صورة أمي القديمة
أمي المسكينة تعزف على البيانو أغنية واحدة
أغنية يتيمة. تضربها باستمرار
على البيانو ذي أصابع العاج السوداء – البيضاء.
وتنسى، تحاول شيئًا فشيئًا،
وتتوق إلى الطيران كعقاب نازف على الجبال،
لأنها ستستطيع الطيران، الطيران والتحليق،
لكنها يجذبها مجددًا إلى الخلف ألف ذكرى.
كانت تعزفها عندما كانت فتاة صغيرة
وعندما أحبت أبي وأحبها.
حاولت عزفها عندما وُلِدت
وتعلمَتها، نسيَتها في صمت.
كم من شوق يقبع بداخلها، لسنوات طوال.
في أغنية مقدسة رمادية، حياة رمادية.
كيف لا تنهار غرفتنا ساقطة تحتها،
كيف لا ينهار ساقطًا من يسمعها.
في هذه الأغنية فنِي شبابها
وذبل في العدم مثلها.
تدق تدق رقصة الفالس الريفية السيئة، وتؤلم بشدة.
حتما سأنتحر
أقولها معتصرًا بالضيق والمرارة،
فلينظر إليَّ أحد ما فحسب بعين تتجه ناحيتي.
سأشنق نفسي في غابة القلعة،
أو بمسدس دوّار مثل السادة الكبار الآخرين، الكثيرين.
ثم يمكنهم أن يبكوا بعدها بسببي،
أنام بعين ثابتة، مصفرة، في صمت
بين الورود، وجهي في أقنعة زرقاء،
وإذا نادوا عليَّ لا أتكلم أبدًا.
سوطي، قوقعتي يَرِثُهما أخي الصغير.
يَرِثُ ألبوم الطوابع بشيء من اللامبالاة،
وتَرِثُ أختي الصغيرة مسرحي الصغيرَ،
أو ولدٌ صغير فلاح، لا أدري.
سأرحل بحيث لن تروني بعدها أبدًا،
سيسأل معطفي فحسب صباحًا: أين هو؟
سأترك هنا هذا العالم كله،
الذي انخدعت فيه كثيرًا وكثيرًا.
سوف يقولون بلا صوت: «ولد مسكين»،
«ملك صغير طار إلى السماء».
وفجأة أشعر بالأسف بشدة على نفسي
وأنا أيضًا أهمس باكيًا: «مسكين صغير…»
أمي العجوز
تجلس كملكة على كرسي ذي مسندين،
وعينك الكبيرة البنية، المحملقة
بشكل بطيء وضوء غريب
تثبت علينا.
وجهك الدائري الخجول، الأسمر
دائمًا هادئ، كئيب،
مثل صورة الموتى الواضحة،
مثل تمثال.
نمشي حولكِ ببطء،
يظهر من عام إلى عام، من دقيقة إلى أخرى،
وأنت بسحر مصري
تلوحين فحسب.
من جلدك الجاف، من وريدك الأزرق
يحل هدوء الخريف السعيد.
لم تعد تنتصر عليكِ الحياة،
ولا الموت.
أقف أمامك وكأن
جناح الوقت يضرب علي.
أحملق فيكِ بعينين مفتوحتين واسعًا،
أمي العجوز.