل تابوهًا، ويعدّ تحديًا في الآن نفسه. كيف أمكن لفتاة أن تقدم للعالم أخطاء مواطنات بلدها؟ إن هذا الأمر غير مقبول في مجتمع ليس من المألوف إظهار أخطائه، وحيث يُتَّهم من يريد أو تريد وضع الأصبع على الواقع بتشويه صورته.
أضحت الروايات الصادرة حديثًا أكثر جرأة، بالنظر إلى التابوهات التي تكشف عنها: جرأة أخلاقية، ومشاهد جريئة. يبدو أن «الفضح» حاضر بقوة. في إحدى هذه الروايات، ويتعلق الأمر برواية «اختلاس» لـ«هاني نقشبندي»(14)، التي حظر نشرها في بيروت كما في العديد من العواصم العربية الأخرى – قبل أن يصدر منها خمس طبعات عن دار الساقي- يتلقى صحفي سعودي، ورئيس تحرير مجلة نسائية، رسائل منتظمة وغريبة من قارئة سعودية، التي تأتمنه على أسرارها ومغامراتها مع سائقها. لكن الجنس ليس هو التابو الوحيد الذي جرى التجرؤ عليه ضمن هذا الأدب الذي يلعب على حدود المسموح. شهدت سنة 2000م نشر رواية الكاتب والصحفي محمود تراوري «ميمونة»، التي يناقش فيها الكاتب، من خلال قصة هجرة ميمونة وعائلتها من إفريقيا إلى الحجاز، قضية تهميش ذوي البشرة السوداء في المملكة العربية السعودية. بعد سنوات قليلة، وفي سنة 2006م، صدرت رواية «الآخرون» عن دار الساقي للنشر، لروائية سعودية شابة، «صبا الحرز»، تنحدر من القطيف، وهي مدينة في شرق المملكة. تعالج روايتها قضية أقلية مرفوضة من الآخرين. هناك بعض الموضوعات التي لا يمكن أن تعالجها سوى الكتابة الروائية: يعد الخيال حيلة لرصد الواقع الذي ترفض الخطابات الاجتماعية تمثيله.
في الواقع، عندما نتحدث عن حرية النشر العربي، نثير دومًا التابو الثلاثي: الجنس- الدين- السياسة. لكن هذه الحرية متغيرة تبعًا للدول. في السعودية تفرض رقابة صارمة على هذه الموضوعات الثلاثة، التي تتطلب إذن مسبق. ضمن الرقابة المؤسساتية، يمكن أن نضيف فكرة «الخصوصية» العربية، التي غالبًا ما تستخدم في الخطاب المحلي لحظر العديد من الموضوعات في النقاش العام.
تحدي النشر
رجاء الصانع
ضمن مجتمع يعرف تدنيًا كبيرًا في مستوى القراءة، يبدو أن حجم المبيعات التي تتجاوز عشرات الآلاف لا يصدق: 60 ألفًا بالنسبة لرواية «رجاء الصانع» خلال السنوات الأولى التي أعقبت صدورها، و10 آلاف خلال الفترة التي تلت صدور رواية «فسوق» لـ«عبده خال». يتعلق الأمر إذًا بوجه آخر للطفرات التي عرفتها الساحة الأدبية السعودية. ومن أجل الالتفاف على الرقابة التي تعارض «تعرية الحقيقة»، لجأ العديد من الكُتاب السعوديين إلى النشر في بعض الدول العربية، ولا سيما القطب الليبرالي(15). بحثًا عن هامش أكبر من الحرية أو الاعتراف في الحقل الأدبي الإقليمي، عمل هذا النمط من الالتفاف على سلطة الرقابة، بدءًا من تسعينيات القرن الماضي، على إدخال أنماط وممارسات جديدة في الكتابة، الأمر الذي أضحى يطرح الكثير من الأسئلة حول القطب الأكثر تحفظًا في هذا المجال، من خلال ربط هذا النوع من الكتابة بإستراتيجية خالصة مؤسسة على مصلحة المحظور(16).
مما لا شك فيه أن الثورة الرقمية قد كان لها وقع كبير على مجال الأدب. منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، انتشرت مواقع الصحافة الإلكترونية، والمدوَّنات، وقدمت للكتاب شبكة نشر وتوزيع أكثر كفاءة وسهولة. ونجد لهذا الأمر صدى كبيرًا في رواية «بنات الرياض»، التي تدور أحداثها في عالم الإنترنت والدردشة، وتستند على ما يبوح به مجموعة من شباب الرياض حول مغامراتهم عبر الإنترنت. في كل يوم جمعة، ترسل إحدى الشابات السعوديات لأصدقائها رسالة إلكترونية، وتصف بتفصيل دقيق حياتها العاطفية، وحياة صديقاتها الثلاثة. يجتمع الشباب لمتابعة مغامرات الشابة، بعضهم غاضب وبعضهم يريد أكثر من ذلك. يتمُّ إذًا تقيُّد الرواية بوصفها مدونةً سردية تُمكِّن القُرَّاء من متابعة هذه المغامرات(17). نسجل أيضًا أن رواية «سقف الكفاية»، لمحمد حسن علوان، التي نشرت عن دار الفارابي، قد كانت موجودة على الموقع الخاص بالكاتب، بالتزامن مع نشرها سنة 2002م، والأمر نفسه أيضًا بالنسبة لرواية «الأوبة» لوردة عبدالمالك –وهو اسم مستعار- التي نشرت سنة 2007م عن دار الساقي، وسبق أن طرحت في بداية الأمر في مجموعة أدبية افتراضية «منتدى دار الندوة»(18)، حيت تابعها نحو 23 ألف زائر قبل كتابتها ونشرها ورقيًّا.
