انخطاف
ولمن ترى تهبط من عليائها الموسيقا؟
أيها الراعي اصطفِ الأسفلتَ في رائعة الظهر
لكي تدري عذاب السالكين إلى مواويل الأبدْ
واحذر الأرض الطريةَ
إنها تغوي الغويَّ
وكل من قد سار فيها لم يعدْ
بدأت قصة هذا العازفِ الزمّار لما غربت شمس الأحدْ
كان يحكي وحده
ويقص قصته الوحيدة للخرافِ
ولم يكن يملك إلا قصب الغاب المجوّفِ
والحكايةُ كان ينقصها حنينٌ ما لشيءٍ ما تناهى في البدَدْ
فمضى خلف الشجيرات الندية في أقاصي الحقلِ
جرّب نايه
فأتت إليه خرافُه
أوراقُ أشجار السنونو
والترابات استوت كي ترقص المرأة بالخلخال
حافية على وقع حنين الناي لما يستبدْ
جاءت فجأةً
شَعرًا حريريًّا يدوّخ خفق أجنحة العصافير التي حطت حواليها
ونهدين بدائيين يستبقان طلتها
يرشان على القيظ البَرَدْ
من أين جاءت؟
لا أحدْ
يدري
أأيتها البهيةُ
كيف جئتِ
وكل هذا الظُّهر قفرٌ
والمدى متدوّرٌ منذ الخميس الفائت المسروقِ؟
ماذا يفعل الراعي وقد خطفته غنوته الجديدةُ
فانزوى في ورق الأشجارِ حتى يُسْتَرَدْ
الحقل مفروش بوهج الشمسِ جائعةً
تعشّش في شقوق الروحِ
تحتطب الجسدْ
وخرافه جوعى
ولحن الناي طوّف في الحكايا كلها
حتى نفدْ.