هُنا (روما) عزرا باوند يُحدِّثكم… خطابات باوند الإذاعية خلال الحرب العالمية الثانية
استقر عزرا باوند في إيطاليا عام 1924م قادمًا من باريس بعد أن عاش فيها وفي لندن مدة طويلة. وحين بدأت نذر الحرب العالمية الثانية لم يكن لشخص مثله أن يظل بعيدًا من المشكلات الإنسانية والتحولات السياسية الكبرى في عصره. وهكذا بدأ عام 1939م بإذاعة خطابات عدة، من إذاعة في روما، موجهة إلى شعبه في الولايات المتحدة وإلى إنجلترا، دعا فيها إلى بدء مفاوضات السلام. وبعد أن دخلت الولايات المتحدة الحرب، عاد لزيارة أميركا للمرة الأولى منذ عام 1910م في محاولة لتجنب الحرب. ويمارس عددًا من الضغوطات على أعضاء الكونغرس الأميركي، لكن من دون جدوى. وتحت وطأة هذا الغضب، استأنف خطاباته الإذاعية، بنبرة أكثر تصاعدًا في الشكل واللغة والمحتوى، وبدأ بتسجيل نصوصه بصوته وقبل ذلك كان المذيعون المحترفون هم من يقرؤون نصوصه.
منحت إذاعة روما باوند الحرية الكاملة لتحديد محتوى خطاباته. وتوقف البث في يوليو 1943م بعد سقوط حكومة موسوليني. وقد سجّلت هذه الخطابات وحدةُ المراقبة التابعة للجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، التي تسمى (خدمة استخبارات البث الأجنبي) المسؤولة عن تسجيل كل ما كان يبث من إذاعة روما، بما فيها خطابات باوند. ونشرت بعد وفاته. لهذا توجد فيها أخطاء فادحة؛ نظرًا لأن أدوات التسجيل كانت بدائية في تلك الأيام، ولأن الأحوال الجوية شوَّشتْ على المراقبة، ولأن الناسخين كانوا يجهلون مراجع باوند. ولذلك، فإن إصدارات لجنة الاتصالات الفيدرالية لخطابات باوند تعطي انطباعًا خاطئًا أحيانًا. فقد لحظ محققو تلك النصوص أن الروائي الفرنسي (سيلين) نُسخ اسمه على أنه (ستالين) و(لينين) أصبح: (سبعة) و(كونفشيوس: سان فرانسيسكو) و(مينسيوس: مينكين).
معظم الخطابات موجهة للجمهور في الولايات المتحدة، وبعضها للجمهور في المملكة المتحدة، وبعضها الآخر لكليهما. وقلة موجهة للاتحاد السوفييتي وهذا طبيعي بسبب لغة التوصيل وطبيعة الجمهور المستمع. إضافة لما تظهره هذه التسجيلات الإذاعية من وجهة نظر كبرى، ولا سيما للمؤرخين للحرب العالمية الثانية، فإنها تعدُّ نقطة انطلاق لفهم حدثين ثقافيين رئيسين في سنوات ما بعد الحرب:
الأول: محاكمة باوند على خلفية اتهامه بالخيانة واعتقاله ثم إيداعه المصحة.
والثاني: الجدل المتعلق بمنحه جائزة بولينغن الأدبية في أثناء وجوده في المعتقل، على عمله (أناشيد بيزا) الذي كتبه في أثناء اعتقاله بإيطاليا، حيث ظهرت صحيفة نيويورك تايمز بعنوان لافت: «باوند، وهو في المصحة العقلية، يفوز بجائزة الشعر المكتوب في زنزانة الخيانة».
