المسرح الجهنمي للحياة

المسرح الجهنمي للحياة

حفلة هستيرية لباخ وفريدا في غزة

أكيد الآن يمارسان طقسًا من طقوس الحب

في المساء مع نهاية العام

أكيد باخ يعزف وفريدا ترقص

والسماء تمطر

وهناك في زاوية ما من المسرح الجهنمي للحياة

الكل ينظر بغيرة وصمت وحسرة.

أحب فريدا

ولا أفضل باخ

لكن الآن الكل يصمت

وصوت صراخ الأطفال يرتفع

مع صوت بكاء ورجاء الأمهات

الآن فصل من فصول الرقص والمطر

فلتتساقط القنابل وليبدأ الجميع بالرقص

بأبيض والأسود

يا إلهي ما أشد وحدتي

يا لهذا الليل

سرق أجمل ألم كنتُ أستمتع بِه

حين أكون وحدي

لقد سرق الحزن

ألم محسوس يخترق روحي

ذلك الخط اللامرئي

يمر أمامي الآن

فِلْم أسود وأبيض

يعبرُ من تلقاء نفسه

ويلقي بكل موسيقاه

في ليلي الوحيد

إنها الحياة

الحياة لا تشبه الحياة

أفعى تسعى نحو الماء مرقطة

تلك هي الحياة

من أتقن تسلق شجرة الجوز

دون المرور بالشمس

قد يفهم الحياة

هناك أحد مات

في زاوية ما من العالم الآن

لا يجد من يهيل على ذكراه الكلمات

تلك هي الحياة

أيها الليل

خذني معك

لا تتركني هنا

فالليل في بلادي موحش وكثيف

أيها الليل سأبكي عنك

وأحمل عنك ألم الفراق

وعندي من الحسرة والفقد ما يكفينا

خذني معك أيها الليل

فالحزن سرق النجوم

فلا أب ولا أم

تبقى لي

ورفاقي يتصيدهم الموت كالدوري على الطريق

وحبيبتي

لا تخف ستأتي معنا أيها الليل

الحرب سيئة السمعة

أصحو دون نبوءة أو تعويذات

كان أمس يومًا طويلًا ورتيبًا

كجثة مثقوبة بالماء

حين صحوت

كانت الحرب

في الحرب، لا حلم يكثف الرؤية

ولا سماء صافية المعنى

ساعة واحدة

لا أريد من اليوم سوى ساعة واحدة

أجلس تحت الشمس

أداعب قطة الجيران

وأتذكر أمي وأبي

ساعة واحدة

أبكي أخي وأختي

ساعة واحدة

أنظر بحرية نحو السماء

ساعة واحدة

تترك في روحي فراغًا للحزن والألم

ساعة واحدة

أدخن أرجيلتي وأضحك على الهواء وهو يصعد نحو اللاشيء

ساعة واحدة

لا أرى فيها سوى

صورتكِ في السماء

غزة

بين الموتى كنتُ

حين أبصرت الحياة

تحوم حولهم

كان الدخان يخرج من المقبرة

ويمنح ماء الخلود

كل زائر جديد

طريق المقبرة

– ١ –

في طريق المقبرة

مرّت ثلاث نساء

وعربة واحدة

– ٢ –

في الليل ونحن نعد

وليمة من تأخروا من الموتى

كانت الشواهد ترقص دون موتاها

– ٣ –

أجلس على باب المقبرة

أهدهد على طمأنينة العالم

تمرين كأي شتاء

بارد وخفيف

– ٤ –

كسلم الموسيقا

أهدي إليها موتي

أغنية أغنية

يتبعني الليل فأطفئ المصباح

يتبعني الليل فأطفئ المصباح

في العتمة

يمر الهواء

كأنه يسحب الكآبة بخيط

كغريق الْتَحَفَ الألم طامعًا بالنجاة

الليل بحر

ينظر نحوي ككلب جائع

أهرب من كل شيء

يتبعني الليل إلى غرفتي

أطفئ المصباح

عله يتوه في العتمة

أعوي في المدينة

بين تلك الهندسة المظلمة

وصياح الباعة المتجولين

أجر ذيلي المقطوع

بنصف نوم ونصف ثمالة

أعوي في الخراب

فمي مملوء بالتراب

أعوي ولا أحد يربت على جرحي

فقد مات أصدقائي، وهربت حبيبتي مع جاري الكفيف

وككلب مشرد أعوي وحدي في المدينة

سأحلم بكل طمأنينة

أغادر بيتي في العاشرة صباحًا على غير عادتي

جارتي المسنة تشتم عامل النظافة

وأسمع زقزقة العصافير

أمشي في شارع المدينة اليتيمة

أرى قططًا ضالة تطير

أرمي لها بإحدى يديّ

ألتقي بصديق قديم لكن لا أحبه

أبتسم ابتسامة خجولة

أستمر في السير

أدخل مقهى رام الله

أجلس أنتظر

حتى يفرغ العامل من مكالمة طويلة حول تربية الدجاج

أشرب قهوتي وأدخن أرجيلتي

أغادر وفي طريق العودة للبيت الجو حار وخانق

سيارة نوع « تويوتا» موديل 2005 يسوقها شاب غير وسيم

يسوقها بسرعة فائقة لا ينظر حوله

أقطع الشارع دون انتباه

تمر السيارة فوق جثتي

أرى السائق يبتسم

أسامحه

لأنه ثملٌ وسعيد

مرض العالم

هناك خلف تلك الجبال

علينا أن نحلق عاليًا ونترك رقابنا متدلية،

أو نتقن التصويب جيدًا نحو الرأس أو القلب

لنرحل بهدوء دون أن نزعج السلطات في البحث عن أسباب موتنا

علينا أن نبحث عن موتٍ سريع

لنحافظ على كرامتنا المهدرة

وحدة

هذه الوحدة التي نُربّيها

جنبًا إلى جنب مع الألم ووجع الظهر

تنزعجُ كثيرًا

حين نلتقي بالأصدقاء

أو نزورُ المقهى أو نقرأ كتابًا ما

الوحدة

تُحبّنا وحيدين نفترشُ سماء اللعنة

نبكي، نضحك، نتحدث مع الحائط

تحبُّ كلّ ما نقومُ بهِ لكن وحدنا..

الوحدة

علاجٌ للروح

وشبابيك للتعب..

الحنين

يمشي أمامك، يقطع إشارة المرور

يسبقك إلى المقهى

يجلس على الكرسي المقابل

يواعد أصدقاءك

يسرق البسمة، والحديث عن الحياة

تضربه تستقوي عليه بالملل

الحنين

يزرع الحياة وعودًا وأحلامًا تافهة

يصحبك إلى البيت ينام على سريرك

يشرب قهوتك

يمهد الطريق نحو موت آمن

الكلمات البسيطة

أمي

الورق الأبيض، بقايا حكايات الشجر

أسطورة الغابة،

ستجعلني أبكي كثيرًا

وأنتظركِ

الكلمات البسيطة

بين أرصفة المدينة،

ملقاة بين أقدام المارة دون اكتراث

الكلمات الصغيرة جدًّا، التي لا تتخللها جمل طويلة

ستشعرني بفقدانك كلما قرأت كتاب