المطر
المطر خيوط دون نهاية… المطر خيوط ممتدة…
إلى اللانهاية في هذا اليوم الرمادي
ينكش المربعات الخضراء بأظافره الرمادية
غزير هو المطر
مطر
تنسلّ الخيوط منذ مساء أمس…
رايات واهية معلقة
في سماء كئيبة سوداء
تنسلّ برفق وببطء…
على الطرقات منذ مساء أمس…
على الطرقات والشوارع
باستمرار
على طول الدروب
التي تتجه من الحقول إلى الضواحي
وعبر الطرقات المنحنية دائمًا
تمرّ، متعبة، متعرقة، تصّاعد منها الأبخرة…
في محيط جنائزي
أغطية العربات مقوسة
الأخاديد
تمتد متوازية
تظهر ليلًا كأنها قطعة من السماء
الماء يتقاطر منذ ساعات
الأشجار تبكي والمنازل
تحت المطر
المتواصل دون انقطاع…
الأنهار اجتازت الحواجز المتعفنة
وانفجرت على المروج
حيث يطفو التبن بعيدًا
الرياح تصفع المواشي وأشجار الجوز…
كئيبة وغارقة في الماء
الثيران السوداء الضخمة تخور متأملة السماء
يقترب المساء بظلاله
لتغمر السهول والأجمات
لم ينقطع المطر
مطر غزير
المطر خيوط رفيعة طويلة
خيوط متماثلة
بأناملها
تزرد بحذق ثيابا
للمنازل والحدائق
للقرى الرمادية القديمة
الغسيل والخرق تتمزق…
تتطاير
على طول الأوتاد المستقيمة
حطّ الحمام الأزرق والتصق بالسقف
على المربعات الحزينة
التصق ورق أسود
مياه مزاريب المنازل
تتساقط على الحجارة المسنّنة
الطواحين المتشابهة كئيبة
تظهر على المرتفعات كأبواق
نواقيس الكنائس الصغيرة
صامتة
مطر
مطر ينهمر
إنه الشتاء
مطر
مطر ينهمر بأنامله الرمادية
بشعره المائي بتجاعيده
مطر على البلدان القديمة
ينهمر دون انقطاع بلا رحمة.
المصدر : «مختارات من شعر إيميل فارهارن» نشر متحف الشاعر سنة 2005م.
إيميل فارهارن: شاعر بلجيكي وُلد يوم 12 مايو 1855م، وتوفي يوم 27 نوفمبر 1916م. تخلى عن مهنة المحاماة، وكرس حياته للشعر والأدب. تزعم تيار الإحياء الفني في القرن العشرين وأحد مؤسسي المدرسة الرمزية. نشر عدة كتب ودواوين شعرية.