عندما وصلت القوات الأميركية إلى شمال إيطاليا، اعتقل عزرا باوند، وتعرض خلال اعتقاله للتعذيب والإهانة. فقد أودع في البدء زنزانة انفرادية، في ظلام مطبق، وكان يعيش على الخبز والماء، ثم زنزانة المعتقلين بتهم عقوبتها الإعدام قبل محاكمتهم. وفي وقت لاحق حبس في قفص ذي قضبان حديدية وترك وسط الساحة، في العراء حيث تقدم الغوغاء نحوه، وأهانوه وبصقوا عليه. ثم نقل في النهاية إلى زنزانة أخرى، وعلى الرغم من أن ظروفها بدت أقل سوءًا، فإنه قضى فيها شهورًا عدة في عزلة كاملة قبل أن يوضع في قفص آخر، ويرحَّل إلى الولايات المتحدة ليحاكم. وبعد أن تعرض للعملية السياسية وللسياسيين بسخرية، أعلن قضاته أنه غير لائق عقليًّا للمحاكمة، وأمروا باحتجازه في مستشفى سانت إليزابيث للأمراض العقلية في واشنطن، التي كانت سجنًا آخر للشاعر.
كان عليه الانتظار حتى عام 1958م، ليسمح له بمغادرة المصحة، بفضل تدخل العديد من أصدقائه الكتَّاب، ولا سيما إرنست همنغواي. وكان أول قرار اتخذه من فور خروجه هو مغادرة الولايات المتحدة والعودة إلى إيطاليا، البلد الذي كان وطنه البديل لأربعة عشر عامًا. وبمجرد وصوله، أعلن للصحافة، أنه تحرر، أخيرًا، من جنون يسكنه مئة وثمانون مليون نسمة. (عدد نفوس أميركا آنذاك).
هنا أحد تلك الخطابات ومقتطفات من خطابات أخرى.
مع الأشباح
الولايات المتحدة
(18 مايس-مايو 1942م)
ثمة موضوعان نادرًا ما تطرَّقْتُ لهما في هذه الأحاديث: ألمانيا و(اللورد تينيسون)
وأنا أكتفي الآن بالاستشهاد من (تينيسون) ببيت قصير: «سيأتي لقتالِ الأشباحِ ويَسقُط» (ربما كان الفعل: يَفْشَل). لم أقرأ كتاب (تينيسون) حديثًا، لكنَّ كثيرًا من الأفكار ظلت عالقة برأسي منذ قراءتي لـديوانه «قصائد الملك». «سيأتي لقتال الأشباح ويسقط» أعتقد أنه (يسقط) عِدَّها نبوءة. والشبح الذي يقاتله العالم الأنكلو-يهودي، أو بالأحرى يقاتله الأنكلو-أميركي بتحريض مرابين يهود، هو الشبح الألماني، وليس الحقيقي. وقد جرى بناء ذلك الشبح من الأكاذيب؛ لكي يؤمن بوجوده الأميركيون المتدينون والطيبون والبريطانيون السذج والطيّبو القلوب، وهؤلاء بالملايين، يشاهدونه، ويسمعونه، وفشلوا في إدراك أو مواجهة الحقيقة. لن أتحدث الآن عن ألمانيا لأنني لم أر سوى القليل جدًّا منها. فقد قادني الكبير (فورد) بجولة في (هيسن دارمشتات) في عام 1911م، وأخبرني كم كانت ألمانيا بلدًا جميلًا. بعدها كتب «حين يكون الدم ذريعتهم». ومنذ ذلك الحين ذهبت إلى فيينا وفرانكفورت لحضور أوبرا (أنتيل) ومررت بميونيخ ومن فيينا ذهبت إلى (ورغل)، وبما أنني لا أتوقَّع أن كثيرًا من الشباب يعرفون تاريخي الماضي، فقد ارتأيت أن أقدم ذلك.
فقد كنت مهتمًّا بالحضارة مذ كنت في الثانية عشرة من عمري. وحين رأيت البندقية لأول مرة، بدت لي رائعة. على أي حال، جئت إلى أوربا لأحصل على ثقافة حقيقية، وقد حصلت عليها إلى حد كبير. بدأت في جامعة بنسلفانيا، في الخامسة عشرة من عمري لاكتشاف ما كتب، وما الأجود فيه، بأكبر عدد ممكن من اللغات التي يمكن لرأسي أن يستوعبها؛ لمعرفة ما هو الحقيقي. ومن ثم اتجهتُ إلى التاريخ والاقتصاد. لأفهم ما يحدث في العالم اليوم، حيث كنت أحتاجها في عملي، فعملي هو الكتابة، والملحمة هي مُستَوعَبٌ للتاريخ.
