قصص قصيرة جدًّا
مارادونا
تلك كانت ليلة باردة جدًّا. بدأتْ تتحدث والنوم يمسح جفن عينيه. «ربّنا ما كان مع «مارادونا»، وإلا لم يحدث هذا». بكتْ صامتة. ما كان يحتاج إلى معرفة سبب ما فات «مارادونا» من ضربة الجزاء ضد منتخب يوغوسلافيا. ما كان يحتاج إلى استماع شيء. خارج البيت كانت السماء تمطر بغزارة، أما هي فكانت تتشدق بأحاديث عن «مارادونا» بلا نهاية، أحسّ بأن البهجة تمطر بغرازة في داخلها أيضًا. «سئمْتُ»، رمى إليها كرة من امتعاضه. بالرغم عنه لما تسلل إلى تحت البطانية بعد أن أطفأ المصباح مدّ إليها أنملة من المودة. لما مسّ طرف أنملتها أحسّ كأنّ يديها تنقبضان إلى داخلها. واحدة تلو الأخرى انطوت أعضاؤها جميعًا إلى داخلها حتى أصبحتْ كرة. في الصباح وجد على فراشه كرة بدلًا منها. ذاك اليوم بكى في حياته أول مرة وهو ينادي الساحر «مارادونا».
بحر الحب
قال لها: «أنتِ موجة وأنا شاطئ، تنعدمين بعد أن تأتي إليَّ زاخرة وتنكسرين على صدري، هذا هو مصيرك، العشق إنما هو إخضاع وإذعان». «كلا» قالت له: «لستَ أنتَ شاطئًا ولا أنا موجة، بل أنت مجرد رملة وأنا فقاعة، ليس ثمة إخضاع ولا إذعان، بالانعدام فقط».
وحدانية
الله الذي يملك السماوات السبع والأرض واحد أحد منفرد. حين يملأ الحب في القلب أنت أيضًا وحدك منفرد. أن تكون منفردًا معناه أن تكون أقوى الأقوياء.
أوراق الحب
«اسمك مكتوب على ورقة من هذه الشجرة، هل لي أن أصبح ريحًا وأهشها تحت»؟
«أبدًا لا». «إذنْ»؟ «اطلبْ الله أن يكتب اسمك على ورقة تليها». «لِمَ؟ هل لنسقط معًا»؟
«لا، حال ما أسقُط أنا يجب أن تبقى على ذاك الغصن، لكي أصل إليك بعد أن أصبحتُ سمادًا».
أنتِ
الذي أرى داخل المرآة أنا نفسي. أمّا المرآة لا تراني. لذا لا توجد المرآة، الموجود أنا فقط.
أرى فيكِ إياي نفسي؛ لذا أنتِ غير موجودة، الموجود أنا فقط. أستطيع أن أرميك كمرآة فأكسِّرك.
التقطي القطعات المنكسرة فألصقيها على قلبي. إذنْ ستبقين داخلي ألمًا. هكذا أيضًا قد يكون الحب.
بعد مدة طويلة طرق الباب. فتحتِ الباب ونظرتْ إليه لحظة.
«يا إلهي!»
ثم فتحتْ قلبها بعد أن استعادت رباطة جأشها. كان مغبرًّا. أخرجته من داخلها بعد أن نفضتْ غباره.
فكان شخصًا في الخارج وشخصًا في الداخل. «من أنتِ»؟ سألها الشخص في الداخل. تمامًا كما يتحدث شخص وهو ينظر إلى المرآة. السؤال نفسه طرحه الشخص في الخارج. تمتمت وهي تنظر إلى كليهما.
«الحب ليس أن نتوحد أنت وأنا مع بعض كما في حكايات الرومي، إنما هو أن ننقطع اثنين «كالأميبا» الذي أعطيتني إياه.
معشوقة
لمّا جعتُ أعطاني أزهار زنابق ووردات. لما عطشتُ أعطاني كأسًا من الدموع. لما تعبتُ ألقاني على فراش منسوج من الأحلام. كنتُ حبيبة فنان.
الجمال
«كم جميل شعر رأسكِ التي يختفي داخله الليل». أخذتِ المقص وقصّتْه كاملًا وأعطتْه إياه.
«عيناك سمكتان صغيرتان متحركتان». أخذتْ سكينًا وفقعتْهما ووضعتْهما على كفه.
«أنفك… أذناكِ… جلدك…» كلّ ما يُثنِي عليه كانت تفقد أعضاءها واحدًا تلو الآخر.
أخيرًا لما نظر إليها كانت قطعة من لحم مشوه. حين يمشي بعد أن حدد وزنها وباعها كان يتمتم:
‘A thing of beauty is a joy for ever’
سِرّ
«أنا شمعة يحترق طرفاها». قالت له وهي تنشر له النور في الظلمة.
لم يعجبه. أطفأها بفيه. هكذا بات منفردًا.
أجنحة العلم
طلبتُ من الطائر جناحيه. أشار الطائر إلى السماء. «حينما تُدرك أنه يوجد عالم فوق هذه الأرض، سوف ينبت على جنبيك أيضًا جناحان». طارت الطيور بأجنحة العلم وبدأت تحلق في السماء.
نهر يخرج لزيارة بلده
نهر وصل إلى سوبر ماركيت؛ ليشتري قنينة، والبحر إنما يبحث في سوق الأسماك
عن سمك حي.
القاص باراكادافو من مواليد 1952م، ولد في قرية «باراكادافو» في ولاية كيرالا بجنوب الهند. وبي كيه باراكادافو اسمه الأدبي، أما اسمه الحقيقي فأحمد. والقاص معروف في أوساط الكتاب بصفته كاتب قصص قصيرة جدًّا باللغة المحلية «مالايالام». وقد حازت المجموعات القصصية التي أصدرها عددًا من الجوائز القيمة. كان عضوًا في أكاديمية الآداب المركزية.
القصص المترجمة هنا مختارات من بعض مجموعاته القصصية، وما نُشِرَ حديثًا في المجلات الأسبوعية.