أصبح «الويب» الفضاء الأول في النشر والتوزيع: لا يجري نشر المؤلفات في«النوادي الأدبية» الافتراضية فقط، لكن بمجرد تحريرها بالطريقة التقليدية، يسهل الإنترنت جزئيًّا نشرها، وبخاصة حينما تنشر في الخارج ويكون من الصعب توافرها في المكتبات المحلية.
إن الإنترنت هو وسيلة جديدة لتجاوز الخطوط الحمراء التي تفرضها الرقابة والخطابات الاجتماعية السائدة، وأيضًا وسيلة فعَّالة للتعريف بالروائيين السعوديين في الخارج. من الواضح أنه مهَّد الطريق لإقامة الدورة 11 لمعرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يعكس تراجعًا طفيفًا فيما يخص ممارسة الرقابة.
———————————————————–
هوامش:
1) نشر هذا المقال في الأصل باللغة الفرنسية في:
Salwa Almaiman, «Le roman saoudien contemporain face à ses défis », Arabian Humanities [En ligne], 3 | 2014, mis en ligne le 25 novembre 2014, consulté le 08 janvier 2017. URL : http://cy.revues.org/2793 ; DOI : 10.4000/cy.2793
2) جريدة الشرق الأوسط، عدد 10193، أكتوبر 2006م.
3) يعد مفهوم «أفق توقع القارئ» (horizon d’attente du lecteur) أساس نظرية التلقي لدى «هانز روبرت جوس» (Hans Robert Jauss).
4) إبراهيم بادي، 20 سنة، صحفي في جريدة الحياة.
5) المرجع نفسه.
6) محمد علي الأفغاني، الرواية العربية وحاجتنا إليها، المنهل، العدد 5-6 جمادى الأولى/ مايو 1941م.
7) http://www.hdeel.org/blog
لم تعد هذه المدونة موجودة بعد وفاة الشابة السعودية سنة 2008م، عن عمر لم يناهز بعد 25 سنة.
8) لم يكن القصيبي دائمًا معترفًا به كروائي من قبل بعض الجهات الفاعلة في الساحة الأدبية (شرعي أم لا). والحقيقة أن وضعه السياسي قد مكنه من اللعب على القيد السياسي.
9) تتكون من ثلاثة أزمنة قوية لحياة الراوي، هشام العابر: سنوات دراسته الأخيرة بحي العدامة بالدمام، خلال سبعينيات القرن الماضي، والسنوات التي قضاها كطالب بالرياض في حي الشميسي، وأخيرًا سجنه بالكراديب بعد حل الحزب الشيوعي الذي كان قد انضم إليه.
10) جرى التشكيك في المهارات الفنية والأدبية للكاتب من العديد من الجهات الفاعلة في الساحة الأدبية، بما في ذلك النقاد، والذين تساءلوا عن مكانته في الحقل الأدبي.
11) غازي القصيبي، العصفورية، دار الساقي، بيروت، 1996م.
12) اتهم القصيبي بإفساد الذوق العام للشباب السعودي من خلال شعره وكتاباته الجريئة وانجذابه إلى الغرب.
13) رجاء الصانع، بنات الرياض، دار الساقي، بيروت، 2005م.
Al-Sanea Rajaa, Les filles de Riyad, traduit de l’arabe par Simon Corthay et Charlotte Woillez, Plon, 2007.
14) هاني نقشبندي، اختلاس، دار الساقي، بيروت، 2007م.
15) يعمد الكثير من الكتاب العرب إلى هذه الإستراتيجية من أجل نشر كتبهم في العواصم التي تضمن هامشًا من الحرية: القاهرة، وباريس سابقًا، وبيروت حاليًّا، وأيضًا لندن من خلال دار الساقي، وبرلين من خلال دار الجمل. لعبت هذه الإستراتيجية دورًا مهمًّا جدًّا في تطور التعبير الأدبي العربي نحو مزيد من الحرية.
16) يكشف عنوان، من بين أخرى كثيرة، الجدل الذي أثاره هذا النوع من الكتابة: «ظاهرة جديدة من الرواية السعودية: المنع، جواز سفر النجاح»، جريدة الشرق الأوسط، عدد 10726، 10 إبريل 2008م.
17) [email protected]
18) يعد هذا المنتدى ملتقى لليبراليين السعوديين، الذي وصف من معارضيهم «بنادي كفار قريش»؛ أغلق منذ سنة 2005م.