وبالتأكيد فإنَّ المرء بحاجة لمعرفة بالموسيقا لنظم الشعر الحقيقي. ولأني قادم من بلدة ريفية، كنت مهتمًّا بالترتيب اللاتيني، الترتيب في الأبنية وفي المنحوتات، وفي الرسم والفن ولا سيما تلك العبارة باللاتينية «صنعني آدمي» التي نقشها مهندس معماري بيده على أحد الأعمدة في كنيسة (سان زينو، فيرونا) وسعى لتحقيق منفعة شاملة ومتكاملة في وظيفة بناء كنيسة القديس (زينو). كما استهواني فن (الكواتروسينتو) ولوحات باولو أوشيلو الذي كان عمله أول موضوع بحثي لطالب جديد كتبته، عن لوحة له في (اللوفر) على ما أتذكر.
على أي حال، إلى جانب قراءتي (فالتر فون دير فوغلفايدي) أتاح لي العجوز (شنيتز براندت) أن أقفز فوق النثر وأتوجه صوب الشعر الألماني في العصور الوسطى أو الشعر أو القصائد الألمانية، ففي عام 1904م أو 1905م. لم يكن لدي كثير من الانجذاب للأدب الألماني، مقارنة مع أدب البحر الأبيض المتوسط: (دانتي) و(فيلون) و(كتاب الكانزون البروفانسي). وعلى أية حال، لم أكن منجذبًا للأدب الألماني. ثم إن فقه اللغة، والخلل في نظام تعليم الألمانية القديم أثارا استيائي. فتوقفت عن القراءة بالألمانية حتى تعرفت إلى (ليو فروبينيوس).
كما أن وجودي في إنجلترا مدَّة 12 عامًا، أتاح لي بالتأكيد أن أرى الحرب الأخيرة من وجهة نظر لندن. شعرت بغصَّة حين سمعت، حتى وأنا في لندن، أن (فيمي ريدج) قد احتُلَّتْ. كان بإمكاني تقبّل كل شيء آخر، لكن حين سمعت أن (فيمي) قد احتُلَّتْ، كان ذلك قاسيًا. لكن الإنصاف إنصاف. أما الأكاذيب فهي بديل مصطنع وبائس للإنصاف. وفيما يتعلق بالكذب، أعتقد أن ما نسج حول هتلر من أكاذيب يفوق ما نسج حول أي شخص حيٍّ باستثناء موسوليني.
فيما يتعلق بموسوليني. أعرف أنهم يكذبون. فأنا هنا منذ 17 عامًا وأنا أعرف منذ 17 عامًا أنهم يكذبون. أكاذيب وتهديدات ضد إيطاليا بعد (خديعة فرساي). تلك الجريمة بحق البشرية، (روبرت موند)، يهدِّد موسوليني. حسنًا، كان يقال في لندن عن (ألفريد): إنه أشبه بأحد جانبي خنزير، وإن (روبرت موند) أشبه بالجانب الآخر. والشكل يظهر بجلاء الروح التي بداخلهما. أعتقد أن جيل الشباب شَعرَ بذلك، ولديه ميل نحو تصديقه. لكنه مدرك أن علم الوراثة يخالفه. واليهودي الذي يريد أن يكون نزيهًا فلن يُفضِّل، بالتأكيد، أن ينام على فراش من الورد. وبالتأكيد، ثمة يهود يتطلعون إلى الصدق، وبدوافع كريمة، ويلمحون إلى الثراء والبذخ. لكن أعان الله هؤلاء، وليخلص البشرية من شر أولئك.
حسنًا، هناك قلة قليلة من التقارير الصحيحة عن ألمانيا جرى تداولها بين الإنجليز أو الأميركيين. أشك في أن العديد منها قد صدر في طبعات ثانية. لذلك عندما أدحض الأكاذيب حول ألمانيا، فإن نطاقي محدود. فلدي تقرير أو اثنان من التقارير الأولية المجتزأة. ولدي بيانات منشورة.
وبينما أنا منشغل حاليًّا بعملي على (سيغ مالاتيستا) توصلت إلى استنتاج مفاده أن الوثائق والرسائل الشخصية وسواها، لا تثبت سوى شيء واحد: الرسالة تفصح عما يريده كاتبها من المتلقي أن يؤمن به في اليوم الذي كتبها فيه. وباقي الحكاية يجري استنتاجه تقديريًّا. وإن اختفت وثائق بمصادفة غير عادية، على سبيل المثال اختفاء تقارير عن واقعة حدثت في فبراير عام 1424م، فهذا يعني أن هناك شخصًا ما سعى إلى إخفائها عن الجمهور، ولا سيما إذا اختفت المراسلات الخاصة بيوم معين من ست أرشيفات في وقت واحد.
حسنًا، أنا أعرف أن (التايمز) و(التليغراف) و(نيويورك بوست) وجميع الخطابات النارية اللعينة والشريرة وكذلك كهنة بريطانيا كذبوا بشأن إيطاليا. وأنا أعلم تمامًا أن الحقائق عن ألمانيا لم تحظ بكثير من الانتشار في الأوساط الأنكلو-يانكية.
حين أكتب (روايتي للتاريخ) أتجنَّب العمل على الاستقراء، بمعنى أنني أفصل العمل عن الاستقراء عن المادة الأصلية الموثَّقة، وهي موثوقة. على سبيل المثال، إنْ نُشِرَ رأيٌ معينٌ يومًا ما فأنا لن أؤكد أن الأمر جرى على ذلك النحو، بمجرد قراءة ترجمات عنه، ما لم أطلع على النسخة الأصلية. وهذا يعني أنني أتعامل مع الترجمات على أنها ترجمات. ولأنني لم أقرأ النسخة الإنجليزية من كتاب «كفاحي» فلن أناقشها.
ترجم هذا الكتاب إلى الإيطالية وطُبع في عام 1933م (أجل، تأخر، ولم ينشر من فوره) وكان لدى (بومبياني) (فكرة عبقرية)؛ إذ نشر المجلد الثاني أولًا، لذلك أتيحت للجمهور الإيطالي فرصة التعرف إلى البرنامج بوضوح ومنذ البداية. وأؤكد أنه جرى ولسنوات في إنجلترا وأميركا جهل وتدليس، لعنتهما السماء، لهذا البرنامج.
شخصيًّا لم يكن لدي سوى فكرة ملتبسة. لم أكن منكبًّا على ألمانيا. كان لدي مشاغلي مع كتابي، وتدويناتي عن إيطاليا. في محاولة لفهم الأمور على نحو صحيح استطعت أن أرى أنها تسير على ما يرام في إيطاليا. قلت: إنها شبر واحد من الأرض الصلبة. لهذا السبب جئت إلى هنا. إلى شبر واحد من الأساس الصلب حيث يمكن للفرد أن يرى فيه مباشرة ويكتب ما يريده؛ ويمكنه أن يقاوم خنازير المال الدوليين من دون أن يختفي تمامًا. بينما كنت أنظر لألمانيا نظرة عامة… إلخ، ولم أبدأ في النظر إلى ألمانيا من زاوية جديدة حتى زمن فرض العقوبات عليها. قبلها كنت مندفعًا، إلى حد كبير، مع وجهة النظر القديمة التي تعود لعام 1914م التي ترى أن على ألمانيا أن تكون كذا وكذا.
من وجهة نظري لمفهوم (الاندفاع نحو الشرق)، على ألمانيا، وهي امتداد حضاري طبيعي لروسيا، أن تحافظ على مستوى الحضارة والرفاهية الذي بلغته بالفعل الحافة الغربية من أوربا، على الأقل. وأن تتجه شرقًا مغادرة ميزان القوى القديم.
ما إن استقررْتُ بجوار المنصة أو وقفتُ وسمعتُ -ربما بإنصاف أكثر- صوته على (الراديو) وهو يقدم مسحًا بانوراميًّا لأوربا، عندها بدأت أتساءل: حسنًا، ربما تأخرت في قراءة «كفاحي». لكن أنتم هل تعرفون حتى الآن ما الذي يحتويه هذا الكتاب؟ هل لديكم فكرة واضحة عن البرنامج الذي فيه؟
في عام 1924م قال هتلر: إن ألمانيا يجب أن تتخلى عن (تيرول) وعليها أن ترى إيطاليا، وترى فاشية إيطاليا بوصفها شعاعًا واحدًا من الضوء في عالم يمضي نحو الغروب، ويغرق في الظلام. تمامًا كما رأيتها: شبرًا واحدًا من الأساس الصلب.
حسنًا، فقد فعل الأخ (أدولف) شيئًا حيال ذلك، وبينما كنت أرى وأستمع. اعترفتُ بأنه أكفأ مني. والآن ما هي، وما تكون البنود الثلاثة لبرنامج هتلر كما ورد في استهلال (La Mia Battaglia) عنوان الترجمة الإيطالية للمجلد الثاني من «كفاحي» Mein Kampf؟
أولًا– السلامة، أي سلامة العرق.
الآن يعرف كل أميركي (أو إنجليزي من جيلي، أو ممن سبق جيلي أو أعقبه) ويعرف جيدًا، أننا كنا نواجه مشكلة أن (تصبح عبدًا إن لم تُنجِب) وكل من لم يُولد ثريًّا في زمننا يعرف أن عليه أن يتزوج متأخرًا. وينجب متأخرًا، وينجب أقل، وإلا أوغل في العبودية. أخبرني السيد (كيرتس موفات) أنه رأى ما سيحدث له إن بقي فتى صالحًا؛ لذلك انحاز إلى السوء. وقرر أن يكون فتى سيئًا، ويسبح مع التيار، مع ذروة التيار. حسنًا، لقد رسوتُ في أوربا، كما ذكرت في سيرتي الذاتية الأولى، وللإنصاف، كان معي ثمانون دولارًا أميركيًّا (ما قبل دولار مورغنثاو) وملابسي التي أرتديها. وقد قادني ذلك إلى رؤية عملية تجاه بعض المشكلات. فيما يتعلق ببرنامج هتلر، كان (ما عرفناه جميعًا، ولم نفعل شيئًا حياله، بالتحديد) أن تحسين نسل البشر أحرى وأجدر بالعناية والاهتمام من تحسين نسل الخيل والكلاب السلوقية، أو حتى نسل الأغنام. والماعز، والدواب. هذه هي النقطة الأولى من البرنامج النازي: ذرية طيبة، وحفاظ على نقاء العرق. وسلالة مثالية، وهذا من أجل أصل نجيب، والحفاظ على أصلح ما في العِرْق. أن تحافظ على أجود العناصر فهذا يعني (تحسين النسل): على عكس (انتحار العرق). وهو ما لم يُرضِ ولن يُرضي اليهود التلموديين الذين يريدون القضاء على جميع الأجناس الأخرى التي لا يستطيعون إخضاعها؛ ويقللون مما تفكر أن تفعله.
استخدامه الخاص لعرقه أو أمته يتكون من رؤية الكائن وتدوينه لما يراه، وليس تزوير تدوينه.
ثانيًا- ما النقطة الثانية في برنامج هتلر؟
إنها المسؤولية الشخصية.
نظام سياسي لا يتيح التنصل عن المسؤولية. وهو بغيض جدًّا للبرلمانيين المأجورين الْمُقْرضين (من اليهود والغشاشين في صناعة الزبدة والبيض مثل: ويندل ويلكي وأعضاء الكونغرس، وسواهم) المموَّلين بأموال اليهود الذين ينصَّبون في المجالس التشريعية للنصب على الشعب لمصلحة المرابين وإبقائهم في مناصبهم بأموال البنوك التي يمكن أن تُعيِّن من تشاء في اللجان، فيتنصل دائمًا عن كل مسؤولية إزاء تمرير قوانين النصب والاحتيال. مثل إلغاء الفضة [في] 1873م، وبيع البلاد في 1863م. ونظام الاحتياطي الفيدرالي، وأعماله الشائنة، بحيث جعل المواطنين يدفعون دولارين مقابل كل دولار تنفقه الحكومة.
هتلر، بعد أن رأى اليهود يتقيؤون على الديمقراطية الألمانية، انبرى ليتحمل المسؤولية، ولكي يَشعر المسؤولون الحكوميون وسواهم أنهم مسؤولون عن أفعالهم. الأكثر إزعاجًا لعائلة (موند) و(واربورغ) الحكومات اليهودية الفعلية غير المرئية.
أما النقطة الثالثة فكانت دراسة التاريخ: أي التمعُّن في التاريخ واستلهام العِبَر منه.
والآن أسألكم ما البرنامج الذي يتناقض مع هذا الطرح؟
إن كنتم كهؤلاء المصَّاصين للدماء اللعينين الدنيئين، أو مثل هؤلاء البلهاء البريطانيين، أو في جهل مطبق وعويص لا يُسبر غوره ولا يُحدّ، بحيث لا تعرفون البرنامج الذي يتعارض مع هذا الطرح، فليس ثمة كثير من الأمل بالأجيال القادمة.
ربما أخبركم ذات يوم أين هو البرنامج المضاد، إن كنتم بغاية الجبن والعجز عن تقصيه. وعندما تقومون أنتم، أو إن قمتم بتقصيه، فقد تعرفون لماذا ارتفع ستار الدخان، ولماذا بدأ الناس يتحدثون بالشر عن هتلر. أما من يقولون ويتقولون عن شر هتلر، فسنتطرق لذلك ذات يوم.
الذهب وإنجلترا
العدو هو القروض الرأسمالية. إنهم يعملون ليل نهار، لنشل جيوبكم. كل يوم آناء الليل والنهار، ينشلون جيوبكم وينشلون جيوب العمالة الروسية ويسمونه قرضًا دوليًّا، وما هو بدولي، ولا قومي. إنه إقليمي. رمال متحركة تحت أقدام الأمم، دمرت كلَّ الأمم، دمَّرت كلَّ الشرائع والسلطات، دمَّرت الأمم، واحدة تلو الأخرى، الإمبراطورية الروسية والنمسا منذ 20 عامًا، وفرنسا بالأمس، وإنجلترا اليوم.
الذهب جبان. الذهب ليس عِماد الدول. إنه خرابها. إنه جبان، عند أول نسمة خطر ينسل الذهب هاربًا من البلاد. إنجلترا لا تنميه. ما من ذهب يزرع في إنجلترا ويطلع صباح اليوم التالي ليعوض ما ذهب. أخذ الربا يفسد القلوب.
الحرية ليست حقًّا؛ بل مسؤولية. كذلك الملكية الشخصية، ليست حقًا؛ بل مسؤولية. أتساءل: كم من الوقت سيلزمكم لفهم ذلك؟
التفسخ والكسل ينخران الجذر، منتهى الكسل مهنة اللوردات والمالكين، حين يبيع النبلاء الأرض للسماسرة المحتالين. ستصبح إنجلترا مزرعة غزلان يملكها اليهود تحتوي على مقاهٍ لشرب الشاي. ما لم تقم بتحريك جفن متعب ومتلكئ.
هل ستختارون قائدًا؟ ألم تتبعوا، ولن تتبعوا حتى الآن أي زعيم متاح؟ هل لديكم قائد إيثاري؟ هل لديكم الهمَّة لإحياء العُرف القديم للاجتماع؟ أم إن جميع اجتماعات البلدة محظورة الآن في إنجلترا؟ هل كانت الحرب ما أردتم؟
العدو هو القروض الرأسمالية. عدوكم ليس ألمانيا، عدوكم هو المال المقترض.
وسيكون أرحم لكم أن تصابوا بالتيفوس، أو الزحار، أو بداء الكلية، من أن تصابوا بهذا العمى الذي يمنعكم من فهم كيف تُستنزفون، وكيف تُدمَّرون.
اليهودي الكبير مرتبط تمامًا بالقروض الرأسمالية بحيث لا أحد بإمكانه حلّ رموز خلطة عجَّة البيض هذه. وسيكون خيرًا لكم أن تعتزلوا في (داربيشاير) وتنكروا (القدس الجديدة).
وسيكونُ خيرًا لكم أنْ تعتزلوا في (غلوستر) وتجدوا مكانًا واحدًا هو إنجلترا بدلًا من مواصلة القتال من أجل اليهود. لقد تركتم اليهودي واليهودية يفسدون إمبراطورتيكم، وأنتم أنفسكم تهودتم أكثر من اليهود. أفسدتم الأرض بأسرها، وخسرتم أنفسكم بأنفسكم. وقد نخر اليهودي الكبير كل أمة تغلغل فيها كالديدان. أو كحجر رحى. حسنًا، قد يُلقى السباح الماهر في البحر ويربط إلى حجر حول عنقه. ربما يفكه. إذا كان أسكتلنديًّا؛ لأنه سيتذكر مُدْيته، قبل أن يُرمى في البحر.
أما أنتم فيبدو أنكم لا تتذكرون أي شيء. وكان خيرًا لكم أن تصابوا بالتيفوس.
لا يمكنكم تلمُّس موضع جرح أو خزي في إمبراطوريتكم لكنكم تحسُّون بموند أو ساسون أو غولدسميد. لم يتبق لكم أي عرق سلالي في حكومتكم. والله وحده يعلم إن كان يمكن العثور عليها أم إنها ما زالت مشتتة في إنجلترا. لا بد أن يعثر على شتاتها في إنجلترا. لا بد من العثور على بقايا إنجلترا الناصعة، البقايا الناصعة لأعراق إنجلترا لا بد أن توجد وإيجاد وسائل للتماسك، وإلا، فَحَريٌّ بكم الرقاد في مقابركم.
عندما تتجه الإمبراطوريات نحو التفسخ، فإنها تتفسخ لأسباب معروفة. (التايمز) و(التلغراف) و(مانشستر غارديان) مهمتها إخفاء هذه الأسباب. صحافتكم عاركم.
هذان القوسان
يقال: إن رأس الإنجليزي صنع من خشب، ورأس الأميركي صنع من بطيخة. من الأسهل دسّ شيء ما إلى الرأس الأميركي، لكن من شبه المستحيل جعله يعلق هناك لعشر دقائق. أيها الشعب، على جانبي المحيط البائس، هناك شيء عليكم أن تتعلموه، حرب أم لا حرب، عاجلًا أم آجلًا. ما أنا مستعد لمقاتلته هو وجود اليهود الأوربيين السابقين يصنعون سلامًا آخر سيكون أسوأ من سلام فرساي، مع عشرين (دانزيغ) جديدة.
كلما استيقظت أميركا وإنجلترا مبكرًا على ما يخطط له آل واربورغ وروزفلت، كان أفضل للجيل القادم وهذا الجيل. وبوصفي أميركيًّا، لا أريد أن أرى بلدي يبيد سكان آيسلندا، كما أباد البريطانيون الماوريين. أما الأستراليون، فهم يستحقون غزوًا يابانيًّا-صينيًّا. فالمجرمون كانوا أجدادهم، ومساهمتهم في الحضارة لا تستحق حتى وسامًا يهوديًّا. لماذا بحق الجحيم لا يتحد الصينيون واليابانيون ويطردون هذه الأوساخ من أستراليا، ويُنشِئُون بقعةً من الحضارة في تلك الأنحاء، فهي لي جزء من لغز الشرق.
على أي حال، لا أريد أن يذبح أبناء بلدي الذين تُراوِح أعمارهم بين 20 إلى 40 عامًا من أجل أن تستمر المضاربات التجارية الاحتيالية لساسون وغيره من اليهود البريطانيين في سنغافورة وشنغهاي. هذه ليست فكرتي عن الوطنية الأميركية.
لقد بدأنا الاحتفال بالذكرى المِئَوية (لحرب الأفيون)؛ تلك الحرب التي لم تجلب أي نفع لفتيان (لانكشاير) أو (ساسكس)، ولم تحقق أيَّ ازدهار في (دورست) أو (غلوستر).
صلابة إنجلترا، آه يا سيدي، أين هي الآن؟ هل أنقذتها عائلة روتشيلد؟
لم تفعل.
هل تولت عائلة غولد سميث حمايتها؟ لم تفعل. هل يسعى تشرشل لإنقاذها؟ لم يفعل.
أكرر إن فساد إنجلترا وتعفنها، والخطر على إمبراطوريتها كامنٌ بداخلها، وكان كذلك: منذ زمن كوبيت. ولا يستطيع أحد من الحاخامات وسماسرة البنوك في وول ستريت وواشنطن مهما كان عددهم أن يفعلوا شيئًا واحدًا لإنجلترا، سوى تركها تواجه مصيرها.
ووفق جميع الدلالات الواضحة، فإن روزفلت خاضع لليهودي أكثر مما كان ويلسون عام 1919م. وأنا ضد زجِّه في أية قضايا تخص ما بعد الحرب مهما كانت.
أعتقد أنه سيكون من المفيد لجميع البشر، من الصين إلى كيب تاون، أن يروا في أقرب وقت ممكن ما الذي يخطط له فرانكلين. فليبقِ حوافره في قارة أميركا الشمالية، حتى إن كان ذلك يعني انخفاضًا في مبيعات السلاح لجميع خلانه، ولكل حشرات الذهب.
قبل ثماني سنوات، كان يقول: «لا شيء نخافه سوى الخوف».
حسنًا، ما الذي حدث لروزفلت ذاك؟ وما الذي فعله طيلة ثلاث سنوات سوى محاولته إثارة هستيريا من هذه الفرضية؟ وضع صورة لخلقته في صحيفة تسمى (الحياة).
أن تكون متأخرًا
إن لم تكونوا مثل هؤلاء المغفلين، لكنتم سمعتموني وسمعتم (لويس فرديناند سيلين) قبل وقت طويل. قد يتساءل بعضٌ منكم حول: ما الذي بدأه (سيلين) والمتحدث منذ وقت طويل؟ بعد مرور نحو عشر سنوات على مغادرتي باريس، اكتشف السيد (سيلين) سبب مغادرته فرنسا. وعبر، بمنتهى الوضوح، عن الجمود البيولوجي للفرنسيين. ولحظ أيضًا أنه لم يجد قط يهوديًّا فقيرًا، وعديم الشأن يتحدث بسوء عن آل روتشيلد أو السوفييت. قد تستغرق الولايات المتحدة عشرين عامًا أخرى لتصل لما وصل إليه (سيلين) قبل عشر سنوات.
أنا لست ساعة تنبيه، يراد منها أن تُسْمِع أميركا التي لا تسمع، بكل الأعمال السابقة لكل مؤلف أوربي جديد. يكتب (سيلين) بوضوح منكرًا وجود أي كراهية متأصلة ومستعصية بين الفرنسيين والألمان. وهذا هو استنتاجي الشخصي بعد أربع سنوات من الإقامة في باريس. ومن هنا بالطبع تصميم السيد (روزفلت) على تجويع الفرنسيين في فرنسا غير المحتلة. ومن هنا جاءت معارضته (لهربرت هوفر) في إرسال الحليب المجفف للرضع أو أي شيء آخر يحتاجه الأطفال في أورُبا. كتب (سيلين) عام 1938م: الديمقراطيون يسعون للحرب. وسيصلون إلى مبتغاهم في النهاية.
يا فرديناند، يا سيلين، لم يكن كلامك هراءً، أجل، لقد قلتها ملء الفم. لكن فرنسا لم تسمعك.